الرئيسيةبحث

النقل والمواصلات ( Transportation )



الدراجات شكل مهم من المواصلات الخاصة في بلدان مختلفة مثل هولندا،(أعلاه).كما يستخدم الكثير من الناس الدراجات من وإلى أعمالهم في آسيا وأوروبا وإفريقيا.
النَّقْل والمواصلات هي عملية نقل الأفراد والبضائع من مكان إلى آخر. تأخذ وسائل النقل الأفراد إلى الأماكن التي يرغبون في الذهاب إليها، وتأتي لهم بالبضائع التي يحتاجونها أو يرغبون فيها. فبدون وسائل النقل والمواصلات، لن تكون هناك تجارة، وبدون التجارة يستحيل تكوّن المدن والقرى. وهذه المدن والقرى هي تقليديًا مراكز الحضارة، ولذلك فإن وسائل النقل تساهم في قيام الحضارة.

كانت وسائل النقل خلال معظم مراحل التاريخ بطيئة جدًا وصعبة، فكان أقوام ماقبل التاريخ يسافرون مشيًا على الأقدام، وكانوا يحملون بضائعهم على ظهورهم أو على رؤوسهم أو يجرونها على الأرض. وفي حوالي سنة 5000ق.م تقريبًا بدأ الناس يستخدمون الحيوانات في نقل الأحمال. وبحلول عام 3000 ق.م كانت العربات تتكون من أربع عجلات بدون محرك والقوارب الشراعية قد اخُترعت. فبدأوا باستخدام الحيوانات والعربات والمراكب لنقل الأحمال إلى أماكن أبعد وبسهولة أكثر من ذي قبل ؛ لكن سرعة وسائل النقل تحسنت قليلاً على مر القرون.

أنتج المخترعون أول مركبات تعمل بقوة المُحرك بين أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين. وسجل ذلك التطور بداية ثورة في وسائل النقل لاتزال مستمرة إلى اليوم. فاليوم تحمل الطائرات النفاثة الركاب بسرعة تعادل أو تفوق سرعة الصوت. وتستطيع القطارات والشاحنات وسفن الشحن العملاقة أن تحمل سيلاً منتظمًا من البضائع للمشترين في معظم أنحاء العالم. وتوفر السيارات والحافلات وسيلة نقل مريحة لعدة ملايين من الناس.

حافلات النقل الجماعي بالمملكة العربية السعودية تُستخدم في نقل الركاب داخل المدن وأيضًا بين المدن والدول المجاورة.
وبالرغم من أن المواصلات ذات المحرك قد أفادت الناس من نواح عديدة، إلا أنها تسببت في بعض المشاكل أيضًا. فهي مثلاً تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة وبذلك ترهق موارد الطاقة في العالم. كما تزدحم السيارات في العديد من الشوارع والطرق السريعة مما يجعل السفر بطيئًا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدخان المنبعث من عوادم السيارات يلوث الجو. ولقد أصبحت هذه المشكلات صعبة الحل بشكل متزايد.

تمتلك الحكومات في بعض البلدان وسائل النقل وتقوم بتشغيلها مثل خطوط الطيران وشبكة السكك الحديدية. وفي بلدان أخرى، يمتلك القطاع الخاص كل وسائل المواصلات تقريبًا. ولا تقوم الحكومات المركزية والمحلية إلا بتوفير وصيانة الطرق والجسور.

تناقش هذه المقالة وسائل النقل وتاريخ تطورها بالإضافة إلى نظم وسائل النقل الحاضرة التي تعمل بالمحركات. كما تناقش صناعة المواصلات وآخر التطورات فيها. وتستخدم المركبات أيضًا في مجال الترفيه والحرب واكتشاف الفضاء، وهذه الاستخدامات شُرِحت في مقالات أخرى مثل: القوات الجوية ؛ البالون ؛ ركوب الزوارق ؛ البحرية ؛ رحلات الفضاء.

أنواع وسائل النقـل

أيقونة تكبير النقل الحديث
توجد ثلاثة أنواع رئيسية للنقل: 1- البري 2- المائي 3- الجوي. يعتمد النقل البري أساسًا على مركبات ذات عجلات وخصوصًا السيارات والحافلات والقطارات والشاحنات. وتُعتبر السفن والقوارب أهم المركبات المائية. كما يعتمد النقل الجوي بصورة كلية تقريبًا على الطائرات.

ويمكن تصنيف كل نوع من أنواع النقل إلى مركبات تعمل بالمحرك وأخرى لا محرك لها. ومعظم المركبات النفاثة التي تعمل بالمحرك تستخدم إما البترول أو الديزل أو المحركات النفاثة. أما المركبات التي ليس لها محرك فيعمل معظمها بالقوى العضلية للإنسان أو الحيوان أو بالقوى الطبيعية مثل الرياح أو المياه المتدفقة.

تمتاز وسائل النقل التي تعمل بالمحرك عن الوسائل التي لا محرك لها بمزايا عديدة. فهي عادة أسرع، وأجدر بالثقة، وأقدر على نقل حمولة أكبر. ولكن مثل هذه الوسائل مكلفة. فالمركبات التي تعمل بالمحرك باهظة التصنيع وتحتاج إلى صيانة منتظمة خلال فترة استخدامها. وفي معظم الأحيان يستلزم كل نوع منها مرافق مساندة. فالسيارات والشاحنات تستلزم الطرق. والقطارات تستلزم خطوط السكك الحديدية. والطائرات تحتاج إلى مطارات. كما تحتاج السفن إلى مرافئ وموانئ. كل هذه المرافق باهظة في تكاليف البناء والصيانة. كما تحتاج كل وسائل النقل التي تعمل بالمحرك إلى مصدر طاقة، ولذلك فإن مجمل تكاليف المركبات والمرافق المساندة والطاقة يجعل وسائل النقل التي تعمل بالمحرك باهظة جدًا.

تُعتبر المركبات التي تعمل بالمحرك وسيلة المواصلات الرئيسية في البلاد المتقدمة صناعيًا. كما تُعتبر هذه المركبات وسيلة للنقل في مناطق المدن لمعظم البلاد النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. لكن الكثير من سكان المناطق الريفية في هذه البلاد مازالوا يعتمدون على أنواع النقل التي ليس لها محرك، والتي كان يستخدمها أجدادهم منذ مئات أو آلاف السنين.

وسيلة نقل قديمة لنقل البضائع عن طريق البشر أنفسهم. هؤلاء النسوة في بورما يحملن الطوب فوق رؤوسهن لعمال آخرين في موقع البناء.

النقل البري:

هو أكثر وسائل النقل انتشارًا، وهو الوسيلة المتوافرة والمناسبة في كثير من الأحيان.

وسائل النقل البري ذات المحرك. تعمل الحافلات والسيارات والدراجات النارية والمركبات الثلجية، والقطارات والشاحنات عن طريق المحرك، وكل هذه المركبات البرية تسير على عجلات. وتعتبر خطوط الأنابيب أيضًا شكلاً مهمًا آخر من المواصلات، التي تعمل بمحرك والتي تستخدم فوق الأرض وأحيانًا فوق قاع البحر.

السيارات والحافلات والشاحنات هي المركبات البرية الأساسية الحديثة. فبإمكانها توفير خدمات نقل متنوعة في المناطق التي توجد بها طرق جيدة. فالسيارات تُمكِّن الناس من السفر في أي وقت يشاءون وأي طريق يختارون. والحافلات تحمل الركاب عبر خطوط محددة بين المدن وداخلها. أما الشاحنات فتوفر خدمات شحن من الباب للباب. والكثير من الناس يركبون الدراجات النارية والدراجات العادية أو التي تعمل بمحرك، من وإلى العمل.

وبخلاف المركبات التي تسير على الطرق، توجد القطارات التي تسير على خطوط السكك الحديدية. ونتيجة لذلك لا تستطيع القطارات عادة توفير خدمات الشحن من الباب للباب مثل الشاحنات، ولا توجد وسائل مناسبة للركاب الذين يواصلون سفرهم مثل الحافلات. ولكن القطارات تستطيع نقل حمولات أكبر بكثير من حمولة الشاحنات. كما تستطيع أن تقل ركابًا أكثر من الحافلات.

أما المركبات الثلجية فتنزلق فوق الثلج أو الجليد. ولهذه المركبات زلاجتان أماميتان وخط متحرك خلفي. ويوجد بها محرك يمد الخط بالطاقة فيدفع المركبة. ويستخدم الناس المركبات الثلجية للمواصلات أساسًا في المناطق الشمالية القصوى التي تُغطيها الثلوج معظم السنة.

تُوفر خطوط نقل الأنابيب وسيلة نقل مع أن الأنابيب نفسها لا تتحرك.وتمتد معظم خطوط الأنابيب فوق الأرض، ولكن بعضًا منها يجتاز الأنهار والممرات المائية. وتنقل خطوط الأنابيب أساسًا السوائل والغازات وخاصة النفط والغاز الطبيعي، وتدفع مضخات، تعمل بالمحرك، السائل أو الغاز عبر الأنابيب.

حيوانات التحميل تُستخدم في نقل البضائع في كثير من المناطق الجبلية والصحراوية وغيرها من المناطق التي تَفْتَقِر إلى الطرق الحديثة. ففي أفغانستان يستخدم البدو الجمال لحمل الناس والمتاع (الصورة العليا).وفي نيبال تستخدم الثيران الآسيوية المسماة ياك، لنقل البضائع من خلال الممرات الشاهقة والوعرة لجبال الهملايا (الصورة السفلى) .
وسائل النقل البري التي لامحرك لها. يُعتبر السير على الأقدام وسيلة الانتقال البدائية الأولى. ومن الوسائل البدائية أيضًا نقل الأحمال على الرؤوس أو الظهور، وكذلك استخدام الحيوانات لنقلها. وتُسمى الحيوانات المستخدمة لهذا الغرض دواب أو حيوانات النقل، وتشمل الجمال والحمير والفيلة والخيول والثيران واللاما. وتستخدم الدواب أساسًا في المناطق التي تفتقر إلى الطرق الحديثة. وتشمل تلك المناطق الكثير من الصحارى والمساحات الجبلية والغابات. يستخدم الناس قواهم العضلية لتحريك مركبات ذات عجلات، مثل الكارَّة (عربات الجر) والدراجات والعربات الدارجة التي تسمى البديكاب. والكارَّة هي مركبة صغيرة في شكل صندوق ذي عجلتين أو أربع وسقف مفتوح. ويمكن للمرء أن يدفعها أو يجرها حسب ما يناسبه. أما الدراجات فهي مركبات ذات عجلتين يحركهما الراكب باستخدام دواستين. والكثير من الناس في البلاد الأوروبية والآسيوية يركبون الدراجات من وإلى أعمالهم. وتشبه دراجات الركاب الدراجات العادية ولكنها ذات عجلتين خلفيتين بدلاً من واحدة. كما أن لها مقطورة ركاب في الأمام أو الخلف. وتستخدم دراجات الركاب كسيارات أجرة وكحافلات مدارس في بعض البلاد الآسيوية.

وتعتبر العربات (الكارَّات) التي تجرها الحيوانات وسيلة مواصلات رئيسية في المناطق الريفية لكثير من البلاد النامية. وتجر هذه العربات الكلاب أو الحمير أو الثيران. أما العربات الكبيرة ذات العجلات الأربع فتستطيع نقل أحمال ثقيلة، ولذلك تُجر بوساطة حيوانات بالغة القوة مثل الثيران والخيول الجرارة.

السفن تحمل معظم البضائع التي تُشْحَن عبر العالم. تطالب السفن بإيجاد مرافق متخصصة في الموانئ. يتولى ميناء روتردام مزيدًا من البضائع التي يتم شحنها أكثر من أي ميناء أوروبي آخر.

النقل المائي:

يعتمد النقل المائي على القوارب والسفن والأطواف. يستخدم الناس القوارب أساسًا في الأنهار والقنوات والبحيرات. أما السفينة فهي مركبة أكبر، وتقوى على الإبحار في المحيطات. وأما الطوف فهو سطح عائم مصنوع من مواد كجذوع الأشجار أو البراميل.

وسائل النقل المائي ذات المحرك. تعمل معظم السفن في نقل بضائع الشحن. وتبحر سفن الشحن فوق مياه البحار مثل البحر الأبيض المتوسط وبحر العرب. وتعمل بعض سفن الشحن فوق ممرات مائية داخلية كبيرة مثل البحيرات العظمى في أمريكا الشمالية.

يختص قليل من السفن في نقل الركاب ولكن أنواعًا مختلفة من القوارب ذات المحركات تحمل الركاب محليًا. وتستخدم بعض زوارق السَّحب في شحن البضائع لأن لها محركات قوية تمكِّنها من سحب مراكب ذات أحمال ثقيلة. وهذه المراكب هي في الواقع أطواف كبيرة، ومعظمها يتحتم سحبه أو دفعه. ولكن البعض الآخر منها له محركات تمكنه من الحركة بقوته الذاتية. وتُستخدم المراكب أساسًا في شحن البضائع عبر الممرات المائية الداخلية.

وتُعتبر السفن والقوارب عمومًا من أبطأ المركبات ذات المحرك. ولكن المهندسين تمكنوا من تطوير مركبتين مائيتين سريعتين السفينة الطائرة والطائرة المائية. وتنزلج السفينة الطائرة فوق الماء على مزالج. أما الطائرة المائية أو مركبة الوسادة الهوائية فتطير فوق الماء على وسادة هوائية تكونها مروحة قوية أو أكثر داخل المركبة، ولكون السفينة الطائرة أو الطائرة المائية تسير خارج الماء، فإنها تستطيع الانطلاق بسرعة أكبر من مركبات مائية أخرى ذات قوة محرك مماثلة. ولكن معظم السفن الطائرة والطائرات المائية أصغر من أن تسافر على المحيطات. فهي تُستخدم أساسًا لنقل الرُكاب محليًا. وتستخدم بعض السفن الطائرة والطائرات المائية الأكبر حجمًا في شحن البضائع عبر المياه الداخلية والساحلية.

وسائل النقل المائي التي لا محرك لها. تشمل تلك المركبات الزوارق الشجرية وزوارق الكنو وقوارب التجديف والقوارب الشراعية والأطواف. ويستخدم الناس المجاديف والدواسات لدفع الزوارق الشجرية وزوارق الكنو (قارب خفيف صغير يُدْفع بالمجداف) وقوارب التجديف. أما القوارب الشراعية فتحركها الرياح. ويمكن تحريك الأطواف بوساطة المجاديف أو الأعمدة الخشبية أو الأشرعة أو التيارات المائية.

وتُستخدم القوارب الشراعية ذات القاع العريض وقوارب التجديف على نطاق واسع لنقل البضائع في الشرق الأقصى. وتسمى القوارب الشراعية هناك الينك وتعرف قوارب التجديف بالسامبان. يصل عدد الأشرعة في قوارب الينك إلى خمسة، وتستطيع شحن حمولة يبلغ وزنها 100 طن متري. أما معظم السمبان فتحمل بضائع خفيفة، ولكن الكثير من السمبان الأكبر حجمًا لها أشرعة تمكنها من نقل حمولات أكبر. وفي الغابات المدارية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية يستخدم القرويون الزوارق الشجرية أو الأطواف كوسائل نقل على الأنهار، كما يستخدم سكان جزر المحيط الهادئ تلك الزوارق الشجرية للسفر بين الجزر. وبعض هذه الزوارق مزود بأشرعة ومجاديف.

الكونكورد أول طائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت، بدأت عملها في عام 1976م. منذ الخمسينيات من القرن العشرين بدأ الازدياد الكبير في السفر الجوي عبر البحار. واليوم فإن معظم المسافرين عبر البحار يركبون الطائرات.

النقل الجوي:

يعتمد اعتمادًا شبه تام على مركبات تعمل بالمحركات وخصوصًا الطائرات. أما المركبات غير المزوّدة بمحرك مثل الطائرات الشراعية ومناطيد أو بالونات الهواء الساخن فتُستخدم للترفيه.

توفر الطائرات أسرع وسيلة نقل في العالم. ولا يفوقها سرعة سوى المركبات الفضائية الصاروخية. تطير الطائرات الكبيرة بسرعة تتراوح بين 800 و 1,000كم/ ساعة. تعمل معظم الطائرات الخاصة وبعض الطائرات القديمة بمحرك يعمل بالبترول وتُدار بالمراوح الدافعة. أما الطائرات الحديثة فجميعها تقريبًا بالإضافة إلى بعض الطائرات الخاصة تعمل بالمحركات النفاثة. وتطورت النفاثات فوق الصوتية لتسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، أي بسرعة 2,400كم/ ساعة تقريبًا. تُخصص معظم هذه الطائرات لنقل الركاب. أكبر الطائرات لا تحمل إلا جزءًا صغيرًا فقط من الحمولة التي تنقلها السفينة أو القطار. ولذلك فإن أسعار الشحن الجوي باهظة جدًا. ويقتصر الشحن على البضائع الثمينة والخفيفة والسريعة العطب. وتشمل هذه البضائع المعدات الإلكترونية والزهور الطبيعية.

تعمل الطائرات المروحيةكالطائرات ذات المحرك، ولكنها أصغر حجمًا ولا تستطيع الطيران بنفس السرعة وإلى نفس المدى. كما أنها لا تستطيع حمل نفس العدد من الركاب. ولذلك فإن الطائرات المروحية تؤدي دورًا ثانويًا في النقل الجوي، ولكنها أكثر قدرة على المناورة، ولها استخدامات خاصة. فهي تستخدم في عمليات الإنقاذ وفي مكافحة حرائق الغابات.

نبذة تاريخية

المواصـلات في عصـور ما قبـل التـاريـخ كانت وســائل نقل البضائع والأفراد خلال العصـور القديمة تعتمد جميعها تقريبًا على القــوى العضليـة للإنسـان أو الحيوان. وبعض هذه الوسائل مصورة أسفل. ومازالت وسائل مشابهة تستخدم في كثير من مناطق العالم.

عصور ما قبل التاريخ:

تطورت المواصلات بشكل بطيء خلال عصور ما قبل التاريخ التي استمرت حتى حوالي عام 3000 ق.م. كان الناس خلال معظم هذه الفترة يعيشون على صيد الحيوانات والأسماك وجمع النباتات الفطرية. ولم يكن لديهم دواب ولامركبات ذات عجلات ولا طرق. كان الناس يسافرون سيرًا على الأقدام وهم يحملون أطفالهم وأمتعتهم مربوطة على ظهورهم أو رؤوسهم، وكانت الأحمال التي تفوق قدرة إنسان واحد تُربط على أعمدة خشبية فيحملها اثنان.

ومع مرور الوقت تعلم إنسان ما قبل التاريخ أنه بالإمكان جر الأحمال على الأرض فوق مزالج مصنوعة من جذوع الشجر أو الأعمدة الخشبية أو الجلود أو أي شيء يمكن أن يحمل ثقلاً ويجره شخص أو أكثر.وفي أواخر عصور ماقبل التاريخ بدأ الناس يصنعون المزالج ذات البكرات التي تتدحرج على الأرض بسهولة أكثر من تلك التي ليس لها بكرات، خصوصًا، إذا كانت بكراتها مشحَّمة. وفي مناطق أقصى الشمال صنع الناس مزالج خفيفة ذات بكرات تجري على الجليد والثلج.

وبحلول عام 8000 ق.م. تقريبًا كانت أقوام شرق أوسطية مختلفة قد طورت الزراعة وبدأت الاستقرار في مستوطنات دائمة. وبدأت التجارة بين هذه المستوطنات تتطور، فنشأت الحاجة إلى وسائل مواصلات أفضل. وساعد الحمار والثور، بعد أن تم ترويضهما للعمل في الزراعة، في سد هذه الحاجة. وبدأ الناس بين عام 5000 و3500 ق.م في استخدام الحمير والثيران في حمل الأثقال. وفي خطوة تالية اخترعوا رباط الحيوانات لكي تُستخدم في جر المزالج. فتمكن الأفراد باستخدام الحمير والثيران، من نقل حمولات أكبر من ذي قبل.

بدأ الناس أيضًا في تطوير المواصلات المائية خلال عصور ما قبل التاريخ. فصنعوا الأطواف من جذوع الشجر والقصب. وبعد ذلك تعلموا صناعة الزوارق الشجرية وزوارق الكَنو (زورق طويل خفيف ضيق).وكانت جميع هذه المركبات الأولية تُدار بوساطة المجاديف أو الأعمدة الخشبية وتستخدم في الأنهار والبحيرات. غير أنها كانت هشة بحيث لا تقوى على السفر عبر المحيطات.

اخترعت العجلة (الدولاب) حوالي عام 3500 ق.م. وكان ذلك على الأرجح في بلاد الرافدين في الشرق الأوسط. واخترع المصريون السفن الشراعية حوالي عام 3200 ق.م. وخلال القرون التالية أحدثت المركبات ذات العجلات والسفن الشراعية ثورة في وسائل النقل.

مركبات العصور القديمـة اخترعت المركبات ذات العجلات والسفن الشراعية أثناء القرن الرابع قبل الميلاد. وأصبحت أوسع وسائل المواصلات انتشارًا خلال العصور القديمة. ولكن الكثير من الناس استمر في استخدام أشكال سابقة من المواصلات مثل حيوانات التحميل.

أولى الحضارات العريقة:

قامت في بلاد الرافدين ومصر بين عامي 3500 و 3000 ق.م. وانتشرت الحضارة تدريجيًا من هذين المركزين غربًا على امتداد سواحل البحر الأبيض المتوسط. وأدت المراكب الشراعية دورًا حيويًا في انتشار الحضارة. فقد نقل رحالة البحر أفكار ومخترعات الثقافات المتحضرة للمجتمعات الأقل تطورًا أثناء إبحارهم في البحر الأبيض المتوسط. وازدهرت حضارات البحر الأبيض المتوسط المبكرة منذ حوالي عام 3000 إلى القرن السادس قبل الميلاد. وخلال هذه الفترة أدت التحسينات في المراكب الشراعية والمركبات ذات العجلات إلى التقدم الرئيسي في المواصلات.

التّطورات المبكرة في المراكب الشراعية. بحلول عام 3000 ق.م. كان المصريون قد تعلموا بناء مراكب شراعية تقوى على الإبحار، بحيث أقدمت بعض هذه السفن على الإبحار في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر في رحلات تجارية قصيرة. وبين عام 2000 ق.م والقرن الحادي عشر قبل الميلاد طورت أقوام شرق أوسطية أخرى سفنًا أكبر وأقوى. وبحلول القرن الحادي عشر قبل الميلاد كان الفينيقيون الذين عاشوا على امتداد السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط قد تمكنوا من بناء أسطول كبير من السفن التجارية إلى أسبانيا. وتاجروا في كل البضائع من الأواني الخزفية إلى المواشي، للحصول على بضائع أخرى منوعة من الموانئ التي تقع على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط.

ظل السفر البحري بطيئًا وصعبًا طوال العصور القديمة. فقد افتقر الملاحون إلى أجهزة الملاحة. ونتيجة لذلك كانوا يظلون عادة على مرمى البصر من اليابسة، وكانت السفن صعبة القيادة، لأنها كانت تفتقر إلى الدفة، فكان الملاحون يوجهون سفنهم باستغلال الرياح. فقد كان لأوائل السفن أشرعة تعمل بكفاءة فقط عندما تهب الرياح من الخلف. ولم تكن هذه الأشرعة تعمل جيدًا أثناء الإبحار عكس اتجاه الريح فكانت لدى الكثير من السفن فرق للتجديف لتحريك المركبات في الأوقات التي تركد فيها الرياح.

التطورات المبكرة في المركبات ذات العجلات. من الجائز أن يكون استخدام جذوع الشجر كبكرات تساعد على تحريك الحمولات الثقيلة قد أدى إلى اختراع العجلة. فقد صنع سكان بلاد الرافدين أول مركبات ذات عجلات نعرفها حوالي عام 3500 ق.م. ولكن هذه المركبات لم تستخدم بكثرة إلا بعد عام 3000 ق.م. ثم انتشرت طريقة صنع العجلات والمركبات ذات العجلات انتشارًا بطيئًا من بلاد الرافدين حتى وصلت إلى الهند حوالي عام 2500 ق.م. ثم إلى أوروبا عام 1400 ق.م. ثم إلى الصين حوالي عام 1300 ق.م.

كانت أولى المركبات ذات العجلات هي عربات ذات أربع عجلات تجرها الثيران، ثم أصبح يجرها، حوالي عام 3000 ق.م. حيوان يشبه الحمار يسمى الأخدر. كانت كل عجلة في المركبة تكون من قرص خشبي مصنوع من ثلاثة ألواح خشبية مستطيلة. وكان صانع العجلات لكي يصنع عجلة يربط الألواح معًا من أطرافها بدعائم خشبية ليكون مربعًا. ثم يُدوِّر المربع بعد ذلك عند الأركان ليشكل قرصًا. كان هذا التركيب، ذو الأجزاء الثلاثة، يحول دون أن تصبح العجلات دائرية تمامًا. وكانت العربات البدائية تتدحرج على الطريق بسرعة السلحفاة، وربما اضطرت للتوقف عدة مرات لإجراء الإصلاحات.

كان سكان بلاد الرافدين في أول الأمر يستخدمون الكارّات أساسًا كعربات جنائزية. وبعد عام 3000 ق.م. تقريبًا، أصبحت الكارَّات التي يجرها الأخدر تحمل قوات بلاد الرافدين للحرب. ومع مرور الوقت استُخدمت الكارَّات في نقل الركاب، وحمل الحبوب والرمال والبضائع الأخرى التي يصعب تحميلها على المزالج أو الدواب. ولكنها لم تقدر على منافسة المزالج والدواب حتى تحسن تصميم العجلات.

استمرت العجلات تُصنع من ثلاث قطع خشبية صلبة حتى عام 2000 ق.م. تقريبًا، وبين عام 2000 و1500 ق.م. ظهرت العجلات ذات البرامق. والبرامق هي التي تصل بين مركز الدائرة ومحيطها، وكانت تتكون من إطار ومحور وبرامق. وكان كل جزء من هذه الأجزاء الثلاثة يُصنع على حدة. وقد وفرت العجلات ذات البرامق حركة أكثر سلاسة من العجلات المصنوعة من الخشب الصلب. كما أصبحت أخف وأسرع. والأرجح أن هذا النوع من العجلات كان يُصنع في أول الأمر من أجل المركبات الحربية.

كان لهذه المركبات الحربية عجلات ذات برامق خفيفة لتستطيع الخيول جرها. فقد رُوِّضت الخيول للركوب بحلول عام 2000 ق.م. ولكن لم يتسن استخدامها لجر حمولات كبيرة، لأن طقم الفرس المناسب لم يكن قد اخترع بعد. فإن الطقم المستخدم في ذلك الوقت يضغط على القصبة الهوائية للحصان. فإذا كان الحصان يجر حملاً ثقيلاً كان الطقم يمنع تنفس الحيوان، بينما كان بمقدور حصان جر عربة حربية خفيفة بسهولة، وبذلك أصبحت العربات، التي تجرها الخيول والمستخدمة أساسًا للمحاربين، أسرع مركبات العصور القديمة.

بلاد اليونان القديمة:

أصبحت بلاد الإغريق أثناء القرن الخامس ق.م القوة الرئيسية في منطقة البحر المتوسط. فقد توسع الإغريق في التجارة البحرية التي بدأها الفينيقيون.كما ابتكروا بناء السفن ذات الساريتين وزادوا عدد الأشرعة من واحد إلى أربعة.

أبحرت سفن الشحن الإغريقية من بلادها ببراميل ضخمة من زيت الزيتون والخمر. فكان يتم تبادل هذه المنتجات في مقابل القمح والحبوب الأخرى من مختلف موانىء البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. وكانت تجارة الحبوب بالغة الأهمية للإغريق، لأن القمح كان الغذاء الرئيسي أثناء العصور القديمة، وكان على الإغريق أن يستوردوا معظم حاجتهم منه. ولكن الكثير من سفن الإغريق كان يستولي عليها الأعداء أو مراكب القراصنة. كما كان الكثير منها يغرق أثناء العواصف. وبالرغم من ذلك كانت السفن تعود كل عام تقريبًا لبلادها بما يكفي لتفادي المجاعة لعام آخر.

لقد أنشأ الإغريق حضارة بالغة التقدم. وساعدت سفنهم التجارية في نشر الحضارة الإغريقية غربًا. ومع انتشار الحضارة ازدادت التجارة وعمليات الشحن. فبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، كان يوجد حوالي 300 ميناء على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وكانت عدة آلاف من السفن التجارية من مختلف البلدان تقطع البحر جيئة وذهابًا.

روما القديمة:

حكم الرومان واحدة من أقوى الإمبراطوريات في العصر القديم من القرن الثاني قبل الميلاد، إلى القرن الخامس الميلادي. وشملت الإمبراطورية الرومانية في ذروتها جميع الأراضي المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط. كما امتدت شمالاً حتى الجزر البريطانية وشرقًا حتى الخليج العربي. ومن أجل الحفاظ على إمبراطوريتهم الشاسعة متماسكة شيّد الرومان شبكة طرق بالغة التقدم.

كان الناس قد بنوا الطرق قبل عصور الرومان بكثير. فبحلول القرن الحادي عشر قبل الميلاد. تقريبًا بدأ سكان الصين إقامة الطرق بين مدنهم الرئيسية، وبنى الفرس شبكة طرق مشابهة أثناء القرن السادس قبل الميلاد. ولكن معظم الطرق الأولية بين المدن لم تكن أكثر من مسارات ترابية. أما الرومان فقد أقاموا أكبر شبكة موسعة من الطرق المعبدة. وكانت أفضل الطرق الرومانية تصل إلى خمسة أوستة أمتار عرضًا. وكان لها قاعدة مكونة من عدة طبقات من الحجر المطحون والحصى. وكانت الطرق تعبد بالطوب الحجري. وكان الرومان يستخدمون طرقهم بصورة رئيسية لنقل القوات والمعدات الحربية. ولكن الطرق عملت أيضًا كحلقة اتصال بين روما وأقاليمها. فكان السعاة الذين ينتقلون في كارَّات تجرها الخيول، يستخدمون الطرق لنقل الرسائل الحكومية. وبمجيء القرن الثالث الميلادي كان أكثر من 80,000 كم من الطرق المعبدة تربط روما بكل جزء من إمبراطوريتها تقريبًا.

وأثناء القرن الخامس الميلادي غزت قبائل جرمانية معظم الأراضي الرومانية في أوروبا الغربية. وأصاب الدمار أغلبية الطرق الرومانية خلال القرون اللاحقة، لكن القليل منها بقي مستخدمًا. وقد أنشأ الرومان أيضًا أكبر أسطول من سفن الشحن الرومانية بحيث توفر لمدينة روما معظم حاجتها من الحبوب.

المواصلات في العصور الحديثـة والمبكــرة ابتداء من القرن الخامس عشر الميلادي، أخذ الأوروبيون يبنون سفنًا قادرة على القيام برحلات طويلة في المحيطات. كما اتسع استخدام العربة التي تجرها الخيل في أوروبا في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر. بينما استمر الناس في أجزاء أخرى من العالم كالصين مثلاً في استخدام وسائل مواصلات أقدم.

العصور الوسطى:

جاءت العصور الوسطى التي دامت من القرن الخامس حتى القرن السادس عشر الميلادي، بتحسينات كبيرة في المواصلات البرية والمائية. نتجت هذه التحسينات إلى حد بعيد بسبب ثلاثة ابتكارات ملحوظة هي، طوق رقبة الحصان الصلب، وحدوة الحصان الحديدية، وعمود العربة الأفقي. ولايعرف الباحثون على وجه الدقة متى وأين ابتكرت هذه الأجهزة، لكن الابتكارات الثلاثة ظهرت في أوروبا قبل نهاية القرن الحادي عشر الميلادي.

ظهر طوق الحصان الصلب في القرن التاسع الميلادي. وكانت الخيول قبل استخدام ذلك الابتكار يوضع لها طقم فرس حول الرقبة مما كان يؤدي إلى اختناق الحصان إذا ما جر حمولة ثقيلة. أما الطوق الصلب فأصبح يحول ثقل الحمولة إلى أكتاف الحصان، فأصبحت الخيول، بذلك الطوق حول رقبتها، قادرة على سحب ثقل مضاعف أربع أو خمس مرات من ذي قبل.

ظهرت حدوة الحصان الحديدية في أوروبا حوالي عام 900م. فكانت الخيول التي بدون حدوات تعاني من حوافر متهتكة إذا ما سافرت إلى مسافات طويلة. أما الحدوات الحديدية، فحافظت على حوافر الحصان من الأذى، وبذلك مكَّنت الحيوان من السفر أبعد وأسرع من ذي قبل.

ظهر العمود الأفقي للعربة في القرن الحادي عشر الميلادي فأمكن للعربات أن تجرّها مجموعات من الخيول. وهذا العمود الأفقي عارضة تدور على محور في مقدمة العربة توثق بها أربطة مجموعة من الخيول. وهي بذلك تعادل قوى السحب لدى الخيول. فبدون هذا الجهاز تتعرض العربة لفقد توازنها مما قد يؤدي إلى انقلابها.

أدى ابتكار طوق الحصان والحدوة الحديدية والعمود الأفقي إلى انتعاش التجارة بطريق البر. فقد مكنت الخيول من سحب ثقل مساو للذي تجره الثيران ولمسافة أبعد وبسرعة مضاعفة.

شجع الازدياد في سرعة المركبات التي تجرها الخيل استخدام العربات على نطاق أوسع لنقل الركاب. ولكن ركوب العربات كان مرهقًا بسبب كثرة المطبات. ولذلك حاول صانعو العربات معالجة تلك المعضلة بصنع مركبات ذات أنظمة تعليق (على محاور) لمقاومة الاهتزاز، وفرت نوعًا من الوسادة ضد المطبات. لكن تلك المركبات لم تكن إلا للأغنياء من الناس، ولذلك ظل معظم الناس في العصور الوسطى يسافرون إما سيرًا على الأقدام أو على ظهور الخيل تمامًا كما كان يفعل الناس في الماضي.

تطور تصميم وبناء السفن تطورًا كبيرًا خلال العصور الوسطى. ففى آسيا ومنطقة البحر المتوسط في القرن السادس الميلادي استُخدم الشراع المثلث الشكل (لاتيني)، وهذا الشراع يمكن توجيهه للعمل حتى عندما تبحر السفينة عكس الرياح بعكس الشراع المربع الشكل والواسع الانتشار في ذلك الوقت. ظهرت في أوروبا أول سفينة تعمل بالدفة بدلاً من مجاديف التوجيه في مؤخرتها في القرن الرابع عشر الميلادي. فأصبح بالإمكان استخدام الدفة لتوجيه سفن أكبر بكثير من التي توجَّه بالمجداف. وفي القرن الخامس عشر الميلادي بدأ صانعو السفن في إنتاج سفن بأحجام مضاعفة أربع مرات عن سابقتها.كانت كل هذه السفن تعمل بالدفة، وكان لمعظمها ثلاثة صوار وثلاثة أشرعة على الأقل.

وتطورت أيضًا أجهزة الملاحة أثناء العصور الوسطى. فلقد تمكن الملاحون باستخدام البوصلة البحرية من قيادة سفنهم حتى عندما تكون السماء ملبدة بالغيوم، حيث لا يمكن استخدام مواقع القمر والنجوم والكواكب للملاحة. وعند أواخر القرن الخامس عشر الميلادي ساعد التقدم في بناء السفن وأجهزة الملاحة على القيام برحلات طويلة عبر المحيطات.

عصر التوسع عبر البحار:

أثناء القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين قام مكتشفون أمثال كريستوفر كولمبوس، وفرديناند ماجلان والسير فرانسيس دريك، وشنج هو برحلات عبر المحيطات. وصل الرحالة الأوروبيون إلى الهند وأمريكا الشمالية والجنوبية، وفيما بعد إلى أستراليا ونيوزيلندا. ولكن هذا التوسع في الحضارة الأوروبية استغرق عدة مئات من السنين. فبرغم التحسينات في بناء السفن ظل السفر عبر المحيطات بطيئًا جدًا.

بدأت التجارة عبر المحيطات تزدهر بسرعة خلال القرن السابع عشر الميلادي. فقد أنزل صانعو السفن، سفن شحن أكبر لتستوعب التجارة المتزايدة. واحتاجت السفن الكبرى إلى أشرعة أكثر، فساعدت الأشرعة الإضافية على زيادة السرعة. وبحلول أواسط القرن التاسع عشر الميلادي كان لدى أسرع السفن التجارية ما يصل إلى 35 شراعًا وسرعتها بلغت 20 عقدة ؛ فأصبحت هذه السفن الشراعية السريعة قادرة على الإبحار من مدينة نيويورك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، حول أمريكا الجنوبية إلى سان فرانسيسكو على الساحل الغربي في مدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة شهور. أما الطريق البري فكان يستغرق ضعف هذه المدة.

تطور النقل الداخلي:

بمجيء القرن السابع عشر الميلادي، كان معظم الناس يستخدمون العربات التي تجرها الخيول لنقل البضائع محليًا. ولكنهم نادرًا ما كانوا يستخدمونها لمسافات بعيدة بسبب الحالة الرديئة للطرق. فظلت القوارب التي تجرها الخيول والمراكب، هي الوسائل الرئيسية للمواصلات الداخلية الطويلة المدى حتى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. كانت الحيوانات تجر المراكب بالحبال بصعوبة على امتداد ضفاف الأنهار والقنوات.

أُنشئت مئات القنوات في أوروبا منذ أواخر العصور الوسطى حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. ففي عام 1742م شُقَّت قناة في أيرلندا لربط بحيرة لونيا بالبحر عند نيوري. وفي بريطانيا أُنشئت القنوات الأولى لشحن الفحم الحجري بتكلفة زهيدة من المناجم إلى المدن الصناعية. ففي عام 1761م افتتحت قناة بردجواتر حيث ربطت المناجم في وسلي بالمصانع في مانشستر. ولم يكن للثورة الصناعية أن تنجح بدون القنوات التي كانت تحمل المواد الخام الثقيلة والبضائع. وبحلول أربعينيات القرن التاسع عشر الميلادي أدى التوسع في السكك الحديدية إلى اضمحلال الحركة على القنوات. فقد أصبحت السكك الحديدية تنقل البضائع بسرعة أكبر من خلال شبكة عريضة من الخطوط.

خلال القرن الثامن عشر الميلادي، أنشأت فرنسا وبريطانيا طرقًا معبدة جيدة البناء منذ عصور الرومان. وبحلول أواسط القرن التاسع عشر الميلادي انتهى العمل في أول طريق سريع رئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية والمُسمى الطريق القومي. وكان هذا الطريق يربط مدن كمبرلاند وماريلاند وفانداليا بولاية إلينوي. ولكنه كان طريقًا مرصوفًا بالحصى ولايرقى لمستوى الطرق في فرنسا وبريطانيا في ذلك الوقت. وظل الأمريكيون الأوائل المسافرون غربًا من نهر المسيسيبي يعبرون أرضًا فضاء لاطرق فيها. وكانوا يقودون عرباتهم المغطاة فوق مسارات ترابية مثل ممر سانتا في، وممر أوريجون.

لم يتغير التصميم الأساسي للعربات كثيرًا منذ أواخر العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر الميلادي. وقد بدأ أول خط عربات داخل المدينة في باريس أثناء ستينيات القرن السابع عشر الميلادي. وكان ذلك بمثابة السَّلف لخدمات المواصلات اليومية، من وإلى العمل في الوقت الحاضر. وبدأ أول خط عربات طويل بين المدن بين إنجلترا وأسكتلندا حوالي عام 1670م. وكان ذلك الخط يعمل بين مدينتي لندن وأدنبره قاطعًا مسافة طولها حوالي 630كم. وكانت هذه العربات تسمى بالمركبات المرحلية لأنها كانت تسافر على مراحل وتقف في أماكن محددة على الطريق لتغيير الخيول.

المواصــلات في القرن التاســــع عشر وفر المحرك البخاري مصدرًا جديدًا تمامًا للطاقة للمواصلات أثناء القرن التاسع عشر. وكان يستخدم لدفع القاطرات والقوارب ذات عجلات التجديف والسفن. ولكن الناس ظلوا يستخدمون أيضًا المصادر القديمة للطاقة مثل الحيوانات والرياح.

عصر البخار:

سجل اختراع المحرك البخاري بداية لأعظم ثورة في المواصلات منذ ابتكار العجلة والسفينة الشراعية. فقد طور المخترعون البريطانيون المحرك البخاري خلال القرن الثامن عشر الميلادي.كانت أولى المركبات البرية ذاتية الدفع تعمل بالمحركات البخارية. فقد صنع ضابط في الجيش الفرنسي يُسمى نيكولا كونو أول مركبة من هذا النوع عام 1769م. كانت الجرارة البخارية ذات العجلات الثلاث التي ابتكرها تستخدم لجر المدافع. ثم طُورت في إنجلترا سيارات بخارية تحمل ركابًا في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. وفي عام 1807م بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية أول سفن بخارية تقدم خدمات ناجحة تجاريًا. أما أول خط حديدي بخاري ناجح فقد بدأ يعمل في إنجلترا عام 1825م.

وبحلول أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأت السفن التي تعمل بالمحرك البخاري تحتل مكان السفن الشراعية في معظم خطوط الشحن العالمية. لكن القطارات البخارية هي التي أدت الدور الرئيسي في الثورة التي حدثت في عالم المواصلات. ففي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كانت المركبات البخارية للسكك الحديدية تنطلق بسرعة لم تكن في الحسبان حيث تبلغ 100 ك/ ساعة أو أكثر. وكانت تنقل حمولة أكبر مئات المرات من التي يمكن لمجموعة من الخيول أن تجرها. وبحلول القرن العشرين، كانت خطوط السكك الحديدية قد امتدت إلى كل مكان في أوروبا وأمريكا الشمالية والعديد من مناطق إفريقيا وآسيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية.

ومع ازدياد عدد السفن البخارية والقطارات البخارية التي دخلت الخدمة، بدأت أسعار تذاكر الركاب وتكاليف الشحن في الهبوط، وشجعت الأسعار المخفضة على السفر والتجارة ونمو المدن. وبالإضافة إلى ذلك أصبح العديد من الناس يعتادون الحركة السريعة والتغيير المتلاحق. وخلق ذلك الازدياد في سرعة الحياة المزيد من الحاجة إلى مواصلات أكثر سرعة.

مركبات أوائل القرن العشـــرين بحلول القرن العشرين كانت المركبات ذات المحرك قد حققت ثورة في المواصلات. وكانت السفن البخارية العابرة للمحيطات والسفن الهوائية والترام الكهربائي والقطارات البخارية القوية وأوائل السيارات المنتجة على نطاق واسع تحمل الناس أبعد وأسرع مما عهدوه من قبل.

بدايات المواصلات الحديثة:

ظهرت أول القطارات وعربات الترام الكهربائية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أثناء ثمانينيات القرن التاسع عشر الميلادي. وفي التسعينيات من نفس القرن، اخترع المهندس الألماني رودلف ديزل المحرك الذي سُميّ باسمه فيما بعد. ومع مرور الوقت احتلت محركات الديزل مكان المحركات البخارية في العديد من السفن ومعظم القطارات. ومن بين جميع اختراعات القرن التاسع عشر الميلادي كان المحرك الذي يعمل بالبترول هو الذي جاء بأوسع التغييرات في عالم المواصلات.

تطورت الدراجة في أوروبا أثناء القرن التاسع عشر الميلادي، وفي الثمانينيات من ذلك القرن أتقن المخترعون الألمان محرك البترول، وزودوا الدراجات ذات العجلات الثلاث بالمحركات. وفي التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي صنع المهندسون الفرنسيون أول مركبات بهياكل سيارات تعمل بمحرك البنزين. أما أولى الحافلات والشاحنات التي تعمل بالبنزين، فقد صنعت في ألمانيا في التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي.

وفي عام 1903م استخدم صانعا الدراجات الأمريكيان أورفيل ولبور رايت محركًا يعمل بالبترول لتشغيل طائرة صغيرة قاما بتصميمها. فأصبحت طائرة الأخوين رايت أول طائرة تحمل إنسانًا إلى الجو وتطير بنجاح.

المواصلات في الثلاثينيات من القرن العشرين بدأت معظم أنواع المواصلات العامة الحديثة تأخذ شكلها منذ الثلاثينيات من هذا القرن. فأصبحت خطوط السكك الحديدية في الوسائل الرئيسية للمواصلات العامة بين المدن. كما بدأت شركات الحافلات وخطوط الطيران التجارية تحمل ركابًا أكثر فأكثر. وحملت العبارات العديد من الركاب على النطاق المحلي.
أصبحت السيارات على نحو متزايد وسيلة مهمة لنقل الركاب في العديد من البلدان الصناعية أثناء عشرينيات القرن العشرين. ومع ازدياد عدد أصحاب السيارات ازدادت كذلك الحاجة إلى طرق أفضل وأكثر. فأنشئ العديد من الطرق الحديثة في الفترة بين 1900 و1930م.

بدأت أول خطوط طيران تجارية عملها في أوروبا عام 1919م، وفي مناطق عديدة أخرى من العالم في العشرينيات من القرن العشرين. وبحلول أواخر الثلاثينيات كانت خطوط الطيران في العالم تحمل 3,5 مليون راكب سنويًا. وكانت جميع الطائرات تعمل بالمراوح والمحركات المزودة بالبترول إلى أن تمكن مهندسون ألمان في أواخر الثلاثينيات من بناء أول طائرة بمحركات نفاثة. وكانت جميع هذه الطائرات النفاثة طائرات حربية، ثم بدأت أول خطوط الطائرات النفاثة عملها خلال الخمسينيات.

جاء التقدم الباهر في المواصلات بتغيرات هائلة في حياة الناس. فأصبحت الرحلات الطويلة أمرًا عاديًا بسبب التطور في الطيران التجاري. كما نتج عن التطور في الشحن البحري والتبريد، أن أصبح من الممكن توزيع البضائع التي كانت متوافرة فقط في مناطق معينة، إلى جميع أنحاء العالم تقريبًا.

أدى التطور في السيارات إلى نمو الضواحي الممتدة حول المدن الكبيرة. وأصبح الناس يعتمدون على السيارات من وإلى أعمالهم في هذه المدن. فلولا هذه الوسيلة للمواصلات الخاصة لأصبح العيش في الضواحي غير عملي أوشبه مستحيل لكثير من الناس.


تواريخ مهمة في المواصلات

حوالي عام 5000 ق.م.بدأ الناس يستخدمون الحمير والثيران كحيوانات تحميل.
3500 ق.م.بنى سكان بلاد الرافدين أولى المركبات ذات العجلات.
3200ق.م. اخترع المصريون الأشرعة وصنعوا أول مركبة شراعية.
من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلاديأنشأ الرومان أول شبكة موسعة من الطرق المعبدة.
القرن التاسع الميلاديظهر طوق رقبة الحصان الصلب في أوروبا.
القرن الثاني عشر الميلاديابتكر صانعو العربات في أوروبا أولى المركبات التي تجرها الخيل. وعرفت تلك العربات ذات النوابض المقاومة للاهتزاز بالمركبات خلال القرن الخامس عشر الميلادي.
تسعينيات القرن الخامس عشر الميلاديساعدت التحسينات في بناء السفن على جعل الرحلات الطويلة عبر المحيطات ممكنة.
ستينيات القرن السابع عشر الميلاديافتتح في باريس أول خط عربات داخل المدينة.
القرن الثامن عشر الميلاديطور المخترعون البريطانيون المحرك البخاري.
1807مبدأ أول خط سفن بخارية ناجح تجاريًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
1825مبدأ عمله أول خط حديدي بخاري ناجح في إنجلترا.
ثمانينيات القرن التاسع عشر الميلاديصنع المخترعون الألمان أولى المركبات ذات المحركات التي تعمل بالبترول واستخدموها لتشغيل مركبات ذات عجلات .
تسعينيات القرن التاسع عشر الميلاديصنع المهندسون الفرنسيون أولى المركبات ذات المحركات التي تعمل بالبترول وبأجسام سيارات.
1903مأصبحت الطائرة التي صنعها أورفيل وولبور رايت من الولايات المتحدة الأمريكية أول طائرة تحمل إنسانًا إلى الجو وتطير بنجاح.
عشرينيات القرن العشرين وحتى الخمسينيات منهأصبحت السيارات على نحو متزايد وسيلة المواصلات الرئيسية للركاب في العديد من البلاد.
خمسينيات القرن العشرينبدأت أول طائرة تجارية نفاثة عملها.
سبعينيات القرن العشرينأدى الهبوط في احتياطي النفط في العالم إلى نقص في وقود المواصلات في البلدان الصناعية.
1976معملت أول طائرة ركاب تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت، (الكونكورد)، بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
1994مافتتح نفق القنال الإنجليزي الذي يربط فرنسا والمملكة المتحدة.
2000مافتتح أطول نفق للطرقات في العالم (24,5كم) يربط بين مدينتي أوسلو وبيرجين في النرويج.

المواصلات اليوم

أيقونة تكبير سرعات مواصلات الركاب
قبل تطوير المركبات ذات المحركات، كانت معظم المواصلات تختص بشحن البضائع. أما مواصلات الركاب فكانت غير مألوفة نسبيًا. فجاء تطور المواصلات ذات المحركات ليغير الوضع جذريًا. فقد أصبحت اليوم مواصلات الركاب جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في البلدان الصناعية. فالعمال في هذه البلدان يعيشون في مناطق أبعد عن أماكن عملهم من أماكن سلفهم في الماضي، ونتيجة لذلك يحتاجون إلى مواصلات سريعة يُعتمد عليها كل يوم. كما يحتاج العديد من الأطفال إلى المواصلات للذهاب من وإلى مدارسهم. وتعتمد العائلات على المواصلات للتسوق والمهمات الأخرى. كما يسافر الكثير من الناس مسافات طويلة لقضاء إجازاتهم. وفي بعض البلاد الصناعية تنفق أموال على وسائل مواصلات الركاب المختلفة أكثر مما ينفق على وسائل نقل شحن البضائع.

ينُاقش هذا الفصل بصورة أساسية وسائل نقل الركاب والبضائع ذات المحركات في البلدان الصناعية. أما في بعض المناطق الريفية من البلاد النامية فمازال كثير من الناس يعتمدون على مواصلات العصور القديمة.

وسائل نقل الركاب:

هناك نوعان رئيسيان لوسائل نقل الركاب 1- المواصلات الخاصة، 2- المواصلات العامة. يستخدم ركاب المواصلات الخاصة مركباتهم الشخصية. أما الذين يستخدمون المواصلات العامة فيدفعون أجورًا لركوب مركبات تمتلكها وتقوم بتشغيلها شركات خاصة أو حكومية.

السيارات هي الوسيلة الرئيسية للمواصلات الخاصة في المدن الصناعية. وتحتاج المدن الكبرى لمواقف سيارات فسيحة تتسع للأعداد الكبيرة من السيّارات التي يقودها الناس إلى أماكن أعمالهم كل يوم.

المواصلات الخاصة:

في البلدان الصناعية، تتوفر بشكل رئيسي السيارات والدراجات العادية والدراجات النارية والطائرات الخاصة. وتُعتبر السيارات أهم وسيلة مواصلات خاصة على الإطلاق.

والسيارات أيضًا هي وسيلة المواصلات الرئيسية للركاب في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا ومعظم بلدان أوروبا الغربية وكثير من الدول العربية. ويمتلك الناس في هذه البلدان وفي الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 77% من السيارات في العالم. ويمتلك الأمريكيون أكبر حصة على الإطلاق إذ تبلغ 35% من المجموع العالمي تقريبًا، كما توجد فيها أيضا أفضل شبكات الطرق. ويوجد حوالي 19 مليون كم من الطرق في جميع أنحاء العالم. وثلث هذا المجموع موجود في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن معظم الباقي يوجد في البلدان التي تمتلك أعدادًا كبيرة من السيارات.

ويعتبر السفر بالسيارة أقل أهمية في البلدان النامية منه في البلدان الصناعية. لكن أعدادًا متزايدة من سكان المدن في تلك البلدان النامية أصبحت تمتلك سيارات، واضطرت المدن الكبرى لإقامة المزيد من الطرق لكي تستوعب ذلك السيل المتزايد من السيارات.

القطارات السريعة تحمل الكثير من الركاب المسافرين بين المدن في اليابان وأوروبا الغربية. وهذا القطار الانسيابي الذي يشبه القذيفة واحد من أسطول ضخم من القطارات السريعة في اليابان.
ناقلات الأفراد هي مركبات تحمل الركاب على خطوط موجهة تعمل بدون سائق. هذه السيارات تشتغل بطريقة آلية وتتوقف في نقط محددة.
قطارات السكك الحديدية في المملكة العربية السعودية هي أحد عناصر شبكة المواصلات، حيث تقوم بنقل الركاب والبضائع والنفط داخل القطر.

المواصلات العامة:

تُعد أية خدمات ركاب منتظمة ومتوافرة للجمهور مواصلات عامة أو نقل عام. وهناك ثلاثة أنواع رئيسية لخدمات المواصلات العامة: 1- داخل المدن 2- بين المدن 3- عبر البحار.

خدمات داخل المدن. توفر معظم المناطق الكبيرة من المدن بعض وسائل المواصلات العامة لمن لايملكون سيارات أو من يفضلون تفادي القيادة داخل المدن بقدر الإمكان. وتسمى أحيانًا خدمات المواصلات العامة بين المدن وضواحيها رحلة العمل اليومية. تعتبر الحافلات الوسيلة الوحيدة الرئيسية للمواصلات العامة في معظم مدن العالم. وبالإضافة لذلك، تُوجد في الكثير من المدن الكبرى شبكات سكك حديدية. وفي حوالي 90 مدينة توجد شبكة سكك حديدية فوق الأرض وشبكة أخرى لقطارات الأنفاق تحت الأرض. كما توجد في بعض المدن الكبيرة قطارات علوية تسير على خطوط فوق الشوارع. وفوق هذا كله توجد في عدد متزايد من المدن الكبرى شبكة مواصلات عامة تشتمل على مركبات السكك الحديدية الخفيفة.

ومركبات السكك الحديدية الخفيفة هي قطارات تعمل بالكهرباء تستمد طاقتها من سلك علوي ممدود أو خط ثالث مكهرب. ويُعتبر الترام أو الحافلات الكهربائية، نوعًا من مركبات السكك الحديدية الخفيفة، ففي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان الترام جزءًا مهمًا من شبكات المواصلات العامة في الكثير من المدن. ولكن معظم خطوط الترام كانت تجري في منتصف الطريق، وبدأت حركة السيارات المتزايدة تعرقل عمل الترام. ولهذا السبب تم استبدال الحافلات بالترام في كثير من المدن.

أما اليوم فإن مركبات السكك الحديدية الخفيفة يمكنها أن تعمل تحت الأرض أوعلى خطوط علوية أوعلى خطوط منشأة على جوانب شوارع المدينة، وتعمل بعض هذه المركبات عن طريق مراكز تحكم بالحاسوب بدلاً من السائقين. وتسير هذه المركبات إما فرادى أو متصلة بعضها ببعض لتكون قطارًا. والكثير من مركبات السكك الحديدية الخفيفة تجري على عجلات ذات إطارات مطاطية تجعل سيرها أكثر سلاسة وهدوءًا من القطارات الأخرى.

يُعتبر القطار الوسيلة الرئيسية للمواصلات اليومية عامة من وإلى العمل. وتسّير شبكات السكك الحديدية العديدة قطارات يومية منتظمة بين المدن الكبرى وضواحيها.

خدمات المواصلات بين المدن. توفرها أساسًا الطائرات والحافلات والقطارات. وتنقل القوارب النهرية والعبَّارات قسمًا ضئيلاً جدًا من الركاب المسافرين بين المدن.

وفي بعض البلدان الصناعية مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية، تستوعب خطوط الطيران نسبة كبيرة من المسافرين بين المدن في رحلات طويلة. لكن السيارات الخاصة والحافلات والقطارات هي وسائل المواصلات المفضلة للعديد من الناس خاصة أثناء الرحلات القصيرة. ففي الصين والهند ومعظم بلدان إفريقيا، تنقل خطوط السكك الحديدية والحافلات ركابًا أكثر مما تنقله السيارات الخاصة والطائرات، ولذلك فإن القطارات والحافلات هي الوسائل الحديثة الرئيسية للسفر بين المدن في معظم البلاد النامية. ويوجد في اليابان والكثير من بلدان غرب أوروبا قطارات ركاب فائقة السرعة. كما تؤدي الطائرات قصيرة المدى دورًا مهمًا في التنقل بين المدن في أوروبا.

تستطيع القطارات الفائقة السرعة منافسة خطوط الطيران لنقل الركاب في الرحلات التي تصل إلى 800كم تقريبًا. فالمطارات الكبيرة توجد في الغالب على أطراف المدن الضخمة، ولذلك ففي حالة الرحلات الجوية القصيرة أو المتوسطة، فإن المسافة من وإلى المطار قد تستغرق وقتًا أكثر من رحلة الطيران نفسها. أما القطارات، بخلاف ذلك، فتأخذ الركاب وتوصلهم إلى محطات في مراكز داخل المدن. ولذلك فإن المسافرين بالقطار فائق السرعة قد يكملون رحلتهم بأكملها في وقت أقل مما يستغرقه السفر جوًا.

خدمات المواصلات عبر البحار. بدأت أول خطوط طيران عبر البحار عملها في ثلاثينيات القرن العشرين. لكن الطائرات كانت تضطر إلى التوقف عدة مرات خلال الرحلة للتزود بالوقود. وظل معظم المسافرين عبر البحار يركبون السفن حتى أواخر الخمسينيات، بالرغم من أن السفر بحرًا كان يستغرق وقتًا أطول بكثير من السفر جوًا. فقد كانت الرحلة عبر المحيط الأطلسي مثلاً تستغرق أربعة أيام أو أكثر. ظهرت أول طائرة عابرة للمحيط بدون توقف في أواخر أربعينيات القرن العشرين. فكانت هذه الطائرات ذات المراوح تنقل الركاب عبر المحيط الأطلسي براحة وأمان خلال ساعات بدلاً من أيام. وعندما ازدادت هذه الطائرات شيوعًا ازداد السفر عبر البحار. ثم جاءت أولى الطائرات النفاثة العابرة للمحيطات في الخمسينيات لتحقق زيادة هائلة في السفر الجوي عبر البحار.

أما اليوم فإن جميع المسافرين عبر البحار تقريبًا يركبون الطائرات. لكن مازالت سفينة واحدة عابرة للمحيطات، هي الملكة إليزابيث الثانية البريطانية تبحر إلى الآن في رحلات عبر المحيط الأطلسي. أما معظم رحلات السفن الأخرى العابرة للمحيط، فتعمل الآن كسفن ترفيهية تختص بأخذ السياح إلى البحر الكاريبي والبحر الأبيض المتوسط والمناطق الدافئة الأخرى، متوقفة في موانئ عديدة على الطريق.

وفي عام 1976م ظهرت أول طائرة تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت (الكونكورد)، وبدأت عملها بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتعبر الكونكورد المحيط الأطلسي بين لندن أو باريس ونيويورك ـ أي مسافة 5,630كم تقريبًا، في زمن يتراوح بين ثلاث ساعات ونصف الساعة وأربع ساعات. ولكن السفر على هذه الطائرة التي تفوق سرعة الصوت باهظ الثمن لأنها تستهلك كميات كبيرة من الوقود.

خط الأنابيب عبر ألاسكا هو جزء من شبكة هائلة من خطوط أنابيب النفط التي تتقاطع عبر الولايات المتحدة الأمريكية. وتنقل شركات خطوط الأنابيب الغاز الطبيعي ومنتجات أخرى بالإضافة إلى النفط.
النقل المتبادل الشكل هو نقل الحمولات عن طريق أكثر من وسيلة. فالحاويات المحملة بالبضائع مثلا يمكن تحويلها من الشاحنات الجرارة إلى عربات السكك الحديدية كما في الصورة أعلاه.

نقل البضائع:

توفر خطوط الأنابيب أرخص وسيلة لنقل النفط والغاز الطبيعي. أما أرخص وسيلة لنقل البضائع فهي النقل المائي. أما النقل عن طريق السكك الحديدية فيتكلف ثلاثة أضعاف تكلفة النقل المائي. ويتكلف النقل بالشاحنات حوالي عشرة أضعاف النقل بالسكك الحديدية تقريبًا. ويعتبر النقل الجوي أغلى أنواع الشحن على الإطلاق، لأنه يتكلف حوالي 40ضعفًا من تكلفة النقل المائي. وبما أن النقل الجوي باهظ التكاليف إلى هذه الدرجة ؛ فإن طائرات الشحن تحمل عادة البضائع الثمينة، والخفيفة والسريعة العطب فقط.

وتُستخدم الوسائل المختلفة لنقل البضائع في مجالين هما: 1- الشحن المحلي، 2- الشحن الدولي.

الشحن المحلي. تختص معظم حركة الشحن المحلي بنقل البضائع بين المدن داخل البلد الواحد. تُنقل البضائع بالطائرات والمراكب (البرجات) وخطوط السكك الحديدية والسفن والشاحنات. أما شحن البضائع داخل المدينة فيتضمن أساسًا خدمات الاستلام والتوصيل، وتنقل الشاحنات مجمل ذلك الشحن المحلي تقريبًا.

ويُعتبر الشحن عن طريق السكك الحديدية طريقة فعالة لنقل المواد الثقيلة كالفحم الحجري. فقطارات الشحن تنقل حمولة ضخمة من المعادن الخام والمواد المشابهة بين الموانئ والمصانع. فتنقل الفحم الحجري مثلاً من المناجم إلى محطات التوليد الكهربائي، وتنقل منتجات النفط من المصافي إلى مستودعات التوزيع بالجملة، كما تنقل بضائع عامة من جميع الأنواع. وفي جميع أنحاء أوروبا تُوجد خدمات للشحن المباشر بدون توقف، تحمل الكثير من البضائع في خطوط للشحن بقطارات الحاويات.

وفي عديد من الحالات تنتقل شحنة معينة من نوع واحد من الحاملات إلى نوع آخر أو أكثر لكي تصل إلى غايتها. فالعديد من الشحنات، على سبيل المثال تنقل بالقطار ثم بالمراكب (البرجات) ثم الشاحنات في طريقها إلى المشتري. وتسمى حركة الشحن بأكثر من وسيلة واحدة النقل المتبادل الشكل.

أصبح النقل متعدد الوسائل المعروف بنقل الحاويات يزداد شيوعًا منذ منتصف القرن العشرين. فبموجبه تُفرغ الشحنة في صناديق كبيرة تُسمى حاويات مصممة بحيث تنقل على الشاحنات أو عربات القطارات. وهذه الحاويات يمكن تحويلها بسهولة بين هذين النوعين من الناقلات وتحميلها على سفن حاويات مصممة خصيصًا لذلك. ويقلل النقل بالحاويات تكاليف الشحن المحلي عن طريق الحاويات. ولكن هذه الطريقة تُتَّبع أساسًا في التجارة الدولية.

الشحن الدولي. يُنْقل أساسًا عن طريق السفن. ولقد صمم الكثير من السفن التجارية في الوقت الحاضر لكي يحمل حاويات أو نوعًا معينًا من البضائع مثل النفط أو الحبوب أو الحديد الخام. وفي العديد من الحالات تتطلب السفن مرافق متخصصة في الموانئ. ولذلك زُودت معظم الموانئ الكبيرة بإمكانات تحريك الحاويات. فهناك الرافعات العملاقة وأجهزة الرفع الأخرى التي تنقل الحاويات بين سفن الحاويات والشاحنات الجرارة وعربات السكك الحديدية. وتختص بعض الموانئ البحرية الأكثر ازدحامًا في العالم بحركة ناقلات النفط. ينقل بعض الشحن الدولي عبر الطرق أو خطوط السكك الحديدية أو خطوط الأنابيب أو الممرات المائية الداخلية أو الطائرات. وتعتمد البلدان الأوروبية والإفريقية خاصة على هذه الوسائل في التجارة.

صناعة المواصلات

تعتبر المواصلات من الصناعات الرئيسية في العالم. فالعديد من المؤسسات الصناعية الكبرى في العالم تحقق مجمل أو معظم دخلها من مبيعات المعدات أو الوقود للمواصلات. كما توظف صناعة المواصلات عدة ملايين من الناس في جميع أنحاء العالم. تشتمل صناعة المواصلات على 1- صناعة المعدات، 2- ناقلات الركاب والبضائع، 3- الصناعات المتصلة. وتعتبر صناعات المعدات وناقلات الركاب والبضائع مؤسسات رئيسية. ولكن الصناعات المساندة تؤدي أيضًا دورًا حيويًا في المواصلات بما توفره من وقود وخدمات مختلفة ومرافق. ويختلف مدى تدخل الحكومات في المواصلات باختلاف النظم السياسية والاقتصادية للبلدان المختلفة.

صانعو المعدات:

ينتجون المركبات التي تعتمد عليها المواصلات الحديثة.كما يوفرون المعدات اللازمة لتشغيل المركبات مثل خطوط السكك الحديدية وشبكات الاتصال للطائرات. وتعتبر الشركات التي تصنع السيارات والحافلات والشاحنات أكبر الشركات المنتجة لمعدات المواصلات على الإطلاق. ومن ضمن المنتجين الرئيسيين لتلك المركبات تويوتا ونيسان من اليابان، وفولكسواجن من ألمانيا، وفيات من إيطاليا وشركتا جنرال موتورز وفورد من الولايات المتحدة الأمريكية.

مراكب النقل البرجات تعتبر أرخص الوسائل لنقل بضائع مثل الفحم والحبوب والحصى. المراكب المصورة أعلاه تدفعها زوارق القَطْر. وهناك بعض المراكب المزودة بالمحركات الذاتية.

ناقلات الركاب والبضائع:

وهي تشمل خطوط الطيران وشركات الحافلات وشركات خطوط الأنابيب، وخطوط السكك الحديدية وخطوط الشحن البحري، ومؤسسات النقل البري. وفي العديد من البلدان تمتلك الحكومة المركزية خطوط الطيران والسكك الحديدية وبعض خطوط الحافلات بين المدن وتقوم بإدارتها. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فتمتلك شركات خاصة جميع خطوط الطيران وجميع خطوط السكك الحديدية تقريبًا وتقوم بإدارتها أيضًا. وفي بعض بلدان أوروبا الشرقية، تمتلك الحكومة المركزية أيضًا الحافلات العاملة بين المدن وخطوط الأنابيب والنقل البحري والشاحنات. أما في معظم البلدان الصناعية الأخرى فتوفر تلك الخدمات مؤسسات ذات ملكية خاصة، لكنها خاضعة لأشكال مختلفة من التنظيم الحكومي. وفي جميع البلدان تقريبًا تتحكم الحكومات المحلية في معظم خدمات المواصلات داخل المدن إن لم يكن جميعها.

الصناعات ذات الصلة بالمواصلات:

تشمل إنتاج الزجاج والنفط والفولاذ والإطارات بالإضافة إلى إنشاء الطرق وبيع السيارات الجديدة والمستعملة وخدمات صيانة المركبات. ويعتبر إنتاج النفط الصناعة الرئيسية المتصلة بالمواصلات من ناحية القيمة. فالعديد من كبريات المؤسسات الصناعية في العالم هي في الواقع شركات نفطية.

الحكومة والمواصلات:

تتدخل الحكومات في المواصلات في البلدان التي تكون مجمل الصناعة فيها أومعظمها ملكية عامة للدولة. وحتى في البلدان التي تكون فيها جميع شركات المواصلات تقريبًا ملكية خاصة ؛ فإن الحكومة تؤدي دورًا رئيسيًا في صناعة المواصلات. ويتضمن هذا الدور أساسًا: 1- تمويل بعض مرافق المواصلات، 2- تنظيم أوجه المواصلات.

التمويل الحكومي. تعتمد أربعة أنواع من مرافق المواصلات اعتمادًا كليًا على الأموال العامة. وهذه الأنواع هي: 1- مراكز التحكم في الملاحة الجوية 2- المطارات 3- الطرق العامة 4- مرافق الأنهار والموانئ وخدماتها.

وتعتمد شركات المواصلات داخل المدن في معظم البلدان اعتمادًا كبيرًا على الدعم المالي الحكومي. وذلك لأن القليل ـ فقط ـ من هذه الشبكات يحقق دخلاً كافيًا من تذاكر الركاب لتغطية جميع تكاليفها. وتضطر الحكومات لتوفير الاعتمادات اللازمة لضمان استمرار شبكات المواصلات في العمل.

التدابير الحكومية. وتتعلق أساسًا بسلامة المواصلات والمعاملات التجارية لشركات المواصلات. ولقد وضعت الحكومات في جميع أنحاء العالم قوانين سلامة لمختلف وسائل المواصلات.

التطورات الجارية

مشكلات المواصلات الحديثة:

وتتضمن: 1-مشكلات حركة المرور 2- النقص في احتياطي الوقود 3- المشكلات البيئية 4- عدم كفاية المواصلات العامة. وتزداد هذه المشكلات بشدة في البلدان التى تعتمد اعتمادًا كبيرًا على استخدام السيارات الخاصة في المواصلات.

سلامة حركة المرور. تُعاني معظم أنواع المواصلات ذات المحركات الفائقة السرعة من مشكلات حركة المرور. لكن سائقي السيارات على وجه خاص يُعانون من هبوط مستوى السلامة. ففي بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، يفوق عدد ضحايا حوادث السيارات سنويًا مجموع ضحايا الحوادث في جميع وسائل المواصلات الأخرى مجتمعة، مع العلم أنه من الممكن تفادي معظم حوادث السيارات إذا التزم كل سائق بجميع قوانين المرور وجميع قوانين السلامة في القيادة.

وتتمتع خطوط الطيران بواحد من أفضل مستويات السلامة في مجال المواصلات ؛ ولكن حركة السير الجوية الكثيفة في المطارات الكبرى زادت من مخاطر الطيران التجاري. فعندما تنتظر العديد من الطائرات الإذن بالهبوط أو الإقلاع، تصبح ممرات ومدارج الطائرات كثيرة الازدحام لدرجة الخطورة. وبالإضافة لذلك، تزدحم المطارات الكبيرة بقدر متزايد من حركة سير الطائرات الخاصة، مما يجعل التحكم في حركة السير أكثر صعوبة.

وتعتبر خطوط السكك الحديدية وسيلة مواصلات آمنة ومن النادر حدوث اصطدامات بين القطارات أو خروجها عن خطوطها، لكنها ممكنة الحدوث على الخطوط المزدحمة عندما تتعطل أجهزة الإشارة، أو عندما تكون الخطوط الحديدية تالفة أو مستهلكة. وتقوم شركات السكك الحديدية ببرامج استبدال للخطوط وبالفحص الدوري لأجهزة الإشارة.

هبوط احتياطي الوقود. يوفر البترول وجميع أنواع الوقود الأخرى المشتقة من النفط مجمل الطاقة اللازمة تقريبًا للمواصلات ذات المحركات.

ويحذر خبراء الطاقة من أن مخزون العالم من النفط المعتدل الثمن آخذ في الاستهلاك بسرعة. وبالمعدل الحالي للاستهلاك، فإن هذا المخزون قد ينفد في أواسط القرن الواحد والعشرين، ولذلك فعلى البلدان الصناعية أن تؤمِّن لشبكات المواصلات الرئيسية فيها الوقود الكافي لاستمرار أداء عملها. ومن جهة أخرى، على هذه البلدان أن تبذل الجهود في المحافظة على الوقود. فالحفاظ على الوقود ضروري ليس من أجل خطر النقص الحاد في الوقود فقط بل بسبب الأسعار المرتفعة للنفط أيضًا. فالارتفاع في أسعار البترول يؤدي إلى زيادة تكاليف المواصلات وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع أسعار البضائع المنقولة.

وتستهلك السيارات حوالي نصف الطاقة المستخدمة للمواصلات في بلد صناعي، ولذلك فإنها تساهم بشدة في نقص مخزون الطاقة في هذا البلد. وللمساعدة في خفض استهلاك الوقود، تضع الحكومات مستويات محددة لاستهلاك الوقود في السيارات الحديثة. وتشجع هذه المستويات صانعي السيارات على إنتاج سيارات أصغر وأخف تقطع مسافة أطول لكل لتر من البترول بدلاً من صنع السيارات الأكبر حجمًا.

المشكلات البيئية. تُعتبر السيارات السبب الرئيسي في اختناق حركة السير في المدن. كما أن الدخان المنبعث من عوادم هذه السيارات يُسبب تلوث الجو في المدن. ولقد اتخذت مدن عديدة ـ تعاني من اختناقات المرور وتلوث الجو ـ خطوات لتقليص حركة السيارات في مناطقها الأكثر ازدحامًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن معايير متشددة للتحكم في التلوث البيئي بدأت تُطبق على المركبات الحديثة. وهذه المعايير تلزم صانعي السيارات بإنتاج سيارات ذات عوادم أنظف من الأنواع السابقة. كما أن استعمال المواصلات العامة يساعد على تخفيف المشكلات الناتجة عن استخدام السيارات الخاصة في كثير من البلدان. ولكن المطلوب قبل ذلك تحسين هذه المواصلات العامة لكي يقتنع المزيد من سائقي السيارات باستخدامها.


استخدام الطاقة في نقل الركاب بين المدن

نوع المركبةمتوسط عدد الركاب في الرحلةأميال ـ تقطعها المركبة بجالون من الوقودراكب-ميل، بجالون من الوقود
القطار*20,52,653,3
الحافلة23,26,2143,8
السيارة2,328,465,3
الطائرة النفاثة89,60,3430,5
راكب ـ ميل يساوي راكب واحد ينُقل مسافة ميل واحد. جالون واحد يساوي 3,7854 لترات، ميل واحد يساوي 1,6093كم.
* يشمل قطار الديزل والقطار الكهربائي
الأرقام لعام 1993م للطائرة والقطار، ولعام 1992م للحافلة، ولعام 1990م للسيارة.
المصدر: مركز أبحاث النقل، مختبر أرجون الوطني، الولايات المتحدة الأمريكية.

القطار الممغنط العلوي (ماجليف) الذي يطور حاليًا هو مركبة فائقة السرعة لنقل الركاب. تحمل قوة مغنطيسية هذه المركبة فوق خط موجه وتدفعها إلى الأمام. ويتوقع أن تتمكن هذه القطارات من السير بسرعة تفوق 480 كم في الساعة.

التحسينات في وسائل النقل:

وتتطلب أساسًا زيادة وتحسين 1- خدمات المدن، 2- خدمات القطارات بين المدن.

التحسينات في خدمات المدن. لاتمتلك معظم المدن اليوم القدرة على بناء مرافق مواصلات جديدة وموسعة داخلها. لكن مدنًا عديدة تحاول الآن تحسين مرافقها الموجودة حاليا. فمثلا نجحت عدة مدن في زيادة سرعة خدمات الحافلات بتخصيص خطوط مرور معينة للحافلات فقط. كما شددت قيود الوقوف في بعض مراكز المدن لكيلا تشجع السائقين على إحضار سياراتهم إلى داخل المدن.وتسمح بعض المدن، مثل سنغافورة، للسائقين باستخدام الطرق داخل مراكز المدينة في أيام محددة من الأسبوع.

يعتقد بعض الخبراء أن شبكات القطارات الكهربائية الخفيفة يمكن أن تساعد في تحسين المواصلات داخل المدينة. وفي كثير من الأحيان فإن لمركبات القطارات الخفيفة مميزات عديدة تميزها عن أنواع المركبات الأخرى.فهي لا تطلق دخانًا من العوادم كما تفعل الحافلات. كما أنها تجري بنعومة وهدوء أكثر من معظم قطارات الأنفاق ؛ بالإضافة إلى أن تكلفة إنشاء شبكات القطارات الخفيفة أقل من قطارات الأنفاق، ولذلك فقد أنشأت مدن عديدة شبكات للقطارات الخفيفة في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.

وهناك نوع آخر من المواصلات داخل المدن وهو ناقلات الأفراد، تحمل هذه الناقلات الركاب على خطوط موجَّهة خاصة في سيارات كهربائية تعمل بدون سائق. هذه السيارات تعمل آليًا، فتتحرك على الخطوط الموجهة وتقف في نقط محددة لركوب ونزول الركاب.

التحسينات في خدمات القطارات بين المدن. تحاول البلدان الصناعية تحسين خدمات قطارات الركاب على الخطوط المزدحمة بين المدن. فالقطارات تستهلك وقودا أقل بالنسبة لكل راكب من السيارات والطائرات والحافلات، ولذلك فإن القطارات يمكن أن تساهم في الحفاظ على الطاقة إذا ماتمكنت من جذب الركاب وتحويلهم عن السفر جوًا أو على الطرق.

وفي أوروبا الغربية، تسير قطارات الركاب الفائقة السرعة على خطوط خاصة في فرنسا وألمانيا. وهذه الخطوط ليس بها منحنيات حادة مما يسمح للقطارات بمعدلات للسرعة تفوق 200كم/ الساعة. وهناك شبكة للقطارات الفائقة السرعة تحت الإنشاء الآن لتوفير خدمات سكك حديدية سريعة للأفراد والبضائع بين المدن الأوروبية الكبرى.كما أن النفق البحري الذي يربط فرنسا والمملكة المتحدة تحت القنال الإنجليزي يمثل حلقة وصل بين الخطوط لنقل السيارات والشاحنات والحافلات من خلال النفق على عربات قطارات. وقد تم افتتاحه عام 1994م.

أما أسرع القطارات في أستراليا فهي خدمات شبكة القطار السريع في نيو ساوث ويلز، وهذه القطارات تعمل بسرعة 160كم/ ساعة على الخطوط الرئيسية المتشعبة من سيدني.

توفر القطارات الكهربائية الفائقة السرعة خدمات سريعة بين المدن في اليابان وبلدان أوروبية عديدة تشمل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا. ففى اليابان يربط القطار القذيفة، الذي تصل سرعته إلى 210كم/ ساعة، بين المدن في جزيرة هونشو. أما القطار الفرنسي القطار ذو السرعة الفائقة فيربط باريس بمدينة ليون وبمدن أخرى في غرب فرنسا، وينطلق هذا القطار بسرعة قصوى تبلغ 300كم/ ساعة.ولقد بلغ كل من القطار القذيفة وقطار السرعة الفائقة سرعات أكبر في اختبارات التشغيل.

ويعمل المهندسون حاليًا على تطوير طراز جديد من قطارات الركاب الفائقة السرعة يُسمى القطارالمغنطيسي أو قطار مانجليف. ويتكون مسار هذا القطار من خط موجَّه واحد تحيطه المركبة ولا تمسه أثناء الحركة. كما يوجد به مغنطيس على كل من المسار والجزء السفلي من القطار مما يخلق قوة مغنطيسية هائلة ترفع المركبة فوق المسار. كما تدفع القوى المغنطيسية القطار إلى الأمام. ويتوقع أن تنطلق قطارات مانجليف بسرعة تفوق 480كم/ساعة. ولكن قطارات مانجليف ذات السرعة العادية هي التي تعمل في الوقت الحاضر. ★ تَصَفح: القطار المغنطيسي.

وسائل النقل في الوطن العربي

الطائرات الضخمة الحديثة استعملت لنقل الركاب والبضائع في الدول العربية.
مترو الأنفاق في القاهرة بمصر تم افتتاحه عام 1987م. وقد ساعد في نقل الركاب داخل المدينة المزدحمة بالسكان.
ميناء جدة الإسلامي . ساهم النقل البحري في نقل النفط والبضائع والركاب من وإلى الدول العربية والإسلامية ودول العالم.
استخدم الناس في الوطن العربي ـ شأنهم في ذلك شأن كثير من بلاد العالم القديم ـ الجمال والخيل والحمير والبغال وسائل للنقل. وظلت الجزيرة العربية بشكل خاص تعتمد على الجمال في حمل أمتعتها ونقل بضائعها خلال القوافل التجارية التي كانت تتجه إلى اليمن في الشتاء وإلى الشام في الصيف. لكن أغلب الدول العربية الأخرى سرعان ما استخدمت الكارَّات التي تجرها الخيول أو الحمير، وعرفت بعضها السفن مثل مصر ولبنان، واعتمدت مصر بوجه خاص على المراكب الشراعية، ولم تحدث النقلة الكبرى إلا مع مد أول خط سكك حديدية في الوطن العربي في مصر من القاهرة إلى الإسكندرية، ومن القاهرة إلى الإسماعيلية عام 1858م في عهد الخديوي إسماعيل.

ولم يقل استخدام العربات التي تجرها الخيول إلا بعد ظهور السيارات التي تُدار بالبنزين، وانتشارها تدريجيًا والاهتمام برصف الطرق، واكتشاف النفط، وبوجه عام لم تتطور وسائل النقل في العالم العربي -عدا مصر ولبنان- إلا مع مطالع الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، حيث أقبلت معظم الدول على مد الطرق إلى المدن الصغيرة ودخول السكك الحديدية إلى تونس والعراق والسودان والمملكة العربية السعودية، ثم ظهرت الطائرات كوسيلة نقل سريعة للأفراد والسلع الخفيفة والثمينة.

تتمع المدن الكبرى في الوطن العربي اليوم ـ تقريبًا كالمدن الأوروبية ـ بأحدث وسائل المواصلات من الحافلات العامة، والسيارات الفارهة والقطارات الحديثة والطائرات الضخمة، وتستعمل الدول العربية السفن والناقلات والعبَّارات وتخصص الاعتمادات المالية لرصف الطرق وبناء المطارات والموانئ وتأسيس مختلف شركات الخدمات والصيانة.

وهناك خطوط الأنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي داخل الدولة، وخارجها، أشهرها الخط الذي يمتد من السويس على البحر الأحمر إلى سيدي كرير على البحر الأبيض المتوسط، والخط الذي يمتد من العراق عبر الأردن، ومن داخل المملكة العربية السعودية إلى ينبع على البحر الأحمر. ومن أكبر المطارات العربية مطار الملك خالد بالرياض ومطار الملك عبدالعزيز في جدة. وتتوفر في المملكة العربية السعودية بشكل خاص شبكة طرق حديثة وجيدة ومجموعة هائلة من الجسور والأنفاق، وقد افتتح عام 1987م بالقاهرة مترو الأنفاق الوحيد في الشرق الأوسط وإفريقيا. ورغم ذلك فلا زالت بعض الشعوب العربية تعاني من نقص الطرق وانخفاض في كميات الوقود وغلاء أسعاره، ومشكلات الزحام واختناقات المرور، وغربة بعض المناطق النائية بسبب النقص في وسائل النقل وتتأثر بذلك التجارة والسياحة وأوجه التعليم والثقافة.

إختبر معلوماتك :

  1. ما البلدان التي تشكل السيارات فيها الوسيلة الرئيسية لمواصلات الركاب؟
  2. ماالسبب في غلاء تكلفة المواصلات ذات المحرك؟
  3. ماسبب الزيادة الكبيرة في السفر الجوي عبر البحار منذ الخمسينيات من القرن العشرين؟
  4. من أول من بنى شبكة موسعة من الطرق المعبدة؟
  5. ما المركبات الرئيسية داخل المدن؟
  6. ما المركبات التي تُدار بالقوى العضلية؟
  7. ما المميزات الرئيسية لاستخدام الحاويات في شحن البضائع؟
  8. لماذا يقتصر الشحن الجوي على البضائع الثمينة، والخفيفة، والسريعة العطب؟
  9. لماذا تحاول معظم البلدان الصناعية تحسين خدمات الركاب بين البلدان
  10. ما الابتكاران اللذان ظهرا في أواخر عصور ماقبل التاريخ ـ وحققا ثورة في المواصلات خلال القرون اللاحقة؟
  11. متى افتتح أول خط سكك حديد في الوطن العربي؟
  12. اذكر اسم واحد من أهم المطارات في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

المصدر: الموسوعة العربية العالمية