اجتماع العدتين |
[قال الشافعي]: رحمه الله: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان أن طليحة كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها ألبتة فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما " ثم قال عمر بن الخطاب " أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الزوج الذي تزوج بها لم يدخل بها فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطبا من الخطاب وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم اعتدت من زوجها الآخر ثم لم ينكحها أبدا.
[قال الشافعي]: قال سعيد ولها مهرها بما استحل منها.
[قال الشافعي]: أخبرنا يحيى بن حسان عن جرير عن عطاء بن السائب عن زاذان أبي عمر عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قضى في التي تزوج في عدتها أنه يفرق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها وتكمل ما أفسدت من عدة الأول وتعتد من الآخر.
[قال الشافعي]: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرنا عطاء أن رجلا طلق امرأته فاعتدت منه حتى إذا بقي شيء من عدتها نكحها رجل في آخر عدتها جهلا ذلك وبنى بها فأبى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في ذلك ففرق بينهما وأمرها أن تعتد ما بقي من عدتها الأولى ثم تعتد من هذا عدة مستقبلة، فإذا انقضت عدتها فهي بالخيار إن شاءت نكحت وإن شاءت فلا قال وبقول عمر وعلي نقول في المرأة تنكح في عدتها تأتي بعدتين معا وبقول علي نقول إنه يكون خاطبا من الخطاب ولم تحرم عليه. وذلك أنا إذا جعلنا النكاح الفاسد يقوم مقام النكاح الصحيح في أن المنكوحة نكاحا فاسدا إذا أصيبت عدة كعدتها في النكاح الصحيح فنكحت امرأة في عدتها فأصيبت فقد لزمتها عدة الزوج الصحيح ثم لزمها عدة من النكاح الفاسد فكان عليها حقان بسبب زوجين ولا يؤديهما عنها إلا بأن تأتي بهما معا وكذلك كل حقين لزماها من وجهين لا يؤديهما عن أحد لزماه أحدهما دون الآخر. ولو أن امرأة طلقت أو ميت عنها فنكحت في عدتها ثم علم ذلك فسخ نكاحها فإن كان الزوج الآخر لم يصبها أكملت عدتها من الأول ولا يبطل عنها من عدتها شيء في الأيام التي عقد عليها فيها النكاح الفاسد لأنها في عدتها ولم تصب فإن كان أصابها أحصت ما مضى من عدتها قبل إصابة الزوج الآخر وأبطلت كل ما مضى منها بعد إصابته حتى يفرق بينه وبينها واستأنفت البنيان على عدتها التي كانت قبل إصابته من يوم فرق بينه وبينها حتى تكمل عدتها من الأول ثم تستأنف عدة أخرى من الآخر فإذا أكملتها حلت منها، والآخر خاطب من الخطاب إذا مضت عدتها من الأول وبعد لا تحرم عليه لأنه إذا كان يعقد عليها النكاح الفاسد فيكون خاطبا إذا لم يدخل بها فلا يكون دخوله بها في النكاح الفاسد أكثر من زناه بها وهو لو زنى بها في العدة كان له أن ينكحها إذا انقضت العدة. [قال]: فإذا انقضت عدتها من الأول فللآخر أن يخطبها في عدتها منه وأحب إلي لو كف عنها حتى تنقضي عدتها من مائه الفاسد ولو كانت هذه الناكح في عدتها المصابة لا تحيض فاعتدت من الأول شهرين ثم نكحها الآخر فأصابها ثم فرقنا بينهما فقلنا لها استأنفي شهرا من يوم فارقك تكملين به الشهرين الأولين اللذين اعتددت فيه من النكاح الصحيح فحاضت قبل أن تكمل الشهرين سقطت عدتها بالشهور وابتدأت من الأول عدتها ثلاث حيض إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت من الأول ثم كانت في حيضتها الثالثة خلية من الأول وغير معتدة من الآخر وللآخر أن يخطبها في حيضتها الثالثة فإذا طهرت منها اعتدت من الآخر ثلاثة أطهار وإذا طعنت في الدم بعد ما تكمل الطهر الثالث حلت من الآخر أيضا لجميع الخطاب.
[قال الشافعي]: ولو كانت تحيض فاعتدت حيضة أو اثنتين ثم أصابها الزوج الآخر فحملت وفرق بينهما اعتدت بالحمل فإذا وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها فهو للأول، وإن كانت وضعته لستة أشهر من يوم نكحها الآخر فأكثر إلى أقل من أربع سنين من يوم فارقها الأول دعا له القافة وإن كانت وضعته لأكثر من أربع سنين ساعة من يوم فارقها الأول فكان طلاقه لا يملك الرجعة فهو للآخر وإن كان طلاقه يملك الرجعة وتداعياه أو لم يتداعياه ولم ينكراه، ولا واحد منهما يفتوك القافة فبأيهما ألحقوه به لحق وإن ألحقوه بالأول فقد انقضت عدتها من الأول وحل للآخر خطبتها وتبتدئ عدة من الآخر فإذا قضتها حلت خطبتها للأول وغيره فإن ألحقوه بالآخر فقد انقضت عدتها من الآخر وتبتدئ فتكمل على ما مضى من عدة الأول، وللأول عليها الرجعة في عدتها منه إن كان طلاقه يملك الرجعة.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإن لم يلحقوه بواحد منهما أو ألحقوه بهما أو لم تكن قافة أو مات قبل أن تراه القافة أو ألقته ميتا فلم تره القافة فلا يكون ابن واحد منهما في هذه الحال. ولو كان أوصى له بشيء فولد فملكه ثم مات وقف عنهما معا حتى يصطلحا فيه، وإن كان مات بعد ولادة وقبل موت قريب له يرثه المولود وقف له ميراثه حتى يتبين أمره فإن لم يتبين أمره لم يعط شيئا من ميراثه من لا يعرف وارث له أو ليس بوارث. [قال الربيع]: فإن لم يلحقاه بأحد منهما رجعا عليه بما أنفقا عليها ولم تحل من عدتها به.
[قال الشافعي]: ونفقة أمة حبلى في قول من يرى النفقة للحامل في النكاح الفاسد عليهما معا فإن لم يلحق بواحد منهما لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء من نفقتها وإن ألحق بأحدهما رجع الذي نفي عنه على الذي لحق به بما سقط من نفقتها والقول في رضاعه حتى يتبين أمره كالقول في نفقة أمه.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وأما أنا فلا أرى على الناكح نكاحا فاسدا نفقة في الحمل والنفقة على الزوج الصحيح النكاح فلا آخذه بنفقتها حتى تلد فإن ألحق به الولد أعطيتها نفقة الحمل من يوم طلقها هو وإن أشكل أمره لم آخذه بنفقة حتى ينتسب إليه الولد فأعطيها النفقة، وإن ألحق بصاحبه فلا نفقة عليه لأنها حبلى من غيره، وإذا كان أمر الولد مشكلا كما وصفت فقد انقضت إحدى العدتين بوضع الحمل وتستأنف الأخرى بعد وضع الحمل ولا رجعة للأول عليها في العدة الأخرى بعد الحمل وإنما قلت تستأنف العدة لأني لا أدري العدة بالحمل من الأول هي فتستأنف العدة من الآخر أو من الآخر فتبني فلما أشكلت جعلناها تستأنف وتلغي ما مضى من عدتها قبل الحمل ولا يكون الآخر خاطبا حتى ينقضي آخر عدتها. [قال الربيع]: وهذا إذا أنكراه جميعا فأما إذا ادعياه فكل واحد منهما مقر بأن النفقة تلزمه.
[قال الشافعي]: ولو ادعاه أحدها وأنكره الآخر أريته القافة وألحقته بمن ألحقوه به ولا حد على الذي أنكره من قبل أن يعزيه إلى أب قبل أن يتبين له أب غيره.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وهكذا القول لو نكحت ثلاثة أو أربعة فمضت عدتها من الأول ومن كل من أصابها ممن بعده ولا عدة عليها ممن لم يصبها منهم.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولو كان النكاحان جميعا فاسدين الأول والآخر كان القول فيه كالقول في النكاح الصحيح والفاسد.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وهكذا كل زوجة حرة مسلمة أو ذمية أو أمة مسلمة إلا أن عدة الأمة نصف عدة الحرة في الشهور وحيضتان في الحيض ومثلها في وضع الحمل فتصنع الأمة في عدتها مثل ما تصنع الحرة في عدتها.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا طلق الرجل المرأة فأقرت بانقضاء العدة ونكحت فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها وأقل من أربع سنين من يوم طلقت فهو للأول وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها وأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الأول فليس للأول ولا للآخر.