نزلت هذه السورة في حادث بني النضير - حي من أحياء اليهود – في السنة الرابعة من الهجرة . تصف كيف وقع ؟ ولماذا وقع ؟ وما كان في أعقابه من تنظيمات في الجماعة الإسلامية ... ترويها بطريقة القرآن الخاصة ، وتعقب على الأحداث والتنظيمات بطريقة القرآن كذلك في تربية تلك الجماعة تربية حية بالأحداث والتوجيهات والتعقيبات . ونرى ميزة العرض القرآني ، وبعد آماده وراء الأحداث التي تتنزل بشأنها النصوص ، فتفي بمقتضيات الأحداث ، وتمتد وراءها وحولها في مجالات أوسع وأشمل من مقتضيات تلك الأحدات المحدودة بالزمان والمكان .
كانت وقعة بني النضير في أوائل السنة الرابعة من الهجرة بعد غزوة أحد وقبل غزوة الأحزاب . ومما يذكر عنها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذهب مع عشرة من كبار أصحابه منهم أبو بكر و عمر و على – رضى الله عنهم – إلى محلة بني النضير يطلب منهم المشاركة في أداء دية قتيلين بحكم ما كان بينه وبينهم من عهد ووعدوا اليهود في أداء ما عليهم بينما كانوا يدبرون أمراً لاغتيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ومن معه .فألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ما يبيت اليهود من غدر فقام كأنما ليقضي أمراً . فلما غاب استبطأه من معه فخرجوا من المحلة يسألون عنه فعلموا أنه دخل المدينة .
فلما كان تبيت الغدر برسول الله في محلة بني النضير لم يبق من مفر من نبد عهدهم إليهم . وفق القاعدة الإسلامية ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبد إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) ... فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصر محلة بني النضير وأمهلهم ثلاثة أيام - وقيل عشرة - ليفارقوا جواره ويجلوا عن المحله على أن يأخدوا أموالهم ، ويقيموا وكلاء عنهم على بساتينهم ومزارعهم ولكن المنافقين أرسلوا إليهم يحرضونهم على الرفض والمقاومة . وتحصن اليهود في الحصون فأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم – بقطع نخيلهم والتحريق فيها فنادوه : ما بال قطع النخيل وتحريقها ؟ وفى الرد عليهم نزل قول القرآن ( ما قطعتم من لبنة أو تركتنوها قائمة على أصولها فبأذن الله وليخزي الفاسقين ) ولما بلغ الحصار ستاً وعشرين ليلة ، ويئس اليهود من وعود المنافقين لهم سألوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يجليهم ويكف عن دمائهم .
وكانت أموال بني النضير خالصاً لله والرسول ، لم يوجف المسلمين عليه بخيل ولاجمال فقسمها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على المهاجرين دون الأنصار عدا رجلين فقيرين من الأنصار . وفي هذا نزل قول القرآن : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون ) .
فهذا هو الحادث الذي نزلت فيه السورة ، وتعلقت به نصوصها .وفي خاتمة السورة يوجه الخطاب للذين أمنوا ممن شهدوا هذا الحادث وممن يعرفونه بعد ذلك . على طريقة القرآن في تربية النفوس بالأحداث والتعقيب عليها ، وربطها بالحقائق الكلية الكبيرة ...ثم الإيقاع الأخير يذكر صفات الله الذي يدعو الذين آمنوا ويخاطبهم بهذا القرآن . وهي صفات ذات أثر وفاعلية في هذا الكون . وعلى أساس تصور حقيقتها يقوم الإيمان الواعي المدرك البصير . وتبدأ السورة وتختم بتسبيح الله الذي له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم . فيتناسق البدء والختام مع موضوع السورة .ومع دعوة المؤمنين للتقوى والخشوع والتفكير في تدبير الله الحكيم .
== المصدر ==
سورة الحشر | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 59 |
عدد الآيات | 24 |
عدد الكلمات | 447 |
عدد الحروف | 1913 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مدنية |
نص سورة الحشر في ويكي مصدر |