« سورة ص » | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 38 |
عدد الآيات | 88 |
عدد الكلمات | 735 |
عدد الحروف | 2991 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مكية |
سورة ص سورة مكية تبدأ بالقسم بالقرآن وتعرض لقضية الوقوع في الخطأ وعواقبه. السورة تتحدث عن ثلاثة أنبياء استسلموا لله الله بعدما أخذوا قرارات ظنوها بعيدة عن الحق ثم عادوا إلى الحق وكيف رد الله عليهم، ثم تحدثت عن نموذج عكسي وهو إبليس الذي عاند ورفض أن يستسلم بعدما عرف الحق.
في هذه القصص الثلاث يعطي الله لكل نبي صفة «العبد» وكلمة أوّاب معناها سريع العودة وذا الأيد معناها كثير الخير. ونلاحظ تكرار كلمة «أناب» رمز العودة إلى الحق.
تختم السورة بنموذج عكسي للعودة إلى الحق وهو نموذج إبليس وعناده، الآيات من 73 وحتى 76: «فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طين».
هذه السورة مكية ، تعالج موضوعات السور المكية قضية التوحيد ، وقضية الوحي إلى محمد _ صلى الله عليه وسلم – وقضية الحساب في الآخرة . وتعرض هذه القضايا الثلاث في مطلعها الذي يؤلف الشوط الأول منها وهي الآيات الكريمة التي تمثل الدهش والاستغراب الذي تلقي به كبار المشركين في مكة دعوة النبي لهم إلى توحيد الله : ( وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ) .
لقد استكتروا أن يختار الله - سبحانه – رجلا منهم لينزل عليه الذكر من بينهم وأن يكون هذا الرجل محمد بن عبدالله الذي لم تسبق له فيهم إمارة : ( أأنزل عليه الذكر من بيننا )
وفي هذا السياق جاءت قصة داود وقصة سليمان وما أغدق الله عليهما من النبوبة والملك ، ومن تسخير الجبال والطير ، وتسخير الجن والريح ، فوق الملك وخزائن الأرض والسلطان والمتاع . وجاء مع القصتين توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى الصبر على مايلقاه من المكذبين ، والتطلع إلى فضل الله ورعايته كما تمثلهما قصة داود وقصة سليمان : ( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ...)
كذلك جاءت قصة أيوب ابتلاء الله للمخلصين من عباده بالضراء ، وصبر أيوب مثل في الصبر ، وفي عرض القصة تأسية للرسول ¬– صلى الله عليه وسلم ¬– وللمؤمنين عما كانوا يلقونه من الضر والبأساء في مكة . وهذا القصص يستغرق معظم السورة بعد المقدمة ، ويؤلف الشوط الثاني منها .
كذلك تتضمن السورة رداً على استعجالهم بالعذاب وقولهم : (ربنا عجل لنا قطناً يوم الحساب ) ، ويعرض بعد القصص مشهد من مشاهد القيامة ، ويصور النعيم الذي ينتظر المتقين ، والجحيم الذي ينتظر المكذبين .
ويؤلف الشوط الثالث ، استنكار الكفار لما يخبرهم به الرسول – صلى الله عليه وسلم – من أمر الوحي . ويتمثل هذا الرد في قصة آدم في الملأ الأعلى . حيث لم يكم النبي حاضراً ، وإنما إخبار الله له بما كان مما لم يشهده غير آدم – حاضراً ، وفي ثنايا القصة يتبين أن الذي أردى إبليس وذهب به إلى الطرد واللعنة ، هو حسده لآدم عليه السلام ، واستكثاره أن يؤثره الله عليه كما هم يستكثرون على محمد .
وتختم السورة بختام هذا الشوط الرابع والأخير ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لهم : إن ما يدعوهم إليه لا يتكلفه من عنده . ولا يطلب عليه أجراً . وإن له شأناً عظيماً سوف يتجلى : ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين . إن هو إلا ذكر للعالمين . ولتعلمن نبأه بعد حين )
هذه الأشواط التي تجري بموضوعات السورة ، تجول بالقلب البشري في مصارع الغابرين ، وتعرض صفحة الهزيمة والدمار للمكذبين ،وتعرض صفحة العز والتمكين والرحمة في قصص داود وسليمان وأيوب . وتطوف بالقلب البشري في يوم القيامة وصور النعيم والجحيم . والجولة الأخيرة في قصة البشرية الأولى وقصة الحسد والغواية من العدو الأول الذي يقود الضالين عن عمد وسبق إصرار .
كذلك ترد في ثنايا القصص لفتة تلمس القلب البشري وتوقظه إلى الحق الكامن في بناء السماء والأرض . وأنة الحق الذي يريد الله بإرسال الرسل أن يقره بين الناس في الأرض : ( وما خلقنا السماء والأرض ومابينهما باطلاً ) وهي لفته لها في القرآن نظائر . وهي حقيقة أصيلة من حقائق هذه العقيدة التي هي مادة القرآن المكي الأصلية .
المصدر : في ظلال القرآن – سيد قطب .