→ بعث الرجيع صفر سنة 4 هـ | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سرية بئر معونة صفر سنة 4هـ محمد رشيد رضا |
غزوة بن النضير ربيع الأول سنة 4هـ ← |
مايو سنة 625م
وتسمى هذه السرية سرية المنذر بن عمرو الخزرجي، وتسمى أيضا بسرية القراء وكانت هذه السرية في شهر صفر في السنة الرابعة من الهجرة (مايو سنة 625 م) على رأس أربعة أشهر من أُحد، وكان من أمرها كما قاله ابن إسحاق عن شيوخه أنه قدم على رسول الله ﷺ أبو براء عامر بن مالك بن جعفر العامري، ويعرف بمُلاَعِب الأَسِنَّة، فعرض النبي ﷺ عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال له: يا محمد إني أرى أمرك هذا حسنا شريفا وقومي خلفي، فلو أنك بعثت معي نفرا من أصحابك لرجوت أن يتبعوا أمرك فإن هم اتبعوك فما أعز أمرك، فقال: إني أخشى أهل نجد عليهم، فقال: أنا لهم جار، فبعث ﷺ المنذر بن عمرو ومعه القراء وهم سبعون، فلما وصلوا إلى بئر معونة بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم خال أنس بن مالك رضي الله عنه بكتابه ﷺ إلى عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر الكلابي العامري وهو ابن أخي أبي براء فلم ينظر في الكتاب بل وثب على حرام فقتله واستصرخ بني عامر قومه فأبوا وقالوا: لا يخفر جوار أبي براء، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعلا وذكوان، فنفروا معه ورأسوه واستبطأ المسلمون حراما فأقبلوا في أثره فلقيهم القوم فأحاطوا بهم فكاثروهم فتقاتلوا فقتلوا أصحاب رسول الله ﷺ وجاء رسول الله ﷺ خبر أهل بئر معونة فقال: «هذا سببه عمل أبي براء حيث أخذهم في جواره، قد كنت لهذا كارها متخوفا»، فبلغ ذلك أبا براء فمات عقب ذلك أسفا على ما صنع ابن أخيه عامر بن الطفيل، ومات عامر بن الطفيل.
قال حسان بن ثابت يرثي قتلى معونة:
على قتلى معونة فاستهلي ** بدمع العين سحَّا غير نزر
على خيل الرسول غداة لاَقوْا ** ولاقتهم مناياهم بقدر
ولم يجد رسول الله ﷺ على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة لكونه لم يرسلهم لقتال إنما هم مبلغون رسالته وقد جرت عادة العرب قديما بأن الرسل لا تقتل لكنهم مع ذلك غدروا بهم.
قال العلامة الزرقاني: وإنما لم يخبره سبحانه وتعالى بما ترتب على ذهاب القراء وأهل الرجيع قبل خروجهم كما أخبره بنظير ذلك من الأشياء لأنه سبق في علمه تعالى إكرامهم بالشهادة وأراد حصول ذلك بمجيء أبي براء ومن جاء في طلب أصحاب الرجيع.
وكان مع هذه السرية عمرو بن أمية الضمري وقد قتلوا جميعا غيره وقد كان أسيرا في أيديهم فقال له عامر بن الطفيل: قد كان على أمي نسمةٌ فأنت حرٌّ عنها وجزّ ناصيته فأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه فلما قدم على رسول الله ﷺ قال: أبت من بينهم؟ وكان عمرو لما خرج إلى المدينة صادف بمحل يسمى القرقرة رجلين من بني عامر ثم من بني كلاب فنزلا معه في ظل كان هو فيه وكان معهما عقد وعهد من رسول الله ﷺ لم يشعر به عمرو، فقال لهما عمرو: ومن أنتما فذكرا له أنهما من بني عامر فتركهما حتى ناما فقتلهما وظن أنه ظفر بثأر بعض أصحابه الذين قتلوا ببئر معونة، وجاء وأخبر رسول الله ﷺ بذلك فقال: بئس ما صنعت قد كان لهما مني أمان وجوار، لأدِينّهما فبعث بديتهما إلى قومهما.
ومن جملة القراء الذين قتلوا ببئر معونة عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه وهو الذي عُذِّبَ في الله فاشتراه أبو بكر فأعتقه، واستشهد في هذه الموقعة وهو ابن أربعين سنة.