الوقف |
[قال الشافعي]: وإذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر وقف وقيل له إن فئت وإلا فطلق والفيئة الجماع إلا من عذر. ولو جامع في الأربعة الأشهر خرج من حكم الإيلاء وكفر عن يمينه، فإن قال أجلني في الجماع لم أؤجله أكثر من يوم فإن جامع فقد خرج من حكم الإيلاء وعليه الحنث في يمينه فإن كان لها كفارة كفر وإن قال أنا أفيء فأجلني أكثر من يوم لم أؤجله ولا يتبين لي أن أؤجله ثلاثا. ولو قاله قائل كان مذهبا فإن فاء وإلا قلت له طلق فإن طلق لزمه الطلاق وإن لم يطلق طلق عليه السلطان واحدة. وكذلك إن قال أنا أقدر على الجماع ولا أفيء طلق عليه السلطان واحدة. فإن طلق عليه أكثر من واحدة كان ما زاد عليها باطلا. وإنما جعلت له أن يطلق عليه واحدة لأنه كان على المولى أن يفيء أو يطلق فإذا كان الحاكم لا يقدر على الفيئة إلا به فإذا امتنع قدر على الطلاق عليه ولزمه حكم الطلاق كما نأخذ منه كل شيء وجب عليه أن يعطيه من حد وقصاص ومال وبيع وغيره إذا امتنع من أن يعطيه وكما يشهد على طلاقه فيطلق عليه وهو ممتنع من الطلاق جاحد له [قال]: وإن قال أنا أصبتها ثم جب قبل أربعة أشهر فلها الخيار مكانها في المقام معه أو فراقه. وإن قال أنا أصبتها فعرض له مكانه مرض يمنع الإصابة قلنا فئ بلسانك ومتى أمكنك أن تصيبها وقفناك فإن أصبتها وإلا فرقنا بينك وبينها. ولو كان المرض عارضا لها حتى لا يقدر على أن يجامع مثلها لم يكن عليه سبيل ما كانت مريضة فإذا قدر على جماع مثلها وقفناه حتى يفيء أو يطلق [قال]: ولو وقفناه فحاضت لم يكن عليه شيء حتى تطهر فإذا طهرت قيل له أصب أو طلق [قال]: ولو أنها سألت الوقف فوقف فهربت منه أو أقرت بالامتناع منه لم يكن عليه الإيلاء حتى تحضر وتخلي بينه وبين نفسها فإذا فعلت فإذا فاء وإلا طلق أو طلق عليه، ولو أنها طلبت الوقف فوقف لها فأحرمت مكانها بإذنه أو بغير إذنه فلم يأمرها بإحلال لم يكن عليه طلاق حتى تحل ثم يوقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق، وهكذا لو ارتدت عن الإسلام لم يكن عليه طلاق حتى ترجع إلى الإسلام في العدة فإذا رجعت قيل له فئ أو طلق وإن لم ترجع حتى تنقضي العدة بانت منه بالردة ومضي العدة [قال]: وإذا كان منع الجماع من قبلها بعد مضي الأربعة الأشهر قبل الوقف أو معه لم يكن لها على الزوج سبيل حتى يذهب منع الجماع من قبلها ثم يوقف مكانه لأن الأربعة الأشهر قد مضت وإذا كان منع الجماع من قبلها في الأربعة الأشهر بشيء تحدثه غير الحيض الذي خلقه الله عز وجل فيها ثم أبيح الجماع من قبلها أجل من يوم أبيح أربعة أشهر كما جعل الله تبارك وتعالى له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم تكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا [قال]: ولو كان آلى منها ثم ارتد عن الإسلام في الأربعة الأشهر أو ارتدت أو طلقها أو خالعها ثم راجعها أو رجع المرتد منهما إلى الإسلام في العدة استأنف في هذه الحالات كلها أربعة أشهر من يوم حل له الفرج بالمراجعة أو النكاح أو رجوع المرتد منهما إلى الإسلام ولا يشبه هذا الباب الأول لأنها في هذا الباب صارت محرمة كالأجنبية الشعر والنظر والجس والجماع وفي تلك الأحوال لم تكن محرمة بشيء غير الجماع وحده. فأما الشعر والنظر والجس فلم يحرم منها وهكذا لو ارتدا معا.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولو آلى من امرأته ثم طلق إحدى نسائه في الأربعة الأشهر ولم يدر أيتهن طلق فمضت أربعة أشهر فطلبت أن يوقف فقال هي التي طلقت حلف للبواقي وكانت التي طلق ومتى راجعها فمضت أربعة أشهر وقفته أبدا حتى يمضي طلاق الملك كما وصفت، ولو مضت الأربعة الأشهر ثم طلبت أن يوقف فقال لا أدري أهي التي طلقت أم غيرها. قيل له إن قلت هي التي طلقت فهي طالق وإن قلت ليست هي حلفت لها إن ادعت الطلاق ثم فئت أو طلقت وإن قلت: لا أدري فأنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن طلقتها فهي طالق وإن لم تطلقها وحلفت أنها ليست التي طلقت أو صدقتك هي ففئ أو طلق وإن أبيت ذلك كله طلق عليك بالإيلاء لأنها زوجة مولى منها عليك أن تفيء إليها أو تطلقها. فإن قلت لا أدري لعلها حرمت عليك فلم تحرم بذلك عليك تحريما يبينها عليك وأنت مانع الفيئة والطلاق فتطلق عليك. فإن قامت بينة أنها التي طلقت عليك قبل طلاق الإيلاء سقط طلاق الإيلاء. وإن لم تقم بينة لزمك طلاق الإيلاء وطلاق الإقرار معا. ثم هكذا البواقي [قال]: وإذا آلى وبينه وبين امرأته أكثر من أربعة أشهر فطلبت ذلك امرأته أو وكيل لها أمر بالفيء بلسانه والمسير إليها كما يمكنه وقيل فإن فعلت وإلا فطلق [قال]: وأقل ما يصير به فائيا أن يجامعها حتى تغيب الحشفة. وإن جامعها محرمة أو حائضا أو هو محرم أو صائم خرج من الإيلاء وأثم بالجماع في هذه الأحوال. ولو آلى منها ثم جن فأصابها في حال جنونه أو جنت فأصابها في حال جنونها خرج من الإيلاء. وكفر إذا أصابها وهو صحيح وهي مجنونة ولم يكفر إذا أصابها وهو مجنون لأن القلم عنه مرفوع في تلك الحال. ولو أصابها وهي نائمة أو مغمى عليها خرج من الإيلاء وكفر [قال]: وكذلك إذا أصابها أحلها لزوجها وأحصنها وإنما كان فعله فعلا بها لأنه يوجب لها المهر بالإصابة وإن كانت هي لا تعقل الإصابة فلزمها بهذا الحكم وأنه حق لها أداه إليها في الإيلاء كما يكون لو أدى إليها حقا في مال أو غيره برئ منه.