→ المجمع الثاني | هداية الحيارى المؤلف: ابن القيم |
المجمع الرابع ← |
المجمع الثالث
فكان لهم مجمع ثالث، بعد ثمان وخمسين سنة من المجمع الأول بنيقية، فاجتمع الوزراء والقواد إلى الملك، وقالوا: إن مقالة الناس قد فسدت وغلبت عليهم مقالة أريوس ومقدونيس، فاكتب إلى جميع الأساقفة والبتاركة أن يجتمعوا ويوضحوا دين النصرانية، فكتب الملك إلى سائر بلاده، فاجتمع في قسطنطينية مائة وخمسون أسقفا، فنظروا وبحثوا في مقالة أريوس، فوجدوها أن روح القدس مخلوق ومصنوع، ليس بإله. فقال بترك الإسكندرية: ليس روح القدس عندنا غير روح الله، وليس روح الله غير حياته. فإذا قلنا إن روح الله مخلوق فقد قلنا إن حياته مخلوقة، وإذا قلنا إن حياته مخلوقة فقد جعلناه غير حي، وذلك كفر به. فلعنوا جميعهم من يقول بهذه المقالة، ولعنوا جماعة من أساقفتهم وبتاركتهم كانوا يقولون بمقالات أخر لم يرتضوها، وبينوا أن روح القدس خالق غير مخلوق، إله حق من إله حق، من طبيعة الأب والابن. وزادوا في الأمانة التي وضعتها الثلاثمائة والثمانية عشر: «ونؤمن بروح القدس، الرب المحيي الذي من الأب منبثق، الذي مع الأب والابن، وهو مسجود له وممجد».
وكان في تلك الأمانة، «وبروح القدس» فقط، وبينوا أن الابن والأب وروح القدس ثلاثة أقانيم وثلاث وجوه وثلاث خواص، وأنها وحدة في تثليث، وتثليث في وحدة، وبينوا أن جسد المسيح بنفس ناطقة عقلية، فانفض هذا الجمع، وقد لعنوا فيه كثيرا من أساقفتهم وأشياعهم.