دعاء الملك وتعزيته
ومن حق الملك، إذا عطس، أن لا يشمت، وإذا دعا، لم يؤمن على دعائه. وكانت ملوك الأعاجم تقول: حقيق على الملك الصالح أن يدعو للرعية الصالحة، وليس بحقيق للرعية الصالحة أن تدعو للملك الصالح، لأن أقرب الدعاء إلى الله دعاء الملك الصلح.
ومن حق الملك أن لا يعزيه أحد من حاشيته وحامته وأهل بيته وقرابته. وإنما جعلت التعزية لمن غاب عن المصيبة، أو لمن قارب الملك في العز والسلطان، والبهاء والقدرة. فأما من دون هؤلاء، فينهون عن التعزية أشد النهي.
وفيما يذكر عن عبد الملك بن مروان أنه مات بعض بنيه وهو صغير، فجاءه الوليد فعزاه،
فقال: يا بني! مصيبتي فيك أقدح في بدني من مصيبتي بأخيك! ومتى رأيت ابناً عزى أباه؟
قال: يا أمير المؤمنين! أمي أمرتني بذلك!
قال: ذاك يا بني أهون علي! وهذا لعمري من مشورة النساء.