الرئيسيةبحث

محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة السابعة والستون


كتـاب الصلاة

الأعمال المستحبة في الصلاة وليست فرضا

454 - مسألة : ونستحب لكل مصل إذا رفع رأسه من السجدة الثانية أن يجلس متمكنا ثم يقوم من ذلك الجلوس إلى الركعة الثانية والرابعة ؟ . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد بن الصباح أنا هشيم أنا خالد هو الحذاء - عن أبي قلابة أنا مالك بن الحويرث الليثي { أنه رأى النبي ﷺ يصلي ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا } . وهو عمل طائفة من السلف - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا إسماعيل هو ابن علية - عن أيوب السختياني عن أبي قلابة { ثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث في مسجدنا قال : إني لأصلي بكم ما أريد الصلاة ، ولكني أريد أريكم كيف رأيت رسول الله ﷺ قال أبو قلابة : كان يصلي مثل صلاة شيخنا هذا ، يعني عمرو بن سلمة إمامكم ، وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى قعد ثم قام } . قال علي : عمرو هذا له صحبة ، ولأبيه صحبة ، فهو عمل طائفة من الصحابة وغيرهم معهم ؟ وروينا - عن أحمد بن حنبل : أن حماد بن زيد كان يفعل ذلك على حديث مالك بن الحويرث ، وهو قول الشافعي وأحمد ، وداود ؟ ولم ير ذلك أبو حنيفة ومالك قال علي : وهذا مما تركوا فيه عمل صاحبين لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم يعظمون ذلك إذا وافق تقليدهم ؟ فإن احتجوا بحديث أبي حميد - الذي نذكره بعد هذا الفصل إن شاء الله تعالى - بأنه ليس فيه هذا الجلوس ؟ قلنا لهم : لا حجة لكم في هذا ، لأنه ليس تذكر جميع السنن في كل حديث ، وإن كان لم يذكره أبو حميد فقد ذكره غيره من الصحابة ، ولم يذكر أبو حميد أنه كان لا يفعل ذلك ، فمن أقحم ذلك في حديث أبي حميد فقد كذب على أبي حميد ، وعلى رسول الله ﷺ ولا فرق بين من قال : لو فعل ذلك رسول الله ﷺ لذكر أبو حميد أنه فعله - : وبين من عارضه ، فقال : لو لم يفعله رسول الله ﷺ لذكر أبو حميد أنه كان لا يفعله ؟ والعجب أنهم خالفوا حديث أبي حميد فيما ذكر فيه نصا ، كما نبين إن شاء الله تعالى ، فلم يروه حجة فيما فيه ، واحتجوا به فيما ليس فيه وهذا عجب جدا ؟ قال علي : وهذا مما تركوا فيه السنة والقياس وهم يدعون أنهم أصحاب قياس ؟ فهلا قالوا : كما لا يقوم إلى الركعة الثالثة إلا من قعود فكذلك لا يقوم إلى الثانية والرابعة إلا من قعود ، ولكنهم لا السنن يتبعون ، ولا القياس يحسنون - وبالله تعالى التوفيق ؟

455 - مسألة : ففي الصلاة أربع جلسات : جلسة بين كل سجدتين ، وجلسة إثر السجدة الثانية من كل ركعة ، وجلسة للتشهد بعد الركعة الثانية ، يقوم منها إلى الثالثة في المغرب ، والحاضر في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، وجلسة للتشهد في آخر كل صلاة ، يسلم في آخرها . وصفة جميع الجلوس المذكور أن يجعل أليته اليسرى على باطن قدمه اليسرى مفترشا لقدمه ، وينصب قدمه اليمنى ، رافعا لعقبها ، مجلسا لها على باطن أصابعها ، إلا الجلوس الذي يلي السلام من كل صلاة ، فإن صفته : أن يفضي بمقاعده إلى ما هو جالس عليه ، ولا يقعد على باطن قدمه فقط ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ابن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه { عن وائل بن حجر قال : قلت : لأنظرن إلى صلاة رسول الله ﷺ كيف يصلي فقام رسول الله ﷺ فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه ثم أخذ شماله بيمينه ، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى } ، وذكر باقي الحديث . فهذا عموم لكل جلوس في الصلاة - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا محمد بن يوسف الفربري ثنا البخاري ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث هو ابن سعد - عن يزيد بن أبي حبيب ، ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن { محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا في نفر من أصحاب النبي ﷺ فذكرنا صلاة النبي ﷺ فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله ﷺ رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه ، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثم هصر ظهره ، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته } . قال البخاري : سمع الليث يزيد بن أبي حبيب ، وسمع يزيد بن حلحلة وابن حلحلة عن ابن عطاء ، وروينا من طريق عبد الرزاق عن عطاء ونافع مولى ابن عمر ، كلاهما عن ابن عمر : أنه كان يجلس في مثنى فيجلس على اليسرى رجليه ، يتبطنها جالسا عليها ، ويقعي على أصابع يمناه ثانيها وراءه ؟ وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ؟ وقال أبو حنيفة : الجلوس كله - لا نحاش شيئا - مفترشا بأليته اليسرى باطن قدمه اليسرى ؟ وقال مالك : الجلوس كله - لا نحاش شيئا - مفضيا بمقاعده إلى الأرض قال علي : وكلا القولين خطأ وخلاف للسنة الثابتة التي أوردنا ؟ ومن العجب احتجاج الطائفتين كلتيهما بحديث أبي حميد المذكور في إسقاط الجلسة إثر السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة ، وليس فيه ذكر لها أصلا ، لا بإثبات ولا بإسقاط ، ثم يخالفون حديث أبي حميد في نص ما فيه من صفة الجلوس وهذا غريب جدا واعترض بعض المعترضين بالباطل على حديث أبي حميد هذا بأن العطاف بن خالد رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء عن رجل عن أبي حميد ، وأن محمد بن عمرو بن عطاء روى هذا الحديث أيضا عن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه وليس فيه هذا التقسيم . قال علي : هذا اعتراض من لا يتقي الله ؛ لأن عطاف بن خالد ساقط لا تحل الرواية عنه إلا على بيان ضعفه ، فلا يجوز أن يحتج به على رواية الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو عن عطاء أنه شهد الأمر . وأما رواية محمد بن عمرو عن عباس بن سهل فهذا خطأ ممن قال ذلك . إنما رواه عيسى بن عبد الله بن مالك عن عباس بن سهل ، أو عياش - هكذا بالشك . ورواه أيضا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل - : وهاتان الروايتان أيضا - على علاتهما - موافقتان لروايتي أبي حميد . وقال بعض القائلين : إن بعض الرواة روى حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد فذكر فيه : أن أبا قتادة شهد المجلس وأبو قتادة قتل مع علي ، ولم يدركه محمد بن عمرو . قال علي : والذي ذكر عن أبي قتادة أنه قتل مع علي من أحاديث السمريين والروافض ، ولا يصح ذلك ، ولا يعترض بمثل هذا على رواية الثقات . وأيضا : فإنما ذكر أبا قتادة : عبد الحميد بن جعفر ، ولعله وهم فيه ، فبطل ما شغبوا به ، وبالله تعالى التوفيق

456 - مسألة : وفرض على كل مصل أن يضع - إذا سجد - يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك الخولاني ثنا محمد بن بكر البصري ثنا أبو داود ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي - ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : { إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه } . فإن ذكر ذاكر ما حدثناه حمام بن أحمد ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن زهير بن حرب ثنا العلاء بن إسماعيل ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال : { رأيت رسول الله ﷺ إذا دخل في الصلاة فإذا انحط للسجود سبقت ركبتاه يديه } . قلنا : هذا لا حجة فيه لوجهين - : أحدهما : أنه ليس في حديث أنس : أنه عليه السلام كان يضع ركبتيه قبل يديه ، وإنما فيه : سبق الركبتين اليدين فقط ، وقد يمكن أن يكون هذا السبق في حركتهما لا في وضعهما ، فيتفق الخبران والثاني : أنه لو كان فيه بيان وضع الركبتين قبل اليدين ، لكان ذلك موافقا لمعهود الأصل في إباحة كل ذلك ، ولكان خبر أبي هريرة واردا بشرع زائد رافع للإباحة السالفة بلا شك ، ناهية عنها بيقين ، ولا يحل ترك اليقين لظن كاذب - وبالله تعالى التوفيق ؟ وركبتا البعير : هي في ذراعيه

457 - مسألة : ونستحب لكل مصل إماما كان أو مأموما أو منفردا في فرض كان أو نافلة ، رجلا كان أو امرأة - : أن يسلم تسليمتين فقط : إحداهما عن يمينه ، والأخرى عن يساره ، يقول في كلتيهما " السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله " لا ينوي بشيء منهما سلاما على إنسان لا على المأمومين ولا على من على يمينه ، ولا ردا على الإمام ، ولا على من على يساره لكن ينوي بالأولى - وهي الفرض - الخروج من الصلاة فقط ، والثانية : سنة حسنة ، لا يأثم تاركها ؟ أما وجوب فرض التسليمة الأولى فقد ذكرناه قبل ، فأغنى عن إعادته ؟ وأما التسليمة الثانية : فإن عبد الله بن ربيع التميمي حدثنا قال : ثنا محمد بن معاوية المرواني ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن المثنى ، وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - قال إسحاق : ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ويحيى بن آدم ، وقال ابن المثنى : ثنا ابن معاذ العنبري ، قال الفضل ويحيى ، ومعاذ : ثنا زهير هو أبو معاوية - عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود ، وعلقمة عن { عبد الله بن مسعود قال : رأيت رسول الله ﷺ يكبر في كل خفض ، ورفع ، وقيام ، وقعود ، ويسلم عن يمينه وعن شماله : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، حتى يرى بياض خده ورأيت أبا بكر ، وعمر يفعلانه } ورويناه أيضا من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود عن رسول الله ﷺ كذلك وعن عبد الرزاق عن معمر ، وسفيان الثوري كلاهما عن حماد بن أبي سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود عن رسول الله ﷺ كذلك ؟ وعن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود عن رسول الله ﷺ وعن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان ، { قلت لابن عمر : أخبرني عن صلاة رسول الله ﷺ فذكر " السلام عليكم ورحمة الله ، عن يمينه ، السلام عليكم ورحمة الله ، عن يساره } وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عمه عامر بن سعد عن أبيه { أن رسول الله ﷺ كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده } بأسانيد صحاح متواترة متظاهرة وهو فعل أبي بكر وعمر كما ذكرنا آنفا ؟ وروينا من طريق حارثة بن مضرب أن عمار بن ياسر كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله " وعن يساره " السلام عليكم ورحمة الله " ؟ ومن طريق أبي وائل وأبي عبد الرحمن السلمي : أن علي بن أبي طالب كان يسلم عن يمينه وعن شماله " السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله " ؟ وعن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار قال : كان مسجد الأنصار يسلمون تسليمتين عن أيمانهم وعن شمائلهم ، وكان مسجد المهاجرين يسلمون تسليمة واحدة ؟ ومن طريق أبي عبد الرحمن السلمي : أن ابن مسعود كان يسلم من الصلاة تسليمتين ؟ قال علي بن أحمد : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وعمار ، وابن مسعود : من أكابر المهاجرين ، وهو فعل أبي عبيدة بن عبد الله ، وخيثمة والأسود ، وعلقمة ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومن أدركوا من الصحابة وبه يقول إبراهيم النخعي ، وحماد بن سلمة ، وأبو حنيفة ، وسفيان ، والحسن بن حي ، والشافعي ، وأحمد ، وداود ، وجمهور أصحاب الحديث . وقال مالك : يسلم الإمام والفذ تسليمة واحدة ، ويسلم المأموم الذي ليس على يساره أحد تسليمتين ، إحداهما رد على الإمام ويسلم المأموم الذي على يساره غيره ثلاث تسليمات ، الثالثة رد على الذي عن يساره ؟ قال علي : أما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن النبي ﷺ لأن الأخبار في ذلك إنما هي من طريق محمد بن المفرج عن محمد بن يونس وكلاهما مجهول أو مرسل من طريق الحسن أو من طريق زهير بن محمد ، وهو ضعيف أو من طريق ابن لهيعة ، وهو ساقط والثابت عن سعد تسليمتان كما ذكرنا ، فهي زيادة عدل ، ثم لو صحت لكان من روى تسليمتين قد زاد حكما وعلما على من لم يرو إلا واحدة ، وزيادة العدل لا يجوز تركها ، وهي زيادة خير ؟ وإنما لم نقل بوجوب التسليمتين جميعا فرضا كما قال الحسن بن حي : فلأن الثانية إنما هي فعل رسول الله ﷺ فليست أمرا منه عليه السلام ، وإنما يجب أمره لا فعله ؟ وتفريق مالك بين سلام المأموم والإمام والمنفرد - : قول لا برهان له عليه ، لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ولا قول لصاحب ولا قياس ؟ وإنما قلنا : إن التسليم خروج عن الصلاة فقط ، لا يجوز أن يكون ابتداء سلام ولا ردا ، لبرهانين - : أحدهما : الثابت عن رسول الله ﷺ من طريق ابن مسعود " { أن الله أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة } وأنه عليه السلام قال : { إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس } من طريق معاوية بن الحكم والتسليم المقصود به الابتداء أو الرد : كلام مع الناس ، وهذا منسوخ لا يحل ، بل تبطل به الصلاة إن وقع ؟ والثاني : أنهم مجمعون معنا على أن الفذ يقول " السلام عليكم ، وليس بحضرته إنسان يسلم عليه ، وكذلك الإمام لا يكون معه إلا الواحد ، فإنه يقول " السلام عليكم " بخطاب الجماعة فصح أنه ليس ابتداء سلام على إنسان ولا ردا ؟ فإن ذكر ذاكر ما رويناه من طريق مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو كريب قالا : ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال : { خرج علينا رسول الله ﷺ فقال : مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ اسكنوا في الصلاة } ؟ وبه إلى مسلم : ثنا أبو كريب ثنا ابن أبي زائدة عن مسعر ثنا عبيد الله ابن القبطية عن جابر بن سمرة قال : { كنا إذا صلينا مع رسول الله ﷺ قلنا : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، وأشار بيده إلى الجانبين ، فقال رسول الله ﷺ : علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله } قال علي : لا حجة في هذا لمن ذهب إلى تسليمة واحدة ، لأن فيه تسليمتين كما ترى ؟ وأما من تعلق به في أن السلام من الصلاة ابتداء : سلام على من معه ، فإن هذا بلا شك كان ثم نسخ ؛ لأن نص الخبر : أنهم كانوا يفعلون ذلك في الصلاة ، فأمروا بالسكون فيها ، وأن هذا كان إذ كان الكلام في الصلاة مباحا ثم نسخ ، وليس فيه : أن المراد بذلك التسليم ، الذي هو التحليل من الصلاة ، فبطل تعلقهم به - وبالله تعالى التوفيق ؟

458 - مسألة : ونستحب إذا أكمل التشهد في كلتا الجلستين أن يصلي على رسول الله ﷺ فيقول : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن سلمة عن ابن القاسم حدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر : أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري - وعبد الله بن زيد هو الذي أرى النداء للصلاة - أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال : { أتانا رسول الله ﷺ في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلي عليك ؟ فسكت رسول الله ﷺ حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد } ؟ حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - ثنا روح عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرو بن سليم أنا أبو حميد الساعدي " أنهم { قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } ؟ وبه إلى مسلم : ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة قال : سمعت ابن أبي ليلى هو عبد الرحمن - قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ { خرج علينا رسول الله ﷺ فقلنا : قد عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } قال علي : جمعنا قبل جميع ألفاظه عليه السلام في هذه الأحاديث . وإن اقتصر المصلي على بعض ما في هذه الأخبار أجزأه ، وإن لم يفعل أصلا كرهنا ذلك ، وصلاته تامة إلا أن فرضا عليه ولا بد أن يقول ما في خبر من هذه الأخبار ولو مرة واحدة في دهره ، لأمره عليه السلام بأن يقال ذلك ولقول الله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } والمرء إذا فعل ما أمر به مرة فقد أدى ما عليه ، إلا أن يأتي الأمر بترديد ذلك مقادير معلومة ، أو في أوقات معلومة ، فيكون ذلك لازما ومن قال : إن تكرار ما أمر به يلزم - : كان كلامه باطلا ، لأنه يكلف من ذلك ما لا حد له ، ولو كان ذلك لازما لأدى إلى بطلان كل شغل ، وبطلان سائر الأوامر ، وهذا هو الإصر والحرج اللذان قد آمننا الله تعالى منهما وإنما كرهنا تركه ، لأنه فضل عظيم لا يزهد فيه إلا محروم وصح { عن النبي ﷺ : أن من صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشرا } ؟ وقال الشافعي : من لم يصل على النبي ﷺ في صلاته بطلت صلاته ، واحتج بأن التسليم على رسول الله ﷺ فرض ، وهو في التشهد فرض . قال : وقد روى عبد الرحمن بن بشر عن أبي مسعود : { قيل للنبي ﷺ : أمرنا أن نصلي عليك وأن نسلم ، فأما السلام فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك ؟ فعلمهم عليه السلام } بعض ما ذكرنا قبل " وفي بعض ما ذكرنا : أنه عليه السلام قال لهم { : والسلام كما علمتم } قالوا : فالصلاة فرض حيث السلام ؟ قال علي : لو أن رسول الله ﷺ قال : إن الصلاة حيث يكون السلام : لكان ما قالوه ، لكن لما لم يقله عليه السلام ، لم يكن ذلك ، ولم يجز أن نحكم بما لم يقل عليه السلام ، فيكون فاعل ذلك يقنت له عليه السلام ما لم يقل ، وشارعا ما لم يأذن به الله تعالى قال علي : ولقد كان يلزم من قال : إن الصيام فرض في الاعتكاف من أجل أن الله تعالى ذكر الاعتكاف مع ذكره للصوم - : أن يجعل الصلاة على رسول الله ﷺ في كل صلاة فرضا ، لأن الله تعالى ورسوله ﷺ ذكرا الصلاة عليه مع التسليم عليه فإن ذكر ذاكر : حديث ابن وهب عن أبي هانئ أن أبا علي الجنبي حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول : { سمع رسول الله ﷺ رجلا يدعو في صلاته لم يمجد ( الله ) ولم يصل على النبي ﷺ ، فقال له رسول الله ﷺ : " عجلت أيها المصلي ثم علمهم رسول الله ﷺ فسمع رجلا يصلي فمجد الله تعالى وحمده وصلى على النبي ﷺ فقال له رسول الله ﷺ : ادع تجب ، وسل تعط } ؟ قال علي : ليس في هذا إيجاب الصلاة عليه ﷺ في الصلاة ، ولو كان ذلك لما قال له " عجلت " فليس من عجل في صلاته بمبطل لها ، بل كان يقول له : ارجع فصل فإنك لم تصل ، لكن في هذا الخبر استحباب الصلاة عليه ﷺ في الصلاة وغيرها فقط ؟ فإن ذكروا حديث كعب بن عجرة الذي فيه { أن رسول الله ﷺ اعترض له جبريل ، فقال له : بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فقال عليه السلام : آمين } ؟ قال علي : هذا خبر لا يصح ؛ لأن راويه أبو بكر بن أبي أويس ، وقد غمز غمزا شديدا عن محمد بن هلال ، وهو مجهول ، عن سعد بن إسحاق ، وهو مضطرب في اسمه غير مشهور الحال ولو صح لكان فيه إيجاب الصلاة على رسول الله ﷺ نصا متى ذكر في صلاة أو غيرها ، ولم يكن فيه تخصيص ما بعد التشهد في الصلاة بذلك وقد ذكر بعضهم ما يوافق قولهم عن أبي حميد ، وأبي أسيد ؟ قال علي : هذا لازم لمن رأى تقليد الصاحب ، لا لنا - وبالله تعالى التوفيق ؟

محلى ابن حزم - المجلد الأول/كتاب الصلاة

كتاب الصلاة (مسألة 275 - 280) | كتاب الصلاة (مسألة 281 - 284) | كتاب الصلاة (مسألة 285) | كتاب الصلاة (مسألة 286) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 286) | كتاب الصلاة (مسألة 287 - 295) | كتاب الصلاة (مسألة 296 - 300) | كتاب الصلاة (مسألة 301) | كتاب الصلاة (تتمة مسألة 301) | كتاب الصلاة (مسألة 302 - 313) | كتاب الصلاة (مسألة 314 - 321) | كتاب الصلاة (مسألة 322 - 334) | كتاب الصلاة (مسألة 335) | كتاب الصلاة (مسألة 336) | كتاب الصلاة (مسألة 337 - 347) | كتاب الصلاة (مسألة 344 - 348) | كتاب الصلاة (مسألة 349) | كتاب الصلاة (مسألة 350 - 353) | كتاب الصلاة (مسألة 354 - 360) | كتاب الصلاة (مسألة 361 - 368) | كتاب الصلاة (مسألة 369 - 371) | كتاب الصلاة (مسألة 372 - 376) | كتاب الصلاة (مسألة 377 - 384) | كتاب الصلاة (مسألة 385 - 391) | كتاب الصلاة (مسألة 392 - 394) | كتاب الصلاة (مسألة 395 - 412) | كتاب الصلاة (مسألة 413 - 420) | كتاب الصلاة (مسألة 421 - 434) | كتاب الصلاة (مسألة 435 - 442) | كتاب الصلاة (مسألة 443 - 446) | كتـاب الصلاة (مسألة 447 - 453) | كتـاب الصلاة (مسألة 454 - 458) | كتـاب الصلاة (مسألة 459 - 461) | كتـاب الصلاة (مسألة 462 - 466) | كتـاب الصلاة (مسألة 467 - 472) | كتـاب الصلاة (مسألة 473 - 484) | كتـاب الصلاة (مسألة 485) | كتـاب الصلاة (مسألة 486 - 488) | كتـاب الصلاة (مسألة 489 - 493) | كتـاب الصلاة (مسألة 494 - 496) | كتـاب الصلاة (مسألة 497 - 504) | كتـاب الصلاة (مسألة 505) | كتـاب الصلاة (مسألة 506 - 510) | كتـاب الصلاة (مسألة 511 - 512) | كتـاب الصلاة (مسألة 513) | كتـاب الصلاة (مسألة 514 - 518) | كتـاب الصلاة (مسألة 519 - 520) | كتاب الصلاة (مسألة 521 - 523) | كتاب الصلاة (مسألة 524 - 529) | كتاب الصلاة (مسألة 530 - 540) | كتاب الصلاة (مسألة 543 - 553) | كتاب الصلاة (مسألة 554 - 555) | كتاب الصلاة (مسألة 556 - 557)