→ كتاب الصلاة (مسألة 285) | ابن حزم - المحلى كتاب الصلاة (مسألة 286) المؤلف: ابن حزم |
كتاب الصلاة (تتمة مسألة 286) ← |
كتاب الصلاة
286 - مسألة : ولا يجوز تعمد تأخير ما نسي أو نام عنه من الفرض . ولا تعمد التطوع عند اصفرار الشمس حتى يتم غروبها ؛ وعند استواء الشمس ، حتى تأخذ في الزوال . ولا بعد السلام من صلاة الصبح حتى تصفو الشمس وتبيض . ويقضي في هذه الأوقات كل ما لم يذكر إلا فيها ؛ من صلاة منسية أو نيم عنها ؛ [ من فرض ] أو تطوع ، وصلاة الجنازة ؛ والاستسقاء ؛ والكسوف ، والركعتان عند دخول المسجد . ومن توضأ للصلاة في أحد هذه الأوقات فله أن يتطوع حينئذ ما لم يتعمد المرء ترك كل ذلك - وهو ذاكر له - حتى تدخل الأوقات المذكورة فمن فعل هذا فلا تجزئه صلاته تلك أصلا ؟ وهذا نص نهيه صلى الله تعالى عليه وسلم عن تحري الصلاة في هذه الأوقات . وأما بعد الفجر ما لم يصل الصبح فالتطوع حينئذ جائز حسن ما أحب المرء ، وكذلك إثر غروب الشمس قبل صلاة المغرب ، وبنحو هذا يقول داود في كل ما ذكرنا ؛ حاشا التطوع بعد العصر ، فإنه عنده جائز إلى بعد غروب الشمس ؛ ورأى النهي - عن ذلك - منسوخا ؟ وقال أبو حنيفة : ثلاثة أوقات لا يصلى فيها فرض فائت أو غير فائت ، ولا نفل بوجه من الوجوه ؛ وهي : عند أول طلوع قرص الشمس ، إلا أن تبيض وتصفو . أو عند استواء الشمس حتى تأخذ في الزوال ، حاشا يوم الجمعة خاصة ؛ فإنها يصلي فيها من جاء إلى الجامع وقت استواء الشمس . وعند أخذ أول الشمس في الغروب حتى يتم غروبها ؛ حاشا عصر يومه خاصة ؛ فإنه يصلى عند الغروب وقبله وبعده . وتكره الصلاة على الجنائز في هذه الأوقات ؛ فإن صلى عليها فيهن أجزأ ذلك ؟ وثلاثة أوقات يصلي فيهن الفروض كلها ؛ وعلى الجنازة ؛ ويسجد سجود التلاوة ، ولا يصلي فيها التطوع ؛ ولا الركعتان إثر الطواف ؛ ولا الصلاة المنذورة ؛ وهي : إثر طلوع الفجر الثاني حتى يصلي الصبح ؛ إلا ركعتي الفجر فقط . وبعد صلاة العصر حتى تأخذ الشمس في الغروب ، [ إلا أنه كره الصلاة على الجنازة إذا اصفرت الشمس ] . وكذلك سجود التلاوة ؛ وبعد تمام غروبها حتى يصلي المغرب . ومن جاء عنده يوم الجمعة والإمام يخطب : وقت رابع لهذه الثلاثة التي ذكرنا آخرا . قال أبو حنيفة : فمن دخل في صلاة الصبح فطلعت له الشمس وقد صلى أقلها أو أكثرها بطلت صلاته تلك . ولو أنه قعد مقدار التشهد وتشهد ثم طلع أول قرص الشمس إثر [ ذلك ] كله وقبل أن يسلم فقد بطلت صلاته . ولو قهقه حينئذ لا ينقض وضوءه . ولو أنه أحدث عمدا أو نسيانا أو تكلم عمدا أو نسيانا بعد أن قعد مقدار التشهد وقبل أن يسلم : فصلاته تامة كاملة - ولو قهقه حينئذ لم ينقض وضوءه ؟ وقال أبو يوسف ، ومحمد : إذا قعد مقدار التشهد قبل طلوع أول الشمس فصلاته تامة ، فلو دخل في صلاة العصر فصلى أولها ولو تكبيرة أو أكثرها فغربت له الشمس كلها أو بعضها فليتماد في صلاته ، ولا يضرها ذلك شيئا عند أبي حنيفة وأصحابه . قالوا : فإن صلى في منزله ركعتي الفجر ثم جاء إلى المسجد فليجلس ولا يركع . قال أبو حنيفة : فإن جاء إلى المسجد بعد تمام غروب الشمس فليقف حتى تقام الصلاة ولا يجلس ولا يركع . قال أبو يوسف : يجلس ولا يركع . وقال مالك : يصلي الفروض كلها المنسية وغيرها في جميع هذه الأوقات ولا يتطوع [ بعد صلاة الصبح ] حتى تبيض الشمس وتصفو ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ، ولا بعد غروبها حتى تصلى المغرب . ومن دخل المسجد [ حينئذ ] قعد ولا يركع ، ولا يتطوع بعد طلوع الفجر إلا بركعتي الفجر ، حاشا من غلبته عينه فنام عن حزبه ؛ فإنه لا بأس بأن يصليه بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح . ومن ركع ركعتي الفجر في منزله ثم أتى المسجد فإن شاء ركع ركعتين ، وإن شاء جلس ، ولم يركع ، وقد روي عنه : [ إن ] كان مصبحا فليجلس ولا يركع . والتطوع عنده جائز على كل حال عند استواء الشمس ، ولم يكره ذلك وأجاز الصلاة على الجنازة بعد صلاة الصبح ما لم يسفر جدا ، وبعد العصر ما لم تصفر الشمس . وعنه في سجود التلاوة قولان : أحدهما : لا يسجد لها بعد صلاة الصبح حتى تصفو الشمس ، ولا بعد صلاة العصر ما لم تغرب الشمس . والآخر : أنه لا بأس بالسجود لها ما لم يسفر ، وما لم تصفر الشمس ، وقال : من قرأها في الوقت المنهي فيه عن السجود فليسقط الآية التي فيها السجدة ويصل التي قبلها بالتي بعدها ؟ ، وقال الشافعي : يقضي الفائتات من الفروض ويصلي كل تطوع مأمور به في هذه الأوقات ، وإنما الممنوع : هو ابتداء التطوع فيها فقط ، إلا يوم الجمعة وبمكة ، فإنه يتطوع في جميع هذه الأوقات وغيرها . قال علي : أما تقاسيم أبي حنيفة فدعاو فاسدة متناقضة ، لا دليل على شيء منها ، لا من قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا من إجماع ، ولا من قول صاحب ، ولا من قياس ولا رأي سديد ، وأقوال مالك : لا دليل على تقسيمها ؛ لا سيما قوله بإسقاط الآية في التلاوة بين الآيتين ، فهو إفساد نظم القرآن ، وقول ما سبقه إليه أحد . وكذاك إسقاطه وقت استواء الشمس من جملة الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ، فهو خلاف الثابت في ذلك عن النبي ﷺ بلا معارض له ؟ وأما تفريق الشافعي بين مكة وغيرها ، وبين يوم الجمعة وغيره : فلأثرين ساقطين رويناهما : في أحدهما - النهي عن الصلاة في هذه الأوقات إلا بمكة . وفي الآخر { يوم الجمعة صلاة كله } ، وليسا مما يشتغل به ، ولا أورده أحد من أئمة أهل الحديث ؛ فوجب الإضراب عن هذه الأقوال جملة ، والإقبال على السنن الواردة في هذا الباب ، والنظر في استعمالها كلها [ وفي ] تغليب أحد الحكمين على الآخر ، على ما جاء في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم ، وعن التابعين رحمهم الله . قال علي : حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا عفان بن مسلم ثنا همام بن يحيى ثنا قتادة حدثنا أبو العالية عن ابن عباس قال : شهد عندي رجال مرضيون ، وأرضاهم عندي عمر ، أن رسول الله ﷺ قال : { لا صلاة بعد صلاتين بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تغرب الشمس } . ورويناه هكذا من طرق ، اكتفينا بهذا لصحته وكلها صحاح . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال : سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول : { ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب } . وروينا أيضا في هذه الأوقات عن الصنابحي وغيره : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك الخولاني ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود السجستاني ثنا الربيع بن نافع هو أبو توبة - ثنا محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي عن { عمرو بن عنبسة السلمي أنه قال : قلت يا رسول الله : أي الليل أسمع ؟ قال : جوف الليل الآخر ، فصل ما شئت ، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة ، حتى تصلي الصبح ، ثم أقصر حتى تطلع الشمس فترتفع قيس رمح أو رمحين ، فإنها بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار ، ثم صل ما شئت ، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ، وأقصر فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها فإذا زاغت فصل ما شئت ، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة ، حتى تصلي العصر ثم أقصر حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار } وذكر الحديث . وروينا من طرق عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله ﷺ قال : { الشمس تطلع ومعها قرني الشيطان ، فإذا ارتفعت فارقها . فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها ، فإذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها ، ونهى رسول الله ﷺ عن الصلاة في هذه الأوقات } ؟ . قال علي : والعجب من مخالفة المالكيين لهذا الخبر ، وهو من رواية شيخهم . قال علي : فذهب إلى هذه الآثار قوم ، فلم يروا الصلاة أصلا في هذه الأوقات . كما روينا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن عاصم بن سليمان الأحول عن بكر بن عبد الله المزني قال : كان أبو بكرة في بستان له فنام عن العصر ، فلم يستيقظ حتى اصفرت الشمس ، فلم يصل حتى غربت الشمس ، ثم قام فصلى . ومن طريق عبد الرزاق عن معمر وسفيان الثوري كلاهما عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين : أن أبا بكرة أتاهم في بستان لهم فنام عن العصر فقام فتوضأ ، ثم لم يصل حتى غابت الشمس . وبه إلى سفيان الثوري عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن رجل من ولد كعب بن عجرة : أنه نام عن الفجر حتى طلعت الشمس ، قال : فقمت أصلي فدعاني كعب بن عجرة فأجلسني حتى ارتفعت الشمس وابيضت ، ثم قال : قم فصل ؟ . وروينا عن محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، وأبو عامر العقدي كلاهما عن سفيان الثوري عن زيد بن جبير عن أبي البختري قال : كان عمر بن الخطاب يضرب على الصلاة بنصف النهار . أبو البختري هذا هو صاحب ابن مسعود وعلي . وذهب آخرون إلى قضاء الصلوات الفائتات في هذه الأوقات ، وإلى التمادي في صلاة الصبح إذا طلعت الشمس ، وهو فيها ، أو إذا غربت له وهو فيها ، وإلى تأدية كل صلاة تطوع جاء بها أمر ، واحتجوا بما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا حميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع حدثني حجاج الأحول عن قتادة عن أنس بن مالك قال : { سئل رسول الله ﷺ عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها ؟ فقال : كفارتها أن يصليها إذا ذكرها } . وبه إلى أحمد بن شعيب : أنا قتيبة بن سعيد ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة أن رسول الله ﷺ قال : إنه { ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط في اليقظة ، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها } ، وهذا عموم لكل صلاة فرض أو نافلة . وقد ذكرنا أمر رسول الله ﷺ بصلاة الكسوف ، وبالركعتين عند دخول المسجد ، وبالصلاة على الجنائز ، وسائر ما أمر به من التطوع عليه السلام ، وأخذ بهذا جماعة من السلف . كما روينا عن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن المسور بن مخرمة دخل على ابن عباس فحدثه ، فنام ابن عباس وانسل المسور ، فلم يستيقظ حتى أصبح ، فقال لغلامه : أتراني أستطيع أن أصلي قبل أن تخرج الشمس أربعا - يعني العشاء - وثلاثا - يعني الوتر - وركعتين - يعني ركعتي الفجر - وواحدة - يعني ركعة من الصبح ؟ - قال : نعم فصلاهن . وبه إلى عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عطاء بن أبي رباح عن عطاء بن يحنس أنه سمع أبا هريرة يقول : إن خشيت من الصبح فواتا فبادرت بالركعة الأولى الشمس ، فإن سبقت بها الشمس فلا تعجل بالآخرة أن تكملها . وبه إلى عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك قال : صليت خلف أبي بكر الفجر فاستفتح البقرة فقرأها في ركعتين : فقال عمر حين فرغ قال يغفر الله لك لقد كادت الشمس أن تطلع قبل أن تسلم ؟ قال : لو طلعت لألفتنا غير غافلين . وبه إلى معمر عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان النهدي قال : صلى بنا عمر صلاة الغداة فما انصرف حتى عرف كل ذي بال أن الشمس قد طلعت ؛ فقيل له : ما فرغت حتى كادت الشمس أن تطلع ؟ فقال : لو طلعت لألفتنا غير غافلين . قال علي : فهذا نص جلي بأصح إسناد يكون أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وكل من معهما من الصحابة رضي الله عنهم لا يرون طلوع الشمس يقطع صلاة من طلعت عليه ، وهو يصلي الصبح . والعجب من الحنفيين الذين يرون إنكار عمر على عثمان بحضرة الصحابة ترك غسل الجمعة حجة في سقوط وجوب الغسل لها - وهذا ضد ما يدل عليه إنكار عمر - : ثم لا يرون تجويز أبي بكر وعمر صلاة الصبح وإن طلعت الشمس : حجة في ذلك . بل خالفوا جميع ما جاء عن الصحابة في ذلك من مبيح ومانع وخالفوا أبا بكرة في تأخير صلاة العصر حتى غابت الشمس ، وقد ذكرنا من قال من الصحابة بالتطوع بعد العصر ، ومن أمر بالإعادة مع الجماعة ، وإلى صفرة الشمس في المسألة التي كانت قبل هذه فأغنى عن إعادته ؟ .
وروينا عن سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي في الصلاة التي تنسى ، قال : يصليها حين يذكرها ، وإن كان في وقت تكره فيه الصلاة ومثله أيضا عن عطاء وطاوس وغيرهم . وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان : ثنا شعبة عن موسى بن عقبة قال : سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يقول : إن أباه كان يطوف بعد العصر ، وبعد الغداة ثم يصلي الركعتين قبل طلوع الشمس . قال موسى : وكان نافع يكره ذلك ، فحدثته عن سالم فقال لي نافع : سالم أقدم مني وأعلم . قال علي : هذا يدل على رجوع نافع إلى القول بهذا ؛ وعلى أنه قول موسى بن عقبة - : قال علي : فغلب هؤلاء أحاديث الأوامر على أحاديث النهي ، وقالوا : إن معنى النهي عن الصلاة في هذه الأوقات ، أي إلا أن تكون صلاة أمرتم بها ، فصلوها فيها وفي غيرها . وقال الآخرون : معنى الأمر بهذه الصلوات ، أي إلا أن تكون وقتا نهى فيه عن الصلاة فلا تصلوها فيه . قال علي : فلما كان كلا العملين ممكنا ، لم يكن واحد منهما أولى من الآخر إلا ببرهان ، فنظرنا في ذلك : فوجدنا ما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى : قرأت على مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار ، وبسر بن سعيد ، وعبد الرحمن الأعرج حدثوه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال : { من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر } ؟ . فكان هذا مبينا غاية البيان أن قضاء الصلوات في هذه الأوقات فرض ؛ وأن الأمر مستثنى من النهي بلا شك ؟ . فإن قيل : فلم قلتم : إن من أدرك أقل من ركعة من العصر ومن الصبح قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فإنه يصليهما ؟ . قلنا : لما نذكره - إن شاء الله عز وجل في أوقات الصلوات - من قوله عليه السلام { وقت صلاة الصبح ما لم يطلع قرن الشمس ، ووقت صلاة العصر ما لم تغرب الشمس } . فكان هذا اللفظ منه عليه السلام ممكنا أن يريد به وقت الخروج من هاتين الصلاتين ، وممكنا أن يريد به وقت الدخول فيها ؟ . فنظرنا في ذلك ؛ فكان هذا الخبر مبينا أن بعد طلوع الشمس وبعد غروبها وقت لبعض صلاة الصبح ، ولبعض صلاة العصر بيقين ؛ فصح أنه عليه السلام إنما أراد وقت الدخول فيهما ، وكان هذا الخبر هو الزائد على الحديث الذي فيه { من أدرك ركعة } والزيادة واجب قبولها ؟ فوضح أن الأمر مغلب على النهي . فوجدنا الآخرين قد احتجوا بما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق ثنا ابن الأعرابي ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا عبد الله بن يزيد المقري حدثنا الأسود بن شيبان ثنا خالد بن شمير قال قدم علينا عبد الله بن رباح من المدينة وكانت الأنصار تفقهه ، فحدثنا قال : حدثنا أبو قتادة الأنصاري فارس رسول الله ﷺ قال : { بعث رسول الله ﷺ جيش الأمراء فلم يوقظنا إلا الشمس طالعة فقمنا وهلين لصلاتنا ، فقال النبي ﷺ رويدا رويدا ، حتى تعالت الشمس ، قال رسول الله ﷺ من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما ؟ فقام من كان يركعهما ومن لم يكن يركعهما ، ثم أمر رسول الله ﷺ أن ينادى بالصلاة فيؤذن بها ، فقام رسول الله ﷺ فصلى بنا ؛ فلما انصرف قال : إنا بحمد الله لم نكن في شيء من أمر الدنيا شغلنا عن صلاتنا } وذكر الحديث .