→ المجمع الثالث | هداية الحيارى المؤلف: ابن القيم |
المجمع الخامس ← |
المجمع الرابع
ثم بعد إحدى وخمسين سنة من هذا المجمع كان لهم مجمع رابع على نسطورس، وكان رأيه أن مريم ليست بوالدة الإله على الحقيقة، ولذلك كان اثنان: أحدهما الإله الذي هو موجود من الأب، والآخر إنسان وهو الموجود من مريم، وأن هذا الإنسان الذي نقول أنه المسيح متوحد مع الابن الإله، ويقال له إله وابن الإله ليس على الحقيقة، ولكن موهبة، واتفاق الاسمين على طريق الكرامة.
فبلغ ذلك بتاركة سائر البلاد فجرت بينهم مراسلات واتفقوا على تخطئته.
واجتمع منهم مائتا أسقف في مدينة أفسيس، وأرسلوا إليه للمناظرة فامتنع ثلاثا مرات، فأجمعوا على لعنه فلعنوه ونفوه وبينوا أن مريم ولدت إلها وأن المسيح إله حق من إله حق، وهو إنسان، وله طبيعتان، فلما لعنوا نسطورس تعصب له بترك أنطاكية فجمع الأساقفة فلم يزل الملك حتى الذين قدموا معه وناظرهم وقطعهم، فتقاتلوا وتلاعنوا، وجرى بينهم شر فتفاقم أمرهم. ثم أصلح بينهم، فكتب أولئك صحيفة أن مريم القديسة ولدت إلها، وهو ربنا يسوع المسيح الذي هو مع الله في الطبيعة، ومع الناس في الناسوت، وأقروا بطبيعتين وبوجه واحد وأقنوم واحد، وأنفذوا لعن نسطورس، فلما لعنوه ونفي سار إلى مصر، وأقام في أخميم سبع سنين ومات ودفن بها، وماتت مقالته إلى أن أحياها ابن صرما مطران نصيبين، وبثها في بلاد المشرق. فأكثر نصارى المشرق والعراق نسطورية. فانفض ذلك المجمع الرابع أيضا وقد أطبقوا على لعن نسطورس وأشياعه ومن قال بمقالته.