تفريع القسم والعدل بينهن |
قال الشافعي] عماد القسم الليل لأنه سكن قال الله تبارك وتعالى {جعل لكم الليل لتسكنوا فيه} وقال {خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}.
[قال الشافعي]: فإذا كان عند الرجل أزواج حرائر مسلمات أو كتابيات، أو مسلمات وكتابيات. فهن في القسم سواء وعليه أن يبيت عند كل واحدة منهن ليلة.
[قال الشافعي]: وإذا كان فيهن أمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة [قال]: ولا يكون له أن يدخل في الليل على التي لم يقسم لها لأن الليل هو القسم ولا بأس أن يدخله في النهار للحاجة لا ليأوي فإذا أراد أن يأوي إلى منزله أوى إلى منزل التي يقسم لها ولا يجامع امرأة في غير يومها فإن فعل فلا كفارة عليه.
[قال]: وإن مرضت إحدى نسائه عادها في النهار ولم يعدها في الليل وإن ماتت فلا بأس أن يقيم عندها حتى يواريها ثم يرجع إلى التي لها القسم وإن ثقلت فلا بأس أن يقيم عندها حتى تخف أو تموت ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها.
[قال]: وإن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين وثلاثا ثلاثا كان ذلك له وأكره مجاوزة الثلاث من العدد من غير أن أحرمه وذلك أنه قد يموت قبل أن يعدل للثانية ويمرض وإن كان هذا قد يكون فيما دون الثلاث.
[قال]: وإذا قسم لامرأة ثم غاب ثم قدم ابتدأ القسم للتي تليها في القسم، وهكذا إن كان حاضرا فشغل عن المبيت عندها ابتدأ القسم كما يبتدئه القادم من الغيبة فيبدأ بالقسم للتي كانت ليلتها.
[قال]: وإن كان عندها بعض الليل ثم غاب ثم قدم ابتدأ فأوفاها قدر ما بقي من الليل ثم كان عند التي تليها في آخر الليل حتى يعدل بينهن في القسم.
[قال]: وإن كان عندها مريضا أو متداويا أو هي مريضة أو حائضا أو نفساء فذلك قسم يحسبه عليها وكذلك لو كان عندها صحيحا فترك جماعها حسب ذلك من القسم عليها إنما القسم على المبيت كيف كان المبيت.
[قال]: ولو كان محبوسا في موضع يصلن إليه فيه عدل بينهن كما يعدل بينهن لو كان خارجا.
[قال]: والمريض والصحيح في القسم سواء وإن أحب أن يلزم منزلا لنفسه ثم يبعث إلى كل واحدة منهن يومها وليلتها فتأتيه كان ذلك له وعليهن فأيتهن امتنعت من إتيانه كانت تاركة لحقها عاصية ولم يكن عليه القسم لها ما كانت ممتنعة [قال]: وهكذا لو كانت في منزله أو في منزل يسكنه فغلقته دونه وامتنعت منه إذا جاءها أو هربت أو ادعت عليه طلاقا كاذبة حل له تركها والقسم لغيرها وترك أن ينفق عليها حتى تعود إلى أن لا تمتنع منه وهذه ناشز، وقد قال الله تبارك وتعالى {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} فإذا أذن في هجرتها في المضجع لخوف نشوزها كان مباحا له أن يأتي غيرها من أزواجه في تلك الحال وفيما كان مثلها.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وهكذا الأمة إذا امتنعت بنفسها أو منعها أهلها منه فلا نفقة ولا قسم لها حتى تعود إليه. وكذلك إذا سافر بها أهلها بإذنه أو غير إذنه فلا نفقة ولا قسم.
[قال]: وإذا سافرت الحرة بإذنه أو بغير إذنه فلا قسم لها ولا نفقة إلا أن يكون هو الذي أشخصها فلا يسقط عنه نفقتها ولا قسمها وهي إذا أشخصها مخالفة لها إذا شخص هو وهي مقيمة لأن إشخاصه إياها كنقلها إلى منزل فليس له تركها فيه بلا نفقة ولا قسم وشخوصه هو شخوص بنفسه وهو الذي عليه القسم لا له.
[قال]: وإذا جنت امرأة من نسائه أو خبلت فغلبت على عقلها فكانت تمتنع منه سقط حقها في القسم، فإن لم تكن تمتنع فلها حقها في القسم وكذلك لو خرست أو مرضت أو ارتتقت كان لها حقها في القسم ما لم تمتنع منه أو يطلقها. وإنما قلنا يقسم للرتقاء وإن لم يقدر عليها كما قلنا يقسم للحائض ولا يحل له جماعها لأن القسم على السكن لا على الجماع ألا ترى أنا لا نجبره في القسم على الجماع وقد يستمتع منها وتستمتع منه بغير جماع.
[قال]: وإذا كان الزوج عنينا أو خصيا أو مجبوبا أو من لا يقدر على النساء بحال أو لا يقدر عليهن إلا بضعف أو إعياء فهو والصحيح القوي في القسم سواء لأن القسم على ما وصفت من السكن وكذلك هو في النفقة على النساء وما يلزم لهن.
[قال]: وإذا تزوج المخبول أو الصحيح فغلب على عقله وعنده نسوة انبغى لوليه القائم بأمره أن يطوف به عليهن أو يأتيه بهن حتى يكن عنده ويكون عندهن كما يكون الصحيح العقل عند نسائه ويكن عنده وإن أغفل ذلك فبئس ما صنع وإن عمد أن يجوز به أثم هو ولا مأثم على مغلوب على عقله.
[قال]: ولو كان رجل يجن ويفيق وعنده نسوة فعزل في يوم جنونه عن نسائه جعل يوم جنونه كيوم من غيبته واستأنف القسم بينهن وإن لم يفعل فكان في يوم جنونه عند واحدة منهن حسب كما إذا كان مريضا فقسم لها وقسم للأخرى يومها وهو صحيح.
[قال]: ولو قسم لها صحيحا فجن في بعض الليل وكان عندها كانت قد استوفت وإن خرج من عندها أوفى لها ما بقي من الليل [قال]: وإن جنت هي أو خرجت في بعض الليل كان له أن يكون عند غيرها ولا يوفيها شيئا من قسمها ما كانت ممتنعة منه ويقسم لنسائه البواقي قسم النساء لا امرأة معهن غيرهن.
[قال]: ولو استكرهه سلطان أو غيره أو خرج طائعا من عند امرأة في الليل عاد فأوفاها ما بقي من الليل [قال]: وإن كان ذلك في النهار لم يكن عليه فيه شيء إذا لم يكن ذاهبا إلى غيرها من نسائه ولا أكره في النهار شيئا إلا أثرة غيرها من أزواجه فيه بمقام أو جماع، فإذا أقام عند غيرها في نهارها أوفاها ذلك من يوم التي أقام عندها.
[قال]: ولو كان له مع نسائه إماء يطؤهن لم يكن للإماء قسم مع الأزواج ويأتيهن كيف شاء أكثر مما يأتي النساء في الأيام والليالي والجماع وأقل كما يكون له أن يسافر ويغيب في المصر عن النساء فإذا صار إلى النساء عدل بينهن وكذلك يكون له ترك الجواري والمقام مع النساء غير أني أحب في الأحوال كلها أن لا يؤثر على النساء وأن لا يعطل الجواري.
[قال]: وهكذا إذا كان له جوار لا امرأة معهن كان عند أيتهن شاء ما شاء وكيفما شاء وأحب له أن يتحرى استطابة أنفسهن بمقارنة وأن يجعل لكل واحدة منهن حظا منه.
[قال]: وإذا تزوج الرجل المرأة وخلي بينه وبينها فعليه نفقتها والقسم لها من يوم يخلون بينه وبينها.
[قال]: وإذا كان لرجل أربع نسوة فقسم لثلاث وترك واحدة عامدا أو ناسيا قضاها الأيام التي ترك القسم لها فيها متتابعات لا فرق بينهن واستحلها إن كان ترك القسم لها أربعين ليلة فلها منها عشر فيقضيها العشر متتابعات ولو كان نساؤه الحواضر ثلاثا فترك القسم لهن ثلاثين ليلة وقدمت امرأة له كانت غائبة بدأ فقسم للتي ترك القسم لها يومها ويوم المرأتين اللتين قسم لهما وتركها وذلك ثلاث ثم قسم للغائبة يوما ثم قسم للتي ترك القسم لها ثلاثا حتى يوفيها جميع ما ترك لها من القسم، ولو قسم رجل بين نسائه يومين أو ثلاثا لكل امرأة ثم طلق امرأة لم يقسم لها أو ترك القسم لها لم يكن عليه إلا أن يستحل التي ترك القسم لها ولو راجعها أو نكحها نكاحا جديدا أوفاها ما كان لها من القسم.
[قال]: ولو كان لرجل زوجة مملوكة وحرة فقسم للحرة يومين ثم دار إلى المملوكة فعتقت فإن كانت عتقت وقد أوفاها يومها وليلتها دار إلى الحرة فقسم لها يوما وللأمة التي أعتقت يوما، وإن لم يكن أوفاها ليلتها حتى عتقت يبيت عندها ليلتين حتى يسويها بالحرة لأنها قد صارت كهي قبل أن تستكمل حظها من القسم.
[قال]: ويقسم للمرأة قد آلى منها وللمرأة قد تظاهر منها ولا يقرب التي تظاهر منها وكذلك إذا أحرمت بأمره قسم لها ولم يقربها وكذلك القسم لو كان هو محرما ولا يقرب واحدة ممن معه في إحرامه.