→ كتـاب الصلاة (مسألة 486 - 488) | ابن حزم - المحلى كتـاب الصلاة (مسألة 489 - 493) المؤلف: ابن حزم |
كتـاب الصلاة (مسألة 494 - 496) ← |
كتـاب الصلاة
صلاة الجماعة
489 - مسألة : ومن صلى جنبا أو على غير وضوء - عمدا أو نسيانا - فصلاة من ائتم به صحيحة تامة ، إلا أن يكون علم ذلك يقينا فلا صلاة له ؛ لأنه ليس مصليا ، فإذا لم يكن مصليا فالمؤتم بمن لا يصلي عابث عاص مخالف لما أمر به ، ومن هذه صفته في صلاته فلا صلاة له وقال أبو حنيفة : لا تجزئ صلاة من ائتم بمن ليس على طهارة عامدا كان الإمام أو ناسيا ؟ وقال مالك : إن كان ناسيا فصلاة من خلفه تامة ، وإن كان عامدا فلا صلاة لمن خلفه ؟ وقال الشافعي ، وأبو سليمان ، كما قلنا ؟ قال علي : برهان صحة قولنا - : قول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وليس في وسعنا علم الغيب من طهارته ؟ وكل إمام يصلى وراءه في العالم : ففي الممكن أن يكون على غير طهارة عامدا أو ناسيا ، فصح أننا لم نكلف علم يقين طهارتهم ؟ وكل أحد يصلي لنفسه ، ولا يبطل صلاة المأموم - إن صحت - بطلان صلاة الإمام ، ولا يصح صلاة المأموم - إن بطلت - صحة صلاة الإمام . ومن تعدى هذا فهو مناقض ، لأنهم لا يختلفون - نعني الحنفيين ، والمالكيين - في أن الإمام إن أحدث مغلوبا فإن طهارته قد انتقضت . قال المالكيون : وصلاته أيضا قد بطلت . ثم لا يختلفون : أن صلاة من خلفه لم تنتقض ولا طهارتهم ، فبطل أن تكون صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام ، وأن تفسد بفسادها ، وهم أصحاب قياس بزعمهم . وهم لا يختلفون : في أن صلاة المأموم إن فسدت فإنه لا يصلحها صلاح صلاة الإمام ، فهلا طردوا أصلهم فقالوا : فكذلك إن صحت صلاة المأموم لم يفسدها فساد صلاة الإمام ؟ فلو صح قياس يوما ، لكان هذا أصح قياس في الأرض ؟ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا الفضل بن سهل ثنا الحسن بن موسى الأشيب ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال : { يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم } . قال علي : وعمدتنا في هذا هو ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود السجستاني ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن أبي بكرة : { أن رسول الله ﷺ دخل في صلاة الفجر فكبر فأومأ إليهم : أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر ، فصلى بهم ، فلما قضى الصلاة قال : إنما أنا بشر مثلكم ، وإني كنت جنبا } . قال علي : فقد اعتدوا بتكبيرهم خلفه وهو عليه السلام جنب قال علي : وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه : أن عمر بن الخطاب صلى بالناس وهو جنب فأعاد ، ولم يبلغنا أن الناس أعادوا ؟ وعن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر : أن أباه صلى بالناس صلاة العصر وهو على غير وضوء ، فأعاد ولم يعد أصحابه ؟ وعن إبراهيم النخعي ، والحسن ، وسعيد بن جبير : فيمن أم قوما وهو على غير طهارة ؟ أنه يعيد ولا يعيدون ، ولم يفرقوا بين ناس وعامد وقال عطاء : لا يعيدون خلف غير المتوضئ ، ويعيدون خلف الجنب - وهذا لا معنى له وروينا عن علي بن أبي طالب : يعيد ويعيدون ؟ ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ وقد خالفه عمر ، وابن عمر ، هذا لو صح عن علي ، فكيف ولا يصح ، لأن في الطريق إليه عباد بن كثير ، وهو مطرح ، وغالب بن عبيد الله وهو مجهول . وعبيد الله بن زحر عن علي بن زيد وكلاهما ضعيف ؟ وروى المخالفون عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى - وهو كذاب - عمن لم يسمه وهو مجهول - عن أبي جابر البياضي - وهو كذاب - عن سعيد بن المسيب : في القوم يصلون خلف من ليس على طهارة ناسيا - : أنهم يعيدون . ولو صح لكان مرسلا لا حجة فيه ، فكيف وفيه : كذابان ومجهول فحصلت الرواية عن عمر وابن عمر ، لا يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلافها ، وهي في غاية الصحة قال علي : وأما الألثغ ، والألكن ، والأعجمي اللسان ، واللحان : فصلاة من ائتم بهم جائزة . لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فلم يكلفوا إلا ما يقدرون عليه ، لا ما لا يقدرون عليه ، فقد أدوا صلاتهم كما أمروا ، ومن أدى صلاته كما أمر فهو محسن . قال تعالى : { ما على المحسنين من سبيل } . والعجب كل العجب ممن يجيز صلاة الألثغ واللحان والألكن لنفسه - ويبطل صلاة من ائتم بهم في الصلاة ، وهم - مع ذلك - يبطلون صلاة من صلى وهو جنب ناسيا ، ويجيزون صلاة من ائتم به وهو لا صلاة له وبالله تعالى التوفيق .
490 - مسألة : ولا تجوز إمامة من لم يبلغ الحلم ، لا في فريضة ، ولا نافلة ، ولا أذانه ؟ . وقال الشافعي : تجوز إمامته في الفريضة والنافلة ، ويجوز أذانه ؟ وقال مالك : تجوز إمامته في النافلة ولا تجوز في الفريضة قال علي : احتج من أجاز إمامته بما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد هو ابن سلمة - أنا أيوب هو السختياني - عن { عمرو بن سلمة الجرمي قال : كنا بحاضر يمر بنا الناس إذا أتوا النبي ﷺ فكانوا إذا رجعوا مروا بنا فأخبرونا : أن رسول الله ﷺ قال كذا وقال كذا ، وكنت غلاما حافظا ، فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا ، فانطلق أبي وافدا إلى رسول الله ﷺ في نفر من قومه فعلمهم الصلاة ، وقال : يؤمكم أقرؤكم فكنت أقرأهم لما كنت أحفظ ، فقدموني فكنت أؤمهم ، وعلي بردة لي صغيرة ، فكنت إذا سجدت تكشفت عني ، فقالت امرأة من النساء : واروا عنا عورة قارئكم ؟ فاشتروا لي قميصا عمانيا ، فما فرحت بشيء بعد الإسلام ما فرحت به فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين ؟ } قال علي : فهذا فعل عمرو بن سلمة ، وطائفة من الصحابة معه ، لا يعرف لهم من الصحابة رضي الله عنهم ، مخالف فأين الحنفيون ، والمالكيون : المشنعون بخلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم ؟ وهم أترك الناس له . لا سيما من قال منهم : إن ما لا يعرف فيه خلاف : فهو إجماع ، وقد وجدنا لعمرو بن سلمة هذا : صحبة ، ووفادة على النبي ﷺ مع أبيه . قال علي : وأما نحن فلا حاجة عندنا في غير ما جاء به رسول الله ﷺ من إقرار ، أو قول ، أو عمل ، ولو علمنا أن رسول الله ﷺ عرف هذا وأقره لقلنا به ، فأما إذا لم يأت بذلك أثر فالواجب عند التنازع أن يرد ما اختلفنا فيه إلى ما افترض الله علينا الرد إليه من القرآن والسنة - : فوجدنا رسول الله ﷺ قد قال : { إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أقرؤكم } فكان المؤذن مأمورا بالأذان ، والإمام مأمورا بالإمامة ، بنص هذا الخبر . ووجدناه ﷺ قد قال : { إن القلم رفع عن الصغير حتى يحتلم . } فصح أنه غير مأمور ولا مكلف . فإذ هو كذلك فليس هو المأمور بالأذان ، ولا بالإمامة ، وإذ ليس مأمورا بهما فلا يجزئان إلا من مأمور بهما ، لا ممن لم يؤمر بهما ، ومن ائتم بمن لم يؤمر أن يؤتم به - وهو عالم بحاله - فصلاته باطل ، فإن لم يعلم بأنه لم يبلغ ، وظنه رجلا بالغا - : فصلاة المؤتم به تامة ، كمن صلى خلف جنب ، أو كافر - لا يعلم بهما - ولا فرق وبالله التوفيق ؟ وأما الفرق بين إمامة من لم يبلغ في الفريضة وبين إمامته في النافلة - : فكلام لا وجه له أصلا ؛ لأنه دعوى بلا برهان
491 - مسألة : وصلاة المرأة بالنساء جائزة ، ولا يجوز أن تؤم الرجال ؟ وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي - إلا أن أبا حنيفة كره ذلك ، وأجاز ذلك - : وقال الشافعي : بل هي السنة - ومنع مالك من ذلك ؟ قال علي : أما منعهن من إمامة الرجال : فلأن رسول الله ﷺ أخبر : أن المرأة تقطع صلاة الرجل ، وأن موقفها في الصلاة خلف الرجال ، والإمام لا بد له من التقدم أمام المؤتمين ، أو من الوقوف عن يسار المأموم إذا لم يكن معه غيره . فلو تقدمت المرأة أمام الرجل لقطعت صلاته ، وصلاتها . وكذلك لو صلت إلى جنبه ، لتعديها المكان الذي أمرت به ، فقد صلت بخلاف ما أمرت ؟ وأما إمامتها النساء : فإن المرأة لا تقطع صلاة المرأة إذا صلت أمامها أو إلى جنبها ، ولم يأت بالمنع من ذلك قرآن ولا سنة ، وهو فعل خير ؟ وقد قال تعالى : { وافعلوا الخير } وهو تعاون على البر والتقوى . وكذلك : إن أذن وأقمن فهو حسن لما ذكرنا ؟ : حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن ميسرة بن حبيب النهدي هو أبو حازم - عن ريطة الحنفية : أن عائشة أم المؤمنين أمتهن في الفريضة ؟ : حدثنا يونس بن عبد الله ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا زياد بن لاحق عن تميمة بنت سلمة عن عائشة أم المؤمنين : أنها أمت النساء في صلاة المغرب فقامت وسطهن وجهرت بالقراءة وبه إلى يحيى بن سعيد القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أم الحسن بن أبي الحسن حدثتهم : أن أم سلمة أم المؤمنين كانت تؤمهن في رمضان وتقوم معهن في الصف ؟ قال علي : هي خيرة ثقة الثقات ، وهذا إسناد كالذهب . حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : تقيم المرأة لنفسها ؟ وقال طاوس : كانت عائشة أم المؤمنين تؤذن ، وتقيم ؟ : وبه إلى عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمار الدهني عن حجيرة بنت حصين قالت أمتنا أم سلمة أم المؤمنين في صلاة العصر ، وقامت بيننا . ورويناه أيضا : من طريق وكيع عن سفيان بإسناده . وعن ابن عباس : تؤم المرأة النساء ، وتقوم وسطهن ؟ وعن ابن عمر : أنه كان يأمر جارية له تؤم نساءه في رمضان ؟ وعن عطاء ، ومجاهد ، والحسن ، جواز إمامة المرأة للنساء في الفريضة ، والتطوع - وتقوم وسطهن في الصف وعن النخعي ، والشعبي : لا بأس بأن تصلي المرأة بالنساء في رمضان ، وتقوم وسطهن ؟ قال علي : وقال الأوزاعي ، وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه وأبو ثور : يستحب أن تؤم المرأة النساء ، وتقوم وسطهن ؟ قال علي : ما نعلم لمنعها من التقدم حجة أصلا ، وحكمها عندنا التقدم أمام النساء ، وما نعلم لمن منع من إمامتها النساء حجة أصلا . لا سيما وهو قول جماعة من الصحابة كما أوردنا ، لا مخالف لهم يعرف من الصحابة رضي الله عنهم أصلا ، وهم يعظمون هذا إذا وافق أهواءهم ، ويرونه خلافا للإجماع ، وهو سهل عليهم خلافهم ، إذا لم يوافق أهواءهم ، وبالله تعالى التوفيق
492 - مسألة : وإذا أحدث الإمام ، أو ذكر : أنه غير طاهر ، فخرج ، فاستخلف : فحسن - فإن لم يستخلف فليتقدم أحدهم يتم بهم الصلاة ولا بد ، فإن أشار إليهم أن ينتظروه ؟ ففرض عليهم انتظاره حتى ينصرف فيتم بهم صلاتهم ، ثم يتم لنفسه ؟ أما انتظاره : فلما ذكرنا آنفا من { ذكر رسول الله ﷺ أنه جنب فخرج وأومأ إليهم أن مكانكم ثم عاد ، وقد اغتسل فصلى بهم } ؟ وأما استخلافهم : فلما ذكرنا قبل من { أن النبي ﷺ مضى إلى قباء فقدم المسلمون أبا بكر فجاء رسول الله ﷺ . فلما أحس أبو بكر به تأخر وتقدم عليه السلام فصلى بالناس } ، ولأن فرضا على الناس أن يصلوا في جماعة كما قدمنا ، فلا بد لهم من إمام : إما باستخلاف إمامهم ، وإما باستخلافهم أحدهم ، وإما بتقدم أحدهم ؟ وقال أبو حنيفة : إن أحدث الإمام وهو ساجد فرفع رأسه ولم يكبر واستخلف : جاز ذلك . وصلاتهم كلهم تامة . فلو كبر ثم استخلف بطلت صلاة الجميع . فلو خرج من المسجد قبل أن يستخلف بطلت صلاة الجميع ؟ قال علي : وهذه أقوال في غاية الفساد والتخليط ، وليس عليها من بهجة الحق أثر ؟ وليت شعري إذا أحدث ساجدا فرفع رأسه ولم يكبر : في صلاة هو أم في غير صلاة ؟ وهل إمامته لهم باقية أو لا ؟ ولا بد من أحد الوجهين - : فإن قالوا : هو في صلاة وإمامته باقية ، جعلوه مصليا بلا وضوء ، وإماما بلا وضوء ، وهذا خلاف أصلهم الآخر الفاسد في بطلان صلاة من ائتم بإمام هو على غير طهارة ناسيا أو ذاكرا ؟ ثم نقول لهم : إذ هو في صلاة وهو بعد باق على إمامته لهم ؟ فما ذنبه إذ كبر فأبطل صلاة نفسه وصلاتهم ؟ هذه عداوة منكم لذكر الله تعالى وأخية قولكم : من عطس في صلاته فقال بلسانه " الحمد لله رب العالمين " بطلت صلاته ؟ ولو قعد مقدار التشهد فقذف محصنة ، أو ضرط عامدا لم تبطل صلاته تعالى الله ، ما أوحش هذه الأقوال التي لا يحل قبولها ؟ إلا لو قالها رسول الله ﷺ وحده ، الذي لم نأخذ الصلاة ، ولا الدين ، ولا ذكر الله تعالى إلا عنه ، فلا يحل لنا إذن شيء من ذلك إلا كما أمرنا وإن قالوا : بل ليس في صلاة ، ولا هم بعد في إمامته ؟ قلنا لهم : فإذ قد خرج بالحدث من إمامتهم وعن الطهارة التي لا صلاة إلا بها - : فما الذي ولد عليه تكبيره من الضرر ، حتى أحدث عليه قوله " الله أكبر " : بطلان صلاته ، وكذلك خروجه من المسجد ؟ وفي هذا القول من السخافة غير قليل وهذا مسجد بيت المقدس طوله ثمانمائة ذراع ونيف ، ورب مسجد ليس عرضه إلا ثلاثة أذرع أو نحوها ، وطوله مثل ذلك فقط ونحمد الله على تسليمه إيانا من مثل هذه الأقوال المنافرة لصحة الدماغ ؟ قال علي : فإن استخلف من دخل حينئذ ولم يكبر بعد ، أو قد كبر ، أو من أدرك معه أول صلاته ، أو قدموا لهم من هذه صفته ، أو تقدم هو - : فكل ذلك جائز ، إذ استخلاف إمام يتم بهم فرض كما ذكرنا ، لوجوب الصلاة في جماعة عليهم ، فليبدأ المستخلف - إن كان لم يدرك من الصلاة ركعة واحدة واستخلف في الثانية : فيتم تلك الركعة بهم ، ثم إذا سجد سجدتيها أشار إليهم فجلسوا ، وقام هو إلى ثانيته ، فإذا أتمها جلس وتشهد ، ثم قام وقاموا معه فأتم بهم الركعتين أو الركعة - : إن كانت المغرب ، فإن كانت الصبح فكذلك سواء سواء ، فإذا أتم تشهده سلم وسلموا ؟ فإن فاتته ركعتان واستخلف في الجلوس كبر وقاموا معه بعد أن يتموا تشهدهم بأسرع ما يمكن ، وأتى بالركعتين الباقيتين وهم معه ، فإذا جلسوا قام إلى باقي صلاته فأتمها ثم يتشهد ويسلم ويسلمون ، فإن كان ذلك في جلوس الصبح فكذلك ، ثم جلس وتشهد وسلم وسلموا ؟ فإن فاتته ثلاث ركعات واستخلف في أول الرابعة صلاها ، فإذا رفع من آخر سجوده قام وجلسوا ، ثم أتى بركعة وجلس وتشهد ، ثم قام وأتى بباقي صلاته ، ثم جلس وتشهد وسلم وسلموا ؟ وبالجملة فلا يصلي إلا صلاة نفسه ، لا كما كان يصلي لو كان مأموما ، لأنه إمام والإمام لا يتبع أحدا في صلاته لكن يتبع فيها ، وأما هم فيتبعونه فيما لا يريدون به في صلاتهم وقوفا ولا سجدة ثالثة ، وكل أحد يصلي لنفسه قال تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } فإن كان المستخلف في مؤخر الصفوف فما بين ذلك إلى أحد جهات الصف الأول - : ففرض عليه المشي مستقبلا للقبلة كما هو على أحد جنبيه إلى موقف الإمام ؛ لأن فرض الإمام - لغير الضرورة - أن يقف أمام المأمومين وهم وراءه ولا بد ، ففرض عليه المشي إلى ما أمر به من ذلك ، ولا يجوز له أن يخالف عن كون وجهه إلى شطر المسجد الحرام ، إلا لضرورة لا يقدر على غير ذلك معها - وبالله تعالى التوفيق .
493 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يؤم وهو ينظر ما يقرأ به في المصحف ، لا في فريضة ولا نافلة ، فإن فعل عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته ، وصلاة من ائتم به عالما بحاله ، عالما بأن ذلك لا يجوز ؟ قال علي : من لا يحفظ القرآن فلم يكلفه الله تعالى قراءة ما لا يحفظ ، لأنه ليس ذلك في وسعه . قال تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فإذا لم يكن مكلفا ذلك فتكلفه ما سقط عنه : باطل ، ونظره في المصحف عمل لم يأت بإباحته في الصلاة نص . وقد قال عليه السلام : { إن في الصلاة لشغلا } ؟ وكذلك صلاة من صلى على عصا ، أو إلى حائط لضعفه عن القيام ؛ لأنه لم يؤمر بذلك وحكم من هذه صفته أن يصلي جالسا وليس له أن يعمل في صلاته ما لم يؤمر به . ولو كان ذلك فضلا لكان رسول الله ﷺ أولى بذلك ، لكنه لم يفعله ، بل صلى جالسا إذ عجز عن القيام ، وأمر بذلك من لا يستطيع ، فصلاة المعتمد : مخالفة لأمر رسول الله ﷺ . وقد قال عليه السلام : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد . } وهو قول سعيد بن المسيب ، والحسن ، وغيرهما