حبس المرأة على الرجل يكرهها ليرثها |
[قال الشافعي]: قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} الآية.
[قال الشافعي]: يقال والله أعلم نزلت في الرجل يمنع المرأة حق الله تعالى عليه في عشرتها بالمعروف عن غير طيب نفسها ويحبسها لتموت فيرثها أو يذهب ببعض ما آتاها استثنى إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. وقيل لا بأس بأن يحبسها كارها لها إذا أدى حق الله تعالى فيها لقول الله عز وجل: {وعاشروهن بالمعروف} قرأ إلى {كثيرا} [قال]: وقيل في هذه الآية دلالة على أنه إنما حرم عليه حبسها مع منعها الحق ليرثها أو يذهب ببعض ما آتاها [قال]: وإذا منعها الحق وحبسها وذهب ببعض ما آتاها فطلبته فهو مردود عليها إذا أقر بذلك أو قامت به بينة.
[قال الشافعي]: وقد قيل فإن أتت عنده بفاحشة وهي الزنا فحبسها على منع الحق في القسم لا أن ضربها ولا منعها نفقة فأعطته بعض ما آتاها حل له أخذه وكانت معصيتها الله بالزنا ثم معصيته أكبر من معصيتها في غير الزنا وهي إذا عصته فلم تقم حدود الله لم يكن عليه جناح فيما افتدت به.
[قال]: فإن حبسها مانعا لها الحق ولم تأت بفاحشة ليرثها فماتت عنده لم يحل له أن يرثها ولا يأخذ منها شيئا في حياتها فإن أخذه رد عليها وكان أملك برجعتها. وقيل: إن هذه الآية منسوخة وفي معنى {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى {سبيلا} فنسخت بآية الحدود {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} فقال النبي ﷺ (خذوا عني خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم) فلم يكن على امرأة حبس يمنع به حق الزوجة على الزوج وكان عليها الحد [قال]: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل والله أعلم لأن لله أحكاما بين الزوجين بأن جعل له عليها أن يطلقها محسنة ومسيئة ويحبسها محسنة ومسيئة وكارها لها وغير كاره ولم يجعل له منعها حقها في حال.