« سورة الحجرات » | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 49 |
عدد الآيات | 18 |
عدد الكلمات | 353 |
عدد الحروف | 1493 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مدنية |
نص سورة الحجرات في ويكي مصدر |
سورة الحجرات هي سورة مدنية تعالج بعض مظاهر التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم: بعدم رفع الصوت فوق صوته، وعدم مناداته باسمه (محمد)، واحترام بيوت أمهات المومنين، والامتثال لأوامر الرسول -صلاة الله عليه وسلامه-.
سورة الحجرات 49/114
فهرس |
سميت سورة الحجرات لأن الله له ذكر فيها بيوت النبي وهي الحجرات التي كان يسكنها أمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن .
1) سورة مدنية .
2) من المثاني .
3) آياتها 18 .
4) ترتيبها التاسعة والأربعون .
5) نزلت بعد المجادلة .
6) بدأت السورة باسلوب النداء " يا أيها الذين آمنوا " نهت السورة المسلمين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي .
7) الجزء "26" الحزب "52" الربع "6،7" .
تتضمن السورة حقائق التربية الخالدة وأسس المدنية الفاضلة حتى سماها بعض المفسرين " سورة الأخلاق " .
هذة السورة التي لاتتجاوز ثماني عشرة آية ، سورة جليلة ضخمة ، تتضمن حقائق كبيرة من حقائق العقيدة والشريعة ، ومن حقائق الوجود والإنسانية . حقائق تفتح للقلب والعقل آفاقاً عالية وآماداً بعيدة ، وتثير في النفس والذهن خواطر عميقة ومعاني كبيرة ، وتشمل من مناهج التكوين والتنظيم ، وقواعد التربية والتهذيب ، ومبادىء التشريع والتوجيه ، ما يتجاوز حجمها وعدد آياتها مئات المرات !
وهي تبرز أمام الناظر أمرين عظيمين للتدبر والتفكير .
وأول ما يبرز للنظر عند مطالعة السورة ، هو أنها تكاد تستقل بوضع معالم كاملة ، لعالم رفيع كريم نظيف سليم ، متضمنة القواعد والأصول والمبادىء والمناهج التي يقوم عليها هذا العالم ، والتي تكفل قيامه أولاً ،وصيانته أخيراً .. عالم يصدر عن الله ، ويتجه إلى الله ، ويليق أن ينتسب إلى الله ..عالم نقي القلب ، نظيف المشاعر ، عف اللسان ، ، وقبل ذلك عف السريرة ..عالم له أدب مع الله ، وأدب مع رسوله ، وأدب مع نفسه ، وأدب مع غيره . أدب في هواجس ضميره . وفي حركات جوارحه ، وفي الوقت ذاته له شرائعه المنظمة لأوضاعه ٍوله نظمه التي تكفل صيانته . وهي شرائع ونظم تقوم على ذلك الأدب ، وتنبثق منه ، وتتسق معه ، فيوافي باطن هذا العالم و ظاهره ، وتتلاقى شرائعه ومشاعره ، وتتوازن دوافعة وزواجرة ، وتتناسق أحاسيسه وخطاه وهو يتجه ويتحرك إلى الله . ومن ثم لا يوكل قيام هذا العالم الرفيع الكريم النظيف السليم وصيانته ، لمجرد أدب الضمير ونظافة الشعور ، ولا يوكل كذلك لمجرد التشريع والتنظيم . بل يلتقي هذا بذلك في انسجام وتناسق . كذلك لا يوكل الشعور الفرد وجهده ، كما لايترك لنظم الدولة وإجراءتها . بل يلتقي فيه الأفراد بالدولة ، والدولة بالأفراد ، وتتلاقى واجباتهما في تعاون واتساق .
هو عالم له أدب مع الله ومع رسول الله يتمثل هذا الأدب في إدراك حدود العبد أمام الرب والرسول الذي يبلغ عن الرب ( يا أيها اللذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ، واتقوا الله ، إن الله سميع عليم )
هو عالم له منهجه في التثبيت من الأقوال والأفعال والاستياق من مصدرها ، قبل الحكم عليها ، يستند هذا المنهج إلى تقوى الله ، وإلى الرجوع بالأمر إلى رسول الله ، في غير ما تقدم بين يديه ، ولا اقتراح لم يطلبه ولم يأمر به ( وأعلموا أن فيكم رسول الله ، لو يطعيكم في كثير من الأمر لعنتم )
وهو عالم له نظمه وإجراءته العمليه في مواجهة ما يقع من خلاف وفتن ، تخلل كيانه لو تركت بلا علاج . وهو يواجهها بإجراءات عملية منبثقة من قاعدة الأخوة بين المؤمنين ، ومن حقيقة العدل والإصلاح ( إنما المؤمنين إخوة ، فأصلحوا بين أخويكم ، واتقوا الله لعلكم ترحمون )
وهو عالم له آدابه النفسية في مشاعره تجاه بعضه البعض ، وله آدابه السلوكية في معاملاته بعضه مع بعض : ( ياأيها اللذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ، ولا تنابزوا بالألقاب . بئس الاسم . الفسوق بعد الإيمان . ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )
وهو عالم نظيف المشاعر ، مكفول المحرمات ، مصون الغيبة والحضرة ، لا يؤخد فيه أحد بظنة ، ولاتتبع فيه العورات ، ولا يتعرض أمن الناس وكرامتهم وحريتهم فيه لأدنى مساس : ( ياأيها اللذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ، ولا يغتب بعضكم بعضا )
هو عالم له فكرته الكامله عن وحدة الإنسانية المختلفة الأجناس المتعددة الشعوب ، وله ميزانه الواحد الذي يحكم به الجميع ، إنه ميزان الله المبرأ من شوائب الهوى والاضطراب : ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير ) .
والسورة بعد عرض هذه الحقائق الضخمة التي تكاد تستقل برسم معالم ذلك العالم الرفيع الكريم النظيف السليم ، تحدد معالم الإيمان ، الذي باسمه دعي المؤمنين إلى إقامة ذلك العالم : ( ياأيها اللذين آمنوا ) ..ذلك النداء الذي يخجل من دعي به من الله أن لا يجيب ، والذي ييسر كل تكليف ويهون كل مشقة ، ويشوق كل قلب فيسمع ويستجيب .
وتكشف السورة في ختامها عن ضخامة الهبة الألهية للبشر . هبة الإيمان التي يمن بها على من يشاء : ( يمنون عليك أن أسلموا . قل : لاتمنوا علي إسلامكم . بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين )
فأما الأمر الثاني الذي يبرز للنظر من خلال السورة فهو الجهد الثابت الذي تمثله توجيهات القرآن الكريم والتربية النبوية الحكيمة لإنشاء تلك الجماعات المسلمة ، التي تمثل في ذلك العالم الكريم النظيف السليم ، الذي وجدت حقيقته يوماً على هذه الأرض ، فلم يعد فكرة مثالية ، ولاحلماً طائراً ، يعيش في الخيال !
هذه الجماعة المثالية لم توجد مصادفة بل نمت كما تنموا الشجرة الباسقة العميقة الجدور واحتاجت إلى صبر طويل وجهد بصير وإلى معاناة تجارب واقعية مريرة ،مع التوجية لعبرة هذه التجارب ، وكانت الرعاية الإلهيه لهذه الجماعة - على علم - لحمل الأمانة الكبرى وتحقيق مشيئة الله في الأرض .
1) في ظلال القرآن - سيد قطب .