→ الخلع على الشيء بعينه فيتلف | كتاب الأم - كتاب النكاح المؤلف: الشافعي |
مخاطبة المرأة بما يلزمها من الخلع وما لا يلزمها ← |
خلع المرأتين |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت للرجل امرأتان فقالتا له طلقنا معا بألف لك علينا فطلقهما في ذلك المجلس لزمه الطلاق وهو بائن لا يملك فيه الرجعة والقول في الألف واحد من قولين فمن أجاز أن ينكح امرأتين معا بمهر مسمى فيكون بينهما على قدر مهر مثلهما أجاز هذا وجعل على كل واحدة منهما من الألف بقدر مهر مثلها كان مهر مثل إحداهما مائة والأخرى مائتين فعلى التي مهر مثلها مائة ثلث الألف والتي مهر مثلها مائتان ثلثاها [قال]: ومن قال هذا قال فإن طلق إحداهما دون الأخرى في وقت الخيار وقع عليها الطلاق وكانت عليها حصتها من الألف ثم إن طلق الأخرى قبل مضي وقت الخيار لزمها الطلاق وكانت عليها حصتها من الألف، وإن مضى وقت الخيار فطلقها لزمها الطلاق وهو يملك فيه الرجعة ولا شيء له من الألف ولو طلق إحداهما في وقت الخيار ولم يطلق الأخرى حتى يمضي وقت الخيار لزم التي طلق في وقت الخيار حصتها من الألف وكان طلاقا بائنا ولم يلزم التي طلق بعد وقت الخيار شيء وكان يملك في طلاقها الرجعة [قال]: وله أن لا يطلقها في وقت الخيار ولا بعد، وإن أرادتا الرجوع فيما جعلتا له في وقت الخيار لم يكن لهما، وكذلك لو قال هو لهما إن أعطيتماني ألفا فأنتما طالقان ثم أراد أن يرجع لم يكن ذلك له في وقت الخيار فإذا مضى فأعطياه ألفا لم يكن عليه أن يطلقهما إلا أن يشاء أن يبتدئ لهما طلاقا.
[قال]: وإن قالتا طلقنا بألف فطلقهما ثم ارتدتا لزمتهما الألف بالطلاق وأخذت منهما [قال]: ولو قالتا هذا له ثم ارتدتا فطلقهما بعد الردة وقف الطلاق فإن رجعتا إلى الإسلام في العدة لزمتهما وكانتا طالقين باثنتين لا يملك رجعتهما وعدتهما من يوم تكلم بالطلاق لا من يوم ارتدتا ولا من يوم رجعتا إلى الإسلام وإن لم ترجعا إلى الإسلام حتى تمضي العدة أو تقتلا أو تموتا لم يقع الطلاق ولم يكن له من الألف شيء.
[قال]: ولو كانت لرجل امرأتان محجورتان فقالتا طلقنا على ألف فطلقهما فالطلاق لازم وهو يملك فيه الرجعة إذا لم يكن جاء على طلاقهما كله ولا شيء له عليهما من الألف [قال]: وإن كانت إحداهما محجورا عليها والأخرى غير محجور عليها لزمهما الطلاق وطلاق غير المحجور عليها جائز بائن وعليها حصتها من الألف وطلاق المحجور عليها يملك فيه الرجعة إذا أبطلت ماله بكل حال جعلت الطلاق يملك الرجعة وإن كان أراد هو أن لا يملك الرجعة ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق واحدة بائن كانت واحدة يملك الرجعة.
[قال]: ولو كانت امرأته أمة فخالعها كانت التطليقة بائنا ولا شيء عليها ما كانت مملوكة إذا لم يأذن لها السيد ويتبعها بالخلع إذا عتقت وإنما أبطلته عنها في الرق لأنها لا تملك شيئا كما أبطلته عن المفلس حتى يوسر فلو خلع رجل امرأة له مفلسة كان الخلع في ذمتها إذا أيسرت لأني لم أبطله من جهة الحجر فيبطل بكل حال.
[قال]: وإذا قال الرجل لامرأته اختلعي على ألف على أن أعطيك هذا العبد فمن أجاز نكاحا وبيعا معا أجاز هذا الخلع وجعل العبد مبيعا ومهر مثلها بألف كأن قيمة العبد ألف وقيمة مهر مثلها ألف فالعبد مبيع بخمسمائة فإذا وجدت به عيبا فمن قال إذا جمعت الصفقة شيئين لم يردا إلا معا فردت العبد رجع عليها بمهر مثلها وكان لها الألف يحاصها بها ومن قال إذا جمعت الصفقة شيئين مختلفين رد أحدهما بعيبه بحصته من الثمن رده بخمسمائة [قال]: وقد يفترق هذا والبيع لأن أصل ما عقد هذا عليه أن الطلاق لا يرد بحال فيجوز لمن قال لا يرد البيع إلا معا أن يرد العبد بخمسمائة من الثمن ويفرق بينه وبين البيع.
[قال]: وإذا كانت للرجل امرأتان فقالت إحداهما طلقني وفلانة على أن لك علي ألف درهم أو علي ألف درهم ففعل فالألف للتي خاطبه لازمة يتبعها بها وهكذا لو قال ذلك له أجنبي فإن طلق التي لم تخاطبه وأمسك التي خاطبته لزمت المخاطبة حصة التي طلقت من الصداق على ما وصفت من أن يقسم الصداق على مهر مثلها فيلزمها حصة مهر مثل مطلقة [قال]: وهكذا لو قال هذا له أجنبي.
[قال]: وإذا كان لرجل امرأتان فقالت له إحداهما لك علي إن طلقتني ألف وحبست صاحبتي فلم تطلقها أبدا فطلقها كان له عليها مهر مثلها لفساد الشرط في حبس صاحبتها أبدا وهو مباح له أن يطلقها [قال]: ولو قالت لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فأخذها رجعت بها عليه وكان له أن يطلقها، ولو قالت لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فطلق صاحبتها كان له عليها مثل مهر صاحبتها كان أقل من ألف أو أكثر ولم تكن له الألف لفساد الشرط وكان له أن يطلقها متى شاء.
[قال]: ولو قالت له لك علي ألف درهم على أن تطلقني وصاحبتي فطلقهما لزمتها الألف وإن طلق إحداهما كان له من الألف بقدر حصة مهر مثل المطلقة منهما.
[قال والقول الثاني] أن رجلا لو كانت له امرأتان فأعطتاه ألفا على أن يطلقهما فطلقهما كان له عليهما مهور أمثالهما ولم يكن له من الألف شيء وكذلك لو أعطته واحدة ألف درهم على أن يطلقها ويعطيها عبدا له لم يكن لها العبد وكان له عليها مهر مثلها وأصل هذا إذا كان مع طلاق واحدة شيء غير طلاقها أو شيء تأخذه مع طلاقها كان الشرط باطلا، والطلاق واقع ورجع عليها بمهر مثلها وأصل هذا إذا كان مع شيء تأخذه مع طلاقها في هذه الوجوه كلها.
[قال]: وما أعطته المرأة عن نفسها أو أعطاه أجنبي عنها أن يطلقها فسواء إذا كان ما أعطاه مما يجوز أن يملك تم له وجاز الطلاق وإذا كان مما لا يجوز أن يملك رجع عليها إن كانت المعطية عن نفسها أو غيرها أو أعطت عن غيرها أو أعطى عنها أجنبي ما لزمها من ذلك في نفسها لزمها في غيرها وما لزمها في نفسها لزم الأجنبي فيها إذا أعطاه عنها لا يفترق ذلك كما يلزم ما يؤخذ في البيوع.
[قال]: وإذا قالت المرأة للرجل طلقني ثلاثا ولك علي ألف درهم فطلقها ثلاثا فله الألف وإن طلقها اثنتين فله ثلثا الألف وإن طلقها واحدة فله ثلث الألف والطلاق بائن في الواحدة والثنتين.
[قال]: ولو لم يبق له عليها من الطلاق إلا واحدة فقالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة كانت له الألف لأن الواحدة تقوم مقام الثلاث في أن تحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره.
[قال]: ولو كانت بقيت له عليها اثنتان فقالت له طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها اثنتين كانت له الألف لأنها تحرم عليه بالاثنتين حتى تنكح زوجا غيره ولو طلقها واحدة كان له ثلثا الألف لأنها تبقى معه بواحدة ولا تحرم عليه حتى يطلقها إياها فلا تأخذ أكثر من حصتها من الألف.
[قال]: ولو قالت طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا كانت له الألف وكان متطوعا بالثنتين اللتين زادهما.
[قال]: ولو قالت له إن طلقتني واحدة فلك ألف أو ألفان فطلقها واحدة كان له مهر مثلها لأن الطلاق لم ينعقد على شيء معلوم، وكذلك لو قالت لي الخيار أن أعطيك ألفا لا أنقصك منها أو ألفين أو لك الخيار أو لي ولك الخيار.
[قال]: ولو كانت بقيت عليها واحدة من الطلاق فقالت طلقني ثلاثا واحدة أحرم بها واثنتين إن نكحتني بعد اليوم كان له مهر مثلها إذا طلقها كما قالت.
[قال]: ولو قالت له إن طلقتني فعلي أن أزوجك امرأة تغنيك وأعطيك صداقها أو أي امرأة شئت وأعطيك صداقها وسمت صداقها أو لم تسمه فالطلاق واقع وله مهر مثلها وإنما منعني أن أجيزه إذا سمت المهر أنها ضمنت له تزويج امرأة قد لا تزوجه ففسد الشرط فإذا فسد فإنما له مهر مثلها.
[قال]: وهكذا لو قالت له إن طلقتني واحدة فلك ألف ولك إن خطبتني أن أنكحك بمائة فطلقها فله مهر مثلها ولا يكون له عليها أن تنكحه إن طلقها، قال وهكذا لو قالت له طلقني ولك ألف ولك أن لا أنكح بعدك أبدا فطلقها فله مهر مثلها ولها أن تنكح من شاءت.
[قال]: وإذا وكل الزوج في الخلع فالوكالة جائزة والخلع جائز فمن جاز أن يكون وكيلا بمال أو خصومة جاز أن يكون وكيلا بالخلع للرجل وللمرأة معا وسواء كان الوكيل حرا أو عبدا أو محجورا أو رشيدا أو ذميا كل هؤلاء تجوز وكالته.
[قال]: ولا يجوز أن يوكل غير بالغ ولا معتوها. فإن فعل فالوكالة باطلة إذا كان هذان لا حكم لكليهما على أنفسهما فيما لله عز وجل وللآدميين فلا يلزمهما لم يجز أن يكونا وكيلين يلزم غيرهما بهما قول.
[قال]: وأحب إلي أن يسمي الموكلان ما يبلغ الوكيل لكل واحد منهما الرجل بأن يقول وكلته بكذا لا يقبل أقل منه، والمرأة بأن يعطي عنها وكيلها كذا لا يعطى أكثر منه [قال]: وإن لم يفعلا جازت وكالتهما وجاز لهما ما يجوز للوكيل ورد من فعلهما ما يرد من فعل الوكيل فإن أخذ وكيل الرجل من المرأة أو وكيلها أقل من مهر مثلها فشاء الموكل أن يقبله ويجوز عليه الخلع فيكون الطلاق فيه بائنا فعل، وإن شاء أن يرده فعل، فإذا رده فالطلاق فيه جائز يملك الرجعة وهو في هذه الحال في حكم من اختلع من محجور عليها لا أنه قياس عليه.
[قال]: وكذلك إن خالعها بعرض أو بدين فشاء أن يكون له الدين ما كان كان له، وإن شاء أن لا يكون له ويلزمه الطلاق ثم يملك فيه الرجعة كان.
[قال]: وإن أخذ وكيل الرجل من المرأة نفسها أكثر من مهر مثلها جاز الخلع وكان قد ازداد للذي وكله.
[قال]: وإن أعطى وكيل المرأة عنها الزوج نفسه مهر مثلها أو أقل نقدا أو دينا جاز عليها وإن أعطى عليها دينا أكثر من مهر مثلها فشاءت لزمها وتم الخلع وإن شاءت رد عليها كله ولزمها مهر مثلها. وكان حكمها حكم امرأة اختلعت بما لا يجوز أو بشيء بعينه فتلف فيلزمها مهر مثلها نقدا يجوز في الخلع ما يجوز في البيع ولا يلزم الزوج أن يؤخذ له عرض ولا دين إلا أن يشاء ولا المرأة أن يعطى عليها عرض ويعطى عليها دين مثل أو أقل من مهر مثلها نقدا. وإنما لزمها أنها إن شاءت أدته نقدا وإن شاءت حسبته فاستفضلت تأخيره ولم تزد عليها في عدده فلا يكون الخلع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم كما لا يكون البيع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم.
[قال]: ولا يغرم وكيل المرأة ولا الرجل شيئا وإن تعديا إلا أن يعطي وكيل المرأة أكثر من مهر مثلها فيتلف ما أعطى فيضمن الفضل من مهر مثلها فأما إذا كان قائما بعينه في يد الزوج فينتزع منه لا يغرم الوكيل ولا يشبه هذا البيوع وذلك أنه إن وكله بسلعة فاشتراها بأكثر من ثمن مثلها لزمته السلعة بيعا لنفسه وأخذ منه الموكل الثمن الذي أعطاه إن لم يختر أخذ السلعة والوكيل لا يملك المرأة ولا يرد الطلاق بحال وطلاقها كشيء اشتراه لها فاستهلكته فإذا كان الثمن مجهولا أو فاسدا ضمنت قيمته ولم يضمنها الوكيل.
[قال]: ولو وكله رجل بأن يأخذ من امرأته مائة ويخالعها فأخذ منها خمسين لم يجز الخلع وكانت امرأته بحالها كما لو قال لها إن أعطيتني مائة فأنت طالق فأعطته خمسين لم تكن طالقا ولو وكلت هي رجلا على أن يعطي عنها مائة على أن يطلقها زوجها فأعطى عنها مائتين فطلقها زوجها بالمائتين فإن قال الوكيل لك مائتا دينار على أن تطلقها فطلقها فالمائتان لازمة للوكيل تؤخذ منها المائة التي وكلته بها ومائة بضمانه إياها وإن كان قال له لك مائتا دينار من مال فلانة لا أضمنها لك أو قاله وسكت ففعل فطلقها لزمها الأكثر من المائة التي وكلت بها الوكيل أو مهر مثلها ولم يلزمها ما زاد على ذلك من المائتين ولا الوكيل لأنه لم يضمن له شيئا ولو كان الوكيل قال له طلقها على أن أسلم لك مائتي دينار من مالها فالوكيل ضامن إن لم تسلم ذلك له المرأة أخذ الزوج من مال المرأة الأكثر من مائة دينار ومهر مثلها ورجع على الوكيل بالفضل عن ذلك حتى يستوفي مائتي دينار ولو أفلست المرأة كانت المائتا الدينار له على الوكيل بالضمان بتسليم المائتين ولو كان مكان الوكيل أب أو أم أو ولي أو أجنبي لم توكله ولا واحدا منهم فقال للزوج اخلعها على أن أسلم لك من مالها مائتي دينار ففعل الزوج ثم رجع كان له عليه مائتا دينار ولم يرجع المتطوع بالضمان عنها عليها بشيء لأنها لم توكله بأن يخالع بينها وبين زوجها.