جوائز البطانة
ومن الحق على الملك تعهد بطانته وخاصته بجوائزهم وصلاتهم، إن كان ذلك يكون مشاهرةً أو مساناةً.
ومن أخلاق الملك أن يوكل باد كاره صلاتهم، ولا يحوج أحداً منهم إلى رفع رقعةٍ أو إذكار أو تعريضٍ. فإن هذا ليس من أخلاق المتيقظ من الملوك.
وكانت ملوك آل ساسان يفعلون في هذا فعلاً بقي لهم ذكره إلى هذه الغاية، وإلى انقضاء مدة العالم.
فكان الملك منهم يقدر الرجل من خاصته وبطانته تقديراً وسطاً بين الإسراف والاقتصاد في مؤنة كلها، وحوائجه خاصها وعامها، فإذا كان التقدير على الجهة التي وصفنا، عشرة آلاف درهم في الشهر، وكانت للرجل ضيعة، أمر أن يدفع إليه في كل ثلاثين ليلة عشرة آلاف درهم، لأنزاله ونفقاته وحوائجه.
ويقول له الملك: قد علمنا أن الضيعة التي أفدتها هي مما تقدم من صلاتنا لك، وقد تسلفنا شكر تلك النعمة منك، وليس من العدل أن تكون في خدمتنا، وتكون نفقتك من شيء أفدته بشكرٍ قد تقدم، وحرمة قد تأكدت. فليكن ما أثمرت لك ضيعتك ظهرياً لنوائب الزمان، وتخرم الأيام، وانقلاب الدول، وحوادث الموت، ولتكن مؤنك وكلفك على خاص أموالنا.
وكذلك الطبقات على هذا النظام والإحكام، فيمضي على أحدهم عشرون سنة لا يفتح فاه بطلب درهم ولا غيره، منبسطاً لزمانه، مبتهجاً بنعم ملكه، مسروراً بما يكفي عن التذكار وشكوى الحال.