→ المجمع السادس | هداية الحيارى المؤلف: ابن القيم |
المجمع الثامن ← |
المجمع السابع
ثم كان لهم بعد هذا المجمع مجمع سابع في أيام أنسطاس الملك، وذلك أن سورس القسطنطيني كان على رأى أوطيسوس فجاء إلى الملك فقال إن المجمع الحلقدوني الستمائة وثلاثين قد أخطأوا في لعن أوطسيوس وبترك الإسكندرية، والدين الصحيح ما قالاه فلا يقبل دين من سواهما، ولكن اكتب إلى جميع عمالك أن يلعنوا الستمائة وثلاثين، ويأخذوا الناس بطبيعة واحدة وأقنوم واحد، فأجابه الملك إلى ذلك.
فلما بلغ ذلك إيليا بترك بيت المقدس جمع الرهبان ولعنوا أنسطاس الملك وسورس ومن يقول بمقالتهما، فبلغ ذلك أنسطاس ونفاه إلى أيلة، وبعث يوحنا بتركا على بيت المقدس لأن يوحنا كان قد ضمن له أن يلعن المجمع الخلقدوني الستمائة وثلاثين.
فلما قدم إلى بيت المقدس اجتمع بالرهبان وقالوا إياك أن تقبل من سورس، ولكن قاتل عن المجمع الخلقدوني ونحن معك، فضمن لهم ذلك وخالف أمر الملك، فبلغ ذلك الملك فأرسل قائدا وأمره أن يأخذ يوحنا بطرح المجمع الخلقدوني فإن لم يفعل ينفيه عن الكرسي.
فقدم القائد وطرح يوحنا في الحبس فصار إليه الرهبان في الحبس، وأشاروا عليه بأن يضمن للقائد أن يفعل ذلك، فإذا حضر فليقر بلعنة من لعنه الرهبان، ففعل ذلك واجتمع الرهبان وكانوا عشرة آلاف راهب ومعهم مدرس وسابا ورؤساء الديرات، فلعنوا أوطسيوس وسورس ومن لا يقبل المجمع الخلقدوني.
وفزع رسول الملك من الرهبان، وبلغ ذلك الملك فهم بنفي يوحنا، فاجتمع الرهبان والأساقفة فكتبوا إلى أنسطاس الملك أنهم لا يقبلون مقالة سورس ولا أحد من المخالفين ولو أهريقت دماؤهم، وسألوه أن يكف أذاه عنهم، وكتب بترك رومية إلى الملك يقبح فعله ويلعنه، فانفض هذا المجمع أيضا وقد تلاعنت فيه هذه الجموع على ما وصفنا.
وكان لسورس تلميذ يقال له يعقوب يقول بمقالة سورس، وكان يسمى البرادعي وإليه تنسب اليعاقبة، فأفسد أمانة النصارى. ثم مات أنسطاس وولي قسطنطين فرد كل من نفاه أنسطاس الملك إلى موضعه، واجتمع الرهبان وأظهروا كتاب الملك وعيدوا عيدا حسنا، بزعمهم، وأثبتوا المجمع الحلقدوني بالستمائة وثلاثين أسقفا. ثم ولي ملك آخر، وكانت اليعقوبية قد غلبوا على الإسكندرية وقتلوا بتركا لهم يقال له بولس كان ملكيا، فأرسل القائد ومعه عسكر عظيم إلى الإسكندرية، فدخل الكنيسة في ثياب البترك وتقدم وقدس، فرموه بالحجارة حتى كادوا يقتلونه، فانصرف.
ثم أظهر لهم من بعد ثلاثة أيام أنه قد أتاه كتاب الملك، وضرب الجرس ليجتمع الناس يوم الأحد في الكنيسة، فلم يبق أحد بالإسكندرية حتى حضر لسماع كتاب الملك، وقد جعل بينه وبين جنده علامة: إذا رجعتم إلى الحق وتركتم مقالة اليعاقبة وإلا لن تأمنوا أن يرسل إليكم الملك من يسفك دمائكم.
فرموه بالحجارة حتى خاف على نفسه أن يقتل، فأظهر العلامة فوضعوا السيف على كل من في الكنيسة فقتل داخلها وخارجها أمم لا تحصى كثرة حتى خاض الجند في الدماء، وهرب منهم خلق كثير وظهرت مقالة الملكية.