سورة الإنسان | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 76 |
عدد الآيات | 31 |
عدد الكلمات | 243 |
عدد الحروف | 1065 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مدنية |
نص سورة الإنسان في ويكي مصدر |
السورة في مجموعها هتاف رخي ندي إلى الطاعة، والالتجاء إلى الله ، وابتغاء رضاه ، وتذكر نعمته ، والإحساس بفضله ، واتقاء عذابه ، واليقظة لابتلائه ، وإدراك حكمته في الخلق والإنعام والابتلاء والإملاء ...
وهي تبدأ بلمسة رقيقة للقلب البشري : أين كان قبل أن يكون ؟ من الذي أوجده ؟ ومن الذي جعله شيئاً مذكوراً في هذا الوجود ؟ بعد أن لم يكن له ذكر ولا وجود : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا ؟ )
تتلوها لمسة أخري من حقيقة أصله ونشأته ، وحكمة الله في خلقه ، وتزويده بطاقاته ومداركه : ( إنا خلقنا الأنسان من نظفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيرا )
ولمسة ثالثة عن هدايته إلى الطريق ، وعونه على الهدى ، وتركه بعد ذلك لمصيره الذي يختاره : ( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ) ..
وبعد هذه اللمسات الثلاث الموحية ، في القلب من تفكير عميق ، ونظرة إلى الوراء ، ثم نظرة إلى الأمام ، ثم التحرج والتدبر عند اختبار الطريق .. بعد هذه اللمسات الثلاث تأخد السورة في الهتاف للإنسان وهو على الطريق لتحذيره من طريق النار .. وترغيبه في طريق الجنة بكل صور الترغيب ، وبكل هواتف الراحة والمتاع والنعيم والتكريم : ( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالأً وسعيرا . إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ، عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) .
وقبل ان تمضي في عرض صور المتاع ترسم سمات هؤلاء الأبرار في عبارات كلها انعطاف ورقة وجمال وخشوع يناسب ذلك النعيم الهانىء الرغيد : ( يوفون بالنذر ، ويخافون يوماً كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام - على حبه -مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولا شكورا . : إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا)
ثم تعرض جزاء هؤلاء القائمين بالعزائم والتكاليف ، الخائفين من اليوم العبوس القمطرير ، الخيرين المطعمين على حاجتهم إلى الطعام ، يبتغون وجه الله وحده ، لايريدوم شكوراً من أحد ، إنما يتقون اليوم العبوس القمطرير !
تعرض جزاء هؤلاء الخائفين الوجلين المطعمين المؤثرين . فإذا هو الأمن والرخاء والنعيم الرغيد ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ، ولقاهم نضرة وسرورا ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا . متكئين فيها على الأرائك لايرون فيها برداً ولا زمهريرا . ودانية عليهم قطوفها وذللت قطوفها تذليلا . ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ، قوارير من فضة قدروها تقديرا . ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا ، عيناً فيها تسمى سلسبيلا . ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا . وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيرا . عليهم ثياب سندس خضر واستبرق ، وحلو أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهورا . إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا )
فإذا انتهى معرض النعيم اللين الرغيد الهانىء الودود ، اتجه الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -_لثبيته على الدعوة - في وجه الإعراض والكفر والتكذيب - وتوجيه إلى الصبر وانتظار حكم الله في الأمر ، والاتصال بربه والاستمداد منه كلما طال الطريق : ( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا . فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفورا . واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) ..
ثم تذكيرهم باليوم الثقيل الذي لايحسبون حسابه ، والذي يخافه الأبرار ويتقونه ، والتلويح لهم بهوان أمرهم على الله ، الذي خلقهم ومنحهم ماهم فيه من القوة ، وهو قادر على الذهاب بهم ، والإتيان بقوم آخرين ، لولا تفضله عليهم بالبقاء ، لتمضي مشيئة الابتلاء . ويلوح لهم في الختام بعاقبة هذا الابتلاء : ( إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا . نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا . إن هذه تذكرة فمن شاء اتخد إلى ربه سبيلا . وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، إن الله كان عليماً حكيما . يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليما ) ..
المصدر : في ظلال القرآن - سيد قطب .