الرئيسيةبحث

سورة الشورى

«   سورة الشورى   »
الترتيب في القرآن 42
عدد الآيات 53
عدد الكلمات 860
عدد الحروف 3431
الجزء {{{جزء}}}
الحزب {{{حزب}}}
النزول مكية

نص سورة الشورى في ويكي مصدر
مكتبة النصوص الحرّة



وصلات خارجية

هذه السورة تعالج قضية العقيدة كسائر السور المكية ، ولكنها تركز بصفة خاصة على حقيقة الوحي والرسالة ، حتى ليصح أن يقال إنها المحور الرئيسي الذي ترتبط به السورة كلها ، وتأتي سائر الموضوعات فيها تبعاً لتلك الحقيقة الرئيسية فيها .

ومع أن السورة تتوسع بالحديث عن حقيقة الوحدانية ، وتعرضها من جوانب متعددة ، كما أنها تتحدث عن حقيقة القيامة والإيمان بها ، ويأتي ذكر الآخرة في مواضع متعددة منها . كذلك تتناول عرض صفات المؤمنين وأخلاقهم التي يمتازون بها . كما تلم بقضية الرزق : بسطه وقبضه ، وصفة الإنسان في السراء والضراء .

ولكن حقيقة الوحي والرسالة تظل الحقيقة البارزة في محيط السورة وكأن سائر الموضوعات الأخرى مسوقة لتقوية تلك الحقيقة الأولى وتوكيدها .

ويسير سياق السورة في عرض تلك الحقيقة ، وما يصاحبها من موضوعات أخرى بطريقة تدعو إلى مزيد من التدبر والملاحظة . فهي تعرض من جوانب متعددة . يفترق بعضها عن بعض ببضع آيات تتحدث عن وحدانية الخالق . أو وحدانية الرازق . أو وحدانية المتصرف بالقلوب . أو وحدانية المتصرف بالمصير ...ذلك بينما يتجه الحديث عن حقيقة الوحي والرسالة إلى تقرير وحدانية الموحي – سبحانه – ووحدة الوحي .ووحدة العقيدة . ووحدة المنهج والطريق . وأخيراً وحدة القيادة البشرية في ظل العقيدة .

ومن ثم يرتسم في النفس خط الوحدانية بارزاً واضحاً ، بشتى معانيه وشتى ظلاله وشتى إيحاءته ، من وراء موضوعات السورة جميعاً

تبدأ السورة بالأحرف المقطعة : ( حا . ميم . عين . سين . قاف ) .. يليها :( كذلك يوحي إليك وإلى اللذين من قبلك الله العزيز الحكيم ) .. ( إليك وإلى اللذين من قبلك ) ...مقرراً وحدة الوحي في الأولين والآخرين .

ثم يستطرد السياق في صفة الله العزيز الحكيم : ( له مافي السماوات والأرض وهو العلى العظيم ) مقرراً لوحدة المالك لما في السماوات والأرض واستعلاءه وعظمته على وجه الانفراد

ثم يستطرد استطرداً آخر في وصف حال الكون تجاه حالة الإيمان بالمالك الواحد ، وتجاه الشرك الذي يشذ به بعض الناس : ( تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن . والملائكة يسبحون بحمد ربهم ، ويستغفرون لمن في الأرض ، ألا أن الله هو الغفور الرحيم ، واللذين اتخدوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم ، وما أنت عليهم بوكيل ) ..

وبعد هذه الجولة يعود السياق للحقيقة الأولى : ( كذلك أوحينا إليك ، قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها ، وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه ، فريق في الجنة وفريق في السعير ) ثم يستطرد فيقرر أن لو شاء الله لجعلهم أمة واحدة . ولكن مشيئه اقتضت – بما له من علم وحكمة – أن يدخل من يشاء في رحمته ( والظالمون مالهم من ولى ولا نصير ) ويقرر أن الله وحده هو الولى ( وهو يحي الموتي وهو على كل شيء قدير )

ومن ثم يعود إلى الحقيقة الأولى ، حقيقة الوحي والرسالة ، فيقرر أن الحكم فيما يختلف فيه البشر من شيء هو الله الذي أنزل هذا القرآن ليرجع إليه الناس في كل اختلاف : ( وما اختلفتم من شيء فحكمه إلى الله )

ويستطرد مع الربوبية إلى وحدانية الخالق ، وتفرد ذاته . ووحدانية التصرف في مقادير السماوات والأرض ، وفي بسط الرزق وقبضه ، وفي علمه بكل شيء : ( فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً ، يذرؤكم فيه ، ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير ، له مقاليد السماوات والأرض ، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، إنه بكل شيء عليم )

ثم يعود إلى الحقيقة الأولى : (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً ) . وعلى هذا النسق تمضي السورة في عرض هذه الحقيقة ، محوطة بهذا الجو ، وهذه الاستطردات المتعلقة بقضايا العقيدة الأخرى ، والقارىء يلتقى بعد كل بضع آيات بحقيقة الوحى والرسالة في جانب من جوانبها .

أما الدرس الثاني ويؤلف بقية السورة فيبدأ باستعراض بعض آيات الله في بسط الرزق وقبضه ، وفي تنزيل الغيث برحمته ، وفي خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة ، وفي الفلك الجواري في البحر كالأعلام ، ويستطرد من هذه الآيات إلى صفة المؤمنين التي تفردهم وتميز جماعتهم ، فإلى مشهد من مشاهد يوم القيامه يعرض صورة الظالمين لما رأوا العذاب : ( يقولون هل إلى مرد من سبيل ) ،(وقال اللذين آمنوا : إن الخاسرين اللذين خسروا واهليهم يوم القيامة )

ومن ثم يعود إلى الحقيقة الأولى في السورة ، حقيقة الوحي والرسالة في جانب من جوانبها : ( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ )

ويمضي سياق السورة حتى ختامها يدور حول هذا المحور مباشرة أوغير مباشرة مع طابع الاستطراد بين كل إشارة وإشارة إلى تلك الحقيقة حتي يكون ختام السورة بهذا البيان : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب ، أويرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء ، إنه علي حكيم )

ومن وراء هذا التركيز على حقيقة الوحى والرسالة في سياق السورة كله يبرز هدف خاص لعرضها على هذا النحو وفي هذا التتابع هذا الهدف هو تعين القيادة الجديدة للمبشرين ممثله في الرسالة الأخيرة ، ورسولها ، والأمة المسلمة التي تتبع نهجه الإلهي الثابت القويم

وتبدأ أول إشارة في مطلع السورة : ( كذلك يوحي إليك إلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ) لتقرر أن الله هو الموحي بجميع الرسالات لجميع الرسل ، وأن الرسالة هي امتداد لأمر مطرد من قديم وتأتي الإشارة الثانية بعد قليل : ( وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها ) ... لتقرر مركز القيادة الجديدة التي سترد إليها الإشارة فيما بعد .

وفي الإشارة الثالثة يقرر وحدة الرسالة بعد ما قرر في الرسالة الأولى وحدة المصدر : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً )

وتستطرد هذه الإشارة إلى التقرير أن التفرق قد وقع . ولم يقع عن جهل من أتباع أولئك الرسل الكرام ولكن عن علم . وقع بقياً وظلماً وحسداً : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم )

ثم تستطرد كذلك إلى بيان حال اللذين جاءوا من بعد أولئك الذين اختلفوا : ( وإن اللذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب )

وعند هذا الحد يتبين أن البشرية قد آلت إلى فوضى وارتياب ، ولم تعد لها قيادة راشدة تقوم على نهج ثابت قويم .. فرسالة السماء التي تقود البشرية قد آلت إلى إختلاف بين أتباعها . واللذين جاءوا من بعدهم تلقوها في ريبة وشك لا تستقيم معها قيادة راشدة .

ومن ثم يعلن انتداب الرسالة الأخيرة وحاملها – صلى الله عليه وسلم – لهذه القيادة : ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم . وقل : آمنت بما أنزل الله من كتاب ، وأمرت لأعدل بينكم . الله ربنا وربكم ) ومن ثم تجيء صفة الجماعة المميزة لها طبيعة في سياق هذه السورة بوصفها الجماعة التي ستقوم على قيادة هذه البشرية على ذلك النهج الثابت القويم .

وعلى ضوء هذه الحقيقة يصبح سياق السورة وموضوعها الرئيسي والموضوعات الأخرى فيه واضحة القصد والاتجاه .


المصدر : في ظلال القرآن - سيد قطب .





فهرست سور القرآن الكريم
سورة الفاتحة • // سورة البقرة • // سورة آل عمران • // سورة النساء • // سورة المائدة • // سورة الأنعام • // سورة الأعراف • // سورة الأنفال • // سورة التوبة • // سورة يونس • // سورة هود • // سورة يوسف • // سورة الرعد • // سورة إبراهيم • // سورة الحجر • // سورة النحل • // سورة الإسراء • // سورة الكهف • // سورة مريم • // سورة طه • // سورة الأنبياء • // سورة الحج • // سورة المؤمنون • // سورة النور • // سورة الفرقان • // سورة الشعراء • // سورة النمل • // سورة القصص • // سورة العنكبوت • // سورة الروم • // سورة لقمان • // سورة السجدة • // سورة الأحزاب • // سورة سبأ • // سورة فاطر • // سورة يس • // سورة الصافات • // سورة ص • // سورة الزمر • // سورة غافر • // سورة فصلت • // سورة الشورى • // سورة الزخرف • // سورة الدخان • // سورة الجاثية • // سورة الأحقاف • // سورة محمد • // سورة الفتح • // سورة الحجرات • // سورة ق • // سورة الذاريات • // سورة الطور • // سورة النجم • // سورة القمر • // سورة الرحمن • // سورة الواقعة • // سورة الحديد • // سورة المجادلة • // سورة الحشر • // سورة الممتحنة • // سورة الصف • // سورة الجمعة • // سورة المنافقون • // سورة التغابن • // سورة الطلاق • // سورة التحريم • // سورة الملك • // سورة القلم • // سورة الحاقة • // سورة المعارج • // سورة نوح • // سورة الجن • // سورة المزمل • // سورة المدثر • // سورة القيامة • // سورة الإنسان • // سورة المرسلات • // سورة النبأ • // سورة النازعات • // سورة عبس • // سورة التكوير • // سورة الإنفطار • // سورة المطففين • // سورة الإنشقاق • // سورة البروج • // سورة الطارق • // سورة الأعلى • // سورة الغاشية • // سورة الفجر • // سورة البلد • // سورة الشمس • // سورة الليل • // سورة الضحى • // سورة الشرح • // سورة التين • // سورة العلق • // سورة القدر • // سورة البينة • // سورة الزلزلة • // سورة العاديات • // سورة القارعة • // سورة التكاثر • // سورة العصر • // سورة الهمزة • // سورة الفيل • // سورة قريش • // سورة الماعون • // سورة الكوثر • // سورة الكافرون • // سورة النصر • // سورة المسد • // سورة الإخلاص • // سورة الفلق • // سورة الناس.


سورة الشورى ثلاث وخمسون آية (53) هذه السورة الكريمة مكية، وموضوعها نفس موضوع السور المكية التي تعالج أمور العقيدة "الوحدانية، الرسالة، البعث، والجزاء" والمحور الذي تدور عليه السورة هو "الوحي والرسالة" وهو المقصد الأساسي للسورة الكريمة