→ كتاب الصلاة (مسألة 421 - 434) | ابن حزم - المحلى كتاب الصلاة (مسألة 435 - 442) المؤلف: ابن حزم |
كتاب الصلاة (مسألة 443 - 446) ← |
كتـاب الصلاة
435 - مسألة : والصلاة جائزة على ظهر الكعبة ، وعلى أبي قبيس ، وعلى كل سقف بمكة ، وإن كان أعلى من الكعبة ، وفي جوف الكعبة أينما شئت منها ، الفريضة والنافلة سواء وقال مالك : لا تجوز الصلاة في جوف الكعبة ، الفرض خاصة ، وأجاز فيها التنفل والذي قلنا نحن : هو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وغيرهم . واحتج أتباع مالك بأن قالوا : إن من صلى داخل الكعبة فقد استدبر بعض الكعبة قال علي : إنما قال الله عز وجل { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } . فلو كان ما ذكره المالكيون حجة لما حل لأحد أن يصلي في المسجد الحرام ؛ لأنه هو القبلة بنص كلام الله تعالى في القرآن ، وكل من يصلي فيه فلا بد له من أن يستدبر بعضه - فظهر فساد هذا القول وأيضا : فإن كل من صلى إلى المسجد الحرام ، أو إلى الكعبة فلا بد له من أن يترك بعضها عن يمينه وبعضها عن شماله ، ولا فرق عند أحد من أهل الإسلام في أنه لا فرق بين استدبار القبلة في الصلاة ، وبين أن يجعلها على يمينه أو على شماله . فصح أنه لم يكلفنا الله عز وجل قط مراعاة هذا ، وإنما كلفنا أن نقابل بأوجهنا ما قابلنا من جدار الكعبة أو من جدار المسجد قبالة الكعبة حيثما كنا فقط - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عبد الله بن يوسف قال : أنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال { دخل رسول الله ﷺ الكعبة وأسامة بن زيد ، وبلال ، وعثمان بن طلحة الحجبي ، فأغلقها عليه ومكث فيها ، فسألت بلالا حين خرج : ما صنع النبي ﷺ قال : جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة من ورائه ثم صلى } . قال علي : ما قال أحد قط إن صلاته المذكورة ﷺ كانت إلى غير القبلة ، وقد نص عليه السلام على أن الأرض كلها مسجد ، وباطن الكعبة أطيب الأرض وأفضلها ، فهي أفضل المساجد وأولاها بصلاة الفرض والنافلة . ولا يجوز لغير الراكب ، أو الخائف ، أو المريض أن يصلي نافلة إلى غير القبلة ، والتفريق بين الفرض والنافلة بلا قرآن ولا سنة ولا إجماع خطأ - وبالله تعالى التوفيق . وكل مكان أعلى من الكعبة فإنما علينا مقابلة جهة الكعبة فقط ؛ وقد هدمت الكعبة لتجدد فما قال أحد ببطلان صلاة المسلمين
436 - مسألة : ومن صلى وفي قبلته مصحف فذلك جائز ، ما لم يتعمد عبادة المصحف ؛ إذ لم يأت نص ، ولا إجماع ، بالمنع من ذلك .
437 - مسألة : ومن صلى وفي قبلته نار ، أو حجر ، أو كنيسة ، أو بيعة ، أو بيت نار ، أو إنسان ، مسلم ، أو كافر ، أو حائض ، أو أي جسم كان - حاشا الكلب ، والحمار ، وغير المضطجعة من النساء - فكل ذلك جائز ، لأنه لم يأت بالفرق بين شيء مما ذكرنا وبين سائر الأجسام كلها قرآن ولا سنة ولا إجماع . ولا بد من أن يكون بين يدي المصلي جسم من أجسام العالم ؛ فالتفريق بينها باطل ؛ لأنه دعوى بلا برهان - وبالله تعالى التوفيق .
438 - مسألة : والصلاة في البيعة ، والكنيسة ، وبيت النار والمجزرة - ما اجتنب البول والفرث والدم - وعلى قارعة الطريق ، وبطن الوادي ، ومواضع الخسف ؛ وإلى البعير والناقة ، وللتحدث ، والنيام وفي كل موضع - : جائزة ، ما لم يأت نص أو إجماع متيقن في تحريم الصلاة في مكان ما ؛ فيوقف عند النهي في ذلك حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن معمر ، وسفيان الثوري كلاهما عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : { قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول قال : المسجد الحرام ، قلت : ثم أي قال : المسجد الأقصى ، قلت : كم بينهما قال أربعون سنة ، ثم حيثما أدركتك الصلاة فصل ، فهو مسجد } . قال علي : فهذا نص جلي أن الكعبة مسجد ، مع مجيء القرآن بذلك ، وما علم أحد مسجدا تحرم فيه صلاة الفرض وتحل فيه النافلة وروينا عن رسول الله ﷺ من طريق أبي هريرة ، وجابر ، وحذيفة ، وأنس : { أن من فضائلنا : أن الأرض جعلت لنا مسجدا } . وكل ما ذكرنا من الأرض ، فالصلاة فيه جائزة ، حاشا ما جاء النص من المنع من الصلاة فيه كعطن الإبل ، والحمام ، والمقبرة ، وإلى قبر وعليه ، والمكان المغصوب ، والنجس ، ومسجد الضرار فقط وإنما جاء النهي عن الصلاة في المجزرة ، وظهر بيت الله الحرام ، من طريق زيد بن جبيرة ، وهو لا شيء . ومن طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف . وجاء النهي عن الصلاة في موضع الخسف من طريق ابن لهيعة ، وهو لا شيء . وجاء النهي عن الصلاة على قارعة الطريق من طريق الحسن عن جابر ، ولا يصح سماع الحسن من جابر .
439 - مسألة : والصلاة جائزة على الجلود ، وعلى الصوف ، وعلى كل ما يجوز القعود عليه إذا كان طاهرا . وجائز للمرأة أن تصلي على الحرير . وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وغيرهم . وقال عطاء : لا تجوز الصلاة إلا على التراب والبطحاء . وقال مالك : تكره الصلاة على غير الأرض أو ما تنبت الأرض . قال علي : هذا قول لا دليل على صحته ، والسجود واجب على سبعة أعضاء : الرجلين ، والركبتين ، واليدين ، والجبهة والأنف . وهو يجيز وضع جميع هذه الأعضاء على كل ما ذكرنا ، حاشا الجبهة ؛ فأي فرق بين أعضاء السجود ولا سبيل إلى وجود فرق بينها : لا من قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا من إجماع ولا من قياس ، ولا من قول صاحب ولا من رأي له وجه - وبالله تعالى التوفيق . وروينا عن ابن مسعود : أنه صلى على مسح شعر وعن عمر بن الخطاب : أنه كان يسجد في صلاته على عبقري وهو بساط صوف وعن ابن عباس : أنه سجد في صلاته على طنفسة وهي بساط صوف وعن أبي الدرداء مثل ذلك . وعن شريح والزهري مثل ذلك ، وعن الحسن ، ولا مخالف لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
440 - مسألة : ومن زوحم يوم الجمعة أو غيرها فلم يقدر على السجود على ما بين يديه ، فليسجد على رجل من يصلي بين يديه أو على ظهره ويجزئه . وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي ، وأبي سليمان ، وغيرهم . وقال مالك : لا يجوز ذلك قال علي : أمرنا الله تعالى بالسجود ، ولم يخص شيئا نسجد عليه من شيء { وما كان ربك نسيا } . حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود ثنا أحمد بن سعيد بن حزم ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن زيد بن وهب عن عمر بن الخطاب قال : إذا اشتد الحر فليسجد أحدكم على ثوبه ، وإذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر رجل . وروينا عن الحسن البصري ، وعن طاوس : إذا كثر الزحام فاسجد على ظهر أخيك ؛ وعن مجاهد : اسجد على رجل أخيك . ولا يعرف في هذا لعمر رضي الله عنه من الصحابة رضي الله عنهم مخالف .
441 - مسألة : وجائز للإمام أن يصلي في مكان أرفع من مكان جميع المأمومين ، وفي أخفض منه ؛ سواء في كل ذلك العامة ، والأكثر ، والأقل فإن أمكنه السجود فحسن ؛ وإلا فإذا أراد السجود فلينزل حتى يسجد حيث يقدر ، ثم يرجع إلى مكانه وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان . وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يجوز ذلك . وأجازه أبو حنيفة في مقدار قامة فأقل ، وأجازه مالك في الارتفاع اليسير قال علي : هذان تحديدان فاسدان ؛ لم يأت بهما نص القرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا قول صاحب ولا رأي له وجه ، وما علم في شيء من ذلك فرق بين قليل الارتفاع وكثيره ، والتحريم والتحليل والتحديد بينهما لا يحل إلا بقرآن أو سنة . ولئن كان وقوف الإمام في الصلاة في مكان أرفع من المأمومين بمقدار أصبع حلالا ، فإنه لحلال بأصبع بعد أصبع ، حتى يبلغ ألف قامة وأكثر ، ولئن كانت الألف قامة حراما في ذلك فإنه لحرام كله إلى قدر الأصبع فأقل وإن المتحكم في التفريق بين ذلك برأيه لقائل على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ ما لم يقله قط والعجب أن أبا حنيفة ، ومالكا قالا : إن كان مع الإمام في العلو طائفة جازت صلاته بالذين أسفل وإلا فلا وهذا عجب وزيادة في التحكم وأجازا : أن يكون الإمام في مكان أسفل من المأمومين ، وهذا تحكم ثالث كل ذلك دعوى بلا برهان قال علي : والحكم في ذلك أن يكون المأمومون خلف الإمام صفوفا صفوفا ، فلا يحل لهم أن يخلوا بهذه الرتبة ، لما قد ذكرنا قبل من وجوب ترتيب الصفوف ، بأمر رسول الله ﷺ بذلك ، فإن اتفق مصلى الإمام في دكان ، أو غرفة ، أو رابية ، لا يسع فيها معه صف خلفه : صلوا تحته حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى ، وقتيبة بن سعيد كلاهما عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه . أن نفرا جاءوا إلى سهل بن سعد فقال سهل : { رأيت رسول الله ﷺ قام عليه - يعني على المنبر - فكبر وكبر الناس ، وراءه وهو على المنبر ، ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ، ثم أقبل على الناس فقال : يا أيها الناس ، إني إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي } . قال علي : لا بيان أبين من هذا في جواز صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين واحتج المخالفون بخبر فيه النهي عن صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين وهو خبر ساقط ، انفرد به زياد بن عبد الله البكائي ، وهو ضعيف . والخبر الذي أوردنا إجماع من الصحابة بحضرة رسول الله ﷺ فهذا هو الحجة لا الباطل الملفق . وقال بعض المخالفين : هذا من الكبر قال علي : هذا باطل ويعكس عليهم في إجازتهم صلاة المأمومين في مكان أرفع من مكان الإمام فيقال لهم : هذا كبر من المأمومين ولا فرق ويلزمهم على هذا أن يمنعوا أيضا من صلاة الإمام متقلدا سيفا ، ولابس درع فهذا أدخل في الكبر من صلاته في مكان عال وبمثل قولنا يقول أحمد بن حنبل ، والليث بن سعد ، والبخاري ، وغيرهم ، وبالله تعالى التوفيق .
442 - مسألة : رفع اليدين عند كل ركوع وسجود وقيام وجلوس ، سوى تكبيرة الإحرام ؟ قال علي : اختلف الناس في هذا - : فطائفة : لم ترفع اليدين في شيء من الصلاة إلا في أولها عند تكبيرة الإحرام على ظلع أيضا . ورأوه أيضا - إن كان - فرفع يسير - وهذه رواية ابن القاسم عن مالك ؟ وقال أبو حنيفة ، وأصحابه برفع اليدين للإحرام أولا - سنة لا فريضة - ومنعوا منه في باقي الصلاة ورأت طائفة : رفع اليدين عند الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع من الركوع . وهو قول الشافعي : وأحمد وأبي سليمان ، وأصحابهم . وهو رواية أشهب ، وابن وهب ، وأبي المصعب ، وغيرهم ، عن مالك أنه كان يفعله ويفتي به ؟ ورأت طائفة : رفع اليدين عند كل تكبير في الصلاة ، الفرض والتطوع ، وعند كل قول : سمع الله لمن حمده ؟ فأما رواية ابن القاسم عن مالك فما نعلم لها وجها أصلا ، ولا تعلقا بشيء من الروايات ، ولا قائلا بها من الصحابة ولا من التابعين ؟ وأما قول أبي حنيفة فإنهم احتجوا بما حدثناه حمام ثنا عبد الله بن محمد الباجي ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا زهير بن حرب ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود قال : { ألا أريكم صلاة رسول الله ﷺ ؟ فرفع يديه في أول تكبيرة ثم لم يعد } قالوا : وكان علي ، وابن مسعود ، لا يرفعان أيديهما إلا في تكبيرة الإحرام فقط . ما نعلم لهم حجة غير هذا ، ولا حجة لهم فيه ، لما نذكر إن شاء الله تعالى ، فنقول : وبالله تعالى التوفيق - : إن هذا الخبر صحيح ، وليس فيه إلا أن رفع اليدين فيما عدا تكبيرة الإحرام ليس فرضا فقط ، ولولا هذا الخبر لكان رفع اليدين - عند كل رفع وخفض وتكبير وتحميد في الصلاة - : فرضا ؛ لأنه قد صح عن النبي ﷺ رفع اليدين عند كل رفع على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله عز وجل . وصح عنه عليه السلام أنه قال : { صلوا كما تروني أصلي } وقد ذكرناه بإسناده في كتابنا هذا في باب وجوب الأذان والإقامة . فلولا حديث ابن مسعود هذا لكان فرضا على كل مصل أن يصلي كما كان عليه السلام يصلي . وكان عليه السلام يصلي رافعا يديه عند كل رفع وخفض ، لكن لما صح خبر ابن مسعود علمنا أن رفع اليدين فيما عدا تكبيرة الإحرام : سنة وندب فقط ؟ وإن كان علي ، وابن مسعود رضي الله عنهما لا يرفعان ، فقد كان ابن عمر ، وابن عباس ، وجماعة من أصحاب رسول الله ﷺ يرفعون فليس فعل بعضهم حجة على فعل بعض ، بل الحجة على جميعهم ما صح عن رسول الله ﷺ وعلى كل حال فإن كان ابن مسعود ، وعلي : لا يرفعان ، فما جاء قط أنهما كرها الرفع ، ولا نهيا عنه كما يفعل هؤلاء وأما من رأى رفع اليدين عند الركوع ، والرفع من الركوع ، فإنهم احتجوا بما رويناه من طريق مالك ، ويونس بن يزيد ، وسفيان بن عيينة ، وابن جريج ، والزبيدي ، ومعمر ، وغيرهم ، كلهم عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه : { أن رسول الله ﷺ كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة ، وإذا كبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، رفعهما أيضا كذلك ، وكان لا يفعل ذلك في السجود } . وروينا هذا الفعل في الصلاة عن جابر بن عبد الله ، وأبي سعيد ، وأبي الدرداء ، وأم الدرداء وابن عباس . وروينا أيضا هذا الفعل في الصلاة عن أبي موسى الأشعري ، وأنه كان يعلمه الناس من طريق حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الأشعري . وروينا أيضا عن أبي الزبير وأبي هريرة ، والنعمان بن أبي عياش ، وجملة أصحاب النبي ﷺ من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن معاذ بن معاذ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن " كان أصحاب النبي ﷺ يرفعون أيديهم إذا أحرموا وإذا ركعوا وإذا رفعوا كأنها المراوح " . ورويناه أيضا - عن عبد الرحمن بن سابط ، والحسن ، والقاسم ، وسالم ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وابن سيرين ، ونافع مولى ابن عمر ، وقتادة ، والحسن بن مسلم وابن أبي نجيح ، وعبد الله بن دينار ، ومكحول ، ومعتمر بن سليمان ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وإسماعيل بن علية ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وسفيان بن عيينة ، والحميدي ، وجرير بن عبد الحميد وعبد الله بن المبارك وابن وهب ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، والمزني ، وأبي ثور ، ومحمد بن نصر المروزي ، ومحمد بن جرير الطبري ، وابن المنذر ، وابني عبد الله بن عبد الحكم ، والربيع ومحمد بن نمير ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم . وأما من ذهب إلى رفع اليدين في كل خفض ورفع فاحتجوا بما حدثناه حمام بن أحمد ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا المعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي ﷺ : { أنه كان يرفع يديه إذا جاء الصلاة ، وإذا أراد أن يركع . وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا قام من الركعتين يرفع يديه في ذلك كله } . حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا عياش قال : ثنا عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : { أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه ، وإذا قام من الركعتين رفع يديه } ، ورفع ابن عمر ذلك إلى النبي ﷺ . ورواه أيضا حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبيد المحاربي قالا : ثنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال : { كان النبي ﷺ إذا قام في الركعتين كبر ورفع يديه } . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا أحمد بن حنبل ثنا أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد - ثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله ﷺ فيهم أبو قتادة . فقال أبو حميد : { أنا أعلمكم بصلاة رسول الله ﷺ قالوا : فلم ؟ فوالله ما كنت بأكثرنا تبعة ولا أقدمنا له صحبة قال : بلى قالوا : فاعرض ؟ فقال : كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل ، فلا يصب رأسه ولا يقنع ثم يرفع رأسه فيقول : سمع الله لمن حمده ، ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه } وذكر الحديث وفيه { ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته - وذكر باقي الحديث - قالوا : صدقت هكذا كان يصلي } . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود [ حدثنا ] عبيد الله بن ميسرة الجشمي ثنا عبد الوارث هو ابن سعيد - ثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل [ قال : كنت غلاما لا أعقل صلاة أبي فحدثني علقمة بن وائل ] عن وائل بن حجر قال : { صليت مع رسول الله ﷺ فكان إذا كبر رفع يديه ، ثم التحف ، ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه ، فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما ، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ، ثم سجد ، ووضع وجهه بين كفيه ، وإذا رفع رأسه من السجود أيضا رفع يديه ، حتى فرغ من صلاته . قال محمد بن جحادة : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال : هي صلاة رسول الله ﷺ فعله من فعله وتركه من تركه } . حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن المثنى ثنا معاذ بن هشام الدستوائي وعبد الأعلى ومحمد بن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة . وقال معاذ : حدثني أبي عن قتادة . ثم اتفقوا ، عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث : { رأى النبي ﷺ رفع يديه في صلاته إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من ركوعه وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما فروع أذنيه } هذا لفظ ابن أبي عدي ، وعبد الأعلى وقال معاذ في حديثه : { كان عليه السلام إذا دخل في الصلاة رفع يديه ، وإذا ركع فعل مثل ذلك ، وإذا رفع رأسه فعل مثل ذلك } . حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا وهب بن ميسرة ثنا محمد بن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس : { أن رسول الله ﷺ كان يرفع يديه في الركوع والسجود } . قال علي : فهذه آثار متظاهرة متواترة عن ابن عمر ، وأبي حميد ، وأبي قتادة ، ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث ، وأنس ، وسواهم من أصحاب رسول الله ﷺ وهذا يوجب يقين العلم . قال علي : فكان ما رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر زائدا على ما رواه علقمة عن ابن مسعود ، ووجب أخذ الزيادة ؛ لأن ابن عمر حكى : أنه رأى ما لم يره ابن مسعود من رفع رسول الله ﷺ يديه عند الركوع وعند الرفع من الركوع ، وكلاهما ثقة ، وكلاهما حكى ما شاهد ، وقد خفي على ابن مسعود رضي الله عنه أمر وضع اليدين على الركبتين ، فكيف وما تحمل كلا روايتيهما إلا على المشاهدة الصحيحة ؟ وكان ما رواه نافع ومحارب بن دثار ، كلاهما عن ابن عمر ، وما رواه أبو حميد وأبو قتادة وثمانية من أصحاب رسول الله ﷺ من رفع اليدين عند القيام إلى الركعتين - : زيادة على ما رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر ، وكل ثقة ، وكل مصدق فيما ذكر أنه سمعه ورآه - وأخذ الزيادة واجب ؟ . وكان ما رواه أنس من رفع اليدين عند السجود - : زيادة على ما رواه ابن عمر ، والكل ثقة فيما روى وما شاهد وما رواه مالك بن الحويرث من رفع اليدين في كل ركوع ورفع من ركوع ، وكل سجود ورفع من سجود - : زائدا على كل ذلك ، والكل ثقات فيما رووه وما سمعوه وأخذ الزيادات فرض لا يجوز تركه ، لأن الزيادات حكم قائم بنفسه ، رواه من علمه ، ولا يضره سكوت من لم يروه عن روايته كسائر الأحكام كلها ولا فرق ؟ وممن قال بما ذكرناه : ابن عمر ، كما أوردنا قبل من عمله ، والحسن البصري ، والصحابة ، جملة كما أوردناه - : حدثنا يونس بن عبد الله ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، وإذا سجد ، وبين الركعتين ، يرفعهما إلى ثدييه . قال علي : هذا إسناد لا داخلة فيه ، وما كان ابن عمر ليرجع إلى خلاف ما روى - من ترك الرفع عند السجود - إلا وقد صح عنده فعل النبي ﷺ لذلك - : حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن المثنى ثنا أبو سهل النضر بن كثير السعدي قال : صلى إلى جنبي ابن طاوس في مسجد الخيف بمنى ، فكان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى رفع يديه تلقاء وجهه ، فأنكرت ذلك ، وقلت لوهيب بن خالد : إن هذا يصنع شيئا لم أر أحدا يصنعه ؟ فقال ابن طاوس : رأيت أبي يصنعه ، وقال لي : رأيت عبد الله بن عباس يصنعه . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن علي الباجي ثنا أحمد بن خالد ثنا الحسن بن أحمد ثنا محمد بن عبيد بن حساب ثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني قال : رأيت طاوسا ونافعا مولى ابن عمر يرفعان أيديهما بين السجدتين ، قال حماد : وكان أيوب يفعله حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج : قلت لعطاء : رأيتك تكبر بيديك حين تستفتح ، وحين تركع وحين ترفع رأسك من الركعة ، وحين ترفع رأسك من السجدة الأولى ، ومن الآخرة ، وحين تستوي من مثنى ؟ قال : أجل . قلت : تخلف باليدين الأذنين ؟ قال : لا ، قد بلغني ذلك عن عثمان أنه كان يخلف بيديه أذنيه . قال ابن جريج : قلت لعطاء : وفي التطوع من التكبير باليدين ؟ قال : نعم ، في كل صلاة .