الخلاف فيما يحرم بالزنا |
[قال الشافعي]: رحمه الله: أما الرجل يزني بامرأة أبيه أو امرأة ابنه فلا تحرم واحدة منهما على زوجها بمعصية الآخر فيها، ومن حرمها على زوجها بهذا أشبه أن يكون خالف حكم الله تعالى لأن الله عز وجل جعل التحريم بالطلاق إلى الأزواج فجعل هذا إلى غير الزوج أن يحرم عليه امرأته أو إلى المرأة نفسها أن تحرم نفسها على زوجها، وكذلك الزوج يزني بأم امرأته أو بنتها لا تحرم عليه امرأته ومن حرم عليه أشبه أن يدخل عليه أن يخالف حكم الله تعالى في أن الله حرمها على زوجها بطلاقه إياها فزنى زوجها بأمها فلم يكن الزنا طلاقا لها ولا فعلا يكون في حكم الله جل ثناؤه ولا في سنة رسول الله ﷺ تحريما لها وكان فعلا كما وصفت وقع على غيرها فحرمت به فقال قولا مخالفا للكتاب محالا بأن يكون فعل الزوج وقع على غيرها فحرمت به امرأته عليه وذكر الله عز وجل ما من به على العباد فقال {فجعله نسبا وصهرا} فحرم بالنسب الأمهات والأخوات والعمات والخالات ومن سمى، وحرم بالصهر ما نكح الآباء وأمهات النساء وبنات المدخول بهن منهن فكان تحريمه بأنه جعله للمحرمات على من حرم عليه حقا ليس لغيرهن عليهن وكان ذلك منا منه بما رضي من حلاله، وكان من حرمن عليه لهن محرما يخلو بهن ويسافر ويرى منهن ما لا يرى غير المحرم، وإنما كان التحريم لهن رحمة لهن ولمن حرمن عليه ومنا عليهن وعليهم لا عقوبة لواحد منهما، ولا تكون العقوبة فيما رضي ومن حرم بالزنا الذي وعد الله عليه النار وحد عليه فاعله وقرنه مع الشرك به وقتل النفس التي حرم الله أحال العقوبة إلى أن جعلها موضع رحمة. فمن دخل عليه خلاف الكتاب فيما وصفت وفي أن الله تعالى حين حكم الأحكام بين الزوجين من اللعان والظهار والإيلاء والطلاق والميراث كان عندنا وعنده على النكاح الصحيح فإذا زعمنا أن الذي أراد الله عز وجل بأحكامه في النكاح ما صح وحل فكيف جاز له أن يحرم بالزنا وهو حرام غير نكاح ولا شبهة.