→ الفسخ | كتاب الأم - كتاب النكاح المؤلف: الشافعي |
الخلع والنشوز ← |
الطلاق بالحساب |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ولو قال لها أنت طالق واحدة قبلها واحدة أو واحدة بعدها واحدة كانت طالقا اثنتين. فإن قال أردت واحدة ولم أرد بالتي قبلها أو بعدها طلاقا لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى: ولو طلقها واحدة ثم راجعها. ثم قال أنت طالق واحدة قبلها واحدة، فقال أردت أني كنت قد طلقتها قبلها واحدة أحلف ودين في الحكم.
ولو قال أنت طالق واحدة بعدها واحدة. ثم سكت. ثم قال أردت بعدها واحدة أوقعها عليك بعد وقت أو لا أوقعها عليك إلا بعده لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى.
وإذا قال الرجل لامرأته بدنك أو رأسك أو فرجك أو رجلك أو يدك أو سمى عضوا من جسدها أو إصبعها أو طرفا ما كان منها طالق فهي طالق، ولو قال لها بعضك طالق أو جزء منك طالق أو سمى جزءا من ألف جزء طالقا كانت طالقا والطلاق لا يتبعض وإذا قال لها أنت طالق نصف أو ثلث أو ربع تطليقة أو جزءا من ألف جزء كانت طالقا والطلاق لا يتبعض.
ولو قال لها أنت طالق نصف تطليقة كانت طالقا واحدة إلا أن يريد اثنتين أو يقول أردت أن يقع نصف بحكمه ما كان ونصف مستأنف بحكمه ما كان فتطلق اثنتين وكذلك لو قال لها أنت طالق ثلاثة أثلاث تطليقة أو أربعة أرباع تطليقة كان كل واحد من هؤلاء تطليقة واحدة لأن كل تطليقة تجمع نصفين أو ثلاثة أثلاث أو أربعة أرباع إلا أن ينوي به أكثر فيقع بالنية مع اللفظ، وهكذا لو قال لها أنت طالق نصف وثلث وسدس تطليقة أو نصف وربع وسدس تطليقة.
ولو نظر رجل إلى امرأة له وامرأة معها ليست له بامرأة فقال إحداكما طالق كان القول قوله، فإن أراد امرأته فهي طالق وإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته، وإن قال أردت الأجنبية أحلف وكانت امرأته بحالها لم يقع عليها طلاق.
ولو قال لامرأته أنت طالق واحدة في ثنتين كانت طالقا واحدة وسئل عن قوله في اثنتين فإن قال ما نويت شيئا لم تكن طالقا إلا واحدة لأن الواحدة لا تكون داخلة في اثنتين بالحساب فهو ما أراد فهي طالق اثنتين، وإن قال أردت واحدة في اثنتين مقرونة بثنتين كانت طالقا ثلاثا في الحكم.
[قال]: ولو قال أنت طالق واحدة وواحدة كانت طالقا اثنتين، ولو قال واحدة واثنتين باقية لي عليك كانت طالقا واحدة وكذلك لو قال واحدة وواحدة باقية لي عليك وواحدة لا أوقعها عليك إلا واحدة، ولو قال أنت طالق واحدة لا يقع عليك إلا واحدة تقع عليك وقعت عليها واحدة حين تكلم بالطلاق.
وإذا كان لرجل أربع نسوة فقال قد أوقعت بينكن تطليقة كانت كل واحدة منهن طالقا واحدة وكذلك لو قال اثنتين أو ثلاثا أو أربعا إلا أن يكون نوى أن كل واحدة من الطلاق تقسم بينهن فتكون كل واحدة منهن طالقا ما سمى من جماعتهن واحدة أو ثنتين أو ثلاثا أو أربعا، فإن قال قد أوقعت بينكن خمس تطليقات فكل واحدة منهن طالق اثنتين، وكذلك ما زاد إلى أن يبلغ ثمان تطليقات فإن زاد على الثمان شيئا من الطلاق كن طوالق ثلاثا ثلاثا، فإن قال أردت أن يكون ثلاثا أو أربعا أو خمسا لواحدة منهن كانت التي أراد طالقا ثلاثا ولم يدين في الأخر معها في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى وكان من بقي طالقا اثنتين اثنتين، ولو كان قال بينكن خمس تطليقات لبعضكن فيها أكثر مما لبعض كان القول قوله وأقل ما تطلق عليه منهن واحدة في الحكم ثم يوقف حتى يوقع على من أراد بالفضل منهن الفضل ولا يكون له أن يحدث إيقاعا لم يكن أراده في أصل الطلاق فإن لم يكن نوى بالفضل واحدة منهن فشاء أن تكون التطليقة الفضل بينهن أرباعا فكن جميعا تطليقتين ويكون أحق بالرجعة كان ذلك له.
وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين فهي طالق واحدة وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة فهي طالق اثنتين وإن قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا كانت طالقا ثلاثا إنما يكون الاستثناء جائزا إذا بقي مما سمى شيء يقع به شيء مما أوقع، فأما إذا لم يبق مما سمى شيئا مما استثنى فلا يجوز الاستثناء والاستثناء حينئذ محال، ولو قال لها أنت طالق ثم طالق وطالق إلا واحدة كانت طالقا ثلاثا لأنه قد أوقع كل تطليقة وحدها ولا يجوز أن يستثني واحدة من واحدة كما لو قال لغلامين له مبارك حر وسالم حر إلا سالما لم يجز الاستثناء ووقع العتق عليهما معا كما لا يجوز أن يقول سالم حر إلا سالما لا يجوز الاستثناء إذا فرق الكلام ويجوز إذا جمعه ثم بقي شيء يقع به بعض ما أوقع، وإذا طلق واحدة واستثنى نصفها فهي طالق واحدة لأن ما بقي من الطلاق يكون تطليقة تامة لو ابتدأه وإذا قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله لم تطلق والاستثناء في الطلاق والعتاق والنذر كهو في الأيمان لا يخالفها.
ولو قال: أنت طالق إن شاء فلان لم تطلق حتى يشاء فلان، وإن مات فلان قبل أن يشاء أو خرس أو غاب فهي امرأته بحالها، فإن قالت قد شاء فلان وقال الزوج لم يشأ فلان فالقول قول الزوج مع يمينه، ولو شاء فلان وهو معتوه أو مغلوب على عقله من غير سكر لم تكن طالقا ولو شاء وهو سكران كانت طالقا لأن كلامه سكران كلام يقع به الحكم.
وإذا قال لامرأته أنت طالق واحدة بائنا فهي طالق واحدة يملك الرجعة ولا يكون البائن بائنا مما ابتدأ من الطلاق إلا ما أخذ عليه جعلا كما لو قال لعبد أنت حر ولا ولاء لي عليك كان حرا وله ولاؤه لأن قضاء النبي ﷺ أن (الولاء لمن أعتق) وقضاء الله تبارك وتعالى أن المطلق واحدة واثنتين يملك الرجعة في العدة فلا يبطل ما جعل الله عز وجل ورسوله ﷺ لامرئ بقول نفسه.
وإن قال لها أنت طالق واحدة غليظة أو واحدة أغلظ أو أشد أو أفظع أو أعظم أو أطول أو أكبر فهي طالق واحدة لا أكثر منها ويكون الزوج في كلها يملك الرجعة لما وصفت.
وإذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا تقع في كل يوم واحدة كان كما قال ولو وقعت عليها واحدة في أول يوم فإن ألقت حملا فبانت منه ثم جاء الغد ولا عدة عليها منه لم تقع الثانية ولا الثالثة، فإن قال أنت طالق في كل شهر فوقعت الأولى في أول شهر ووقعت الآخرتان واحدة في كل شهر قبل مضي العدة وقعت الثلاث ولو مضت العدة فوقع منهن شيء بعد مضي العدة لم يلزمها لأنه وقع وهي غير زوجة.
ولو قال لها أنت طالق ثلاثا كل سنة واحدة فوقعت الأولى فلم تنقض عدتها منها حتى راجعها فجاءت السنة الثانية وهي زوجة وقعت الثانية فإن راجعها في العدة وجاءت السنة الثالثة وقعت الثالثة وكذلك لو لم يراجعها في العدة ولكن نكحها بعد مضي العدة فجاءت السنة وهي عنده وقع الطلاق ولو وقعت الأولى ثم جاءت السنة الثانية وهي غير زوجة ولا في عدة منه لم تقع الثانية ولو نكحها بعده وجاءت السنة الثانية وهي عنده وقعت الثانية وإن نكحها بعده وجاءت السنة الثالثة وهي عنده وقعت الثالثة لأنها زوجة، ولو خالعها فكانت في عدة منه وجاءت سنة وهي في عدة إلا أنه لا يملك رجعتها لم يقع عليها الطلاق في عدة لا يملك رجعتها فيها.
ولو قال لها أنت طالق كلما مضت سنة فخالعها ثم مضت السنة الأولى وليست له بزوجة كانت في عدة منه أو في غير عدة لم يلزمه الطلاق لأن وقت الطلاق وقع وليست له بزوجة فإن نكحها نكاحا جديدا فكلما مضت سنة من يوم نكحت وقعت تطليقة حتى ينقضي طلاق الملك كله [قال الربيع]: وللشافعي قول آخر: أنه إذا خالعها ثم تزوجها لم يقع عليها الطلاق بمجيء السنة لأن هذا غير النكاح الأول.
[قال الشافعي]: ولو قال لها أنت طالق في كل شهر واحدة أو في مضي كل شهر واحدة ثم طلقها ثلاثا قبل أن يقع منهن شيء أو بعد ما وقع بعضهن ونكحت زوجا غيره فأصابها ثم نكحها فمرت تلك الشهور لم يلزمها من الطلاق شيء لأن طلاق ذلك الملك مضى عليه كله وحرمت عليه فلا تحل إلا بعد زوج ونكاح جديد وكانت كمن لم تنكح قط في أن لا يقع عليها طلاق عقده في الملك الذي بعد الزوج، ولو كان طلقها واحدة أو اثنتين فبقي من طلاق ذلك الملك شيء ثم مرت لها مدة أوقع عليها فيها الطلاق وهو يملكها وقع، وهكذا لو قال كلما دخلت هذه الدار فأنت طالق فكلما دخلتها وهي زوجة له أو في عدة من الطلاق يملك فيه الرجعة فهي طالق وكلما دخلتها وهي غير زوجة له أو في عدة من فرقة لا يملك الرجعة فهي غير طالق فإذا طلقها ثلاثا فحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ثم نكحت زوجا غيره فأصابها ثم نكحها ثم دخل بها لم يقع عليها الطلاق بكلام متقدم في ملك نكاح قد حرم حتى كان بعده زوجا أحل استئناف النكاح وإذا هدم نكاح الزوج الطلاق حتى صارت كمن ابتدأ نكاحه ممن لم تنكحه قط هدم اليمين التي يقع بها الطلاق لأنها أضعف من الطلاق. وهكذا لو قال أنت طالق كلما حضت وغير ذلك مما يقع الطلاق فيه في وقت فعلى هذا الباب كله وقياسه.
ولو قال لها أنت طالق كل سنة ثلاثا فطلقت ثلاثا في أول سنة ثم تزوجت زوجا أصابها ثم نكحها نكاحا جديدا لم يقع عليها فيما يمضي من السنين بعد شيء لأن طلاق الملك الذي عقد فيه الطلاق بوقت قد مضى.
ولو قال لها أنت طالق في كل سنة تطليقة فوقعت عليها واحدة أو اثنتان ثم تزوجها زوج غيره ثم دخل بها ثم طلقها أو مات عنها فنكحها الأول ثم مضت سنة وقعت عليها تطليقة حتى تعد ثلاث تطليقات لأن الزوج يهدم الثلاث ولا يهدم الواحدة ولا الثنتين.