اليمين التي يكون بها الرجل موليا |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: اليمين التي فرض الله تعالى كفارتها اليمين بالله عز وجل ولا يحلف بشيء دون الله تبارك وتعالى لقول النبي ﷺ (إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت).
[قال الشافعي]: فمن حلف بالله عز وجل فعليه الكفارة إذا حنث ومن حلف بشيء غير الله تعالى فليس بحانث ولا كفارة عليه إذا حنث والمولي من حلف بيمين يلزمه بها كفارة ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي لأنه لا يعدو أن يكون ممنوعا من الجماع إلا بشيء يلزمه به وما ألزم نفسه مما لم يك يلزمه قبل إيجابه أو كفارة يمين. [قال]: ومن أوجب على نفسه شيئا لا يجب عليه ما أوجب ولا بدل منه فليس بمول وهو خارج من الإيلاء، ومن حلف باسم من أسماء الله تعالى فعليه الكفارة كما لو حلف بالله عز وجل وجب عليه الكفارة، وإذا قال الرجل لامرأته والله لا أقربك يعني الجماع أو تالله أو بالله لا أقربك فهو مول في هذا كله، وإن قال الله لا أقربك فإن أراد اليمين فهو مول وإن لم يرد اليمين فليس بمول لأنها ليست بظاهر اليمين، وإذا قال هائم الله أو أيم الله أو ورب الكعبة أو ورب الناس أو وربي أو ورب كل شيء أو وخالقي أو خالق كل شيء أو ومالكي ومالك كل شيء لا أقربك فهو في هذا كله مول، وكذا إن قال أقسم بالله أو أحلف بالله أو أولي بالله لا أقربك فهو مول وإن قال أقسمت بالله أو آليت بالله أو حلفت بالله لا أقربك سئل فإن قال عنيت بهذا إيقاع اليمين كان موليا وإن قال عنيت أني آليت منها مرة فإن عرف ذلك اعتراف منها أو ببينة تقوم عليه أنه حلف مرة فهو كما قال وليس بمول وهو خارج من حكم ذلك الإيلاء. وإن لم تقم بينة ولم تعرف المرأة فهو مول في الحكم وليس بمول فيما بينه وبين الله عز وجل، وكذلك إن قال أردت الكذب وإن قال أنا مول منك أو علي يمين إن قربتك أو علي كفارة يمين إن قربتك فهو مول في الحكم فإن قال أردت بقولي أحلف بالله أني سأحلف به فليس بمول وإذا قال لامرأته مالي في سبيل الله تعالى أو علي مشي إلى بيت الله أو علي صوم كذا أو نحر كذا من الإبل إن قربتك فهو مول لأن هذا إما لزمه وإما لزمته به كفارة يمين.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإذا قال إن قربتك فغلامي فلان حر أو امرأتي فلانة طالق فهو مول والفرق بين العتق والطلاق وما وصفت أن العتق والطلاق حقان لآدميين بأعيانهما يقعان بإيقاع صاحبهما ويلزمان تبررا أو غير تبرر وما سوى هذا إنما يلزم بالتبرر.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولو قال والكعبة أو عرفة أو والمشاعر أو وزمزم أو والحرم أو والمواقف أو الخنس أو والفجر أو والليل أو والنهار أو وشيء مما يشبه هذا لا أقربك لم يكن موليا لأن كل هذا خارج من اليمين وليس بتبرر ولا حق لآدمي يلزم حتى يلزمه القائل له نفسه.
[قال الشافعي]: وكذلك إن قال إن قربتك فأنا أنحر ابنتي أو ابني أو بعير فلان أو أمشي إلى مسجد مصر أو مسجد غير المسجد الحرام أو مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس لم يلزمه بهذا إيلاء لأنه ليس بيمين ولا يلزمه المشي إليه، ولا كفارة بتركه، وإن قال إن قربتك فأنا أمشي إلى مسجد مكة كان موليا لأن المشي إليه أمر يلزمه أو يلزمه به كفارة يمين.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولا يلزمه الإيلاء حتى يصرح بأحد أسماء الجماع التي هي صريحة وذلك والله لا أطؤك أو والله لا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول إن كانت عذراء والله لا أفتضك أو ما في هذا المعنى، فإن قال هذا فهو مول في الحكم. وإن قال لم أرد الجماع نفسه كان مدينا فيما بينه وبين الله عز وجل ولم يدن في الحكم.
[قال الشافعي]: وإن قال والله لا أباشرك أو والله لا أباضعك أو والله لا ألامسك أو لا ألمسك أو لا أرشفك أو ما أشبه هذا فإن أراد الجماع نفسه فهو مول وإن لم يرده فهو مدين في الحكم والقول فيه قوله. ومتى قلت: القول قوله فطلبت يمينه أحلفته لها فيه [قال]: ولو قال والله لا أجامعك إلا جماع سوء فإن قال عنيت لا أجامعك إلا في دبرك فهو مول والجماع نفسه في الفرج لا الدبر، ولو قال عنيت لا أجامعك إلا بأن لا أغيب فيك الحشفة فهو مول لأن الجماع الذي له الحكم إنما يكون بتغيب الحشفة، وإن قال عنيت لا أجامعك إلا جماعا قليلا أو ضعيفا أو متقطعا أو ما أشبه هذا فليس بمول.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإن قال والله لا أجامعك في دبرك فهو محسن غير مول لأن الجماع في الدبر لا يجوز، وكذلك إن قال والله أجامعك في كذا من جسدك غير الفرج لا يكون موليا إلا بالحلف على الفرج أو الحلف مبهما فيكون ظاهره الجماع على الفرج وإن قال والله لا أجمع رأسي ورأسك بشيء أو والله لاسوأنك أو لاغيظنك أو لا أدخل عليك أو لا تدخلين علي أو لتطولن غيبتي عنك أو ما أشبه هذا فكله سواء لا يكون موليا إلا بأن يريد الجماع، وإن قال والله ليطولن عهدي بجماعك أو ليطولن تركي لجماعك فإن عنى أكثر من أربع أشهر مستقبلة من يوم حلف فهو مول، وإن عنى أربعة أشهر أو أقل لم يكن موليا وإن قال والله لا أغتسل منك ولا أجنب منك وقال أردت أن أصيبها ولا أنزل ولست أرى الغسل إلا على من أنزل ولا الجنابة دين في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى، وإن قال أردت أن أصيبها ولا أغتسل منها حتى أصيب غيرها فأغتسل منه دين أيضا، وإن قال أردت أن أصيبها ولا أغتسل وإن وجب الغسل لم يدن في القضاء ودين فيما بينه وبين الله عز وجل.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإذا قال الرجل لامرأته والله لا أقربك ثم قال في ذلك المجلس أو بعده والله لا أقربك وفلانة لامرأة له أخرى طالق أو قال في مجلس آخر فلان غلامه حر إن قربتك فهو مول يوقف وقفا واحدا، وإذا أصاب حنث بجميع ما حلف.
[قال]: وكذلك لو قال لها والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال في يمين أخرى لا أقربك ستة أشهر وقف وقفا واحدا وحنث إذا أصاب بجميع الأيمان وإن قال والله لا أقربك أربعة أشهر أو أقل ثم قال والله لا أقربك خمسة أشهر كان موليا بيمينه لا يقربها خمسة أشهر وغير مول باليمين التي دون أربعة أشهر وأربعة أشهر.
[قال الشافعي]: ولو كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر وأربعة أشهر وتركت وقفه عند الأولى والثانية كان لها وقفه ما بقي عليه من الإيلاء شيء لأنه ممنوع من الجماع بعد أربعة أشهر بيمين [قال]: ولو قال لها والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال غلامي حر إن قربتك إذا مضت الخمسة الأشهر فتركته حتى مضت خمسة أشهر أو أصابها فيها خرج من حكم الإيلاء فيها. فإن طلبت الوقف لم يوقف لها حتى تمضي الخمسة الأشهر من الإيلاء الذي أوقع آخرا ثم أربعة أشهر بعده ثم يوقف، وكذلك لو قال على الابتداء إذا مضت خمسة أشهر أو ستة أشهر فوالله لا أقربك لم يكن موليا حتى يمضي خمسة أشهر أو ستة أشهر ثم يوقف بعد الأربعة الأشهر من يوم أوقع الإيلاء لأنه إنما ابتدأه من يوم أوقعه، ولو قال والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال إذا مضت خمسة أشهر فوالله لا أقربك سنة فوقف في الإيلاء الأول فطلق ثم راجع فإذا مضت أربعة أشهر بعد رجعته وبعد الخمسة الأشهر وقف فإن كانت رجعته في وقت لم يبق عليه فيه من السنة إلا أربعة أشهر أو أقل لم يوقف لأني أجعل له أربعة أشهر من يوم يحل له الفرج ويجب عليه الإيلاء فإذا جعلته هكذا فلا وقف عليه.
[قال الشافعي]: وإن قال والله لا أقربك إن شئت فليس بمول إلا أن تشاء فإن شاءت فهو مول، وإن قال والله لا أقربك كلما شئت فإن أراد بها كلما شاءت أن لا يقربها لم يقربها فشاءت أن لا يقربها كان موليا ولا يكون موليا حتى تشاء، وإن قال أردت أني لا أقربك في كل حين شئت فيه أن أقربك لا أني حلفت لا أقربك بمثل المعنى قبل هذا ولكني أقربك كلما أشاء لا كلما تشائين فليس بمول وإن قال إن قربتك فعلي يمين أو كفارة يمين فهو مول في الحكم، وإن قال لم أرد إيلاء دين فيما بينه وبين الله عز وجل وإن قال علي حجة إن قربتك فهو مول وإن قال إن قربتك فعلي حجة بعدما أقربك فهو مول وإن قال قربتك فعلي صوم هذا الشهر كله لم يكن موليا كما لا يكون موليا لو قال إن قربتك فعلي صوم أمس وذلك أنه لا يلزمه صوم أمس لو نذره بالتبرر فإذا لم يلزمه بالتبرر لم يلزمه بالإيلاء ولكنه لو أصابها وقد بقي عليه من الشهر شيء كانت عليه كفارة يمين أو صوم ما بقي منه وإذا قال الرجل لامرأته إن قربتك فأنت طالق ثلاثا وقف فإن فاء فإذا غابت الحشفة طلقت ثلاثا فإن أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها فإن أبى أن يفيء طلق عليه واحدة فإن راجع كانت له أربعة أشهر وإذا مضت وقف ثم هكذا حتى تنقضي طلاق هذا الملك وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره ثم إن نكحها بعد زوج فلا إيلاء ولا طلاق وإن أصابها كفر.
[قال الشافعي]: رحمه الله: ولو كان آلى منها سنة فتركته حتى مضت سقط الإيلاء ولو لم تدعه فوقف لها ثم طلق ثم راجع كان كالمسألة الأولى فإذا مضت له أربعة أشهر بعد الرجعة وقف إلى أن تنقضي السنة قبل ذلك ولو قال رجل لامرأته أنت علي حرام يريد تحريمها بلا طلاق أو اليمين بتحريمها فليس بمول لأن التحريم شيء حكم فيه بالكفارة إذا لم يقع به الطلاق كما لا يكون الظهار والإيلاء طلاقا وإن أريد بهما الطلاق لأنه حكم فيهما بكفارة [قال الربيع]: وفيه قول آخر: إذا قال لامرأته إن قربتك فأنت علي حرام ولا يريد طلاقا ولا إيلاء فهو مول يعني قوله أنت علي حرام.
[قال الشافعي]: وإن قال لامرأته إن قربتك فعبدي فلان حر عن ظهاري فإن كان متظهرا فهو مول ما لم يمت العبد أو يبعه أو يخرجه من ملكه، وإن كان غير متظهر فهو مول في الحكم لأن ذلك إقرار منه بأنه متظهر وإن وصل الكلام فقال إن قربتك فعبدي فلان حر عن ظهاري إن تظهرت لم يكن موليا حتى يتظهر فإذا تظهر والعبد في ملكه كان موليا لأنه حالف حينئذ بعتقه ولم يكن أولا حالفا، فإن قال إن قربتك فلله علي أن أعتق فلانا عن ظهاري وهو متظهر كان موليا وليس عليه أن يعتق فلانا عن ظهاره وعليه فيه كفارة يمين لأنه يجب لله عليه عتق رقبة فأي رقبة أعتقها غيره أجزأت عنه، ولو كان عليه صوم يوم فقال لله علي أن أصوم يوم الخميس عن اليوم الذي علي لم يكن عليه صومه لأنه لم ينذر فيه بشيء يلزمه وأن صوم يوم لازم له فأي يوم صامه أجزأ عنه ولو صامه بعينه أجزأ عنه من الصوم الواجب لا من النذر، وهكذا لو أعتق فلانا عن ظهاره أجزأ عنه وسقطت عنه الكفارة.
[قال]: وإذا قال الرجل لامرأته إن قربتك فلله علي أن لا أقربك لم يكن موليا لأنه لو كان قال لها ابتداء لله علي أن لا أقربك لم يكن موليا لأنه لا حالف ولا عليه نذر في معاني الأيمان يلزمه به كفارة يمين وهذا نذر في معصية.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإذا آلى الرجل من امرأته ثم قال لأخرى من نسائه قد أشركتك معها في الإيلاء لم تشركها لأن اليمين لزمته للأولى واليمين لا يشترك فيها [قال]: وإذا حلف لا يقرب امرأته وامرأة ليست له لم يكن موليا حتى يقرب تلك المرأة فإن قرب تلك المرأة كان موليا حينئذ وإن قرب امرأته حنث باليمين [قال]: وإن قال إن قربتك فأنت زانية فليس بمول إذا قربها وإذا قربها فليس بقاذف يحد حتى يحدث لها قذفا صريحا يحد به أو يلاعن، وهكذا إن قال إن قربتك ففلانة لامرأة له أخرى زانية.