تسري العبد |
قال الله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون} إلى قوله {غير ملومين} فدل كتاب الله عز وجل على أن ما أباحه من الفروج فإنما أباحه من أحد الوجهين النكاح أو ما ملكت اليمين. وقال الله تعالى {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء}.
[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ قال (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) قال فدل الكتاب والسنة أن العبد لا يكون مالكا مالا بحال وأن ما نسب إلى ملكه إنما هو إضافة اسم ملك إليه لا حقيقة كما يقال للمعلم غلمانك وللراعي غنمك وللقيم على الدار دارك إذا كان يقوم بأمرها فلا يحل والله تعالى أعلم للعبد أن يتسرى أذن له سيده أو لم يأذن له لأن الله تعالى إنما أحل التسري للمالكين والعبد لا يكون مالكا بحال، وكذلك كل من لم تكمل فيه الحرية من عبد قد عتق بعضه أو مكاتب أو مدبر ولا يحل له أن يطأ بملك يمين بحال حتى يعتق، والنكاح يحال له بإذن مالكه وإن تسرى العبد فلسيده نزع السرية منه وتزويجه إياها إن شاء.
ولو عتق عبد تسرى أمة أو مكاتب وقد ولدت له لم تكن له أم ولد حتى يصيبها بعد الحرية وتلد، ولو تسرى عبد قد عتق بعضه أمة ملكه إياها سيده فولدت له ثم عتق فهي أم ولد له لأنه كان مالكا، وإن أراد سيده أخذ منه من قيمة المملوكة بقدر ما له فيه من الرق كأنه كان وهبها له قبل أن يعتق وهو يملك نصفه فالنصف له بالحرية وللسيد أن يرجع في النصف الثاني لأن ملك ما يملك منه لسيده.
قال: وإذا وطئ عبد أو من لم تكمل فيه الحرية أو مكاتب جارية بملك اليمين لحق به الولد ودرئ عنه الحد بالشبهة فإن عتق وملكها كان له بيعها ولا تكون له أم ولد يمنعه بيعها من لم يبع أم الولد إلا بأن يصيبها بعدما يصير حرا مالكا، فإن قيل قد روي عن ابن عمر تسرى العبد قيل نعم وخلافه قال ابن عمر لا يطأ الرجل وليدة إلا وليدة إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء، فإن قيل فقد روي عن ابن عباس؟ قلت ابن عباس إنما قال ذلك لعبد طلق امرأته قال ليس لك طلاق وأمره أن يمسكها فأبى فقال فهي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها له حلال بالنكاح ولا طلاق لك والحجة فيه ما وصفت لك من دلالة الكتاب والسنة وأنت تزعم أن من طلق من العبيد لزمه الطلاق ولم تحل له امرأته بعد طلقتين أو ثلاث.