الإقرار بالرضاع |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أقر رجل أن امرأة أمه من الرضاعة أو ابنته من الرضاعة ولم ينكح واحدة منهما وقد ولدت المرأة التي يزعم أنها أمه أو كان لها لبن يعرف للمرضع مثله وكان لها سن يحتمل أن يرضع مثلها مثله لو ولد له وكانت له سن تحتمل أن ترضع امرأته أو أمته أو أمته التي ولدت منه مثل الذي أقر أنها ابنته لم تحلل له واحدة منهما أبدا في الحكم ولا من بناتهما، ولو قال مكانه غلطت أو وهمت لم يقبل منه لأنه قد أقر أنهما ذواتا محرم منه قبل يلزمه لهما أو يلزمهما له شيء. وكذلك لو كانت هي المقرة بذلك وهو يكذبها ثم قالت غلطت لأنها أقرت به في حال لا يدفع بها عن نفسه ولا يجر إليها ولا تلزمه ولا نفسها بإقرار شيئا.
[قال الشافعي]: ولو كانت المسألة بحالها غير أن لم تلد التي أقر أنها أرضعته أو ولدت وهي أصغر مولودا منه فكان مثلها لا يرضع لمثله بحال أو كانت التي ذكر أنها ابنته من الرضاعة مثله في السن أو أكبر منه أو قريبا منه لا يحتمل مثله أن تكون ابنته من الرضاعة كان قوله وقولها في هذه الأحوال باطلا ولم يحرم عليه أن ينكح واحدة منهما ولا ولدا لهما إنما تقبل دعواه ويلزمه إقراره فيما يمكن مثله وسواء في ذلك كذبته المرأة أو صدقته أو كانت المدعية دونه: ألا ترى أنه لو قال لرجل أكبر منه هذا ابني وصدقه الرجل لم يكن ابنه أبدا. وكذلك لو قال رجل هو أصغر منه هذا أبي وصدقه الرجل ولا نسب لواحد منهما يعرف لم يكن أباه إنما أقبل من هذا ما يمكن أن يكون مثله ولو كانت المسألة في دعواها بحالها فقال هذه أختي من الرضاعة أو قالت هذا أخي من الرضاعة قبل أن يتزوجها وكذبته أو صدقته أو كذبها في الدعوى أو صدقها كان سواء كله ولا يحل لواحد منهما أن ينكح الآخر ولا واحدا من ولده في الحكم ويحل فيما بينه وبين الله تعالى إن علما أنهما كاذبان أن يتناكحا أو ولدهما ولو أقر أنها أخته من الرضاعة من امرأة لم يسمها قبلت ذلك منه ولم أنظر إلى سنه وسنها لأنه قد يكون أكبر منها وتعيش التي أرضعته حتى ترضعها بلبن ولد غير الولد الذي أرضعته به وكذلك إن كانت أكبر منه.
[قال الشافعي]: وإن سمى امرأة أرضعته فقال أرضعتني وإياها فلانة فكان لا يمكن بحال أن ترضعه أو لا يمكن بحال أن ترضعها لما وصفت من تفاوت السنين أو موت التي زعم أنها أرضعتهما قبل أن يولد أحدهما كان إقراره باطلا كالقول في المسائل قبل هذا إنما ألزمه إقراره وإقرارها فيما يمكن مثله ولا ألزمهما فيما لا يمكن مثله إذا كان إقرارهما لا يلزم واحدا منهما لصاحبه شيئا.
[قال الشافعي]: ولو كان ملك عقدة نكاحها ولم يدخل بها حتى أقر أنها ابنته أو أخته أو أمه وذلك يمكن فيها وفيه سألتها فإن صدقته فرقت بينهما ولم أجعل لها مهرا ولا متعة وإن كذبته أو كانت صبية فأكذبه أبوها أو أقر بدعواه فسواء لأنه ليس له أن يبطل حقها وفرق بينهما بكل حال وأجعل لها عليه نصف المهر الذي سمى لها لأنه إنما أقر بأنها محرم منه بعدما لزمه لها المهر إن دخل ونصفه إن طلق قبل أن يدخل فأقبل إقراره فيما يفسده على نفسه وأرده فيما يطرح به حقها الذي يلزمه.
[قال الشافعي]: وإن أراد إحلافها وكانت بالغة أحلفتها له ما هي أخته من الرضاعة فإن حلفت كان لها نصف المهر وإن نكلت حلف على أنها أخته من الرضاعة وسقط عنه نصف المهر وإن نكل لزمه نصف المهر.
[قال الشافعي]: وإن كانت صبية أو معتوهة فلا يمين عليها وآخذه لها بنصف المهر الذي سمى لها فإذا كبرت الصبية أحلفتها له إن شاء.
[قال الشافعي]: ولو كان لم يفرض لها وكانت صبية أو محجورا عليها كان لها نصف صداق مثلها لأنه ليس لوليها أن يزوجها بغير صداق وإن كانت بالغة غير محجور عليها فزوجت برضاها بلا مهر فلا مهر لها ولها المتعة.
[قال الشافعي]: ولو كانت هي المدعية لذلك أفتيته بأن يتقي الله عز وجل ويدع نكاحها بتطليقة يوقعها عليها لتحل بها لغيره إن كانت كاذبة ولا يضره إن كانت صادقة ولا أجبره في الحكم على أن يطلقها لأنه قد لزمها نكاحه فلا أصدقها على إفساده وأحلفه لها على دعواها ما هي أخته من الرضاعة فإن حلف أثبت النكاح وإن نكل أحلفتها فإن حلفت فسخت النكاح ولا شيء لها وإن لم تحلف فهي امرأته بحالها.
[قال الشافعي]: وهذا إذا لم يقم واحد منهما أربع نسوة ولا رجلين ولا رجلا وامرأتين على ما ادعى فإن أقاما على ذلك من تجوز شهادته فلا أيمان بينهما والنكاح مفسوخ إذا شهد النسوة على رضاع أو الرجال فإن شهد على إقرار الرجل أو المرأة بالرضاع أربع نسوة لم تجز شهادتين لأن هذا مما يشهد عليه الرجال وإنما تجوز شهادة النساء منفردات فيما لا ينبغي للرجال أن يعمدوا النظر إليه لغير الشهادة.
[قال الشافعي]: وإن كان هذا بعد إصابته إياها وكان هو المقر فإن كذبته فلها المهر الذي سمى لها وإن صدقته فلها مهر مثلها كان أكثر أو أقل من المهر الذي سمى لها وإن كانت هي المدعية أنها أخته لم تصدق إلا أن يصدقها فيكون لها مهر مثلها.