سورة المرسلات | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 77 |
عدد الآيات | 50 |
عدد الكلمات | 181 |
عدد الحروف | 815 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مكية |
نص سورة المرسلات في ويكي مصدر |
هذه السورة حادة الملامح ، عنيفة المشاهد ، شديدة الايقاع ، كأنها سياط لاذعة من نار . وهي تقف القلب وقفة المحاكمة الرهيبة ، حيث يواجه سيل من الاستفهامات والاستنكارات والتهديدات ، كالسهام المسنونة !
وتعرض السورة من مشاهد الدنيا والآخرة ، وحقائق الكون والنفس ، ومناظر الهول والعذاب ما تعرض . وعقب كل تعرض ومشهد تلفح القلب المذنب لفحة كأنها من نار : (ويل يومئذٍللمكذبين ) !
وتتوالى مقاطع السورة وفواصلها قصيرة سريعة عنيفة ، متعددة القوافي . كل مقطع بقافية . ويعود السياق أحياناً إلى بعض القوافي مرة بعد مرة . ويتلقى الحس هذه المقاطع والفواصل والقوافي بلذعها الخاص ، وعنفها الخاص . واحدة إثر واحدة . وما يكاد يفيق من إيقاع حتى يعاجله إيقاع آخر ، بنفس العنف وبنفس الشدة .
ومنذ بداية السورة والجو عاصف ثائر بمشهد الرياح أو الملائكة : ( والمرسلات عرفا . فالعاصفات عصفا . والناشرات نشرا فالفارقات فرقا . فالملقيات ذكرا ، عذراً أو نذراً ) .. وهو افتتاح يلتئم مع جو السورة وظلها تمام الالتئام . وكل مقطع من مقاطع السورة العشرة بعد هذا المطلع ، يمثل جولة أو رحلة في عالم ، تتحول السورة معه إلى مساحات عريضة من التأملات والمشاعر والخواطر والتأثرات والاستجابات . أعرض بكثير جداً من مساحة العبارات والكلمات ، وكأنما هذه سهام تشير إلى عالم شتى !
والجولة الأولى تقع في مشاهد يوم الفصل . وهي تصور الانقلابات الكونية الهائلة في السماء والأرض ، وهي الموعد الذي تنتهي إليه الرسل بحسابها مع البشر : ( فإذا النجوم طمست . وإذا السماء فرجت . وإذا الجبال نسفت . وإذا الرسل أقتت . لأي يوم أجلت ؟ ليوم الفصل . وما أدراك ما يوم الفصل ؟ ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة الثانية مع مصارع الغابرين ، وما تشير إليه من سنن الله في المكذبين : ( ألم نهلك الأولين ؟ ثم نتبعهم الآخرين ؟ كذلك نفعل بالمجرمين . ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة الثالثه مع النشأة الأولى وما توحي به من تقدير وتدبير : ( ألم نخلقكم من ماء مهين ؟ فجعلناه في قرار مكين ؟ إلى قدر معلوم ؟ فقدرنا فنعم القادرين . ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة الرابعة في الأرض التي تضم أبناءها إليها أحياء وأمواتاً ، وقد جهزت لهم الاستقرار والماء المحيي : (ألم نجعل الأرض كفاتا ؟ أحياء وأمواتا ، وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ؟ ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة الخامسة مع المكذبين وما يلقونه يوم يوم الفصل من عذاب وتأنيب : (انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ، انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ! لاظليل ولا يغني من اللهب . إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه حمالة صفر . ويل يومئذ للمكذبين ! ) .
والجولة السادسة والسايعة استطراد مع موقف المكذبين ومزيد من التأنيب والترذيل : ( هذا يوم لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون . ويل يومئذ للمكذبين ! هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين . فإن كان لكم كيد فكيدون . ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة الثامنة مع المتقين ، وما أعد لهم من نعيم : ( إن المتقين في ظلال وعيون ، وفواكه مما يشتهون . كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون . إما كذلك نجزي المحسنين . ويل يومئذ للمكذبين ! ) ..
والجولة التاسعة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف التأنيب : ( كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون . ويل يومئذ للمكذبين ! )
والجولة العاشرة خطفة سريعة مع المكذبين في موقف التكذيب :
( وإذا قيل لهم : اركعوا لايركعون ويل يومئذ للمكذبين ! )
والخاتمة بعد هذه الجولات والاستعراضات والوخزات والايقاعات : ( فبأي حديث بعده يؤمنون ؟ )
وفي هذه السورة جدة في مشاهد جهنم وجدة في مواجهة المكذبين في أسلوب العرض والخطاب
كله . ومن ثم تبرز شخصية خاصة للسورة . حادة الملامح . لاذعة المذاق . لاهتة الايقاع !
المصدر : في ظلال القرآن - سيد قطب .