سورة النحل | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 16 |
عدد الآيات | 128 |
عدد الكلمات | 1845 |
عدد الحروف | 7642 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مكية |
نص سورة النحل في ويكي مصدر |
سورة النحل سورة مكية و عدد آياتها 128، و محور السورة و هدفها يدور حول نعم الله و الله التي لا تعد و لاتحصى. و قد قسمت النعم إلى ظاهرة و باطنة، و القصد بالنعم الظاهرة هي النعم التي يراها الإنسان و يحس بها، كالحيوان و النبات و الماء و النجوم و الشمس و القمر و النعم الغير ظاهرة أو الباطنة كالقوانين الفيزيائية في الكون أو المخلوقات التي لا نراها أو المخلوقات التي تساهم في تسيير هذا الكون و كذلك نعمة الوحي و التي تبث الروح في القلوب و تحييها. و يحذر المولى عز و جل في هذه السورة من سوء استغلال هذه النعم في المعاصي، و أن على الإنسان الشكر و الحمد لله على هذه النعم التي لا نعد و لاتحصى. و خص الله و الله هذه السورة بالنحل، حيث ذكر العسل الذي تقوم بإفرازه و هو من نعمه الله و فوائد هذا العسل على الإنسان من حيث العلاج و الفوائد الغذائية.
هذه السورة هادئة الإيقاع ، عادية الجرس ، ولكنها مليئة حافلة . موضوعاتها كثيره متنوعة ، والإطار التي تعرض فيه واسع شامل ، والأوتار التى توقع عليها متعددة مؤثرة ، والظلال التي تلونها عميقة الخطوط .
وهي كسائر السور المكية تعالج موضوعات العقيدة الكبري : الألوهية والوحي والبعث . ولكنها تلم بموضوعات جانبية أخري تتعلق بتلك الموضعات الرئيسية .تلم بحقيقة الوحدانية الكبري التي تصل دين إبراهيم - – ودين محمد صلى الله عليه وسلم – وتلم بحقيقة الإرادة الإلهية والإرادة البشرية فيما يختص بالإيمان والكفر والهدى والظلال . وتلم بوظيفة الرسل ، وسنة الله في المكذبين لهم . وتلم بموضوع التحليل والتحريم وأوهام الوثنية حول هذا الموضوع وتلم بالهجرة في سبيل الله ، وفتنة المسلمين في دينهم ، والكفر بعد الإيمان وجزاء هذا كله عند الله . ثم تضيف إلى موضوعات العقيدة موضوعات المعاملة : العدل والاحسان والانفاق والوفاء بالعهد ، وغيرها من موضوعات السلوك القائم على العقيدة وهذا هي مليئة حافلة من الموضوعات التي تعالجها .
فأما الإطار الذي تعرض فيه هذه الموضوعات ، والمجال الذي تجري فيه الأحداث فهو فسيح شامل هو السماوات والأرض . والماء الهاطل والشجر النامي . والليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والبحار والجبال والمعالم والسبل والأنهار . وهو الدنيا بأحداثها ومصائرها ، والأخرى بأقدارها ومشاهدها . وهو الغيب بألوانه وأعماقه في الأنفس والآفاق .
في هذا المجال الفسيح يبدو سياق السورة وكأنه حملة ضخمة للتوجيه والثأثير واستجاشة العقل والضمير حملة هادئة الإيقاع ، ولكنها متعددة الأوتار. ليست في جلجلة الأنعام والرعد ، ولكنها في هدوئها تخاطب كل حاسة وكل جارحة في الكيان البشري ، وتتجه إلي العقل الواعي كما تتجه إلى الوجدان الحساس . إنها نخاطب العين لترى ، والأذن لتسمع ، واللمس ليستشعر ، والوجدان ليتدبر . وتحشد الكون : سماءه وأرضه ، وشمسه وقمره ، وليله ونهاره ، وجباله وبحاره وفجاجه وانهاره وظلاله وأكنانه نبته وثماره ، وحيوانه وطيوره . كما تحشد دنياه وآخرته ، وأسراره وغيوبه . كلها أدوات توقع بها على أوتار الحواس والجوارح والعقول والقلوب ، مختلف الإيقاعات التي لا يصمد لها فل بتأثر بها إلا العقل المغلق والقلب الميت ، والحس المطموس .
هذه الإيقاعات تتناول التوجيه إلى آيات الله في الكون ، وآلائه على الناس كما تتناول مشاهد يوم القيامة ، وصور الاحتضار ومصارع الغابرين ، تصاحبها اللمسات الوجدانية التي تتدسس إلى أسرار الأنفس ، وإلي أحوال البشر وهم أجنة في البطون ، وهم في الشباب والهرم والشيخوخة ، وهم في حالات الضعف والقوة وهم في أحوال النعمة والنقمة . كذلك يتخد الأمثال والمشاهد والحوار والقصص وأدوات العرض والايضاح .
فأما الظلال العميقة التي تلون جو السورة كله فهي الآيات الكونية تتجلى فيها عظمة الخلق ، وعظمة النعمة ، وعظمة العلم والتدبير ..كلها متداخلة ..فهذا الخلق العظيم المدبر عن علم وتقدير ، ملحوظ فيه أن يكون نعمة على البشر ، لاتلبي ضروراتهم وحدها ، ولكن تلبي أشواقهم كذلك ، فتسد الضرورة وتتخد للزينة ، وترتاح بها أبدانهم وتستروح لها نفوسهم ، لعلهم يشكرون .
ومن ثم تتراءى في السورة ظلال النعمة وظلال الشكر ، والتوجيهات إليها والتعقيب بها في مقاطع السورة ، وتضرب عليها الأمثال ، وتعرض لها النمادج ، نمودج إبراهيم ، شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم . كل أولئك في تناسق ملحوظ بين الصوروالظلال والعبارات والإياعات ، والقضايا والموضوعات .