أنعام الملوك ومنتهم
ومن أخلاق الملك أن لا يمن بإحسان سبق منه، ما استقامت له طاعة من أنعم عليه، ودامت له ولايته، إلا أن يخرج من طاعةٍ إلى معصيةٍ، فإذا فعل ذلك، فمن
أخلاقه أن يمن عليه أولاً بإحسانه، ويذكره بلاءه عنده، وقلة شكره ووفائه، ثم يكون من وراء ذلك عقوبته بقدر ما يستحق ذلك الذنب في غلظه ولينه.
وحدثني محمد بن الجهم، وداود بن أبي دواد قالا: جلس الحسن ابن سهل في مصلى الجماعة لنعيم بن خازم، فأقبل نعيم حافياً حاسراً، وهو يقول: ذنبي أعظم من السماء! ذنبي اعظم من الهواء! ذنبي أعظم من الماء! قالا: فقال له الحسن بن سهل: على رسلك! تقدمت منك طاعة، وكان آخر أمرك إلى توبة. وليس للذنب بينهما مكان. وليس ذنبك في الذنوب بأعظم من عفو أمير المؤمنين في العفو.