→ الفصل الثاني عشر: لو لم يظهر محمد لبطلت نبوة سائر الأنبياء | هداية الحيارى المؤلف: ابن القيم |
اختلاف فرقهم المشهورة في شخصية المسيح ← |
النصارى أشد الأمم افتراقا في دينهم
وأما خبر ما عندكم أنتم فلا نعلم أمة أشد اختلافا في معبودها ونبيها ودينها منكم، فلو سألت الرجل وامرأته وابنته وأمه وأباه عن دينهم لأجابك كل منهم بغير جواب الآخر.
ولو اجتمع عشرة منهم يتذاكرون الدين لتفرقوا عن أحد عشر مذهبا مع اتفاق فرقهم المشهورة اليوم على القول بالتثليث وعبادة الصليب وأن المسيح ابن مريم ليس بعبد صالح ولا نبي ولا رسول، وأنه إله في الحقيقة وأنه هو خالق السموات والأرض والملائكة والنبيين، وأنه هو الذي أرسل الرسل وأظهر على أيديهم المعجزات والآيات، وأن للعالم إلها هو أب والد لم يزل، وأن ابنه نزل من السماء، وتجسم من روح القدس ومن مريم، وصار هو وابنها الناسوتي إلها واحدا ومسيحا واحدا وخالقا واحدا ورازقا واحدا، وحبلت به مريم وولدته وأخذ وصلب وألم ومات ودفن وقام بعد ثلاثة أيام، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه، قالوا: والذي ولدته مريم وعاينه الناس وكان بينهم هو الله وهو ابن الله وهو كلمة الله، فالقديم الأزلي خالق السموات والأرض هو الذي حبلت به مريم وأقام هناك تسعة أشهر وهو الذي ولد ورضع وفطم وأكل وشرب وتغوط وأخذ وصلب وشد بالحبال وسمرت يداه.