→ غزوة أحد يوم السبت 15 شوال سنة 3 هـ | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم غزوة حمراء الأسد محمد رشيد رضا |
بعث الرجيع صفر سنة 4 هـ ← |
حمراء الأسد موضع على ثمانية أميال من المدينة، وكانت الغزوة صبيحة أحد، إذ وقعت أُحد يوم السبت والغزوة المذكورة يوم الأحد لستّ عشرة مضت من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة، وكانت لطلب العدو الذين كانوا بالأمس.
قال الواقدي: باتت وجوه الأنصار على بابه ﷺ فلما طلع الفجر وأذن بلال بالصلاة جاء عبد الله بن عمرو المزني فأخبر النبي ﷺ أنه أقبل من عند أهله بملل - اسم موضع قرب المدينة - إذا قريش قد نزلوا فسمعهم يقولون ما صنعتم شيئا، أصبتم شوكة القوم وحدهم ثم تركتموهم ولم تبيدوهم، قد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم فارجعوا نستأصل من بقي، وصفوان بن أمية يأبى ذلك عليهم ويقول: لا تفعلوا فإن القوم قد غضبوا وأخاف أن يجتمع عليكم من تخلف من الخزرج، فارجعوا والدولة لكم فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم، فقال ﷺ «أرشدهم صفوان وما كان برشيد، والذي نفسي بيده لقد سوّمت لهم الحجارة ولو رجعوا لكانوا كالأمس الذاهب».
ولما صلى رسول الله ﷺ الصبح ندب الناس وأذن مؤذن رسول الله ﷺ بالخروج، أي أمر بلالا أن ينادي أن رسول الله ﷺ يأمركم بطلب العدو وألا يخرج معنا أحد إلا من خرج معنا أمس، يعني من شهد أُحدا، وأراد بذلك إظهار الشدة بالعدو والزيادة في تعظيم من شهد أُحدا ومنع بذلك اختلاط المنافقين ولم يشهد هذه الغزوة إلا من شهد أُحدا عدا جابر بن عبدالله فإنه قال لرسول الله ﷺ إن أبي خلفني يوم أُحد على أخوات لي سبع فلم أشهد الحرب فأذن لي أن أسير معك، فأذن له رسول الله ﷺ فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال غيره.
وبعث رسول الله ﷺ ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الأسد فبصروا بالرجلين فقتلوهما: ومضى رسول الله ﷺ ودليله ثابت بن الضحاك بن ثعلبة بن الخزرج حتى عسكر بحمراء الأسد فوجد الرجلين فدفنهما، وكان رسول الله ﷺ مجروحا وفي وجهه الحلقتين فقال رسول الله ﷺ لطلحة: «يا طلحة لن ينالوا منا مثلها حتى يفتح الله علينا مكة»، وقال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «يا ابن الخطاب إن قريشا لن ينالوا منا مثل هذا حتى نستلم الركن».
أقام رسول الله ﷺ بحمراء الأسد الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وكان المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار حتى تُرى من المكان البعيد وذهب صوت معسكرهم ونيراهم في كل وجه فكبت الله بذلك عدوهم.
وكان اللواء بيد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، واستعمل ﷺ على المدينة ابن أم مكتوم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب بعد الذي كان منه يوم أُحد، فرجع إلى مكة.
وظفر ﷺ في حمراء الأسد بأبي عزة الشاعر الذي منّ عليه وقد أسر ببدر من غير فداء لأجل بناته وأخذ عليه عهدا ألا يقاتله ولا يكثر عليه جمعا ولا يظاهر عليه أحدا فنقض العهد وخرج مع قريش لأُحد وصار يستنفر الناس ويحرّضهم على قتاله ﷺ بأشعاره، فدعا رسول الله ألا يفلت فأسر فقال: يا محمد أقلني وامنن عليّ ودعني لبناتي وأعطيك عهدا ألا أعود لمثل ما فعلت، فقال رسول الله: «لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تجلس بالحجر تقول خدعت محمدا، اضرب يا زيد عنقه لا يلدغ المؤمن جحر مرتين». فضرب عنقه وحمل رأسه إلى المدينة وهذا المثل الذي ضربه رسول الله لم يسمع من غيره.
ثم رجع رسول الله ﷺ بأصحابه ووصلوا المدينة يوم الجمعة وقد غاب خمسا وظفر ﷺ عند رجوعه إلى المدينة بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وهو جد عبد الملك بن مروان فأمر بقتله.
قال الطبري: «وفيها - أي في السنة الثالثة من الهجرة - علقت فاطمة بالحسين صلوات الله عليهما وقيل: لم يكن بين ولادتها الحسن وحملها بالحسين إلا خمسون ليلة - وفيها - حملت - فيما قيل - جميلة بنت عبد الله بن أُبيّ بعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر في شوال».