سورة الغاشية | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 88 |
عدد الآيات | 26 |
عدد الكلمات | 92 |
عدد الحروف | 378 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مكية |
نص سورة الغاشية في ويكي مصدر |
هذه السورة واحدة من الايقاعات العميقة الهادئة . الباعثة إلى التأمل والتدبر ، وإلى الرجاء والتطلع ، وإلى المخافة والتوجس ، وإلى عمل الحساب ليوم الحساب !
وهي تطوف بالقلب البشري في مجالين هائلين : مجال الآخرة وعالمها الواسع ، ومشاهدها المؤثرة . ومجال الوجود العريض المكشوف للنظر ، وآيات الله المبثوثة في خلائقه المعروضة للجميع . ثم تذكرهم بعد هاتين الجولتين الهائلتين بحساب اللآخرة ، وسيطرة الله ، وحتمية الرجوع إليه في نهاية المطاف ...كل ذلك في أسلوب عميق ، هادىء ، ولكنه نافد . رصين و رهيب !
في الجولة الأولي يعرض مشهد العذاب قبل مشهد النعيم : الوجوه يومئذ خاشعة ذليلة متعبة مرهقة ، عملت نصبت فلم تحمد ولم ترض العاقبة ، إلا الوبال والخسارة . وعلى الجانب الآخر : وجوه يبدو فيها النعيم . ويفيض منها الرضى . وجوه تنعم بما تجد ، وتحمد ما عملت . فوجدت عقباه خيراً ، وتستمتع بهذا الشعور الروحي الرفيع . شعور الرضى عن عملها حين تري رضى الله عنها .
تنتهي الجولة في العالم الآخر ، فيؤوب منها إلى هذا الوجود . المحي بقدرة القادر وتدبير المدبر ، وتميز الصنعة ، وتفرد الطابع ، الدال أن وراء التدبير والتقدير أمراً بعد هذه الحياة ، وشأناُ غير شأن الأرض . وخاتمة غير خاتمة الموت .والمشهد الكلي يضم مشهد السماء المرفوعة والأرض المبسوطة ، وفي هذا المدى المتطاول تبرز الجبال (منصوبة ) ...خطان أفيقان وخطان رأسيان في المشهد الهائل في المساحة الشاسعة . ولكنها لوحة متناسقة الأبعاد والاتجاهات ! على طريقة القرآن في عرض المشاهد وفي التعبير التصوير .
وبعد الجولة الأولى في عالم الآخرة ، والجولة الثانية في مشاهد الكون المعروضة ، يلتفت إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم _ يوجهه إلى حدود وظيفته ، وهي التذكير بالحساب وإزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس وليتم التذكير . فهذه وظيفة الجهاد كما تفهم من القرآن ومن سيرة الرسول سواء ، بلا تقصير ولااعتداء .
المصدر : في ظلال القرآن – سيد قطب .