آداب البطانة مع الملوك
ومن حق الملك، إذا هم بالحركة للقيام، أن تسبقه بطانته وخاصته بذلك، فإن أومأ إليهم أن لا يبرحوا، لايقعد واحد منهم، حتى يتوارى عن أعينهم.
فإذا خرج، فمن حقه أن تقع عينه عليهم وهم قيام، فإذا قعد، كانوا على حالهم تلك. فإن نظر إليهم ليقعدوا، لم يقعدوا جملةً، بل تقعد الطبقة الأولى، أولاً، فإذا قعدت عن آخرها، تبعتها الطبقة الثانية. فإذا قعدت عن آخرها، تبعتها الطبقة الثالثة.
وأيضاً فإن لكل طبقة رأساً وذنباً. فمن الواجب أن يقعد من كل طبقةٍ رأسها، ثم هلم جراً على مراتب الطبقة أولاً أولاً.
ومن حق الملك أن لا يدنو منه أحد، صغر أو كبر، حتى يمس ثوبه ثوبه إلا وهو معروف الأبوين، في مركبٍ حسيبٍ، غير حامل الذكر ولا مجهول.
فإن احتاج الملك إلى مشافهة خاملٍ أو وضيعٍ، واضطر إليها، إما لنصيحةٍ يسرها إليه، أو لأمرٍ يسأله عنه، فمن حق الملك أن لا يخلي أحداً يدنو منه حتى يفتش أولاً، ثم يأخذ بضبعيه اثنان، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله. فإذا أبدى ما عنده، وقبل منه الملك ما جاء به، فمن حقه على الملك الإحسان إليه، والعائدة عليه، والنظر في حاجته، إن كانت له، ليرغب ذوو النصائح في رفعها إلى ملوكهم، والتقرب بها إليهم.