« سورة سبأ » | |
---|---|
الترتيب في القرآن | 34 |
عدد الآيات | 54 |
عدد الكلمات | 884 |
عدد الحروف | 3510 |
الجزء | {{{جزء}}} |
الحزب | {{{حزب}}} |
النزول | مكية |
موضوعات هذه السورة المكية هي موضوعات العقيدة الرئيسية . : توحيد الله ، والإيمان بالوحي ، والاعتقاد بالبعث . وإلي جوارها تصحيح بعض القيم الأساسية المتعلقة بموضعات العقيدة الرئيسية ، وبيان أن الإيمان والعمل الصالح – لا الأموال ولا الأولاد – هما قوام الحكم والجزاء عند الله . وأنه ما من قوة تعصم من بطش الله وما من شفاعة عند الله إلا بإذنه . والتركيز الأكبر في الصورة على قضية البعث والجزاء ، وعلى إحاطة علم الله وشموله .وتتكرر الإشارة في الصورة على هاتين القضيتين المترابطتين بطرق متنوعة ، وأساليب شتى وتظلل الصورة من البدء إلى النهاية .
عن قضية البعث يقول : (وقال اللذين كفروا لا تأتينا الساعة . قل : بلى وربي لتأتينكم )
وعن قضية الجزاء يقول : (ليجزي اللذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم مغفرة ورزق كريم )
ويورد عدة مشاهد للقيامة ومافيها من تأنيب للمكذبين بها ، ومن صور العذاب للمكذبين : ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول ، يقول اللذين استضعفوا للذين استكبروا : لولا أنتم لكما مؤمنين ) .
وتتكرر هذه المشاهد وتتوزع في السورة وتختم بها كذلك : ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخدوا من مكان قريب ) .
وعن قضية العلم الإلهي الشامل يرد في مطلع السورة : ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها )
ويرد تعقيباً على التكذيب بمجىء الساعة : ( قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب )
ويرد قريب ختام السورة : ( إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب )
وفي موضوع التوحيد تبدأ بالحمد لله : ( الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير )
ويتحداهم عدة مرات في شأن الشركاء الذين يدعونهم من دون الله : ( قل ادعوا اللذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، وما لهم فيهما من شرك ، وما له منهم من ظهير )
وتشير الآيات إلى عبادتهم للملائكة والجن وذلك في مشهد من مشاهد يون القيامة : ( يوم نحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ؟ قالوا سبحانك ! انت ولينا من دونهم . بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) .
وفي موضوع الوحي والرسالة يرد قوله : ( وقال اللذين كفروا : لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ) .
ويرد عليهم بتقرير الوحي والرسالة : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً . ولكن أكثر الناس لايعلمون ) .
ويضرب على أمثلة الواقع التاريخي في هذه الأرض . قصة آل داود الشاكرين على نعمة الله . وقصة سبأ المتبطرين لا يشكرون . وما وقع لهؤلاء وهؤلاء . وفيه مصداق مشهود للوعد والوعيد .
هذه القضايا التي تعالجها السور المكية في صور شتى ، تعرض في كل صورة في مجال كوني . مصحوبة بمؤثرات منوعة ، جديدة على القلب في كل مرة ومجال عرضها في سورة سبأ ممثلاً في رقعة السماوات والأرض الفسيحة ، وفي عالم المجهول المرهوب . وفي ساحة الحشر الهائلة العظيمة . وفي أعماق النفس المطوية اللطيفة . وفي صحائف التاريخ المعلومة والمجهولة .وفي كل مؤثر موح للقلب البشري .موقظ له من الغفله والضيق والهمود .
فمنذ افتتاح السورة وهي تفتتح على هذا الكون الهائل : ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها )
واللذين يكذبون بالآخرة يتهددهم بأحدات كونية ضخمة :( إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء )
واللذين يعبدون من دون الله ملائكة أوجناً يقفهم وجهاً لوجه أمام الغيب المرهوب في الملأ الأعلى : ( ولا تنفع الشفاعة إلا من أذن له ) .
أويواجههم بالملائكة في ساعة الحشر حيث لامجال للمواربة والمجادلة : ( يوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ...)
والمكذبون لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتهمونه بالافتراء أو به جنة يقفهم أمام فطرتهم وأمام منطق قلوبهم : ( قل : إنما أعظكم بواحدة . أن تقوموا لله مثني وفرادى ثم تتفكروا ) .
وهكذا تطوف السورة بالقلب البشري قي تلك المجالات المتنوعة ، وتواجه بتلك المؤثرات الموحية الموقظة حتى تنتهي بمشهد عنيف أخاد من مشاهد يوم القيامة .
يجري سياق السورة في عرض موضوعاتها في تلك المؤثرات في جولات قصيرة متلاحقة متماسكة ،ويمكن تقسيمهاإلى خمسة أشواط لتيسير عرضها وشرحها .
يبدأ الشوط الأول بالحمد لله المالك لما في السماوات والأرض والمحمود في الآخرة الحكيم الخبير العالم لما يلج في الأرض وما يخرج منها وماينزل من السماء وما يعرج إليها ، وتحكي الآيات عجب اللذين كفروا من قضية البعث وتهددهم بخسف الأرض من تحتهم أو إسقاط السماء كسفاً عليهم .
ويتناول الشوط الثاني قصة آل داود الشاكرين لله على نعمه وتسخير قوى كثيرة لداود وسليمان ومنها الجن الذين كان يعبدهم بعض المشركين .ومقابل قصة الشكر تجيء قصة البطر ( قصة سبأ ) اللذين اتبعوا الشيطان :( فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق ) .
والشوط الثالث يتحدى المشركين أن يدعوا اللذين يزعمونهم آلهة من دون الله وهم (لايملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ومالهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ) .
ويعالج الشوط الرابع والخامس قضية الوحي والرسالة وموقفهم منها ، وموقف المترفين من كل دعوة ويقرران القيم الحقيقية التي يكون عليها الحساب والجزاء ، وهي قيم الإيمان والعمل الصالح لا الأموال والأولاد ، ويعرضان مصائر المؤمنين والمكذبين في عدة مشاهد متنوعة من مشاهد يوم القيامة ، وتنتهي السورة بإيقاعات قوية قصيرة : ( قل إن ربي يقذف الحق علام الغيوب ،قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد . قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب ) وتختم بمشهد من مشاهد القيامة قصير الخطى قوي عنيف .
المصدر : في ظلال القرآن – سيد قطب .