الرئيسيةبحث

السفينة ( Ship )



السفن القوية التي تنقل البضائع كهذه الناقلات الرَّاسية في ميناء روتردام بهولندا، تتحمل أعباء النقل البحري، وتنقل أغلب مواد التجارة بين أقطار العالم.
السَّفينة إحدى أقدم وسائل المواصلات وأكثرها أهمية. ففي كل يوم تعبر آلاف السفن المحيطات، تبحر بطول شواطئ البحار وتسافر داخل الأراضي مستخدمةً ممرّاتها المائية. والواقع أنَّ التجارة بين الدول تعتمد، إلى حد كبير، على السفن. فهي تحمل، على سبيل المثال، النفط ومشتقاته من دول الخليج العربية إلى شتى أنحاء العالم وتحمل القمح من كندا إلى ألمانيا، وتحمل الآليات من ألمانيا إلى تشيلي. وكذلك، فإنها تحمل النحاس من تشيلي إلى اليابان، وتحمل السيارات اليابانية إلى أوروبا وأستراليا. وتنقل السفن الذرة الشامية من أمريكا إلى إثيوبيا، والبن من إثيوبيا إلى فرنسا.

وتُستخدم كثير من أنواع السفن لحمل التجارة العالمية، فالناقلات العملاقة تحمل النفط والزيوت النباتية والسوائل الأخرى. وتحمل سفن البرّادات (الثلاجات) الفواكه الطازجة واللحوم والخضراوات. وتنقل سفن شحن تُسمَّى ناقلات الشحنات ذات النوعية الصلبة والجافة أحمالاً مثل الذرة والحديد الخام والرمل. كما أن سفن الشحن العامة تنقل كل شيء ؛ من محركات الطائرات إلى الزمَّامات السحّابة (سَحّابات السراويل وغيرها). وتحمل سفن الركاب ركابها عبر المحيطات، كما تنقل عابرات البحار السائحين حول العالم.

دأب الناس منذ عدة آلاف من السنين على استخدام السفن في ارتياد البحر الذي اجتذبتهم أسراره وما ينطوي عليه من مغامرات مشوِّقة. وأهم من ذلك أن الناس أبحروا من أجل الاكتشاف والاستيطان، كما أبحروا من أجل التجارة والغزو.

اشتهر العرب إبان ما اصطلح على تسميته بالعصور الوسطى ببناء سفن كانت تجوب كل بحار العالم المعروف إذ ذاك، واشتهر من بين الملاحين العرب نفر ليس بالقليل، على رأسهم سليمان التاجر الذي دون رحلاته عام 237هـ، 851م وكذلك ابن ماجد وسليمان المهدي. وأول من ارتاد المحيط من الأوروبيين، البرتغاليون الذين أبحروا من الأطلسي جنوبًا حتى الشواطئ الغربية لإفريقيا، وذلك في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي. ففي عام 1492م، وصل الإيطالي كريستوفر كولمبوس الذي كان في خدمة ملك أسبانيا إلى العالم الجديد أمريكا بعد أن عبر المحيط الأطلسي مستخدمًا ثلاث سفن بحرية صغيرة. وفي عام 1497م، أبحر البرتغالي فاسكو داجاما من أوروبا إلى الهند.

السفن الفارهة تُبحر إلى البحر الكاريبي والبحر الأبيض المتوسط، وتقوم برحلات حول العالم وتوفر أجود الأطعمة وأفضل المساكن كما توفر مختلف أنشطة الترويح.
وفي عام 1620م، حملت سفينة قديمة تُدعى مايفلاور أول فوج من المستوطنين إلى أمريكا الشمالية. وفي الفترة الواقعة بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر الميلاديين، حملت سفنٌ بحريةٌ كبيرة تسمَّى إيست إنديامن الحرير والتوابل والخيرات الأخرى من بلاد الشرق الأقصى إلى أوروبا. وفي أواسط القرن التاسع عشر، بدأت السفن ذات الدفع البخاري تحل محل السفن الشراعية. وسرعان ما صار العالم صغيرًا عندما عبرت السفن البخارية البحار في جزء من الزمن الذي استغرقته السفن الشراعية لعبورها. وهكذا اختزلت السفن المسافة بين الدول والشعوب وجعلت بعضها يعتمد اقتصاديًّا على بعضه الآخر.

صارت الدول غنية ومنيعة عبر التاريخ عندما استطاعت السيطرة على البحار في أوقات الحرب والسلم. كما أنها تقهقرت وخضعت عندما فقدت تلك السيطرة على البحار. واليوم، فإن السفن مهمة كما كانت دائمًا لثراء ومنعة أيّ دولة. وتعتمد الدول التجارية الكبرى بدرجة عالية على السفن في استيراد وتصدير البضائع. وسرعان ما نجد اقتصاديات بريطانيا واليابان وألمانيا، ودول كثيرة أخرى، تتعرقل ـ وبدرجة كبيرة ـ لعدم توافر سفن تحمل الغذاء والمواد الخام إليها وتنقل منها المواد المصنعة. وتمتلك كثير من الدول التجارية أساطيل تجارية ضخمة. ويتكون الأسطول التجاري لكل دولة من السفن التجارية.

والواقع أن الفرق بين السفينة والقارب يتمثل بصورة رئيسية في حجميهما، فعابرات المحيطات الضخمة تسمَّى سفنًا، في حين أنَّ اسم قارب يُطلق على ما عدا ذلك من الناقلات البحرية.

تتناول هذا المقالة، بصفة رئيسية، السفن التجارية. وللمعلومات عن السفن البحرية، ★ تَصَفح مقالات هذه الموسوعة عن: البحرية. وللمعلومات عن قوارب المتعة، ★ تَصَفح: ركوب الزوارق.

نبذة تاريخية

من المحتمل أنَّ أول سفينة كانت كتلةً من الخشب واستخدمت لعبور بحيرة أو نهر. وربما استخدم الناس أيديهم مجاديف ثم تعلموا لاحقًا كيف يصنعون العوّامات مستخدمين كتلاً من جذوع الأشجار مصفوفةً ومربوطة بعضها مع بعض، ربطًا محكمًا. وبمرور الوقت، اكتشف الناس كيف يصنعون المراكب من جذوع الأشجار بعد نزع قلف الأشجار منها. ولقد صنع الإنسان الأول القوارب من مواد أخرى في المناطق النادرة الأخشاب. وعلى سبيل المثال، تمت خياطة جلود الحيوانات على شكل حقيبة جرى تضخيمها لتستخدم استخدام الطوَّافة، فعندما تُربط عدَّة طوافات بعضها مع بعض، يمكن أن تُشكل عوَّامة. واكتشف الناس في بعض المناطق أنَّ أواني صغيرة من الفخار مربوطٍ بعضها ببعض، الواحدة تلو الأخرى، يمكن أن تؤلِّف عوامة. كما تعلَّموا أن إناءً واحدًا ضخمًا من الفخار يكفي كقارب يسع شخصًا واحدًا.

وفي مصر القديمة ومناطق أخرى معينة، استطاع الناس صناعة الجيل الأول من عواماتهم باستخدام حزم سيقان القصب. وبمرور الزمن، تعلم المصريون كيف يتم نظم هذه الحزم للحصول على قوارب لها شكل الملعقة، وبحلول عام 4000 ق.م تقريبًا، تعلَّموا صناعة السفن ذات الدفع اليدوي، وهي سفينة ضيقة وطويلة تُدفع باستخدام صف من المجاديف. وخلال الألف سنة اللاحقة، استطاع المصريون أن يجعلوا صناعة السفن تمر بطورين مهمين. فبحلول عام 3000 ق.م تقريبًا، اكتشف المصريون أنَّ الأشرعة يمكن أن تجمع الهواء فتدفع قواربهم. وبالإضافة إلى ذلك، استطاع المصريون صناعة القوارب باستخدام قطعٍ سميكة من الخشب. وبعد أن عرف الناس كيف يصنعون القوارب من الألواح الخشبية، استطاعوا بعد ذلك بناء السفن والناقلات الكبيرة التي أضحت قادرةً على عبور البحر.


بعض التواريخ المهمة في تطور صناعة السفن

3000 ق.م اخترع المصريون الأشرعة وتعلموا بناء السفن الخشبية.
نحو 850م طور العرب السفن الشراعية واستخدموا فيها الإسطرلاب والبوصلة التي مكنتهم من الإبحار إلى الهند وملقا والصين.
1200م صنع بنّاءو السفن في شمال أوروبا الدفة الخلفية للسفينة.
1450م طور بنّاءو السفن بحوض البحر الأبيض المتوسط السفن الشراعية كاملة التجهيز.
1807م بنى الأمريكي روبرت فيلتون أول قارب ذي دفع بخاري ناجح تجاريًا.
1818م دشنت بريطانيا سفينتها فولكان وهي أول سفينة صنعت كليًا من مادة الحديد.
1819م أضحت السفينة الأمريكية السافانا أول سفينة ذات دفع بخاري تعبر المحيط الأطلسي، وإن كانت قد استخدمت محركاتها لمدة 105 ساعات فقط في حين استعملت أشرعتها الهوائية فيما تبقى من زمن الرحلة التي دامت 29 يومًا.
1836م سُجِّلت براءة اختراع البريطاني فرانسيس بيتيت سميث والسويدي جون أريكسون لمجاديف الدفع اللولبية لقيادة القوارب البخارية.
1838م أصبحت السفينة البريطانية سايروس أول سفينة تقدم خدماتها بانتظام عبر المحيط الأطلسي مستخدمة الدفع البخاري وحده.
1897م أثبت البريطاني تشارلز بارسونز كفاءة التوربينات البخارية في زورقه البخاري المُسمَّى التوربينيا.
1910-1911م دخلت الخدمة سفن المحركات، لأول مرة.
1959م دشنت الولايات المتحدة الأمريكية أول سفينة تجارية ذات دفع نووي ـ عرفت باسم السافانا.
1980م تم تطويل الناقلة سيوايز جاينت لتكون أضخم سفينة في العالم، وكان طولها 458مترًا وقد دشّنت عام 1979م.

عصر السفن الشراعية:

باختراع الشراع، برز النمط الأساسي للسفن، واكتمل بروزه باختراع السفن المصنوعة من الكتل الخشبية السميكة. وفي خلال الـ 5,000 سنة التالية لتلك الفترة، ركَّز بنّاؤو السفن على تصميم سفن ذات أحجام أكبر، كما ركَّزوا على تطوير أدوات السفن، الأشرعة بصواريها وحبالها. ونجح بنَّاؤو السفن في الأزمان الغابرة في بناء سفن كبيرة الأحجام لكنهم نجحوا بقدر أقل في تطوير أدوات السفينة. إن التطويرات المهمة في جهاز السفن بدأت في القرن الخامس عشر الميلادي، ووصلت إلى درجة عالية مع بروز السفن الشراعية الكبيرة في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي.

أيقونة تكبير سفن ما قبل التاريخ وسفن مصر القديمة
السفن المصرية. صمَّم قدماء المصريين أنواعًا كثيرة من السفن من بينها المراكب الصغيرة، وقوارب المتعة الجميلة، وسفن الشحن الثقيلة. ولعل أكبر الأهداف التي تم تحقيقها هي الناقلات الضخمة التي كانت تحمل الأعمدة الحجرية الضخمة، وتسمى المسلات، من المحاجر التي كانت على نهر النيل. وأكبر الناقلات وصل طولها نحو 61م ووصلت حمولتها من البضائع إلى 680 طنًا متريًا.

أما السفن المصرية الخفيفة، فقد استُخدم لدفعها شراع واحد وصفٌّّ من المجدِّفين على كل جانب من جانبيها. لكن السفن الأثقل تمَّت قيادتها بشراع واحد فقط. لقد استخدم المصريون شراعًا مستطيل الشكل أُطلق عليه اسم الشراع المربع، صنعوه أولاً طويلاً وضيقًا. وبعد عام 2000ق.م، جعلوا هذا الشراع أكثر اتساعًا في العرض ولكن أقل طولاً. كما استخدم المصريون في تشغيل سفنهم مجاديف كبيرة على كل جانب من جانبي مؤخرة السفينة.

بنى المصريون سفنهم، أساسًا، لاستخدامها في نهر النيل. ونتيجةً لذلك، فقد صنعوا كل قواربهم النهرية خفيفة، بما في ذلك، سفنهم المستخدمة في البحار. أما اليوم، فإن قوارب الكتل الخشبية تبنى أولاً بصناعة هيكل السفينة من قاعدة القص (وهي بمثابة العمود الفقري) ودعامات، ثم تربط الكتل الخشبية لجسم السفينة، بعد ذلك، بالدعامات.

لكن المصريين بنوا قواربهم النهرية بدون قاعدة قصّ وبدون دعامات.لقد استخدموا أربطة لربط الكتل الخشبية بعضها ببعض ليتكون بذلك جسم القارب. لقد كانت تلك القوارب من القوة بحيث تمكنت من الإبحار عبر النيل، لكنها كانت أضعف من أن تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط الأكثر وعورة.

ومن المحتمل أنه كان لسفن المصريين البحرية نوع من قواعد القص وقليل من الدعامات، لكنْ كثيرًا ما أنهكت مقدمة ومؤخرة هذه السفن، خصوصًا في البحار المضطربة الأمواج. ولذلك، ربط المصريون حبلاً متينًا حول مقدَّم السفينة ومدُّوه مشدودًا عبر سطح السفينة ثم لفُّوه حول المؤخرة. وهكذا ازدادت قوة السفن بهذا الحبل الذي منع مقدمتها ومؤخرتها من الانحناء أو الغطس. وقد أبحر المصريون، بشكل رئيسي، في البحر الأحمر وعلى طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

المينويون والمسينيون. كان أوّل البحارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط هم سكان جزيرة كريت الذين أُطلق عليهم المينويون. فقد جابت سفنهم منذ عام 2500ق.م شرقي البحر الأبيض المتوسط ووصلت غربًا حتى جزيرة صقلية. وفي حوالي عام 1450ق.م، سيطر على البحر سكان مايعرف الآن بأرض الإغريق الكبرى، وكانوا يُعرفون باسم المسينيين. والواقع أن المسينيين والمينويين ساعدوا في تطوير سفن البحار الشراعية. لكن علماء التاريخ يعرفون القليل عن سفنهم، فكل ماعرفوه عنهم يقينًا هو أنَّ أولئك الناس بنوا سفنًا للبضائع متينةً وواسعة وذات شراع واحد مربع الشكل، كما بنى هؤلاء الناس سفنًا حربيةً قوية كان يتم دفعها بوساطة صفّ من المجدفين على كل جانب من جانبيها.

أيقونة تكبير السفن الفينيقية واليونانية
سفن الفيـنيـقـيين والإغريق. يعرف الباحثون أكثر مايعرفون عن السفن التي استخدمت في البحر الأبيض المتوسط في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وفي ذلك الزمن، كانت الشعوب الرائدة في خوض البحار هم الفينيقيون والإغريق الذين عاشوا في الساحل الشرقيّ للبحر الأبيض المتوسط.

لقد بنى الإغريق والفينيقيون سفنَ شحن عريضةً وواسعة كما طوَّروا تجهيزات السفن بدرجة كبيرة. وفي القرن السادس قبل الميلاد، تمكَّنوا من بناء سفنٍ بصاريين ينحدر ثانيهما من الأمام حول المقدمة ليحمل شراعًا صغيرًا مربع الشكل يساعد على سهولة توجيه السفينة. وفي القرن الرابع قبل الميلاد، صنع الإِغريق شراعًا مثلثًا أعلى الشراع الرئيسيّ كما أضافوا شراعًا مربعًا آخر لأكبر سفنهم وضعوه بالقرب من المؤخرة. وقد كان هذا الجهاز المبسَّط ذو الأربعة أشرعة هو أكثر الأجهزة تقدُّمًا بين تلك الأجهزة التي اخترعتها الشعوب في الأزمان الغابرة. ونتيجةً لذلك، فإن السفن القديمة كانت بطيئة السرعة ولايزيد متوسط سرعتها على 5 عقد بحرية أثناء هبوب الرياح. وبلغ طول سفينة الشحن الإِغريقية التقليدية نحو 30م وأمكنها أن تحمل ما بين 91 و 180 طنًا متريًا من البضائع.

استخدم الإغريق السفن الشراعية الكبيرة ذات المجدافين سفنًا حربية. وكان للجيل الأول منها، صفٌّ من المجدفين على كلِّ جانب من جانبيها. وفي الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والتاسع قبل الميلاد، أضاف الإغريق منجنيقًا ضخمًا وحادًّا لمقدم السفينة مع سطح الماء، كان يُستخدم سلاحًا في المعارك الحربية. وفي القرن الثامن قبل الميلاد، بنى الإِغريق سفنًا شراعية بصفين من صفوف المجدفين على كل جانب من جانبي السفينة، يعلو أحدهما الآخر. وهذا النوع يفوق بدرجة كبيرة نظيره ذا الصف الواحد من المجدفين من حيث السرعة والقوة الحربية. وفي منتصف القرن السابع قبل الميلاد، اخترع الإغريق السفينة ثلاثية المجاديف، ومعنى هذا أنَّ هناك ثلاثة صفوف من المجاديف في كل جانب من جانبيها، الواحد فوق الآخر.

بدأ الإغريق و من بعدهم الرومان، عند بنائهم لسفنهم، بجسم السفينة أولاً كما فعل المصريون. لكن الإغريق والرومان استخدموا أربطة أكثر وأمتن لربط الكتل الخشبية (جذوع الأشجار) بعضها ببعض. كما أنهم أدخلوا أيضًا نظامًا من الدعامات لتقوية جسم السفينة، ونتيجةً لذلك، فإن السفن الإغريقية والرومانية كانت لها أجسام قوية.

أيقونة تكبير السـفن الرومـانيـة
السفن الرومانية. أصبح الرومانيون حُكامًا لمنطقة البحر الأبيض المتوسط خلال القرن الثاني قبل الميلاد، واستخدموا أنواع السفن نفسها التي استخدمها الإغريق.

بنى الرومانيون أضخم أسطولٍ تجاريٍّ عُرف في التاريخ القديم. وكانت أكبر سفن الشحن لديهم تحمل الحبوب من الإسكندرية في مصر إلى روما. كان طول أضخم هذه السفن 55 م والعرض 14م، الأمر الذي مكَّنها من حمل أكثر من 910 أطنان مترية من البضائع وما يصل إلى 1,000 راكب.

وقد كانت سفن الشحن الرومانية، كما كان الحال مع كلّ أنواع الناقلات في الزمن القديم،تحمل الركاب أيضًا لأنه لاتوجد سفن مصممة خصيصًا لحمل الركاب آنذاك. وكان المسافرون يحجزون مكانًا في أي سفينة شحن متجهة نحو هدفهم، فقد كانت في تلك السفن غرف جلوس (كابينات) قليلة مخصصة للشخصيات المهمة، أما بقية الركاب فقد كانوا يفترشون أرضية (سطح) السفينة وينامون داخل ملاجئ صغيرة يصنعونها بأنفسهم في كل ليلة.

سفن الفايْكِنج كانت أجود أنواع المراكب التي بُنيت فيما بين القرنين الثامن والحادي عشر الميلاديين في شمالي أوروبا. لقد أبحر الفايكنج بسفنهم الطويلة المشهورة عبر المحيط الأطلسي الشمالي إلى جرينلاند وحتى أمريكا الشمالية. وغزوا بسفنهم تلك كما تاجروا واستعمروا بها الناس. ثم إنهم ـ في مجال القرصنة ـ كانوا مصدر الإرهاب في البحار.

أيقونة تكبير ســفن الفايكنج
عرف الناس اليوم الكثير عن سفن الفايكنج الفخمة لأن كثيرًا من زعماء شعوب الفايكنج أعدُّوا مراكبهم لدفنهم فيها. وقد وجد العلماء عددًا من هذه المقابر. وفي عام 1880م، أميط اللثام عن سفينة حربية تخصُّ هذا الشعب باقيةً بحالة جيدة بالقرب من جوكستاد جنوب شرقي النرويج. يبلغ طول هذه السفينة التي بناها الفايكنج في القرن العاشر الميلادي نحو 24م، أما عرضها فيبلغ نحو خمسة أمتار. وككل سفن الفايكنج، فإن هيكل هذه السفينة متراكب الألواح، أي أن الألواح الخشبية التي يتألف منها يُركَّب بعضها فوق الآخر. وهي تحمل 16 مجدافًا على كلِّ جانب من جانبيها، ولها شراعٌ مربع الشكل مثبَّت في صار من المحتمل أن يبلغ ارتفاعه 12م، كما أن لها مجداف تشغيل بالقرب من المؤخرة. وسفينة جوكستاد صغيرةٌ نسبيًا. ولأغلب سفن الفايكنج الطويلة 20 مجدافًا على كل جانب، ولبعضها الآخر 30 مجدافًا. ★ تَصَفح: الفايكنج.

في عام 1893م، بنت مجموعةٌ من النرويجيين نسخةً متكاملةً من سفينة جوكستاد. وبالرغم من سوء الأحوال الجوية، تمكَّنت هذه المجموعة من قيادة هذه السفينة عبر المحيط الأطلسي، انطلاقًا من بيرجن في النرويج إلى سانت جونز في نيوفاونْدلاند في 28 يومًا فقط.

الكُج. تضعضعت قوة الفايكنج تدريجيًا إلى أن فقدوا -في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي ـ السيطرة على البحار الشمالية. ثم بدأت التجارة تنتعش في دول شمالي أوروبا حيث احتاج التجار إلى مراكب أكثر اتساعًا لحمل شحنات أكبر. وفي القرن الثالث عشر الميلادي، تمكَّن بنَّاؤو السفن في الشمال من تطوير سفينة قوية أطلق عليها اسم الكُج. وبقيت هذه السفينة التجارية والحربية هي النموذج الكامل للسفن في أوروبا الشمالية لمدة 200 عام تقريبًا.

واستطاعت تلك السفن أن تقاوم أمواج البحار العنيفة والرياح القوية في بحر الشمال والمحيط الأطلسي الشمالي. ولهذه السفن أجسام عميقة وعريضة وذات ألواح متراكبة، وقد أُُعدَّت هذه السفن لتحمل بضائع بأحجام ضخمة.

وللكُج شراعٌ واحدٌ كبير مربع الشكل. ولها أيضًا بناء في كل من مقدمة السفينة ومؤخرتها يسمَّى قلعة. وتمثل قلعة المقدمة أرضية يستطيع منها الجنود إطلاق سهامهم وأحجارهم على السفن المعادية. أما قلعة المؤخِّرة، فتوفر حماية للشخصيات المهمة بين المسافرين. ولسفن الكج أيضًا نوع جديد من أدوات التشغيل. فبدلاً من مجاديف التشغيل على طول الجانبين بالقرب من مؤخَّرة السفينة، هنالك دفّة كبيرة في وسط المؤخِّرة. وكانت هذه الدفَّة في حوالي عام 1200م أكثر متانةً من المجاديف.

السفن ذات الأشرعة المثلثة الشكل (اللاتينات). بينما كان يعمل بناؤو السفن في الشمال على تطوير السفينة المسماة الكُج كان بنّاؤو السفن في البحر الأبيض المتوسط يُدخلون تعديلات مهمة على بناء السفن وتصميمها. وبدأ بنّاؤو السفن في البحر الأبيض المتوسط بإدخال طريقة جديدة لبناء السفن صارت فيما بعد هي الطريقة المعيارية. فقد بنوا هيكلاً من قاعدة قصّ أولاً، ثم ربطوا الألواح الخشبية لجسم السفينة في الإطار. كما أنهم أكثروا من استخدام الأشرعة المثلَّثة الشكل التي أُطلق عليها اللاتينات. لقد أثبتت الأشرعة المربعة الشكل أن أداءها جيد عندما تهب الرياح من الخلف. ولكنها، وبعكس الأشرعة المثلثة الشكل، لا تعمل جيدًا عندما تبحر السفينة.

لقد استخدمت السفن الشراعية دائمًا في البحر الأبيض المتوسط لحمل البضائع والركاب، كما تم استخدامها سفنًا حربية أيضًا. لكن، وفي حوالي عام 1300م، زاد استخدامها في مجال الشحن والتجارة بدرجة كبيرة. وعلى وجه العموم، فإن هذه السفن الشراعية لم تستخدم مجاديفها إلا في حالة عدم وجود رياح أو في حالة دخول مرفأ أو مغادرته. أما في الأوقات الأخرى، فكانت المراكب تدفع باشرعة مثلثة الشكل. وأغلب السفن الشراعية لها صاريان، الأمامي منهما يحمل الشراع الكبير. ولبعضها ثلاثة صوار. والسفن الشراعية التجارية أطول وأوسع من السفن الحربية، كما أن السفن الشراعية النموذجية يمكنها أن تحمل نحو 127 طنًا متريًّا.

أيقونة تكبير سفن الفترة الزمنية بين القرنين 13و16م.
السفينة كاملة الإعداد. في حوالي منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، تمكن بنّاؤو السفن في حوض البحر الأبيض المتوسط من دمج أجود خصائص السفينة القوية كُج مع الخصائص المماثلة لمراكبهم الأخف وزنًا والمسمَّاة اللاتينة. وأصبحت هذه السفينة هي السفينة النموذجية في كلِّ دول أوروبا لمدة 300 سنة تقريبًا. كما استمر هؤلاء في بناء هيكل السفينة بوساطة ربط الألواح الخشبية إلى هيكل يتكون من قاعدة قص ودعامات. لكنهم استبدلوا بمجاديف التشغيل دفة في مؤخَّرة السفينة. كما اتّبعوا إنشاء قلعة أمامية وقلعة خلفية في السفينة كما هو الحال في سفينة الكُج. والأهم من ذاك، أن بنّائي سفن البحر الأبيض المتوسط غيَّروا جهاز السفينة لينال قوة أكبر وتسييرًا أفضل. وهكذا طوَّروا السفينة كاملة الإعداد أو التجهيز. وللسفينة الكاملة الإعداد أو الرباعية التجهيز صارٍ رئيسي يتوسطها، وصارٍ في المقدِّمة وثالث في مؤخرة السفينة. ويحمل كل من الصاريين الموجودين في الوسط والمقدمة شراعًا كبيرًا مربع الشكل وتعلوه أشرعة صغيرة مربعة الشكل. أما الصاري المِزّيِنيّ (الخلفي)، فيحمل شراعًا مثلث الشكل. وهناك عمود مثبت على المقدمة يحمل صاريًا صغيرًا مربع الشكل. إن سفنًا بهذا الإعداد أو التجهيز هي التي استغلها المكتشفون أمثال كريستوفر كولمبوس وفاسكو داجاما والسير فرانسيس دريك وفرديناند ماجلان في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي وطوال القرن السادس عشر الميلادي.

أيقونة تكبير سفن الفترة ما بين القرنين 16 و19م.
الجليون. في حوالي منتصف القرن السادس عشر الميلادي، ظهر على البحار نوع ٌمن السفن الشراعية سمي الجليون. والجليونات سفن شراعية ضخمة لها قلاع أمامية أقل ارتفاعًا من السفن الأخرى وقلعة خلفية مرتفعة تضم حجرات أوسع. كل واحد من الصاريين ؛ الرئيسي (في الوسط) والأمامي يحمل شراعين أو ثلاثة أشرعة في حين أن الصاري المزيني (الخلفي) يحمل شراعًا واحدًا أو شراعين. وفي أضخم سفن الجليون يوجد صار مزيني ثان بالقرب من المؤخرة.

استخدمت سفن الجليون لأغراض تجارية وحربية في آن واحد. واستُخدمت المدافع المحمولة على ظهر السفن منذ منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. لكن سفن الجليون كانت تحمل مدافع أكثر عددًا وأثقل وزنًا. لقد خاضت الأساطيل الإنجليزية والأسبانية عام 1588م أشهر الحروب البحرية في التاريخ، واستخدم فيها كلا الجانبين سفن الجليون. ولكن الإنجليزية منها كانت أسرع وأكثر قدرة على المناورة وأفضل تسليحًا، الأمر الذي مكّـنها من هزيمة الأسطول الأسباني. وأطلق الأسبانيون على أسطولهم اسم الأرمادا التي لاتقهر لظنهم أنه لايمكن أن يهزم. ★ تَصَفح: الأرمادا الأسباني.

استخدمت أسبانيا والبرتغال ودول أخرى سفن الجليون للتجارة، أما أسبانيا فقد استخدمت سفن الجليون لجلب الذهب والفضة من ممتلكاتها من العالم الجديد. وأصبحت هذه السفن الثمينة هدفًا مفضلاً للقراصنة الذين كانوا يجوبون البحر الكاريبي.

الينكات والدهوات. سفنٌ خشبيةٌ شراعيةٌ قوية استخدمت على نطاق واسع في الشرق، ولاتزال تُرى في المياه الشرقية. لقد استخدمت الينك بوساطة الصينيين واليابانيين. وكانت أشرعتها تُصنع مربعة الشكل من شرائح الخيزران التي تشبه الحاجبة أو الستارة الفينيقية. وكانت هناك ينكات الأنهار الصغيرة، كما وُجدت منها عابرات المحيطات الضخمة بطول يزيد على 30م. أما الدهوات، فقد استخدمها البحَّارة العرب والهنود. ولهذا النوع من السفن الشراعية صارٍ واحد وشراع كشراع اللاتينة. وأبحرت الدهوات بغرض التجارة بين الهند وإفريقيا والجزيرة العربية. ومن بين السفن الشراعية الشرقية الأخرى الباتيل وهي سفينة هندية استُخدِمت في نهر الجانج، والسفينة الملايوية برو ذات الصاريين ويبلغ طولها 15م.

إِيست إِنديامن. استُخدمت السفن لعدة قرون، للأغراض التجارية والحربية معًا. ولكن، بحلول القرن السابع عشر الميلادي تقريبًا، أصبحت المدافع ثقيلة جدًا مما جعل بناء السفن بأجسام خاصة تتواءم وحمل الوزن الإضافي أمرًا ضروريًا. وهكذا فإن تصميم السفن الحربية والمراكب التجارية اختلف اختلافًا كبيرًا مع الزمن.

شرعت الشركات التجارية في عدة دول أوروبية في القرن السابع عشر الميلادي في بناء سفن مصممة خصيصًا للتجارة مع الهند والشرق الأقصى. وجلبت هذه السفن العاج والحرير والتوابل ومنتجات أخرى من الهند والصين والهند الشرقية. وقد احتكر البرتغاليون التجارة مع الشرق الأقصى إلى القرن السابع عشر الميلادي عندما بدأت إنجلترا وهولندا بالتنافس. ودخل إلى مضمار المنافسة الدنمارك وفرنسا. وفي كل قطر، بنت شركات جزر الهند الشرقية سفنها الخاصة التي أُطلق عليها اسم إيست إنديامن. وبالرغم من أن تلك السفن كانت قد صُمّمت لتكون سفنًا تجارية، إلا أنها كانت تحمل مدافع للدفاع عن نفسها ضد الهجمات التي يشنها القراصنة أو تشنها أساطيل الدول المعادية.

ازداد حجم سفن إِيست إِنديامن بصورة رتيبة. ففي القرن الثامن عشر الميلادي، على سبيل المثال، بلغت حمولة أغلب السفن الإنجليزية من هذا النوع 360 طنًا متريًا من البضائع. وبحلول القرن التاسع عشر بلغت الحمولة 1,090 طنًا متريًا.

أيقونة تكبير سفن القرن التاسع عشر
سفن الخدمة المنتظمة. ازدادت الحركة التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا عبر الأطلسي بدرجة كبيرة في بداية القرن التاسع عشر الميلادي. كما تعاظم الطلب على خدمة أفضل للركاب عبر الأطلسي. ولقد استجاب ملاك السفن لهذا الطلب لتقديم شيء جديد في الخدمة، أي سفن تُبحر في أوقات منتظمة. ولقد سُمي هذا النوع من السفن السفن المنتظمة. وكانت السفن لاتبحر قبل ذلك إلا بعد استيفاء كامل حمولتها من البضائع والركاب، وكذلك بعد التأكد من أن أجواء الملاحة مناسبة تمامًا. أما سُفن الخدمة المنتظمة فإنها تبحر وفقًا لجدول زمني معين، سواء أكانت حمولتها قد اكتملت أم لم تكتمل، وبصرف النظر عن الأجواء الملاحية. كما أصبح هذا النوع من السفن أول سفن تجارية تركِّز على راحة الركاب،. ولقد بدأت الخدمة المنتظمة عام 1818م بين مدينة نيويورك ومدينة ليفربول.

وللوفاء بالتزام الجداول الزمنية ومواجهة المنافسة، كان على هذه السفن أن تُبحر بأقصى سرعة ممكنة. لكن السفن نفسها لم تزد على كونها سفنًا شراعية عادية لم يُعْنَ في تصميمها بأي مواصفات خاصة بالسرعة. وقاد الربانبة هذه السفن بنشاط مستمر ليلاً ونهارًا، وفي كل الأجواء الملاحية. وقد استغرق عبور الأطلسي شرقًا وقتًا يتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، أما عبوره غربًا فقد استغرق وقتًا أطول يتراوح بين خمسة وستة أسابيع، نظرًا لأن على السفن الإبحار ضد الرياح الغربية، فاتخذت مسارًا أطول ناحية الجنوب.

كان طول السفينة من النمط الأول من سفن الخدمة المنتظمة نحو 30م. وبحلول الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، عندما ازدادت حجرات الركاب اتساعًا وصارت أكثر راحة، استُخدمت سفن طولها 49م.

سفن القَلْبر. من أكثر السفن الشراعية جمالاً ورومانسية، وقد أصبحت ملكات البحار في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وقد صُمِّمت سفن القلبر بأجسامها الرشيقة وأشرعتها المتعددة من أجل السرعة. وجاء اسمها من الطريقة التي تطوي بها السفن الأميال.

بنت الولايات المتحدة أول سفينة قلبر حقيقية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، وقد صُمِّمت تلك السفن للإبحار من الساحل الشرقي (حول رأس أمريكا الجنوبية) إلى الصين لحمل الشاي. كما عجَّل اكتشاف الذهب في كاليفورنيا عام 1848م، وفي أستراليا عام 1851م، بتطوير سفن القلبر، إذ تدفق الباحثون عن الثراء والمؤن نحو حقول الذهب. وبنى الإنجليز سُفن قلبر لحمل الشاي من الصين والصوف من أستراليا. ومازالت أشهر سفن القلبر البريطانية، وتسمى كتي سارك الآن في جرينيتش في لندن.

كان لسفينة القلبر ستة صفوف من الأشرعة على الصاري، وكان لبعضها أكثر من 35 شراعًا. ويمكن أن تقطع سفن القلبر على المياه 20 عقدة (37 كم/الساعة) إذا تمت قيادتها بسرعة قصوى.ولقد أبحرت سفينة القلبر ثيرموبايلي من لندن إلى ملبورن بأستراليا في 60 يومًا.

ويُعَدُّ دونالد ماكاي، وهو كندي أقام في الولايات المتحدة، أكبر مصمِّم لسفن القلبر. وبلغ طول النمط الأول من السفن التي صممها 60م، كما بلغت حمولتها 1,360 طنًا متريًا. وفي عام 1853م، بُنِيَت سفينة سُمِّيت جريت ريببلك وكانت أكبر سفينة شراعية في عصرها حيث بلغ طولها 102م تقريبًا، ولها أربعة صوارٍ وحمولتها 4,080طنا متريا.

سـفن الشــرق الشـراعية قليل من السفن الشراعية هي التي تستخدم في الإبحار اليوم. ولكن في الشرق، مازال الناس يستخدمونها في الملاحة الساحلية والداخلية وأيضًا لصيد الأسماك. وتشمل هذه السفن: المراكب ذات الأشرعة المثلثة المسماة بالدهو (اللاتينة) الموجودة بشبه الجزيرة العربية، والينك الصينية الخشبية الصنع، واللاكاتوي في غينيا الجديدة التي تعرف بأشرعتها التي تشبه مخالب سرطان البحر.
السفن الشراعية في القرن العشرين. بدأ المخترعون تجاربهم على القوارب البخارية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وبحلول القرن العشرين، كانت السفن البخارية قد حلت تقريبًا محل السفن الشراعية التي تجوب المحيطات، ولكن كان على سفن البخار، الناتج عن إحراق الفحم الحجري، الاعتماد على محطات الفحم الحجري مع أن بعض الخطوط التجارية ـ كتلك التي على طول سواحل أمريكا الجنوبية ـ بها قليل من محطات الفحم الحجري. وكانت السفن الشراعية مازالت تُستَخَدم في هذه الطرق التجارية ولعدة سنوات. وعلى سبيل المثال، كانت السفن الشراعية تحمل النترات ـ وهو سماد ـ من تشيلي (حول حافة أمريكا الجنوبية) إلى أوروبا.

وكانت السفن الشراعية التي أنزلت إلى الماء في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وأوائل القرن العشرين ضخمة الحجم بُنيت للاستفادة من الحجم وليس السرعة. وكانت ذات أجسام حديدية قوية ومستقيمة الجوانب، ومجهزة بالأسلاك. ولتشغيلها بنفقات قليلة، استخدمت مثل هذه السفن طاقمًا صغيرًا، ولهذا فقد استغلت أقل كمية من الأشرعة. كانت أعتى هذه السفن هي بروسين، وهي سفينة ألمانية ذات خمسة صوارٍ ومجهزة تجهيزًا كاملاً، وقد بُنيت عام 1902م. وهي أضخم سفينة شراعية تم بناؤها بطول 132م وعرض 16م وكان بإمكانها أن تحمل 7,300 طنّ من البضائع.

ومنذ أوائل القرن العشرين، انخفض عدد السفن الشراعية التي تجوب البحار بانتظام. وكانت سفن كثيرة منها قد اهترأت أو صدئت في أحواضها. أما اليوم، فإن القليل الباقي من السفن ذات الأشرعة المربعة الشكل تُستخدَم سفنًا للتمارين في الأساطيل البحرية والتجارية لمختلف الدول.

وما زال الناس في كثير من الدول النامية يستخدمون السفن الشراعية في الملاحة على الشواطئ وعبر ممرات المياه داخل البلاد، كما تُستخدم لصيد الأسماك. ومازال الصينيون يستخدمون سفن الينك لحمل البضائع والركاب على طول السواحل في الأنهار. كما أن مختلف النسخ الهندية من الدهو العربية يمكن رؤيتها حتى الآن في موانئ بومباي وكلكتا وفي ثغور أخرى من المدن الهندية. استخدم شعب غينيا الجديدة منذ عهد بعيد نوعًا بدائيًا من السفن الشراعية تسمى لاكاتوي تتكون من عدَّة زوارق شجرية تم ربطها ببعضها. كما أبحرت السكونة (مركب شراعي ذو صاريين أو أكثر) والسلوب (مركب شراعي وحيد الصاري)، بين دولتي بنما والإكوادور وعلى طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية.

أيقونة تكبير ســفن الدفـع بالمحــركات

عصر السفن ذات الدفع الآلي:

أحدث اكتشاف وتطوير المحركات البخارية ثورةً في النقل المائيّ، ولم يعُد الناس يعتمدون في دفع سفنهم على عضلات المجدفين أو على الرياح غير المضمونة. ففي عام 1769م، سجَّل جيمس واط ـ وهو مهندس أسكتلندي ـ اختراع محركٍ بخاري بإمكانه تأدية أنواع كثيرة من العمل.وحاول المخترعون في أوروبا والولايات المتحدة بعد ذلك مباشرة استخدامه لتحريك القوارب.

القوارب البخارية الأولى. في عام 1783م،بنى نبيل من نبلاء فرنسا اسمه الماركيز كلود دو جوفري دا بانس قاربًا بخاريًا ـ باخرة ـ استطاع إنجاز رحلة استغرقت 15 دقيقة في نهر السين بالقرب من مدينة ليون. لكن محاولات الماركيز اللاحقة لم يكتب لها النجاح. وفي عام 1787م، ابتكر المخترع الأمريكي جون فيتش أول قارب بخاري يعمل بالولايات المتحدة. واستطاع محركه أن يحرك سلسلة من المجاديف أو البدَّالات في كل جانب من جانبي القارب. وطور فيتش، لاحقًا مركبًا يُدفع بمجاديف في مؤخرته، واستطاع بهذا القارب أن يقدم خدمة نقل الركاب والبضائع في صيف عام 1790م، حيث أبحر بالقارب حسب جدول زمني ذهابًا وإيابًا عبر نهر ديلاوير بين مدن فيلادلفيا وترنتن. لكن افتقار فيتش إلى الأموال الكافية أقعده عن عمله. وفي عام 1802م، بنى المهندس الإنجليزي وليم سايمينجتون زورق سحبٍ بخاريًّا بعجلة تجديف في مؤخرته. ولقد أثبت الزورق جدارته في العمل، إلا أن صاحبه كان يفتقر أيضًا للمال اللازم لتسييره.

كليرمونت. أصبح هذا القارب أول قارب بخاري تجاري يعمل بنجاح.وقد صمم هذا المركب وبناه المهندس الأمريكي روبرت فولتن وأطلق على هذا المركب رسميًا اسم نورث ريفرستيم بوت. وبعكس ما فعله المخترعون الأوائل، فإن فولتن لم يحاول أن يصنع محركًا بنفسه، وإنما أحضر محركًا من واط وعدَّله ليناسب العمل في قاربه. وفي عام 1807م، استطاع كليرمونت أن يقطع 241 كم في نهر هدسون من مدينة نيويورك إلى ألباني في حوالي 30 ساعة تخللها توقف ليلة واحدة. وبعد إعادة بنائه بطريقة مكثفة، استطاع هذا القارب أن يبقى طويلاً في خدمة الركاب في نهر هدسون.وكان الكليرمونت طويلاً وضيقًا، وقد بلغ طوله 43م وأما عرضه فكان أربعة أمتار. وكان له عجلات تجديف جانبية بعرض متر واحد وبقطر يبلغ 4,5م. وبعد عملية إعادة البناء أصبح طول كليرمونت 45م وعرضه خمسة أمتار.

عابرات المحيطات البخارية. لم تتحرك قوارب فولتن نافثة دخانها البخاري إلا عبر الخلجان والأنهار. وفي عام 1809م، أصبح فينكس أول قارب بخاري يقوم برحلة في المحيط. فقد سافر على امتداد الساحل الأطلسي وعلى نهر ديلاوير من مدينة نيويورك إلى فيلادلفيا، واستغرقت الرحلة 13 يومًا في حين كان باستطاعة القوارب الشراعية في الأجواء الملاحية المثالية أن تقطع المسافة المعيَّنة في يومين فقط. وفي عام 1819م، أصبحت السفينة الأمريكية السافانا أول سفينة بخارية تعبر المحيط الأطلسي، وكانت في الحقيقة سفينةً شراعيةً كاملة التجهيز تم إعدادها بعجلات تجديف جانبية تُدفع بخاريًا، وقد استغرقت مدة 29 يومًا لتقطع المسافة من مدينة نيويورك إلى ليفربول، وتم تشغيل محركها خلال هذه الرحلة مدة 85 ساعة، واستهلكت كل إمدادها من الوقود الذي بلغ 68 طنًا متريًا من الفحم الحجري و 91 طنًا متريًا من الخشب. وفي عام 1838م، أصبحت السفينة البريطانية سايرويس ذات العجلات الجانبية أول سفينة تقدم خدمة منتظمة بجدولٍ زمنيٍّ محدد عبر الأطلسي، وذلك باستخدام قوة الدفع البخاري وحدها. وقد استغرقت الرحلة ثمانية عشر يومًا ونصف اليوم.

السفن الحديدية. شرع بنَّاؤو السفن البريطانيون في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي في بناء السفن الحديدية.ومن الأسباب التي أدت إلى ذلك ندرة الخشب الجيد الذي كان يمكن أن تصنع منه السفن في بريطانيا. إلا أن للسفن الحديدية أيضًا عدة مميزات مقارنة بنظيراتها المصنوعة من الخشب، فهي أقوى وأكثر أمنا وأرخص نفقة وأسهل صيانة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السفن الحديدية أخفُّ وزنًا من السفن الخشبية بالحجم ذاته لأن الأخيرة تتطلب كتلاً خشبية ضخمة وثقيلة. ولهذا السبب تستطيع السفن المصنوعة من الحديد حمل بضائع أكثر.

فاقت بريطانيا الدول الأخرى في تطوير السفن الحديدية عابرات البحار، ففي عام 1821م، صنعت آرون مانبي التي يُعتَقَد أنها كانت أول سفينة بخارية، كلها من الحديد. وكان المهندس البحري البريطاني إيسامبارد كنجدوم برونل من أكثر الموهوبين في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، ففي عام 1837م، أنزل أول سفينة بخارية صُمِّمت خصيصًا للقيام برحلات منتظمة عبر الأطلسي. وكان طول السفينة جريت ويسترن بطول 72م وعرضها 11م، وتدفع السفينة بعجلاتها الجانبية الضخمة ـ بمعدل تسع عقد بحرية. ولقد صمَّم برونل سفنًا أضخم بكثير، ففي عام 1858م، أكمل تصميم جريت إيسترن أكثر السفن إثارة في عصرها، فقد كان طولها 211م وعرضها نحو 26م وكانت تسع 4,000 راكب، وكان لها مجاديف ومحرك لولبي وأشرعة. لكن السفينة فشلت اقتصاديًا إذ إِنها لم تجذب زبائن بما فيه الكفاية لدفع تكاليف التشغيل الضخمة. ولقد استخدمت بنجاح في مد أربعة خطوط برق في قاع المحيط الأطلسي. وفي عام 1888م، بيعت السفينة على شكل خردة.

وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ الفولاذ يحل محل الحديد في صناعة السفن. وَوُجد أن سفن الفولاذ أقوى، وأخف وزنًا من سفن الحديد. وفي عام 1881م، أصبحت السفينة البريطانية سيرفيا أول سفينة ركاب فولاذية تعبر الأطلسي.

تطوير الداسرة (المحرك المروحي) اللولبية. في عام 1836م، قدَّم كلٌّ من المخترعين فرانسيس بيتيت سميث الإنجليزي وجون أريكسون السويدي، براءة اختراع لداسرة لولبية استطاعت دفع القوارب البخارية بكفاءة أعلى من عجلات التجديف. لقد عملت المجاديف الجانبية جيدًا في المياه الهادئة. أما في البحار الهائجة، عندما تميل السفينة من جانب إلى آخر، فإنه يمكن لكلتا العجلتين أن تتوقفا عن العمل تمامًا خارج المياه لتضيع بذلك قوة الدفع. وبالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن أن تعمل الأمواج على تحطيم تلك العجلات الهشة. أما الداسرة اللولبية المغمورة بكاملها تحت المياه، وهي ملحقةٌ بمؤخرة السفينة، فقد استخدمت الطاقة بكفاءة أكبر من عجلات التجديف، فهي تدفع السفينة إلى الأمام بسرعة أكبر بينما تضرب الداسرة في المياه. وفي عام 1845م، أصبحت السفينة المسماة جريت بريتن التي صممها برونل أول سفينة تُدفع بوساطة الداسرة اللولبية لتنتقل عبر الأطلسي.

زيادة القوة والسرعة. في الوقت الذي كانت فيه السفن تتطور من السفن الخشبية إلى الفولاذية، وتتغير قوى دفعها من عجلات التجديف إلى الدواسر اللولبية، تم تطوير أنواع جديدة من المحركات ومصادر جديدة لطاقة الدفع. وفي الفترة التي امتدت من أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، وحتى نهايته لم تستخدم السفن سوى محركٍ بخاريٍّ ذي أسطوانة واحدة. وقدكان البخار يتمدد في الأسطوانة فيدفع المكبس بخبطة كاملة ثم يمُّر بمكثف يتولى تحويله من جديد إلى ماء. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ استخدام المحرك البخاري المركب ذي الأسطوانتين في السفن. وفي هذا المحرك المركب، يدفع البخار المكبس في إحدى الأسطوانتين ثم يمرُّ إلى الأخرى الأكبر حجمًا. وهكذا يتاح للمحرك أن يوجد ـ بكمية البخار ذاتها ـ قوة أكبر بكثير مما كان ينتج. لقد قلل المحرك المركَّب استخدام الفحم الحجري في السفن إلى 50% وقد استخدم بناؤو السفن، لاحقًا محركات بثلاث أسطوانات، ثم طوروها لتكون بأربع أسطوانات، وأخيرًا بلغت خمس أسطوانات في السفينة الواحدة.

وفي التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، صمَّم المهندس الإنجليزي تشارلز بارسونز توربينًا بخاريًا بحريًا كان بمثابة محرك بحري من نوعٍ جديد تمامًا. لقد كان أقوى وأكثر كفاءة من المحرك البخاري. وفي عام 1897م، ركَّب نفس المهندس ثلاثة توربينات في سفينته توربنينا. وقد دفعت هذه التوربينات السفينة بسرعة مذهلة بلغت 345 عقدة. وخلال سنوات قليلة بدأت السفنُ الفخمة السريعة تعبر المحيط الأطلسي، في رحلات منتظمة، تدفعها التوربينات البخارية. وأشهر هذا النوع من السفن السفينة البريطانية موريتانيا التي دُشِّـنَتْ عام 1907م. وبلغ طولها 241م وبلغت سرعتها 27 عقدة بحرية.

وفي الوقت الذي كان يعمل فيه بارسونز على توربينه البخاري في التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. كان المهندس الميكانيكي الألماني رودلف ديزل يصمِّم نوعًا جديدًا من المحركات يستخدم النفط الثقيل وقودًا له. وأصبحت آلته التي يُطلق عليها الآن اسم محرك الديزل تَستخدم وقودًا أقل مما تتطلبه التوربينات، كما احتاجت لمساحة أقل في السفينة. وفي عامي 1910 و1911م، دخلت السفن التي تسير بوساطة طاقة الديزل الخدمة وسُمِّيت سفن المحركات. وبدءًا من عام 1920م، صار النفط الثقيل يحلُّ محل الفحم الحجري وقودًا للتوربينات البخارية. واليوم، فإن معظم السفن البخارية تستخدم النفط.

قوة الدفع النووية الأوتوماتية. في عام 1954م، دشَّنت الولايات المتحدة أول سفينة في العالم تعمل بقوة الدفع النووية وهي الغواصة نوتيلُس التي سُحبت من الخدمة عام 1979م. كما بنى الاتحاد السوفييتي (سابقًا) أول سفينة تعمل على السطح وتُدفع بالقوة النووية، وهي كاسحة الجليد لينين التي بُنيت في لينينغراد (بطرسبرج الآن) ودخلت الخدمة لأول مرة عام 1959م، وهي أكبر كاسحة ثلوج في العالم. أما أول سفينة تجارية تعمل بالطاقة النووية في العالم فقد دشَّنتها الولايات المتحدة عام 1959م، وتسمَّى السافانا وقد توقفت عن العمل منذ عام 1971م. ومنذ الخمسينيات من القرن العشرين، دأبت كلٌّ من ألمانيا واليابان والاتحاد السوفييتي (سابقًا) على بناء سفن تجارية تعمل بالطاقة النووية. لكن استخدام الطاقة النووية للسفن التجارية لايزال أمرًا غير ممكن نظرًا لأن تكاليف بنائها وتشغيلها عالية.

أما اليوم، فإن السفن ماضية في طريقها لتصبح ذاتية الدفع. فعلى سبيل المثال، توجد في سفن حديثة كثيرة معداتٌ إلكترونية تعمل على ضبط تدفق زيت الوقود والهواء إلى غرفة الاحتراق وضبط تدفق الماء إلى الغلايات (المَراجل). وتساعد إسعافات الملاحة الذاتية الحركة السفن في المحافظة على مسارها الصحيح. كما أصبحت أحجام السفن في ازدياد مطرد حتى تم تطوير نوع جديد تمامًا من السفن. والقسم التالي من هذه المقالة يتناول أنواع السفن المستخدمة اليوم ويصف كيفية تطوُّرها.

سفن اليوم

حتى أواخر أربعينيات القرن العشرين، كانت ملكات البحر من السفن هي عابرات المحيطات من سفن نقل الركاب العملاقة. وقد بنت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا معظم هذه الفنادق الكبيرة العائمة. وركَّزت سفن الركاب على توفير الرفاهية والخدمات، إضافةً إلى وجود الأرضيات المصنوعة من الخشب على متونها، وأطقم غرف الآلات، والأعداد الكبيرة من البحارة العاملين بغرف القيادة، وغرف تناول الطعام، والطباخين والخبازين وعمال الخدمات الآخرين العاملين بالسفن.

فبدءًا من أواخر أربعينيات القرن العشرين، بدأت الطائرات في نقل أعداد متزايدة من المسافرين عبر البحار. وتوجد اليوم أعداد قليلة نسبيًا من سفن الركاب تجوب المحيطات بينما أضحت سفن شحن البضائع العملاقة ملكات البحر. وتميزت هذه السفن بالكفاءة وبفوائدها الاقتصادية.

وصارت أحجام سفن الشحن تكبر مع مرور الزمن، والواقع أن ذلك يُعزى في المقام الأول لأسباب اقتصادية. ودلالةً على ذلك، وجد أرباب السفن أن من الأرخص لهم نقل 91,000 طن متري من النفط في ناقلة واحدة ضخمة بدلاً من استخدام خمس سفن حمولة كلّ واحدة منها 18,000 طن متري. ولأسباب اقتصادية أيضًا، صمّم بناؤو السفن ناقلات يمكن شحنها وتفريغها خلال زمن وجيز باستخدام أقل عدد من العمال. إضافةً إلى ذلك، أخذ عدد السفن ذاتية الدفع يزداد باطراد بحيث يمكن تسييرها بوساطة بحارة تتناقص أعدادهم باستمرار.

كوين إليزابيث الثانية تُعد إحدى كبريات سفن ناقلات الركاب وأحدثها. وطول هذه السفينة البريطانية 294م، وأنزلت إلى الماء عام 1967م، بينما قامت بأول رحلة بحرية عام 1969م. ويمكنها حمل أكثر من 1,700 راكب. وعدد أفراد طاقمها 1,000 فرد، وتبلغ سرعتها التطوافية 32,5 عقدة. وقامت هذه السفينة بعبور الأطلسي عدة مرات وهي تحمل السياح في رحلات متعة حول العالم.

سفن الركاب:

كانت أولى السفن التي اهتمت براحة الركاب هي السفن التي كانت تنقل البريد والرسائل والسلع في مواعيد منتظمة، والتي بدأت تعبر المحيط الأطلسي في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. ومنذ ذلك الحين، وباستمرار، قدَّمت شركات السفن خدمات للركاب ظلت تتطوَّر من أفضل إلى أفضل. وعندما تحوَّلت من الأشرعة إلى الطاقة البخارية خلال القرن التاسع عشر الميلادي، قدمت الشركات البريطانية أفضل خدمات السكن والترويح للمسافرين وذلك في المقام الأول بفضل تصميم برونل الممتاز للسفن.

ثمَّة شركتان بريطانيتان كانت لهما الهيمنة في الخدمات عبر الأطلسي حتى قرابة القرن العشرين الميلادي، هما خط كونارد للملاحة وخط النجم الأبيض (وايت ستار) للملاحة. ثم بدأ خط نورث جيرمان ليولد الألماني وخط هامبورج الأمريكي يقدمان خدمات منافسة جادة. ودخلت فيما بعد خطوط الملاحة الفرنسية والهولندية سباق الأعمال التجارية للركاب عبر الأطلسي، والتي أثرى أكثرها من نقل المهاجرين من العالم القديم إلى العالم الجديد. وأخذت الولايات المتحدة موقع الصدارة في تقديم الخدمة عبر المحيط الهادئ عندما أسسّت شركة بريد المحيط الهادئ المنقول بالسفن البخارية في عام 1848م. وأصبحت السفن أكبر في حجمها وأسرع وأكثر رفاهية بسبب تنافسها في نقل الركاب.

أيقونة تكبير مقطع عرضي لسفينة كوين إليزابيث الثانية.
سفن المحيطات.بحلول أوائل القرن العشرين، جاء عصر أشهر وأكبر سفن المحيطات، وقد بلغت أوجها في الثلاثينيات من القرن العشرين وذلك بتدشين ثلاث من أفخم السفن التي بُنيت وهي سفن نورمندي الفرنسية، وكوين ميري وكوين إليزابيث البريطانيتين. وبلغ طول كل واحدة من هذه السفن العملاقة 300م تقريبًا، وكانت تعبر المحيط الأطلسي في مدة تتجاوز أربعة أيام بقليل. وفي عام 1942م، احترقت السفينة نورمندي بينما كانت ترسو في ميناء نيويورك.

كوينز جريل يُعَدُّ أحد المطاعم الفاخرة الموجودة بسفينة كوين إليزابيث الثانية، ويعمل في غرف تناول الطعام رؤساء طهاة متمرسون وطاقم نُدُل يزيد على المائتين، إضافةً إلى طاقم مطبخ يقارب 140 شخصًا.
وقد بدأت الطائرات بجذب أعداد متزايدة من المسافرين عبر المحيط منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين. وفي وقتنا الحاضر تطير الطائرات النفاثة يوميًا بين المدن العالمية الكبيرة وتقطع البحار في ساعات وليس في أيام، وبنصف تكلفة الرحلة عبر المحيط تقريبًا. ولا تستطيع السفن عابرة المحيطات أن تنافس الطائرات في سرعتها. وفي أثناء ستينيات القرن العشرين، باعت بريطانيا كوين ميري وكوين إليزابيث لمستثمرين أمريكيين خططوا لجذب انتباه السياح للسفن. وفي عام 1972م، احترقت كوين إليزابيث وهي ترسو في ميناء هونج كونج. وفي عام 1951م، دشّن بناؤو السفن الأمريكيون سفينة يونايتدستيتس، لنقل المسافرين. ولهذه السفينة سرعةٌ تطوافية مقدارها 33 عقدة بحرية، وكانت الأسرع في البحر بين السفن التي تعمل في خطوط الملاحة. ونظرًا لقلة المسافرين عام 1969م، فقد توقفت عن العمل. أما اليوم، فإنه لاتوجد باخرةٌ رئيسيةٌ تقدم خدمات نقل المسافرين على مدارالعام عبر الأطلسي.

الردهة الكبيرة تُعَدُّ واحدة من المميزات المضافة عندما جددت سفينة كوين إليزابيث الثانية عامي 1986و 1987م. وتحتوي الردهة على صالة للرقص ومنصة للفرقة الموسيقية ومكان للتسوق
والباخرة الوحيدة المتميزة برفاهيتها والتي مازالت تقوم برحلات عبر الأطلسي هي باخرة كوين إليزابيث الثانية التي أنزلت إلى الماء في عام 1967م. وهي تعبر الأطلسي من أبريل إلى ديسمبر حاملةً المسافرين، كما أنها تطوف حول العالم خلال أشهر الشتاء. وتستخدم معظم السفن اليوم في مجال السياحة وتجوب البحر الأبيض المتوسط والبحر الكاريبي إضافةً إلى المناطق السياحية الأخرى. وتستطيع السفينة النرويجية سوفارين أوف ذاسيز، التي بدأت الخدمة في البحر الكاريبي عام 1988م، أن تحمل عددًا أكبر من الركَّاب يفوق أي سفينة أخرى. وبإمكان هذه السفينة حمل مايقارب 2,700 راكب و750 بحارًا.

مَرْكَبات الركاب الأخرى. على الرغم من أن الطائرات قد حلَّت إلى حد كبير محل سفن المحيط في السفر عبر المحيط، إلا أن المركبات المخصصة لنقل الركاب للمسافات القصيرة أصبحت مهمة على نحو متزايد وتشمل: المعديات وناقلات السيارات والسفن الطائرة والمركبات الحوَّامة.

سكن الركاب في السفينة كوين إليزابيث الثانية يتألف من غرف عادية وغرف نوم فاخرة (أعلاه)، وأجنحة فاخرة، وكلها مكيفة.
ظلت معديات السيارات تحمل لسنوات عديدة السيارات والركاب وعربات السكك الحديدية عبر الموانئ والبحيرات والأنهار وغير ذلك من المسطَّحات المائية الصغيرة، شأنها في ذلك شأن سفن البضائع، وأصبحت المعديات أكبر في أحجامها. واليوم تعبر المعديات الكبيرة مسطحات مائية كبيرة مثل بحار الأدرياتيكي والبلطيق والقنال الإنجليزي. وبإمكان المعديات الكبيرة أن تحمل 800 راكب و360 سيارة. وهي تحتوي على غرف تناول الطعام وردهات وغيرها. وتسير بعضها رحلات ليلية وبها حجرات خاصة لمعظم الركاب.

توفِّر السفن الطائرة النقل السريع للمسافات القصيرة نسبيًا. وهي تُرَكَّب على رقائق معدنية (أجنحة تنزلق بسرعة قرب سطح الماء). ويبقى جسم المركبة خارج الماء كليًا وبذا يقلل الاحتكاك الذي تسببه مقاومة الماء. وبإمكان المركبات ذات الرقائق المجنَّحة الوصول إلى سرعة تزيد على 80 عقدة بحرية. وقد عملت هذه المركبات على نقل الركاب عبر القنال الإنجليزي وعلى نهر النيل بمصر وعبر مضيق مسينا بإيطاليا وعبر مسطَّحات مائية في أجزاء عديدة من العالم.

توفِّر المركبات الحوامة كذلك رحلات سريعة للمسافات القصيرة. ولهذه المراكب مراوح أفقية قوية تولِّد قوة دفع هوائيةً مستمرة بين المركبة والماء أو قاع البحر تحتها. وهذه الحوامة المركَّبة على وسائد هوائية والتي تسير بوساطة مراوح من طراز المراوح التي تستخدمها الطائرات يمكن أن تنطلق بسرعة 70 عقدةً تقريبًا. وتُعدُّ المركبات الحوامة رائجةً بصفة خاصة في بريطانيا حيث تنقل المسافرين على نهر التايمز وعلى طول السواحل وتستخدم بصفة منتظمة لتنقل المسافرين والسيارات عبر القنال الإنجليزي إلى فرنسا.

المركبات المبطنة بالهواء (الحوامات) تطفو فوق سطح الماء بقليل، وتتحرك بسرعة من مكان لآخر لمسافات قصيرة. ويستخدم خفر السواحل الكندي هذه المركبات الهوائية كمركبات إنقاذ.

تصنيف سفن شحن البضائع:

يمكن تقسيم سفن البضائع أو سفن الشحن إلى أربع مجموعات وفقًا لنوع البضائع التي تحملها. وهذه المجموعات هي: 1- سفن البضائع العامة 2- السفن الصهريجية 3- ناقلات الشحنات الجافة غير المعبأة 4- سفن الأغراض المتعددة. وتحمل سفن البضائع العامة مايسمَّى بضائع الرزمة ؛ أي البضائع الموضوعة في رزم أوالتي تشكِّل رزمة في حدِّ ذاتها. وتشمل مواد الرزمة منتجات مثل المواد الكيميائية والأغذية والأثاث والآلات والمركبات والأحذية والفولاذ والمنسوجات. وتحمل السفن الصهريجية النفط أو السوائل الأخرى، أما ناقلات الشحنات الجافة فتحمل الفحم الحجري والحبوب وخام الحديد والمنتجات المماثلة التي يمكن شحنها دون أن تعبَّأ في صناديق (أي سائبة). وتحمل سفن الأغراض المتعددة أصنافًا مختلفة من البضائع في وقت واحد مثل السوائل والحمولات العامة.

ويمكن كذلك تقسيم سفن البضائع إلى نوعين حسب نوع الخدمة المقدمة للشاحن: فهناك بواخر تعمل في خط مواصلات نظامي وهناك سفن الشحن غير النظامية التي تعمل حين تجد العمل وتُبحر إلى أيِّ مرفأ. وتسير ناقلات البضائع النظامية في برامج محددة المواعيد على طول الطرق التجارية وتتقاضى رسومًا وفقًا لتسعيرة مُعلنة. وهي تنقل البضائع العامة كما تحمل ركابًا. وتسمَّى تلك التي تحمل أكثر من 12 راكبًا التوافقية أو سفن الركاب والبضائع. ويجب أن تفي هذه المركبات بمعايير السلامة المعدة لسفن الركاب. وتشغل شركات صناعة الشحن هذه السفن النظامية، على حين أن سفن الشحن غير النظامية لا يتم تشغيلها على طرقٍ تجاريةٍ دائمة أو برامج محددة. وتطوف في البحار مثل سيارات أجرة الركاب ويمكن تأجيرها لمسافاتٍ لحمل أي شيء ولأي مكان وفي أيِّ وقت تقريبًا. وتشغل شركات الشحن الصغيرة هذه السفن.

سفن نقل البضائع العامة تحمل ما يُسمى بضائع الرزمة الموضوعة في طرود أو التي تشكل رزمة في حد ذاتها، ويتطلب تحميل مثل هذه البضائع على السفينة ووضع القطع بالمخازن وقتًا وعمالة أكبر، ولذا تصبح أكثر تكلفة.
المساحات الملونة في الرسم التوضيحي تدل على مخازن سفينة نقل البضائع العامة.

سفن البضائع العامة:

في أوائل القرن العشرين كانت السفينة المسماة ثري آيلاندز مقياسًا لسفن البضائع العامة. وقد جاء اسمها من ثلاثة مبانٍ تنتصب فوق ظهر السفينة الرئيسي مثل الجزر المتباعدة. يكوِّن مقدِّم السفينة الذي يتسع لسكنى طاقم السفينة إحدى الجزر وتكون منصة رُبَّان السفينة الجزيرة الثانية في منتصف السفينة. وقد كان موقع حجرة المحرك تحت منصة ربان السفينة الجزيرة الأخرى. أمّا مؤخَّرة السفينة التي تحتوي على غرف الربَّان والركاب فتكون الجزيرة الثالثة. وتؤدي الأبواب الأرضية بين الجزر إلى المخازن الموجودة في أرضية السفينة حيث يتم تخزين البضائع. وتنتصب الروافع التي تعرف بالأبراج أيضًا التي تشحن البضائع وتفرغها بجوار الأبواب.

وبمرور الوقت، أفسحت سفينة تري آيلاندز (الجزر الثلاث) الطريق لسفن نقل البضائع ذات الجزيرة الواحدة، إمّا في منتصفها أو باتجاه مؤخِّرتها. وتشمل الجزيرة (البناء الذي على ظهر السفينة) منصة ربان السفينة وغرف المعيشة، بينما يوجد المحرك تحت المنصة. وتوفِّر سفينة الجزيرة الواحدة غرفةً لأبواب أرضية أكثر وأكبر وبذا جعلت من الأسهل شحن وتفريغ البضائع. وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945م)، بنت ورش بناء السفن بالولايات المتحدة أكثر من 3,000 سفينة ذات جزيرة واحدة منها السفينتان ليبرتي و فكتوري المشهورتان. وكلا النوعين له حجم مماثل. غير أنَّ السفينة فكتوري هي الأسرع لأنها تعمل بتوربينات بخارية، وكان للسفينة ليبرتي محركات ترددية بخارية. ★ تَصَفح: المحرك البخاري. وقد تم بناء كلتا السفينتين حسب المواصفات القياسية وذلك حتى يتم إنتاجها بأعداد كبيرة. وقد نقلت هذه السفن ملايين الجنود وملايين الأطنان من الإمدادات إلى ساحات القتال في كل أرجاء العالم.

تنقل معظم البضائع برفعها على السفينة من منصة تسمى المنصة الخشبية كما هو أعلاه أو في شبكات تسمى شبكة الحبال. وتحمل روافع السفينة البضائع من الرصيف وتنزلها إلى مخازن السفينة.
السفن التقليدية لنقل البضائع. أصبحت السفن التقليدية لنقل البضائع، منذ الحرب العالمية الثانية، وبصفة مستمرة، أكثر تقدمًا. ولديها اليوم روافع قوية تعمل بالكهرباء يمكن تحميلها على جانب السفينة أو بمؤخرتها أو على الأبواب الأرضية. ولديها غرف تحكُّم آلية ومعدات إبحار آلية. ومع هذا، قلَّ استخدام السفن التقليدية لنقل البضائع، غالبًا، بسبب ارتفاع تكلفة تشغيلها. وقد تحمل السفينة النموذجية السيارات وأكياس الدقيق وأجهزة التلفاز ومحركات الطائرات وأقفاص الشحن الصينية وأصنافًا أخرى من المواد. ويتطلب شحن وتفريغ مثل هذه المواد ذات الأحجام والمقاسات المختلفة أوقاتًا وعمالة أكبر، لذا فإنها أكثر تكلفة. ونتيجةً لذلك، تم تصميم السفن بحيث تحمل صنفًا واحدًا من البضائع. ولهذا، فقد زادت أعداد سفن الصهاريج وناقلات الشحنات الجافة غير المعبأة في صناديق. وقد تم تطوير نوعية متخصصة من ناقلات البضائع العامة وتشمل سفن الحاويات والسفن الجوالة وغير الجوالة والسفن سريعة الاندفاع.

سفن الحاويات قضت على مخازن الأبواب الأرضية والروافع الخاصة بالسفن التقليدية لنقل البضائع. فجسم سفن الحاويات مستودعٍ كبيرٍ مقسَّم إلى صوامع بوساطة فواصل حديدية رأسية. وقد تم تصميم الصوامع لتحمل البضائع المعدَّة للتغليف في طرود تسمَّى الحاويات. وتتكون أغلب الحاويات من صندوق ألومنيوم أبعاده: 6×2,5×2,5م أو 12×2,5×2,5م. والحاويات التي تكون بقياس 12م تساوي في حجمها عربة السكك الحديدية.

يشحن المصنِّعون بضائعهم المصنَّعة، أيًا كانت، من العطور إلى المنتجات الإلكترونية، في الحاويات التي توفرها شركة الشحن. ويتم نقل الحاويات إلى حوض السفن باستخدام الطريق البرِّي، أو الخطوط الحديدية ليتم شحنها في سفينة الحاويات. ولاتحتاج مثل هذه السفينة إلى عددٍ كبيرٍ من الرجال الذين يمضون ساعات طويلة لوضع مختلف البضائع في مختلف مخازنها، إنما هناك رافعات ضخمة ترفع الحاويات من أعلى السفينة ومن ثم تضعها في صوامعها الواحدة تلو الأخرى. وبعد تحميل مخازن السفينة، فإن مزيدًا من الحاويات قد توضع على أرضية السفينة أو على سطحها.

سفن الحاويات تحمل مختلف أنواع البضائع في حاويات معدنية، أبعاد أغلبها بعمق 25م وعرض 25م وطول 6 أو 12م. ويمكن لسفينة الحاوية أن تُحمّل بالبضائع، أو يتم تفريغها منها في خمس الزمن الذي يُستغرق في تفريغ سفينة شحن تقليدية<_'>نالصورة توضح رافعة عملاقة ترصُّ الحاويات في غرف السفينة. وبعد أن يتم ملء جميع الغرف، تُرصُّ حاويات إضافية على سطح السفينة وأرضيتها.
المساحات الملونة في المخطط تشير إلى مساحة البضاعة في سفينة الحاوية.

وتوفر عملية استعمال الحاويات على الشاحن كثيرًا من المال ؛ إذ يمكن لسفينة الحاويات أن تشحن أو تفرغ حمولتها في جزء من الزمن الذي تستغرقه سفينة الشحن التقليدية لإتمام أي من العمليتين. وهكذا، فإن تكاليف العمل تنخفض بشدَّة كما تقل مخاطر تلف البضاعة أثناء الرحلة. وبالإضافة إلى ذلك، تقل سرقات المواد التجارية القيمة نظرًا لأن الحاويات تقفل بالشمع.

يبلغ طول أضخم سفن الحاويات نحو 210م ويمكن لها أن تحمل أكثر من 1,000حاوية (صندوق) من تلك التي يكون طول الواحد منها ستة أمتار، وتكون الحمولة الإجمالية للسفينة 10,900 طن متري من البضائع. وتعادل طاقة حمل البضائع لكل سفينة من هذه السفن طاقة حمل مقدارها 17 ناقلة من الناقلات المعيارية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية.

وتعتقد كثير من شركات الشحن البحري أن استخدام الحاويات هو أهم تطوٌّر في الشحن البحري منذ اختراع سفينة الدفع البخاري. ولقد بدأت عملية استخدام الحاويات في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين. واليوم، تعمل شركات النقل البحري الرئيسية على نطاق العالم بسفن الحاويات هذه أو أنها تبنيها لاستخدامها عوضًا عن سفن الشحن البحري التقليدية.

السفن الدَّوارة تحمل السيارات والشاحنات وأي بضاعة أخرى يمكن رفعها على متن السفينة من خلال فتحات خلفية أو جانبية، وتم تجهيز بعض هذه السفن لاستقبال الحاويات.
سفن الصنادل تحمل سلفًا بأي نوع من البضائع وتسمى السفن لاش، وهي كلمة مكونة من الحروف الأولى من كلمات باللغة الانجليزية تعني في مجملها الصندل المحمول على سفينة.
السفن الدوَّارة تحمل حاويات قواعدها مثبتة على إطار من العجلات كقاطرة الشاحنة. ولهذه السفينة فتحةٌ خلفيةٌ وفتحاتٌ جانبية، ويقود عمال أحواض السفن هذه الحاويات عبر متسلقات متدرجة إلى السفينة، ومن ثم توضع الحاويات في أماكنها المخصصة لها باستخدام متسلقاتٍ أو مصاعد موجودة داخل السفينة.كذلك تحمل السفن الدوارة السيارات والحافلات والعربات التي تُستخدم مساكن، والشاحنات وأيَّ بضائع أخرى يمكن أن تُرفع بالمتسلقات المتدرجة على السفينة. وقد أدخلت الشركة العالمية خط حاويات الأطلسي إلى الخدمة عام 1987م أضخم السفن الدوارة في العالم. ويبلغ طول السفينة الواحدة من السفن الخمس التي تمتلكها 292م ويمكنها طيّ 18 عقدة بحرية، وكل منها يمكنه حمل 1,100 حاوية طول الواحدة منها 12م، ونحو 1,000 سيارة وشاحنة.

سفن الصنادل. سفن شحن ضخمة مخصصة لحمل الصنادل البحرية المحمَّلة سلفًا بالبضائع والمكدَّس بعضها فوق بعض. تحمَّل الصنادل في موانئ الأنهار بأي نوعٍ من أنواع البضائع ثم يتم سحبها بوساطة مراكب القَطْر إلى موانئ البحار. وهنا تتولى روافع الأحمال في السفينة الناقلة نقل الصنادل إلى متن السفينة وبعد ذلك تحمل السفينة الناقلة الصنادل إلى ميناءٍ بحري عبر المحيط. وهناك تنزل الصنادل في المرفأ وتُسحب بعد ذلك أعلى النهر وإلى محطاتها النهائية.

يبلغ طول سفن الصنادل 267م، وعرضها 33م ويمكنها الإبحار بسرعة 20 عقدة بحريةً. ويمكنها حمل عدد من الصنادل يتراوح بين70و90 صندلاً سعة كلٍّ منها 336 طنًا متريًا من البضائع. وكانت أول سفينة صندل أكاديا فورست قد بدأت العمل عام 1969م بين نيوأورليانز بأمريكا وروتردام بهولندا. وللولايات المتحدة خطٌ تعمل فيه سفينة تمتلكها النرويج.

تحديث الموانئ. تتطلب سفن الحاويات تسهيلات مرفئية خاصة، ويجري بناء الموانئ أو تحديثها على نظام عالمي للتعامل مع هذه السفن. وتضم التسهيلات الجديدة رافعات عملاقةً وتجهيزات أخرى للرفع لأن لسفن الحاويات قليلاً من أجهزة رفع الأثقال وقد لا يكون بها أجهزةٌ من هذا النوع على الإطلاق. وفي الميناء، تحتاج هذه السفن إلى مساحات شاسعة ومفتوحة لتسع آلاف الحاويات التي تكون بانتظار شحنها أو رفعها. وأكثر الموانئ تقدمًا تستخدم الحواسيب في توزيع مساحات الشحن والرفع.

ناقلات النفط:

ناقلات النفط من بين السفن الأولى التي تم تصميمها لحمل نوع واحد من البضائع وهو النفط، ولقد حملت السفن السابقة النفط في براميل أو في أحواض ضخمة. وفي عام 1878م، أعدَّ السويدي لدوينغ نوبل سفينةً هي الحوض الواحد الضخم نفسه، ونوبل هو شقيق ألفرد نوبل مؤسس جوائز نوبل الشهيرة، ولقد حملت ناقلته النفط من حقول باكو، عاصمة أذربيجان الآن، عبر بحر قزوين.

الناقلات . معظم الناقلات تنقل النفط، لكن بعضها مصمم خصيصًا لنقل أنواع أخرى من البضائع السائلة مثل الغاز الطبيعي السائل. ويشبه باطن سفينة نقل النفط قالب مكعبات الثلج.مضخات السفينة التي تفرغ النفط.
تشير المساحات الملونة في المخطط إلى الحاويات المنفصلة التي تكوِّن المساحة المخصصة للبضاعة في ناقلة النفط، يُضخ النفط في الناقلة في محطات النفط بوساطة خراطيم ضخمة.

وفي عام 1885م، تم إعداد أول ناقلة عابرة للمحيطات هي جلوكاف، وقد قامت هذه السفينة التي بُنيت في بريطانيا لصالح شركة نفط ألمانية بنقل النفط من الولايات المتحدة إلى أوروبا. وأصبحت هذه الناقلة النموذج لجميع ناقلات النفط اللاحقة. وتحتوي مساحة التخزين على ثمانية أحواضٍ كبيرة. كما وضعت حجرة المحرك في المؤخرة لتقليل خطر الحريق. يبلغ طول هذه السفينة 90م ويبلغ عرضها 11م وتحمل 2,090 طنًا متريًا من النفط وتستطيع السير بسرعة 9 عُقَد بحرية.

واليوم، فإن الناقلات الضخمة التي تسمى غالبًا ناقلات النفط الضخمة قد بلغت من الطول أكثر من 457م ومن العرض 60 م. وباستطاعتها حمل أكثر من 450,000 طن متري من النفط ويمكنها طي 15 عقدة بحرية تقريبًا. ومن الناحية الفنية فإنه يمكن تصميم ناقلات أكبر من هذه الناقلات ولكن فائدة مثل هذه السفن العملاقة تتحدَّد فقط في الرحلات الطويلة. وأغلبها مستخدم في نقل النفط من الشرق الأوسط إلى أوروبا واليابان.

وللناقلات العملاقة كثير من المزايا الاقتصادية مقارنة بمثيلاتها الأقل حجمًا. فعلى سبيل المثال، تكون تكلفة شحن كميات ضخمة من النفط في ناقلة عملاقة واحدة أقل بكثير من تكلفة شحن الكمية نفسها في عدة ناقلات بأحجام صغيرة. إلا أن للناقلات العملاقة أيضًا العديد من المثالب. فعلى سبيل المثال، فإن ملاحة مثل هذه الناقلات العملاقة صعبةٌ نظرًا لحجمها الضخم، الأمر الذي يزيد من مخاطر الحوادث. وبسبب هذا الحجم، تحتاج الناقلات العملاقة إلى موانئ بعمق 30م لتتمكن من تفريغ حمولتها. وإذا عانت السفينة من تسرب في النفط، فإن التلوث الناتج عن ذلك يمكن أن يكون مأساويًا نظرًا لضخامة طاقة الحمل لديها.

وتحمل معظم ناقلات النفط مادة النفط، إلا أن بعض هذه الناقلات تم تصميمه لحمل أنواعٍ أخرى من البضائع السائلة مثل الغاز الطبيعي السائل. ★ تَصَفح: الناقلة. وهناك بعض السفن تسمى ناقلات النفط الخام بإمكانها أن تُستخدم ناقلات للنفط أو للشحنات الجافة. وسيتم تناول هذا النوع من السفن في الجزء التالي من هذه المقالة.

ناقلات الشحنات السائبة الجافة. تحمل الحبوب وخام الحديد والبضائع الأخرى التي يمكن أن تشحن بكميات ضخمة على طبيعتها.
معظم البضائع الجافة تحمَّل وتفرَّغ بوساطة غرافات ذات قوة دفع أو بوساطة وسائط سحب شاطئية (الصورة أعلاه)، ولبعض ناقلات الشحنات الثقيلة معدات تحويل ذاتية.
المساحات الملونة في المخطط تشير إلى مخازن لسفينة أو. بي. أو.

ناقلات الشحنات السائبة الجافة:

تحمل ناقلات الشحنات السائبة الجافة الأسمدة والحبوب وخام الحديد ومساحيق المواد المطهرة والملح والسكر ورقائق الخشب وأي بضائع أخرى يمكن أن تكوَّم في مخزن ما. ولقد شملت حاملات الشحن الجافة الأولى المراكب ذات التصميمات الخاصة التي بدأت نقل خام الحديد عبر البحيرات العظمى الموجودة في شمالي أمريكا، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.وكما هو الأمر مع الناقلات، فإن هذه المراكب قد صُمِّمت خصيصًا لنقل نوعٍ واحد من أنواع البضائع. ولكن، بعكس ناقلات النفط، فإن حاملات خام الحديد يمكنها أن تنقل أي بضاعةٍ صلبة. ونتيجةً لذلك، فإن حاملات خام الحديد تطلبت تجهيزاتٍ أكثر تعقيدًا لإنجاز مهمتي التحميل والتفريغ مما تطلبته ناقلات النفط التي لا تحتاج شيئًا أكثر من توصيلات الخراطيم والمضخات، وأشياء أخرى بسيطة.

تشبه حاملة خام حديد البحيرات العظمى صندوقًا طويلاً من الحديد.ولها جزء أمامي يُستخدم سكنًا للبحارة.كما أن لها منصةً في المقدمة للربان وسطحًا مرتفعًا في مؤخرتها يوجد به المحرك، وهناك صندوقٌ طويلٌ بين المنصة والسطح المرتفع وهذا الصندوق يوضع فيه خام الحديد.

وناقلات البحيرات العظمى الحديثة لها التصميم الأساسي نفسه، إلا أنها أكبر حجمًا من الناقلات الأولى. ويزيد طول أكبر هذه السفن الموجودة اليوم على 210م ويمكن أن تصل حمولتها إلى 22,700 طن متري.

كما استمرت أيضًا عبَّارات المحيطات من حاملات الشحنات الجافة في زيادة أحجامها، فأكبرها حجمًا استطاع أن يحمل أكثر من 91,000 طنٍّ من البضائع. أما عابرة البحار الحديثة من حاملات الشحنات الجافة فلها غرفة قيادة وحجرة محرك وكلتاهما تقعان في مؤخرتها. أما بقية السفينة فهي مساحة مسطحة تمثل الأرضية مع صف من المداخل المؤدية إلى مخازن البضائع. وهناك أجهزةٌ بمحركات تقع على ظهر السفينة تُستخدم في إزاحة أغطية المداخل لتسهيل عملية الشحن والتفريغ.

وفي نهاية خمسينيات القرن العشرين، شرع بنّاؤو السفن فـي تصميـم سفن يمكنها حمل خام الحديد أو النفط. ويُطلـق على هذه السفـن اسم حامـلات أو. أو، (O.O). كما ظهر في ستينيات القرن العشرين، نوع آخر جديد من الناقلات تسمى أو. بي. أو (O . B . O) يمكنها أن تحمل خام الحديد، أو شحنات جافة خفيفة مثل الحبوب والأسمدة، أو النفط. إن أكبر حاملة من طراز أو. أو (O . O) تستطيع أن تحمل نحو 227,000 طن متري من البضائع. كما تستطيع أكبر سفينة من طراز أو. بي. أو (O . B . O) أن تحمل حوالي 136,000 طن متري.

وتشبه مراكب البضاعة أو مراكب نقل البضائع (البرجات)، إلى حدٍّ ما، ناقلات المواد الجافة الصغيرة الحجم. وهذه السفن التي تشبه الصناديق، تنقل بضائع مثل الإسمنت والفحم الحجري والحبوب والحصباء والرمل عبر الموانئ ومضايق المياه والأنهار على طول السواحل. وكان يتم دفع معظم مراكب البضاعة عبر مضايق المياه والأنهار بوساطة الأشرعة قبل اكتشاف آلات الدفع الأولى. وفي المناطق التي تكون فيها الرياح غير آمنة يمشي الرجال أو تمشي الحيوانات على امتداد طرق المضيق المائي أو النهر لجر هذه المراكب. ولاتزال هذه المراكب تسحب هكذا في مصر والهند وبعض البلدان الأخرى. أما المراكب الحديثة، فلها محركات ديزل أو تُسحب بزوارق سحب. ويتوقف حجم مراكب مضايق المياه أو الأنهار على الممر المائي الذي تعمل فيه. فلابد أن يكون المركب قصيرًا وضيقًا بما فيه الكفاية حتى يستطيع السير خلال التَّعَرُّجات والمطبات التي توجد بالممرات المائية. أما المراكب التي تعمل في المياه الساحلية، فيمكن أن تكون بأي حجم من الأحجام.

السفن ذات الأغراض المتعددة:

صُمِّمت السفن متعددةُ الأغراض لتكون قادرةً على حمل عدة أنواعٍ من البضائع في وقت واحد. ومن أمثلة هذه السفن السفينة الإنجليزية ستراثاردل التي تم تدشينها عام 1967م. ولهذه السفينة مساحة مبرَّدة مخصصة للمواد الغذائية سريعة التلف، أما مساحة الأحواض، فهي مخصصة للبضائع السائلة، وهناك أرضيةٌ أو مسطحٌ لحمل السيارات يبلغ طوله 172م وعرضه 24م. وهناك سفينة أخرى متعددة الأغراض تُسمَّى بور السادسة وهي سفينة فنلندية صغيرة صنعت أيضًا عام 1967م وهي تحمل المركبات التي يتم شحنها أو تفريغها أو حملها على عجلات،كما تحمل لفات الورق الضخمة ، وكذلك الأخشاب المضغوطة والبضائع العامة. يبلغ طول هذه السفن 88م وعرضها 15م. وتشبه هذه السفينة سفينةٌ أخرى متعددة الأغراض هي السفينة الأمريكية مورماكسي التي تم تدشينها عام 1968م ويمكنها حمل الحاويات والبضائع القابلة للدفع على عجلات داخل أو خارج السفينة، والبضائع العامة. ولها أيضًا مساحة للتبريد. ويبلغ طول هذه السفينة 183م وعرضها 27م.

أنواع متخصصة من السفن:

يتم تصميم الكثير من السفن والقوارب لأداء أعمالٍ معينة. وسفن البرادات التي تسير بسرعة 22 عقدةً بحرية أو أسرع، تسرع بالفواكه الطازجة واللحوم والخضراوات عبر المحيط. وقوارب (زوارق) السحب تقطر مراكب البضائع عبر قنوات المياه والأنهار، كما أن سفن الركاب وسفن الشحن تقود إلى الموانئ وخارجها. وتشارك سفن السحب في المحيطات في أعمال الإنقاذ. وبجانب العبَّارات التي تنقل السيارات والركاب، هناك سفن القاطرات التي تحمل عربات السكك الحديدية عبر جيوب المياه الصغيرة. وتستخدم كسَّارات الثلج القوية مقدماتها المتينة لتشق طريقها وسط المياه الجامدة وتفتح ممرًا لسفنٍ وقوارب أخرى.

وتحمل سفن دراسة المحيطات التي تجوب المحيطات معدات لدراسة التيارات وظواهر المد والجزر والأمواج وحيوانات البحر ونباتاته. وتُستخدم بعض سفن الصيد الحديثة في صيد الأسماك، وفي تصنيعها كذلك. ولهذا النوع من السفن تجهيزاتٌ لتقطيع وتنظيف وتبريد الأسماك.

سفن المستقبل:

سوف تكون سفن المستقبل أكثر كفاءة من سفن اليوم، كما ستكون تكلفة تشغيلها أقل، وسوف تتزايد أعداد السفن التي تحمل البضائع التي تضُّمها الحاويات. وتزداد أحجام جميع السفن. لقد تم اقتراح تصميمات جريئة جديدة لبعض أنواع السفن، وتشمل هذه التصميمات مراكب بضائع مرنة لنقل السوائل الثقيلة مثل النفط والغاز السائل. كما تشمل غواصات لاتحتاج إلى صهاريج التوازن المائي. وستكون السفن أكثر ميلاً إلى الآلية، كما سوف يتم الاستغناء عن هيئة مراقبة حجرة المحرك من المهندسين. وعوضًا عن ذلك، سوف يتم تشغيل محركات السفن من غرفة القيادة تمامًا كما يتم تشغيل الطائرات من غرفة قائد الطائرة. وتتولى الأجهزة الإلكترونية إبحار سفن الغد آليًا، ويتولى الحاسوب تحديد مسار السفينة، وتسير السفينة بإرسال المعلومات إلى الآلات التي تنظم قوة دفع السفينة. ونتيجة لهذه التطورات، سوف يتلقى رُبَّان السفينة مزيدًا من التدريب الفني، ويتقلص عدد طاقم السفينة. أما صيانة السفينة فلن تكون في البحر بوساطة الطاقم وإنما ستكون في الميناء بوساطة عمال متخصصين. ولتفادي بعض أعمال الصيانة، مثل الطلاء، سوف يتم بناء غرفة القيادة والغرف والأبنية الأخرى التي توجد على سطح السفينة من الألومنيوم والمواد الأخرى غير القابلة للصدأ والتي تقاوم التآكل من جراء المواد الكيميائية الموجودة في مياه البحر.

السفينة في البحر

يعمل ربان السفينة وطاقمها فريقًا واحدًا حتى يتيقنوا من وصول السفينة والمسافرين والبضائع إلى محطة الوصول النهائية بأمان وفي الوقت المحدد. لكن إبحار سفينة لمسافات طويلة في عرض البحر يتطلب مهارة وخبرة كبيرتين لأن أي تغيير في قوة الرياح أو اتجاهها أو في قوة الأمواج والتيار قد تبعد السفينة عن مسارها. ويستخدم رُبـَّان السفينة وسائل ومعداتٍ تم تطويرها عبر مئات السنين إضافةً إلى التجهيزات الحديثة، وذلك لتمكنهم من تحديد اتجاه السفينة في كلِّ الأوقات.

الضباط والبحارة:

يقود السفينة طاقم من الضباط على درجة كبيرة من التنظيم. ويُسمى كبير الضباط الربان أو القبطان وله السلطة المطلقة في اتخاذ القرار والمسؤولية النهائية تجاه الركاب والبضائع والسفينة. ولربان السفينة عددٌ من الضباط بغرفة القيادة يسمون وكلاء الربان ويعملون مساعدين له. وله أيضًا رئيس ضباط أو مساعد ربان أول ومساعد ربان ثان ومساعد ربان ثالث. وإضافة إلى ذلك، قد يساعد الربان مساعدٌ إضافيٌّ واحد أو اثنان في سفن نقل الركاب الكبيرة. وكافة هؤلاء الضباط على درجة كبيرة من التدريب في جميع مجالات تسيير السفن. ويجب أن يكون لديهم رخص قيادة يحصلون عليها بعد اجتيازهم الاختبارات اللازمة من الحكومات أو من أي جهات أخرى مختصة في منح مثل هذه الرخص.

يتألف البحارة على ظهر السفينة من ملاحين مهرة وملاحين عاديين. وتمنح دولٌ عديدة شهادات كفاءة لمجموعتي البحارة. ويتميز الملاحون المهرة بخبرة أكبر من الملاحين العاديين ولديهم مسؤوليات بدرجة أكبر مثل المراقبة والمساعدة في إدارة دفَّة السفينة والقيام بالإصلاحات الصعبة بينما يقوم الملاحون العاديون بأعمال النظافة إضافةً إلى أعمال الصيانة العادية.

ولغرفة المحرك نظامٌ مستقل يرأسه كبير المهندسين الذي يعاونه المهندس المساعد الأول والمهندس المساعد الثاني والمهندس المساعد الثالث. ويجب أن يحصل كافة المهندسين على تراخيص مثل القبطان والضباط العاملين على السفن. ويشتمل طاقم غرفة المحرك للسفن التي تسير بتوربينات بخارية على المزيِّتين المعنيِّين بالآلات، ورجال الإطفاء المسؤولين عن إشعال الغلايات (المراجل).

وللسفينة أيضًا عدد من أطقم البحارة يشتمل على مشغل الراديو الرئيسي، ورئيس النُّزُل المسؤول عن الحصول على الطعام وإعداده وتقديمه، وواحدٍ أو اثنين من الطهاة، وطاقم إعداد الطعام المسؤول عن تقديم الطعام ومساعدة الطباخين.

وتحمل سفن نقل البضائع والركاب نفس المجموعة الأساسية من البحارة. ولكن ناقلات الركاب الكبيرة والسفن الطوافة لها أعداد أكبر من البحارة، وذلك لجعل رحلة الركاب أكثر راحة ومتعة. ويشتمل العدد الإضافي من الملاحين على الخبازين والحلاقين والمجمِّلين والقصَّابين والأطباء والممرضين والمختصين في الترويح والغسالين والعاملين على الآلات الطابعة والمحاسبين ومديري الترفيه وعدد كبير من المضيفين والمضيفات. وتشبه سفينة الركاب الكبيرة والسفينة الطوافة فندقًا عائمًا وقد تحمل ملاحًا واحدًا لكل اثنين من المسافرين.

غرفة القيادة في السفينة الحديثة توجد فيها تجهيزات ملاحية عالية الدقة لإدارة دفة السفينة وحفظها آمنة في المجرى في كل الأحوال، وتحتوي مثل هذه المعدات على الرادار والمرشد الآلي ونظام الملاحة الإلكتروني.

قيادة السفينة:

عندما تغادر سفينةٌ كبيرةٌ الميناء، فإنها تسحب بوساطة ثلاثة أو أربعة زوارق سحب من جانب الرصيف إلى داخل الميناء ،ويقوم مرشد الرصيف بتوجيه زوارق السحب والسفينة حتى تغادر الرصيف في طريقها إلى الميناء، ثم تغادر زوارق السحب السفينة. ويحول مرشد الرصيف المركبة إلى مرشد الميناء. وتكون مغادرة أي سفينة تجارية للمرفأ أو دخولها فيه بوساطة مرشد ميناء محلي على متنها.

يوجه مرشد الميناء السفينة إلى داخل الميناء أو إلى خارج المسطحات المائية. ويجب على مرشد الميناء أن يكون على دراية تامة بأي قناة أو منحنى أو حاجز رملي أو أي عائقٍ آخر قد يُعرِّض السفينة للخطر. وبعد وصول السفينة إلى عرض البحر، يتم إخراج مركب صغير ينقل مرشد الميناء ويعيده إلى المرفأ. وبعد ذلك، يتولى ربابنة السفينة قيادتها إلى محطة وصولها النهائية.

ومن غرفة القيادة، يستخدم ملاح السفينة ، وهو عادة مساعد الربان الثاني، تجهيزات مختلفة ليعيِّن موقع السفينة. ويتحقق الربان من موقع السفينة تمامًا كما فعل البحارة منذ آلاف السنين، وذلك بمشاهدة الشمس والقمر والكواكب والنجوم. ومنذ مئات السنين، كانت أجهزة الملاحة المهمة تشتمل على البوصلة لتحديد الاتجاه والكرونومتر لتحديد الزمن بدقة وللمساعدة في تحديد خط الطول والسدسية لقياس ارتفاع الأجرام السماوية ولتحديد خط عرض السفينة بقياس زاوية الشمس أو النجم فوق الأفق. ★ تَصَفح: البوصلة ؛ السدسية.

وللسفن الحديثة أجهزة ملاحة إلكترونية حديثة عالية الدقة، ويوجد في عدة سفن تجهيزاتٌ لتحديد اتجاهاتها باستخدام إشارات الراديو، حيث تنبعث هذه الإشارات باستمرار من محطات إرسال خاصة على طول السواحل بخطوط الملاحة التجارية المزدحمة. ويسمى مثل هذا النظام لوران أو الملاحة بعيدة المدى. وبوساطة هذا الجهاز يُمكن تحديد موقع السفينة بدقة أثناء الطقس السيئ أو عند تعسر الرؤية وذلك بدون الاستعانة بالبوصلة أو الكرونومتر أو السدسية. وبإمكان سفنٍ عديدة تحديد موقعها بوساطة الإشارات المرسلة من الأقمار الفضائية المدارية.

تحمل السفن الحديثة أيضًا الرادار. ويستطيع رادار السفينة في الليل وفي حالة الطقس الرديء أن يرصد كُتل الثلج والصخور والسفن الأخرى في الوقت المناسب، فيمنع بذلك الاصطدام. ★ تَصَفح: الرادار. ولبعض السفن الحديثة أيضًا ربان آلي يُبقي السفينة على مسارها بعد أن تكون قد أخذت ذلك المسار، ويوصل هذا الجهاز ـ أي الربان الآلي ـ بالبوصلة الدوَّارة التي تحدد الاتجاه كما تتولى تشغيل الدفة تشغيلاً آليًا. ★ تَصَفح: البوصلة الدوارة.

وبالرغم من كل هذه الوسائل المتطورة، فإن الملاحين لازالوا يستخدمون البوصلة التقليدية بالإضافة إلى الكرونومتر والسدسية. ولمعلومات أكثر عن كيفية ملاحة السفن، ★ تَصَفح: الملاحة.

الآلية على ظهر السفن:

لقد بدأت هذه الآلية في الازدياد تدريجيًا، ولكن لاتوجد حتى الآن سفينة تعمل بآليةٍ كاملة. وتتم معظم الأعمال الآلية في حجرة محرك السفينة. وعندما يشير الضابط الموجود بالجسر إلى المحركات بالاندفاع إلى الأمام أو إلى الخلف أو لتغيير السرعة، حيث لا يتعين على المهندس أن يجري أي تحريكات يدوية، تستجيب المحركات في الحال بعد إشارة الضابط. والواقع أن عمل الصمامات والتغيير الضروري في درجة الحرارة أو الضغط تتم مراعاتها آليًا. وللعديد من السفن مساعدات ملاحة آلية ووسائل آلية للإسراع بعملية شحن وتفريغ البضائع. وربما يجيء اليوم الذي تخفض فيه العمليات الآلية عدد أفراد طاقم سفينة الشحن حتى يصل عددهم إلى تسعة أو عشرة أفراد فقط.

السلامة في البحر:

لقد حُدِّدت معايير السلامة في السفن بوساطة المؤتمرات العالمية لسلامة الحياة في البحر التي عقدت في السنوات: 1914، 1929، 1948، 1960، 1972م. اتَّـفقت جميع الدول البحرية الرئيسية على هذه المعايير. وتتطلب معايير السلامة أن تكون للسفن رؤوسٌ حصينةٌ وجدران ذات حجيرات مانعة لتسرب المياه وأجهزة لمقاومة الحرائق وقوارب نجاةٍ كافية، وذلك بالإضافة إلى سترات النجاة (ثياب من فلين للحماية من الغرق) وأجهزة أخرى لإنقاذ الحياة. وتتضمن أحكامٌ أخرى توفير تدريبات منتظمة على مكافحة الحرائق وعلى سبل للإنقاذ. وبالإضافة إلى ذلك، يتعيّن على السفن أن تتبع القواعد العالمية للطرق. وتتناول هذه القواعد نقاطًا مثل، أسس سير السفن في أعالي البحار، وتشمل الأنوار التي يمكن إرسالها من السفن، والإشارات التي يجب أن تطلقها السفن أثناء الضباب وفي أوقات الخطر.

وفي عام 1930م، قبلت جميع الدول البحرية الرئيسية ما تَمَّ سنّه من قواعد في المؤتمر العالمي للتحميل، لحماية السفن من الشحن الزائد عن طاقتها. وتتطلب هذه الأحكام أن تكون للسفن خطوطٌ مطلية على جوانبها لتبيِّن العمق المناسب للشحن الآمن في مختلف أوقات السنة وفي مختلف المياه. وعندما تغطس السفينة المحملة بالبضائع إلى عمقٍ على النحو الذي توضحه الخطوط، تكون السفينة قد بلغت الحمولة القصوى. وتسمى تلك الخطوط علامات بلمسول، حيث أطلق عليها اسم صمويل بلمسول البرلماني البريطاني الذي عمل على تبني تلك الخطوط في القانون البريطاني للملاحة التجارية عام 1876م. وفي عام 1966م، توصلت الدول البحرية الرئيسية في العالم إلى الاتفاق على أحكام جديدة ارتفعت بموجبها حدود أو خطوط شحن السفينة إلى مستوى يضمن شحنًا آمنًا. ولقد عكست القواعد الجديدة التطور في تصميم السفن وفي بنائها منذ عام 1930م.

وبالإضافة إلى قوانين الملاحة العالمية، فإن لكل دولة منفردةً ضوابطها الخاصة التي تحكم بناء وتشغيل سفنها. وفي بعض الحالات، تكون معايير السلامة هنا أكثر تشددًا من تلك التي تتطلبها الأحكام العالمية. فالسفن الجديدة يجري تفتيشها أثناء بنائها للتأكد من أنها تُبنى طبقًا للضوابط والمواصفات المجازة من السلطات الملاحية. ومع أن السفن التي تبنى وفق معايير السلامة تكون آمنةً، إلا أنها تكون أكثر تكلفة في البناء والتشغيل مقارنةً بنظيراتها من السفن التي تم بناؤها في دول مستويات السلامة فيها أقل. ويتم أيضًا تفقد السفن التي في الخدمة للتأكد من أنها تفي بضوابط السلامة. كما يتم تفقد سفن الركاب، كالعبَّارات، للتأكد من أنها لاتحمل ركابًا يزيدون على العدد القانوني، وبها أجهزة إنقاذ كافية مثل قوارب النجاة.

بناء السفن

ُتعدُّ السفينة أكثر الأجسام، التي صنعت، تعقيدًا حتى الآن. وفي الواقع، فهي مدينة طافية تنتج طاقتها ودفئها وإضاءتها الكهربائية بنفسها. وتحمل السفينة وقودها الخاص بها بالإضافة إلى جميع إمداداتها. كما أنها تستطيع أن تصنع مياهها الصحية بنفسها من البحر وأن تتخلص من فضلاتها بنفسها.

وتتكون جميع السفن من أربعة أجزاء رئيسية. يخطط معماريو السفن عند تصميمها وتصميم الأجزاء الأخرى منها بحيث يمكن الوفاء بالاحتياجات الخاصة بشركة الشحن البحري المعنية بالإضافة إلى الوفاء بالمعايير الحكومية. وبعد ذلك، فإن ورشة بناء السفن تبني السفينة طبقًا لخطط المهندس المعماري.

الأجزاء الرئيسية للسفينة

الأجزاء الرئيسية في السفينة:

تتكون الأجزاء الرئيسية في السفينة من 1- الجسم، 2- المحركات، 3- مجاديف الدفع، 4- الدفة.

جسم السفينة هو هيكلها الذي لا يسمح بدخول الماء. وهو مقسم إلى عدد من السطوح الأفقية تُسمى أرضيات. والرؤوس الجدارية هي حوائط تم بناؤها بين الأرضيات وتكون عددًا من الحجيرات. ولكلِّ حجيرة أبوابٌ خاصة تتحول عندما تقفل إلى سدٍّ مائي. فإذا اجتاحت المياه إحدى الحجيرات لسبب ما، يؤدي إغلاق الأبواب إلى حجز المياه في تلك الحجرة وحدها مانعًا بذلك تدفقها إلى الغرف الأخرى. وتمكن حجيراتُ السدِّ المائي السفينة من الطفو حتى لو خرق جزء من جسمها وتُسمى أرضية السفينة الموجودة على قمة جسمها، الأرضية الرئيسية، وربما يعلوها عدد من الأرضيات الأخرى. وتكوِّن الأبنية التي تعلو الأرضية الرئيسية، مايعرف بالبناء الفوقي.

ولأجسام السفن مقدماتٌ حادة تمكنها من اختراق المياه بسرعة. ولمعظم الأجسام أيضًا مؤخراتٌ مستديرة تساعد على دفع المياه بتؤدة إلى الخلف حتى يمكن للسفينة أن تشق طريقها في الماء. ولقد تم تصميم الشكل العام للجسم بصورة تجعل من السفينة جسمًا مستقرًا متوازنًا قدر الإمكان. كما يجب على السفينة ألا تميل من جانب إلى جانب أو تتقهقر بقدر كبير. وتستخدم كثير من السفن الحديثة أيضًا نظم التوازن لتقليل التمايل. ولأحد هذه النظم زعنفة أفقية تحت خط الماء على كل من جوانب الجسم. وتتحرك الزعنفة إلى أعلى على الجانب المنحدر من السفينة وإلى أسفل على الجانب المتسلق منها. وبذلك فإنها تقلل من التمايل.

ولزيادة التوازن بدرجة أكبر تحمل السفن وزنًا إضافيًا سائلاً يُسمى الصابورة. وبدون هذا السائل، قد تنقلب سفينة الشحن الفارغة وتجنح في المحيط كقطعة الفلين. تستخدم معظم السفن ماء البحر في عملية التثبيت، ويتم تفريغ ماء حفظ التوازن هذا من السفينة أثناء تحميلها بالبضائع.

محركات السفن معظمها توربينات (عنفات) بخارية أو غازية أو هي محركات ديزل. كما أن أضخم السفن وأسرعها هي التي تعمل بالتوربينات البخارية. فالبخار المنتج في الغلايات (المراجل) يدير عجلات التوربين الحادة. وبوساطة سلسلة من التروس (العجلات المسننة) يدفع التوربين مقبض المجداف الذي يجعل المجداف يدور. وفي حالة السفن ذات التوربين الكهربائي، يلفُّ التوربين مولدًا ينتج الكهرباء لمحرك معين. فيدفع هذا المحرك بدوره المجداف.

وكل السفن التجارية تقريبًا تستخدم البترول وقودًا لتسخين الغلايات التي تُنتج البخار. كما ينتج المفاعل النووي البخار في السفن ذات الدفع النووي. ومن المعروف أن أغلب السفن الأكثر تطورًا لها توربينات تعمل بالغاز. وتعمل التوربينات الغازية كما تعمل التوربينات البخارية لكنها تستخدم غازًا ساخنًا بدلاً من البخار. ★ تَصَفح: التوربين.

تسمَّى السفن التي تسير بمحركات الديزل السفن العاملة بالمحرك ولها جهاز تعشيق تروس أو آلات ديزل كهربائية. ويعمل محرك الديزل بالسفن التي تسير بنظام تعشيق التروس عن طريق التروس التي تحرك بدورها المحرِّك المروحي. أما في حالة السفن التي تسير بوساطة آلات الديزل الكهربائية، فإن المحرك يدير المولد الذي يولِّد التيار الكهربائي للمحرك الكهربائي المرتبط بعمود المحرك المروحي. ★ تَصَفح: محرك الديزل.

يحرِّك المُحرِّك المروحي السفينة عبر الماء على حين أن المحرك يدير العمود الذي يبرز رأسه من تحت الماء بمؤخرة السفينة ويثبت المحرك المروحي بطرف العمود. ويوجد بمعظم المحركات المروحية أربع رِيَش مروحية، وعندما يدور المحرك المروحي فإنه يحرك نفسه لولبيًّا عبر الماء، وبذا فإنه يدفع السفينة إلى الأمام. ويوجد بمعظم السفن الصغيرة محرك مروحي واحد على حين يوجد بأكثر السفن الكبيرة محركان مروحيان وقد يصل العدد إلى أربع محركات مروحية بالسفن الأكبر حجمًا. ويزيد عدد المحركات المروحية الإضافية من قوة السفينة ويجعل السفينة تناور بسهولة. وعلى سبيل المثال، تستطيع السفن ثنائية اللولب أن تدور حول الزوايا بسرعة تحركها إلى الأمام بمحرك مروحي واحد وإلى الخلف بالمحرك المروحي الآخر. ★ تَصَفح: المحرك المروحي.

الدفة قطعة كبيرة من الفلز تدير السفينة، وهي مثبتة بمؤخرة السفينة وبذا يمكنها أن تدور على محور كالباب. تثبت الدفة بعجلة القيادة في غرفة قيادة السفينة. وعندما يدير الملاح عجلة القيادة إلى الناحية اليمنى تتحرك الدفة يمينًا وهذا يتسبب في تحريك مؤخرة السفينة لليسار ومقدمة السفينة لليمين، وعندما تدار عجلة القيادة إلى اليسار تدور الدفة والمقدمة إلى اليسار.

الأجزاء والتجهيزات الأخرى بالسفينة تشتمل على المداخن التي تنفث الدخان والعادم، والمرساة على الجانبين الأيسر والأيمن من مقدمة السفينة، والعدد الكافي من قوارب النجاة التي تحمل كل الناس على متونها. ويوجد بالسفن الحديثة روافع تدار بالطاقة لرفع المراسي أو إنزالها ، وذلك إضافةً إلى جذب حبال المراسي المستخدمة في ربط السفينة على جانب الرصيف أو إطلاقها. لذلك، تدير الروافع الآلية أذرعتها لشحن وتفريغ البضائع، كما يوجد بالسفن الحديثة مضخات ذات سرعة عالية لضخ مياه الصابورة (ماء لحفظ توازن السفينة) أو لضخ مياه البحر أثناء الحريق. وأخيرًا فإن تجهيزات الإبراق اللاسلكي تجعل السفن على اتصالٍ دائمٍ بباقي أجزاء العالم.

تصميم السفينة وبناؤها:

قبل أن يبدأ معماريو السفن تصميم السفينة في شركة الملاحة، يجب عليهم معرفة خطة الشركة في استخدام السفينة، وعليهم معرفةالجهة التي ستسافر إليها هذه السفينة، ومعرفة نوعية البضائع التي ستحملها وسرعة سيرها. وعلى المهندسين أن يكونوا على دراية بنظم وقوانين السلامة الحكومية. وإضافة إلى ذلك، عليهم ضبط تصميماتهم لتسمح باستيعاب أي زيادة في آلية التجهيزات بالسفن.

وتتَّبع أحواض بناء السفن تصميمات المهندسين في بناء السفن بكل دقة. ويبدأ بناء السفينة تقليديًا بإرساء العارضة الرئيسية ثم يبني العمال الدعامات التي تسند جسم السفينة وتمنحه شكله. يلي ذلك لحام الصفائح الفلزية التي تكوِّن الجزء الأوسط من جسم السفينة. وعندما يبنى الجزء الأوسط، تُضاف إليه المقصورات والغلايات والآلات والوسائل والأنظمة الضرورية الأخرى. وأخيرًا، يتم بناء مقدمة السفينة ومؤخرتها.

ولم تعد السفن تُبنى بأسلوب القطعة الواحدة. وعوضًا عن هذا النمط، فإنهم يبنون أولاً أجزاء معدَّة من السفينة بأعداد كبيرة جدًا. ويوجد بكثير من هذه الأجزاء شبكة أسلاك وأنابيب بُنيت في داخلها. تُحمل هذه الأجزاء الضخمة بوساطة روافع عملاقة إلى بناية تُسمى مسند بناء السفن حيث يتم لحامها معًا. ولا يتم إرساء العارضة الرئيسية (الأرينة) لأن الأجزاء السفلية المزدوجة من جسم السفينة تلحم معًا،كما يتم وضع العارضة آليًا.

وقد يتألف جسم السفينة من وحدات سابقة الإعداد قد يصل عددها إلى 20 قطعة. وعندما ينتهي بناء جسم السفينة، يضاف البناء الذي يعلوه، وعندئذ تكون السفينة معدة لإنزالها في الماء.

إعداد السفينة وتدشينها:

يدشّن بناؤو السفن السفينة بعد أن يكون قد تم بناء مابين 70 و90% منها. فيتم جرُّ السفينة إلى الماء على مجرىً خشبيٍّ مطليٍّ بالشحوم. ومعظم السفن يتم إنزال مؤخرتها أولاً لأن السفينة التي يتم إنزال مقدمتها أولاً قد تغطس في الوحل. كما أن بناء السفن على طول الأنهار الضيقة يتطلب إنزال السفينة للماء على جانبها. وتبني بعض أحواض صناعة السفن سفنها على أرصفة جافة تحت سطح الماء. وعندما يتم بناء جسم السفينة وبناؤها الفوقي، يقوم العمال بفتح الصمامات وغمر الرصيف بالماء. وحينما تطفو السفينة برفق فوق الكتل المساندة لأسفل جسم السفينة ويصل الماء بداخل الرصيف مستوى الماء بالخارج، يفتح باب الرصيف وتنزل السفينة للماء. وتُسمَّى السفينة قبل إنزالها مباشرة، وتختار شركة الملاحة أحد الأفراد ليكون راعيًا وعادة ماتكون امرأة تقوم بتسمية السفينة، ثم تبدأ السفينة الانزلاق داخل الماء.

ويقوم زورق بسحب السفينة بعد إنزالها للماء إلى حظيرة تجهيز السفن وهناك يقوم العمال بإتمام البناء الفوقي ويضيفون الأثاث الداخلي ثم تقوم السفينة برحلة تجريبية وعلى متنها الأفراد المراقبون الممثلون للشركة التي طلبت بناء السفينة ليتأكد المراقبون أن كلَّ تجهيزات السفينة تعمل بكفاءة وأن السفينة تقوم بالمناورة وأن سرعتها وبقية الاختبارات التجريبية الأخرى مطابقة للمواصفات. وإذا عادت السفينة من التجربة بمكنسة مربوطة على صاريها الرئيسي، فإن هذا يعني أنها اجتازت التجربة بنجاح تام وأن شركة النقل البحري صاحبة الطلب قد قبلت تسلُّم السفينة.

أساطيل العالم التجارية

أيقونة تكبير أعلام ومداخن سفن دول
الشحن البحري
تمتلك دول العالم مجتمعةً نحو 80,000 سفينةٍ تجارية. يبلغ إجمالي حمولة السفن 400 مليون طن. وفي كل عام، تُبنى سفن جديدة تحمل ملايين الأطنان. وتنتج اليابان وكوريا الجنوبية معظم إجمالي حمولة سفن الشحن التي تنزل الماء.

ولدى كثير من الدول تقاليد طويلة في العمل في مجال النقل البحري فمن هذه الدول الدنمارك وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج والسويد. والآن، فإن بعض هذه الدول تمتلك أساطيل تجاريةً صغيرةً أكثر من السابق وتقوم ببناء سفن قليلة بنفسها بدلاً مما اعتادت عليه. وقد قامت دولٍ أخرى منها اليابان بزيادة حجم أساطيلها.

ويختلف أسطول العالم التجاري وفقًا لمعدل حجم تجارة العالم. ومن ناحية أخرى، فإن أهم الدول التجارية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا لاتقوم بالضرورة بنقل تجارتها على سفنها الخاصة. وعلى سبيل المثال، تُعَدُّ الولايات المتحدة الدولة التجارية الرئيسية في العالم مع أنها لا تنقل إلا 4% فقط من تجارتها الخارجية على متن سفنٍ ترفع العلم الأمريكي.ويتكون أسطول الولايات المتحدة التجاري من 6,500 سفينة تجارية من بينها تلك التي تعبر البحيرات العظمى والممرات المائية الداخلية الأخرى.

أهم الأساطيل التجارية في العالم
وهذه السفن مسجلة بالولايات المتحدة وترفع علمها. وهناك 150 سفينة فقط ترفع العلم الأمريكي وتعمل في التجارة الخارجية، وذلك لأن مشغلي السفن الأمريكية يشترون سفنًا أرخص تنتجها أحواض بناء السفن التابعة لدول أخرى. وتُسجل هذه السفن تحت أعلام دول أخرى مثل بنما وليبيريا. وتتبّع دول أخرى هذه الطريقة حيث تسجل شركات الشحن البحري سفنها تحت أعلام دول أخرى، وتستخدم بحّارة وأنظمة السلامة الصارمة وتدفع ضرائب أقل، ويسمح عددٌ من الدول باستخدام علمها (علم السماح) بهذه الطريقة مقابل رسوم معلومة.

وتهب بعض الحكومات معونات لمساعدة صناعات بناء السفن لديها مما يساعدها على بناء السفن بتكلفة أقل من الجهات الأخرى. وقد تعطي الدول الملاحية التي تعتمد على التجارة البحرية منحًا مالية لأساطيلها البحرية. وتفعل الحكومات ذلك لأنها تؤمن بأنه لاغنىً عن الأسطول التجاري في مجال التجارة الخارجية للدولة، وفي مجال الدفاع. وعلى سبيل المثال، وبدون الأسطول التجاري البحري، فإن الدولة سوف تعتمد كليًا على خطوط الشحن الأجنبية. وربما اعتمدت الدولة، في أوقات الحرب، على سفن الشحن لديها لحمل الإمدادات، وعلى أحواض السفن لتصليح وبناء السفن الحربية. وفي حالة الطوارئ، ربما تصادر الحكومة السفن التجارية لصالح الاستعمال العسكري. ولقد فعلت الحكومة البريطانية ذلك عام 1982م أثناء حرب الفوكلاند مع الأرجنتين.

وتمتلك بنما أضخم أسطولٍ تجاري في العالم، فلهذه الدولة سفن يبلغ مجموع حمولتها نحو 60 مليون طن. وعلى الرغم من أن كل هذه السفن مسجلة باسم بنما، إلا أنها قد تعير بعضها لدول أخرى عند الطلب وتظل حاملة لعلم بنما. والليبيريون، من جهة أخرى، أنفسهم لايملكون سوى عدد قليل من السفن. وتمتلك شركات من دول أخرى كل السفن التي تحمل العلم الليبيري تقريبًا. وتسجل هذه الشركات سفنها في ليبيريا بدلاً من الدول التي تنتمي إليها لأن ليبريا تفرض ضرائب أقل، وإضافة إلى ذلك، فهي تسمح لمالكي السفن بدفع أجور أقل، إضافة إلى أنها لاتطلب مواصفات سلامة متعددة وذات تكلفة عالية. وهناك أقطارغير بنما وليبيريا تسمح بوضع أعلامها على سفن دول أخرى عند الطلب، ومن هذه الدول جزر البهاما وهندوراس والفلبين.

وبنهاية الحرب العالمية الثانية، تقلَّصت حمولة الأسطول التجاري الياباني إلى إجمالي 1,25 مليون طن. واليوم، فإنه لدى هذه الدولة إجمالي 18 مليون طنٍّ، ولا توجد أساطيل تجارية أكبر إلا لليبيريا وبنما. وأصبحت اليابان من الدول الرائدة في العالم في بناء السفن أيضًا، إلا أن كوريا الجنوبية زادت صناعة بناء السفن إلى حدٍّ كبير وتنتج الآن مايقارب إنتاج اليابان. ويتم بيع 75% تقريبًا من السفن المصنوعة باليابان لخطوط ملاحة أجنبية بينما تبيع كوريا الجنوبية 85% تقريبًا من السفن التي تنتجها لخطوط ملاحة أجنبية.


أسئلـة

  1. ماذا يقصد بعَلَم السّماح؟ ولماذا يسجل عدد كبير من بنائي السفن سفنهم تحت هذه الأعلام؟
  2. ما السفينة البخارية التجارية الأولى الناجحة ومن الذي بناها؟
  3. لماذا تدهورت خدمات سفن الركاب عابرة الأطلسي كثيرًا منذ أواخر الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي؟
  4. ماذا يعني رجوع سفينة من رحلات التجربة التي يقوم بها بانيها وقد علقت مكنسة في صاريها الرئيسي؟
  5. لماذا أدّى اختراع الآلة البخارية وتطويرها إلى ثورة في النقل المائي؟
  6. ما بعض مستويات السلامة التي يجب على السفن اتباعها؟
  7. ما النواحي التي تختلف فيها سفينة الحاويات عن غيرها من سفن الشحن؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية