→ قتله رضي الله عنه | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وإسلامه محمد رشيد رضا |
الدعوة إلى الإسلام خفية ← |
زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى، ويقع في نسبه خلاف وتغيير وزيادة ونقص وهو أشهر موالي رسول الله، ويقال له حِب رسول الله وهبته خديجة رضي الله عنها للنبي ﷺ قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين وأعتقه رسول الله ﷺ وتبنَّاه وذلك أن أباه قد وَجَدَ (حَزِنَ) لفقده وجدا شديدا وكان قد أخذ في السبي، فلما علم أبوه أنه بمكة قدمها ليفديه فدخل حارثة وأخوه كعب على النبي ﷺ فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه، فقال: «من هو»؟ قالا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله ﷺ «فهلا غير ذلك؟» قالا: ما هو؟ قال: «ادعوه وخيروه فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا»، قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه رسول الله ﷺ فقال: «هل تعرف هؤلاء؟» قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي، قال: «فأنا من قد عرفت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما»، قال: ما أريدهما وما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني فكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك؟ قال: نعم، ورأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا، فلما رأى رسول الله ﷺ ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: «يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه»، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا.
وهاجر زيد مع رسول الله ﷺ إلى المدينة وشهد بدرا وأُحدا والخندق والحديبية وخيبر، وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المؤمنين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين وزوَّجه رسول الله ﷺ مولاته أم أيمن فولدت له أسامة، وتزوج زينب بنت جحش أم المؤمنين، ثم طلقها، ثم تزوجها رسول الله ﷺ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «لو كان رسول الله ﷺ كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَهُ} (الأحزاب: 37)، إلى قوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا} (الأحزاب: 37)، فإن رسول الله ﷺ لما تزوجها - يعني زينب - قالوا: إنه تزوج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ} (الأحزاب: 40)، وكان زيد يقال له زيد بن محمد فأنزل الله تعالى: {ادْعُوهُمْ لاِبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} (الأحزاب: 5) الآية.
قال العلماء: ولم يذكر الله عز وجل في القرآن باسمه العلم من أصحاب نبينا وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم إلا زيدا في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَرا زَوَّجْنَكَهَا} (الأحزاب: 37).
وآخى رسول الله ﷺ بينه وبين حمزة، وأرسله رسول الله أخيرا أميرا على الجيش في غزوة مؤتة فقاتل فيها حتى قتل وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان زيد أبيض أحمر وكان ابنه أسامة آدم شديد الأدمة (أي أسمر).