طبقات الندماء
ومن أخلاق الملك أن يجعل ندماءه طبقات ومراتب، وأن يخص ويعم، ويقرب ويباعد، ويرفع ويضع، إذ كانوا على أقسامٍ وأدوات. فإنا قد نرى الملك يحتاج إلى الوضيع للهوه، كما يحتاج إلى الشجاع لبأسه، ويحتاج إلى المضحك لحكايته، كما يحتاج إلى الناسك لعظته، ويحتاج إلى أهل الهزل، كما يحتاج إلى أهل الجد والعقل ويحتاج إلى الزامر المطرب، كما يحتاج إلى العالم المتقن. وهذه أخلاق الملوك، أن يحضرهم كل طبقةٍ، إذ كانوا ينصرفون من حال جدٍ إلى حال هزلٍ، ومن ضحك إلى تذكير، ومن لهوٍ إلى عظةٍ. فكل طبقةٍ من هذه الطبقات ترفع مرةً وتحط أخرى، وتعطي مرةً وتحرم أخرى، خلا الأشراف والعلماء، فإن الذي يجب لهم رفعة المرتبة، وإعطاء القسط من الميزة، والنصفة من المعاشرة، ما لزموا الطاعة ورعوا حقها.