86 - 484 - مسألة: في بنت يتيمة ولها من العمر عشر سنين ولم يكن لها أحد وهي مضطرة إلى من يكفلها فهل يجوز لأحد أن يتزوجها بإذنها أم لا؟
الجواب: هذه يجوز تزويجها بكفوء لها عند أكثر السلف والفقهاء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه وغيرهما
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة كقوله تعالى: { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } الآية
وقد أخرجا تفسير هذه الآية في الصحيحين عن عائشة وهو دليل في اليتيمة وزوجها من يعدل عليها في المهر لكن تنازع هؤلاء هل تزوج بإذنها أم لا؟ فذهب أبو حنيفة أنها تزوج بغير إذنها ولها الخيار إذا بلغت وهي رواية عن أحمد وظاهر مذهب أحمد أنها تزوج بغير إذنها إذا بلغت تسع سنين ولا خيار لها إذا بلغت لما في السنن عن النبي ﷺ أنه قال: [ اليتيمة تستأذن في نفسها فإن سكتت فقد أذنت وإن أبت فلا جواز عليها ] وفي لفظ: [ لا تنكح اليتيمة حتى تستأذن فإن سكتت فقد أذنت وإن أبت فلا جواز عليها ]
485 - / 87 - مسألة: في رجل له زوجة تصوم النهار وتقوم الليل وكلما دعاها الرجل إلى فراشه تأبى عليه وتقوم صلاة الليل وصيام النهار على طاعة الزوج فهل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: لا يحل لها ذلك باتفاق المسلمين بل يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها وأما قيام الليل وصيام النهار فتطوع فكيف تقدم مؤمنة للنافلة على الفريضة؟ حتى قال النبي ﷺ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: [ لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ]
ورواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما ولفظهم: [ لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يوما من غير رمضان إلا بإذنه ]
فإذا كان النبي ﷺ قد حرم على المرأة أن تصوم تطوعا إذا كان زوجها شاهدا إلا بأذنه فتمنع بالصوم بعض ما يجب له عليها فكيف يكون حالها إذا طلبها فامتنعت؟
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ: [ إذا دعا الرجل المرأة إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح ] وفي لفظ: [ إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى تصبح ]
وقد قال الله تعالى: { فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله }
فالمرأة الصالحة هي التي تكون قانتة أي مداومة على طاعة زوجها فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال تعالى: { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا }
وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج حتى قال النبي ﷺ: [ لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ] وعنه ﷺ: [ أن النساء قلن له أن الرجال يجاهدون ويتصدقون ويفعلون ونحن لا نفعل ذلك فقال: حسن فعل إحداكن بعد ذلك ] أي أن المرأة إذا أحسنت معاشرة بعلها كان ذلك موجبا لرضاء الله وإكرامه لها من غير أن تعمل ما يختص بالرجال والله أعلم
486 - / 88 - مسألة: في امرأة تزوجت وخرجت عن حكم والديها فأيهما أفضل: برها لوالديها؟ أم مطاوعة زوجها؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب قال الله تعالى: { فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله }
وفي الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: [ الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك ] وفي صحيح ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: [ إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت ] وفي الترمذي عن أم سلمة قالت: قال رسول الله ﷺ: [ أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة ] أخرجه الترمذي: حديث حسن وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: [ لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ] أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن وأخرجه أبو داود ولفظه: [ لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحقوق ] وفي المسند عن أنس أن النبي ﷺ قال: [ لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحه تجري بالقيح والصديد ثم استقبله فلحسته ما أدت حقه ] وفي المسند وسنن ابن ماجه عن عائشة عن النبي ﷺ قال: [ لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان لها أن تفعل ] أي لكان حقها أن تفعل
وكذلك في المسند وسنن ابن ماجه وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي ﷺ فقال: [ ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت من الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ: لا تفعلوا ذلك فإني لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه ]
وعن طلق بن علي قال: قال رسول الله ﷺ: [ أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور ] رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي وقال: حديث حسن
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: [ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ]
والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي ﷺ وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله تعالى: { وألفيا سيدها لدى الباب } وقال عمر بن الخطاب: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته
وفي الترمذي وغيره عن النبي ﷺ أنه قال: [ استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان ]
فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة
وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها فإن الأبوين هما ظالمان ليس لهما أن ينهياها عن طاعة مثل هذا الزوج وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها فلا يحل لها أن تطيع واحدا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيا لله فيها
ففي السن الأربعة وصحيح ابن أبي حاتم عن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: [ أيما امرأة سألت زوجها الطلاق غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ] وفي حديث آخر: [ المختلعات والمتبرعات هن المنافقات ]
وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة لله مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهوها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمرها الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها فكيف إذا كان من أبويها؟
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك فإن النبي ﷺ قال: [ أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصيته فكيف يجبر أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله
487 - 89 - مسألة: في رجل متزوج بامرأتين وإحداهما يحبها ويكسوها ويعطيها ويجتمع بها أكثر من صاحبتها؟
الجواب: الحمد لله يجب عليه العدل بين الزوجتين باتفاق المسلمين وفي السنن الأربعة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: [ من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شدقيه مائل ]
فعليه أن يعدل في القسم فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثا بات عند الأخرى بقدر ذلك ولا يفضل إحداهما في القسم لكن إن كان يحبها أكثر ويطأها أكثر فهذا لا حرج عليه فيه وفيه أنزل الله تعالى: { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } أي: في الحب والجماع
وفي السنن الأربعة عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يقسم فيعدل فيقول: [ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ] يعني: القلب
وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنة أيضا اقتداء بالنبي ﷺ فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة مع تنازع الناس في القسم هل كان واجبا عليه أو مستحبا له؟ وتنازعوا في العدل في النفقة هل هو واجب أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة
وهذا العدل مأمور به ما دامت زوجة فإن أراد أن يطلق إحداهما فله ذلك فإن اصطلح هو والتي يريد طلاقها على أن تقيم عنده بلا قسم وهي راضية بذلك جاز كما قال تعالى: { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير }
وفي الصحيح عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في المرأة تكون عند الرجل فتطول صحبتها فيريد طلاقها فتقول: لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من يومي فنزلت هذه الآية وقد كان النبي ﷺ أراد أن يطلق سودة فوهبت يومها لعائشة فأمسكها بلا قسمة وكذلك رافع بن خديج جرى له نحو ذلك ويقال أن الآية أنزلت فيه
488 - 90 - مسألة: في رجل تزوج بنتا عمرها عشر سنين واشترط عليه أهلها أن يسكن عندهم ولا ينقلها عنهم ولا يدخل عليها إلا بعد سنة فأخذها إليه وأخلف ذلك ودخل عليها وذكر الدايات أنه نقلها ثم سكن بها في مكان يضربها فيه الضرب المبرح ثم بعد ذلك سافر بها ثم حضر بها ومنع أن يدخل أهلها عليها مع مداومته على ضربها؟ فهل يحل أن تدوم معه على هذه الحال؟
الجواب: إذا كان الأمر على ما ذكر فلا يحل إقرارها معه على هذه الحال بل إذا تعذر أن يعاشرها بالمعروف فرق بينهما وليس له أن يطأها وطأ يضر بها بل إذا لم يمتنع من العدوان عليها فرق بينهما والله أعلم
489 - / 91 - مسألة: في حديث عن النبي ﷺ أنه قال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي لا ترد كف لامس فهل هو ما ترد نفسها عن أحد؟ أو ما ترد يدها في العطاء عن أحد؟ وهل هو الصحيح أم لا؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين هذا الحديث قد ضعفه أحمد وغيره وقد تأووله بعض الناس على أنها لا ترد طالب مال لكن ظاهر الحديث وسياقه يدل على خلاف ذلك
ومن الناس من اعتقد ثبوته وأن النبي ﷺ أمره أن يمسكها مع كونها لا تمنع الرجال وهذا مما أنكره غير واحد من الأئمة فإن الله قال في كتابه العزيز: { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين }
وفي سنن أبي داود وغيره أن رجلا كان له في الجاهلية قريبة من البغايا يقال لها عناق وأنه سأل النبي ﷺ عن تزوجها فأنزل الله هذه الآية وقد قال سبحانه وتعالى: { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان }
فإنما أباح الله نكاح الأماء في حال كونهن غير مسافحات ولا متخذات أخدان والمسافحة التي تسافح مع كل أحد والمتخذات الخدن التي يكون لها صديق واحد فإذا كان هذه حالها لا تنكح فكيف بمن لا ترد يد لامس؟ بل تسافح مع من اتفق ! ! وإذا كان من هذه حالها في الأماء فكيف بالحرائر؟ وقد قال تعالى: { والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان } فاشترط هذه الشروط في الرجال هنا كما اشترطه في النساء هناك
وهذا يوافق ما ذكره في سورة النور من قوله تعالى: { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } لأنه من تزوج زانية بزان مع غيره لم يكن له ماؤه مصونا محفوظا فكان ماؤه مختلطا بماء غيره والفرج الذي يطأه مشتركا وهذا هو الزنا والمرأة إذا كان زوجها يزني بغيرها لا يميز بين الحلال والحرام كان وطؤه لها من جنس وطء الزاني للمرأة التي يزني بها وإن لم يطأها غيره
وإن من صور الزنى اتخاذ الأخدان والعلماء قد تنازعوا في جواز نكاح الزانية قبل توبتها على قولين مشهورين لكن الكتاب والسنة والاعتبار يدل على أن ذلك لا يجوز ومن تأول آية النور بالعقد وجعل ذلك منسوخا فبطلان قوله ظاهر من وجوه
ثم المسلمون متفقون على ذم الدياثة ومن تزوج بغيا كان ديوثا بالاتفاق وفي الحديث: [ لا يدخل الجنة بخيل ولا كذاب ولا ديوث ]
قال تعالى: { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } أي الرجال الطيبون للنساء الطيبات والرجال الخبيثون للنساء الخبيثات
وكذلك في النساء فإذا كانت المرأة خبيثة كان قرينها خبيثا وإذا كان قرينها خبيثا كانت خبيثة وبهذا عظم القول فيمن قذف عائشة ونحوها من أمهات المؤمنين ولولا ما على الزوج في ذلك من العيب ما حصل هذا التغليظ ولهذا قال السلف ما بغت امرأة نبي قط ولو كان تزوج البغي جائزا لزجب تنزيه الأنبياء عما يباح كيف وفي نساء الأنبياء من هي كافرة كما في أزواج المؤمنات من هو كافر كما قال تعالى: { ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين * وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين }
وأما البغايا فليس في الأنبياء ولا الصالحين من تزوج بغيا لأن البغاء يفسد فراشه ولهذا أبيح للمسلم أن يتزوج الكتابية اليهودية والنصرانية إذا كان محصنا غير مسافح ولا متخذ خدن فعلم أن تزوج الكافرة قد يجوز وتزوج البغي لا يجوز لأن ضرر دينها لا يتعدى إليه أما ضرر بغاها فيتعدى إليه والله أعلم
490 - 92 مسألة: في رجل له زوجة أسكنها بين ناس مناجيس وهو يخرج بها إلى الفرج وإلى أماكن الفساد ويعاشر مفسدين فإذا قيل له: انتقل من هذا المسكن السوء فيقول: أنا زوجها ولي الحكم في امرأتي ولي السكنى فهل له ذلك؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين ليس له أن يسكنها حيث شاء ولا يخرجها إلى حيث شاء بل يسكن بها في مسكن يصلح لمثلها ولا يخرج بها عند أهل الفجور بل ليس له أن يعاشر الفجار على فجورهم ومتى فعل ذلك وجب أن يعاقب عقوبتين: عقوبة على فجوره بحسب ما فعل وعقوبة على ترك صيانة زوجته وإخراجها إلى أماكن الفجور فيعاقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل ذلك والله أعلم
491 - 93 مسألة: في امرأة متزوجة برجل ولها أقارب كلما أرادت تزورهم أخذت الفراش وتقعد عندهم عشرة أيام وأكثر وقد قربت ولادتها ومتى ولدت عندهم لم يمكن أن تجيء إلى بيتها إلا بعد أيام ويبقى الزوج بردان فهل يجوز أن يخلوها تلد عندهم؟
الجواب: لا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذنه ولا يحل لأحد أن يأخذها إليه ويحبسها عن زوجها سواء كان ذلك لكونها مرضعا أو لكونها قابلة أو غير ذلك من الصناعات وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله مستحقة العقوبة
492 - 94 مسألة: فيمن طلع إلى بيته وجد عند امرأته رجلا أجنبيا فوفاها حقها وطلقها ثم رجع صالحها وسمع أنها وجدت بجنب أجنبي؟
الجواب: في الحديث عنه ﷺ أن الله سبحانه وتعالى لما خلق الجنة قال: [ وعزتي وجلالي لا يدخلك بخيل ولا كذاب ولا ديوث ] والديوث الذي لا غيرة له وفي الصحيح: عن النبي ﷺ أنه قال: [ إن المؤمن يغار وإن الله يغار وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه ] وقد قال تعالى: { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين }
ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة وكذلك إذا كانت المرأة تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال بل يفارقها وإلا كان ديوثا
493 - 95 مسألة: في رجل اتهم زوجته بفاحشة بحيث أنه لم ير عندها ما ينكره الشرع الشريف إلا ادعى أنه أرسلها إلى عرس ثم تجسس عليها فلم يجدها في العرس فأنكرت ذلك ثم أنه أتى إلى أوليائها وذكر لهم الواقعة فاستدعوا بها لتقابل زوجها على ما ذكر فامتنعت خوفا من الضرب فخرجت إلى بيت خالها ثم أن الزوج بعد ذلك جعل ذلك مستندا في إبطال حقها وادعى أنها خرجت بغير إذنه فهل يكون ذلك مبطلا لحقها والإنكار الذي أنكرته عليه يستوجب إنكارا في الشرع؟
الجواب: قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة }
فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ولا أن يضربها لأجل ذلك لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها لتفتدي منه وله أن يضربها هذا فيما بين الرجل وبين الله وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه فإن بين لهم هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه
وإذا قال أنه أرسلها إلى عرس ولم تذهب إلى العرس فليسأل إلى اين ذهبت فإن ذكر أنها ذهبت إلى قوم لا ريبة عندهم وصدقها أولئك القوم أو قالوا لم تأت إلينا وإلى العرس لم تذهب كان هذا ريبة وبهذا يقوى قول الزوج
وأما الجهاز الذي جاءت به من بيت أبيها فعليه أن يرده عليها بكل حال وإن اصطلحوا فالصلح خير ومتى تابت المرأة جاز لزوجها أن يمسكها ولا حرج في ذلك فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا لم يتفقا على رجوعها إليه فلتبرئه من الصداق وليخلعها الزوج فإن الخلع جائز بكتاب الله وسنة رسوله كما قال تعالى: { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } والله أعلم
494 - 96 مسألة: في امرأة عجل لها زوجها نقدا ولم يسمه في كتاب الصداق ثم توفي عنها فطلب الحاكم أن يحسب المعجل من الصداق المسمى في العقد لكون المعجل لم يذكر في الصداق؟
الجواب: الحمد لله إن كانا قد اتفقا على العاجل المقدم والآجل المؤخر كما جرت العادة فللزوجة أن تطلب المؤخر كله إن لم يذكر المعجل في العقد وكذلك إن كان قد أهدى لها كما جرت به العادة وأما إن كان أقبضها من الصداق المسمى حسب على الزوجة والله أعلم
495 - 97 مسألة: في امرأة اعتاضت عن صداقها بعد موت الزوج فباعت العوض وقبضت الثمن ثم أقرت أنها قبضت الصداق من غير ثمن الملك فهل يبطل حق المشتري أو يرجع عليها بالذي اعترفت أنها قبضته من غير الملك؟
الجواب: لا يبطل حق بمجرد ذلك وللورثة أن يطلبوا منها ثمن الملك الذي اعتاضت به إذا أقرت بأن قبض صداقها قبل ذلك وكان قد أفتى طائفة بأنه يرجع عليها بالذي اعترفت بقبضه من التركة وليس بشيء لأن هذا الإقرار تضمن أنها استوفت صداقها وأنها بعد هذا الاستيفاء له أحدثت ملكا آخر فإنما فوتت عليهم العقار لا على المشتري
496 - 98 مسألة: في معسر هل يقسط عليه الصداق؟
الجواب: إذا كان معسرا قسط عليه الصداق على قدر حاله ولم يجز حبسه لكن أكثر العلماء يقبلون قوله في الأعسار مع يمينه وهو مذهب الشافعي وأحمد ومنهم من لا يقبل البينة إلا بعد الحبس كما يقوله من يقوله من أصحاب أبي حنيفة فإذا كانت الحكومة عند من يحكم بمذهب الشافعي وأحمد لم يحبس
497 - 99 مسألة: فيمن قال أن المرأة المطلقة إذا وطئها الرجل في الدبر تحل لزوجها هل هو صحيح أم لا؟
الجواب: هذا قول باطل مخالف لأئمة المسلمين المشهورين وغيرهم من أئمة المسلمين فإن النبي ﷺ قال: للمطلقة ثلاثا: [ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ] وهذا نص في أنه لا بد من العسيلة وهذا لا يكون بالدبر ولا يعرف في هذا خلاف
وأما ما يذكر عن بعض المالكية وهم يطعنون في أن يكون هذا قولا وما يذكر عن سعيد بن المسيب من عدم اشتراط الوطء فذاك لم يذكر فيه وطء الدبر وهو قول شاذ صحت السنة بخلافه وانعقد الإجماع قبله وبعده
498 - 100 مسألة: في امرأة عزمت على الحج هي وزوجها فمات زوجها في شعبان فهل يجوز لها أن تحج؟
الجواب: ليس لها أن تسافر في العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة
499 - 101 مسألة: في رجل توفي وقعدت زوجته في عدته أربعين يوما فما قدرت تخالف مرسوم السلطان ثم سافرت وحضرت إلى القاهرة ولم تتزين لا بطيب ولا غيره فهل يجوز خطبتها أو لا؟
الجواب: العدة تنقضي بعد أربعة أشهر وعشرة أيام فإن كان قد بقي من هذه شيء فلتتمه في بيتها ولا تخرج ليلا ولا نهارا إلا لأمر ضروري وتجتنب الزينة والطيب في بنيها وبناتها ولتأكل ما شاءت من حلال وتشم الفاكهة وتجتمع بمن يجوز لها الاجتماع به في غير العدة لكن إن خطبها إنسان لا تجيبه صريحا والله أعلم
500 - 102 مسألة: في مطلقة ادعت وحلفت أنها قضت عدتها فتزوجها زوج ثان ثم حضرت امرأة أخرى وزعمت أنها حاضت حيضين وصدقها الزوج على ذلك؟
الجواب: إذا لم تحض إلا حيضين فالنكاح الثاني باطل باتفاق الأئمة وإذا كان الزوج مصدقا لها وجب أن يفرق بينهما فتكتمل عدة الأول بحيضة ثم تعتد من وطء الثاني عدة كاملة ثم بعد ذلك إن شاء الثاني أن يتزوجها تزوجها
501 - 103 مسألة: في رجل تزوج مصافحة وقعدت معه أياما فطلع لها زوج آخر فحمل الزوج والزوجة وزوجها الأول فقال لها: تريدين الأول أو الثاني فقالت: ما أريد إلا الزوج الثاني فطلقها الأول ورسم للزوجة أن توفي عدته وتم معها الزوج فهل يصح ذلك لها أم لا؟
الجواب: إذا تزوجت بالثاني قبل أن توفي عدة الأول وقد فارقها الأول إما لفساد نكاحه وإما لتطلبه لها وإما لتفريق الحاكم بينهما فنكاحها فاسد وتستحق العقوبة هي وهو ومن زوجها بل عليها أن تتم عدة الأول ثم إن كان الثاني قد وطأها اعتدت له عدة أخرى فإذا انقضت العدتان تزوجت حينئذ بمن شاءت بالأول أو بالثاني أو غيرهما