→ سرية خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفاة إبراهيم محمد رشيد رضا |
أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل بعثهما إلى اليمن ← |
توفي إبراهيم بن رسول الله من زوجته مارية في شهر ربيع الأول سنة عشر (يونيه 631 م) وكان عمره ستة عشر شهرا
دخل رسول الله ﷺ وهو معتمد على عبد الرحمن بن عوف وإبراهيم يجود بنفسه، فلما مات دمعت عينا رسول الله فقال له عبد الرحمن: أي رسول الله هذا الذي تنهى الناس عنه، متى يراك المسلمون تبكي يبكوا، فلما سريت عنه عبرته قال: «إنما هذا رحمة وإن من لا يرحم لا يُرحم إنما ننهى الناس عن النياحة وأن يندب الرجل بما ليس فيه»، ثمّ قال: «لولا أنه وعد جامع وسبيل مئتاء وأن آخرنا لاحق بأولنا لوجدنا عليه وجدا غير هذا، وإنا عليه لمحزونون تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وفضل رضاعه في الجنة»، وأمر النبي ﷺ بدفن إبراهيم في البقيع، وصلى عليه ﷺ وكبّر أربعا وقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا ولما دُفن أمر برش قربة ماء على قبره وهو أول قبر رُش عليه الماء، ولما سوى جدثه كان رسول الله ﷺ رأى كالحجر في جانب الجدث، فجعل رسول الله ﷺ يسوي بأصبعه ويقول: «إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه فإنه مما يسلي نفس المصاب».
وانكسفت الشمس يوم مات إبراهيم فأذاع الناس: إن الشمس كسفت حزنا على موت إبراهيم، فقال رسول الله ﷺ «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد»، ولو كان النبي مخادعا أو كاذبا لاستغل هذه الفرصة السانحة وأذاع في طول البلاد وعرضها أن الشمس إنما انكسفت لوفاة ابنه أو لوافق الناس على ما أذاعوا، وأن هذه إحدى معجزات النبوة، لكنه أبى إلا الصدق وأذاع الحقيقة.
قال مسيو در منجم في كتابه (حياة محمد) (فصل 21) بمناسبة هذا الحادث: «إن محمدا كان واسع العقل فرد على هذه الخرافة الجميلة بقوله: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد) وهذه كلمات لا يقولها مخادع».
وهذا ما قلناه لأن المخادع يتعلق بالأوهام ويسارع إلى انتهاز مثل هذه الفرص ولكن النبي كان صادقا في أقواله، صادقا في أفعاله، لا يستند إلى الأكاذيب في رفع شأنه وتعزيز مركزه.
قال النووي في «تهذيب الأسماء»: وأما ما رُوي عن بعض المتقدّمين: «لو عاش إبراهيم لكان نبيا» فباطل وجسارة على الكلام في المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم من الزلات.