الكفارة بالصيام |
[قال الشافعي]: رحمه الله: ومن وجب عليه أن يصوم شهرين في الظهار لم يجزه إلا أن يكونا متتابعين كما قال الله عز ذكره ومتى أفطر من عذر أو غير عذر فعليه أن يستأنف ولا يعتد بما مضى من صومه. وكذلك إن صام في الشهرين يوما من الأيام التي نهى النبي ﷺ عنها وهي خمس يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام منى الثلاث بعد النحر استأنف الصوم بعد مضيهن ولم يعتد بهن ولا بما كان قبلهن واعتد بما بعدهن ومتى دخل عليه شيء يفطره في يوم من صومه استأنف الصوم حتى يأتي بالشهرين متتابعين ليس فيهما فطر. وإذا صام بالأهلة صام هلالين وإن كانا تسعة أو ثمانية وخمسين أو ستين يوما. وإذا صام بعد مضي يوم من الهلال أو أكثر صام بالعدد الشهر الأول وبالهلال الشهر الثاني ثم أكمل على العدد الأول بتمام ثلاثين يوما [قال]: ولو صام شهرين متتابعين بلا نية للظهار لم يجزه حتى يقدم النية قبل الدخول في الصوم ولو نوى أن يصوم شهرين متتابعين فصام أياما ثم نوى أن يحيل الصوم بعد الأيام تطوعا فصام أياما أو يوما ينوي به التطوع، ثم وصل صومه ينوي به صوم الشهرين بالشهرين الواجبين عليه لم يعتد بما مضى من صومه قبل الأيام التي تطوع بها ولا بصوم الأيام التي تطوع فيها واعتد بصومه من يوم نوى فلم يفصل بينه بتطوع ولا فطر، ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأه إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقله، ولو أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده أو في أكثر ولم يطعم استأنف الصوم لأن حكمه في اليوم الذي أغمي عليه قبل أن يفيق أنه غير صائم عن ظهار لأنه لا يعقله.
[قال]: ولو صام مسافرا أو مقيما أو مريضا عن ظهار شهرين أحدهما شهر رمضان لم يجزه واستأنف الصوم لا يجزئ رمضان من غيره لأنه إذا رخص له في فطره بالمرض والسفر فإنما يخفف عنه فإذا لم يخففه عن نفسه فلا يكون تطوعا ولا صوما عن غيره وعليه أن يستأنف شهرين ويقضي شهر رمضان لأنه صامه بغير نية شهر رمضان [قال]: ولا يجزئه في صوم واجب عليه إلا أن يتقدم بنيته قبل الفجر فإن لم يتقدم بنيته قبل الفجر لم يجزه ذلك اليوم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر لأن كل يوم منه غير صاحبه، وإن دخل في يوم منه بنية تجزئه ثم عزبت عنه النية في آخر يومه أجزأه لأن النية بالدخول لا في كل طرفة عين منه، فإذا أحال النية فيه إلى أن يجعله تطوعا أو واجبا غير الذي دخل به فيه لم يجزه واستأنف الصوم بعده ولو كان عليه ظهاران فصام شهرين عن أحدهما ولا ينوي عن أيهما هو كان له أن يجعله عن أيهما شاء ويجزئه، وكذلك لو صام أربعة أشهر عنهما وهكذا لو كانت عليه ثلاث كفارات فأعتق مملوكا له ليس له غيره وصام شهرين ثم مرض فأطعم ستين مسكينا ينوي بجميع هذه الكفارات الظهار أجزأه وإن لم ينو واحدة منهن بعينها كان مجزئا عنه لأن نيته على كل واحدة منهن أداؤها عن كفارة يمين لزمته وسواء كفر أي كفارات الظهار شاء مما يجوز كانت امرأته عنده أو ميتة أو عند زوج غيره أو مرتدة أو بأي حال كانت.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولو ارتد الزوج بعد ما وجب عليه الظهار فأعتق عبدا عن ظهاره في ردته وقف فإن رجع إلى الإسلام أجزأ عنه لأنه قد أدى ما عليه كما لو كان عليه دين فأداه برئ منه وهكذا لو كان ممن عليه إطعام مساكين فأطعمهم في ردته ثم أسلم لم يكن عليه أن يعود وهكذا لو كان قصاصا أو حدا فأخذ منه في ردته لم يعد عليه لأن هذا إخراج شيء من ماله أو عقوبة على بدنه لمن وجبت له. فإن قيل فهذا لا يكتب له أجره ولا يكفر به عنه. قيل: والحدود نزلت كفارات للذنوب (وحد رسول الله ﷺ يهوديين بالرجم) ونحن نعلم أنها ليست كفارة لهما بخلافهما في دين الإسلام ولكنها كانت عقوبة عليهما فأخذت وإن لم تكتب لهما، ولو كان عليه صوم فصامه في ردته لم يجزه لأن الصوم عمل على البدن والعمل على البدن لا يجزئ عنه ولا يجزئ إلا لمن يكتب له.