→ فريضة الزكاة | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار محمد رشيد رضا |
إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ← |
كان رسول الله ﷺ أمر أصحابه قبل هجرته بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أرسالا فكان أولهم قدوما إليها أبو سلمة بن عبد الأسد وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وبعد قدومه ﷺ إلى المدينة بخمسة أشهر آخى بين المهاجرين والأنصار لتذهب عنهم وحشة الغربة وليؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، وقد آخى بينهم على الحق والمواساة ويتوارثون بعد الممات دون ذوي الأرحام وكانوا تسعين رجلا خمسة وأربعين من المهاجرين وخمسة وأربعين من الأنصار، ويقال: كانوا مائة وخمسين من المهاجرين وخمسين من الأنصار وكان ذلك قبل بدر فلما كانت وقعة بدر وأنزل الله تعالى: {وَأُوْلُواْ الارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَبِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ} (الأنفال: 74)، نسخت هذه الآية ما كان قبلها وانقطعت المؤاخاة في الميراث ورجع كل إنسان إلى نسبه وورثه ذوو رحمه، وإنا لنذكر هنا بعض من آخى بينهم:
أخذ رسول الله بيد عليّ بن أبي طالب فقال: هذا أخي.
أبو بكر الصديق وخارجة بن زيد بن أبي زهير الأنصاري، عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك الأنصاري، جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل الأنصاري، حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة، أبو عبيدة الجراح وسعد بن معاذ الأنصاري، عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع الأنصاري، الزبير بن العوام وسلمة بن سلامة الأنصاري، طلحة بن عبيد الله و كعب بن مالك الأنصاري، عثمان بن عفان وأوس بن ثابت الأنصاري، سعيد بن زيد وأُبيّ بن كعب الأنصاري، مصعب بن عمير وأبو أيوب الأنصاري، أبو حذيفة بن عتبة وعباد بن بشر الأنصاري، عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان العنسي الأنصاري، حاطب بن أبي بلتعة وعويم بن ساعدة الأنصاري، سلمان الفارسي وأبو الدرداء الأنصاري، أبو ذر الغفاري والمنذر بن عمرو الأنصاري، أبو سبرة بن أبي رهم وسلامة بن وقش الأنصاري، خباب بن الأرت وتميم مولى خراش بن الصمَّة، صفوان بن وهب ورابع بن العجلان، صهيب بن سنان والحارث بن الصمة، عبد الله بن مخرمة وفروة بن عمرو بن ورقة، مسعود بن ربيعة وعبيد بن التَّيْهَان، معمر بن الحارث بن معمر ومعاذ بن عفراء، واقد بن عبد الله بن عبد مناف وبشر بن البراء، زيد بن الخطاب معن بن عدي، الأرقم بن أبي الأرقم وطلحة بن زيد.
قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا في كثير، كفونا المؤونة وأشركونا في المهنة حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال: «لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتهم لهم»، أي فإن ثنائكم عليهم ودعاءكم لهم حصل منكم به نوع مكافأة، قال تعالى يثني على الأنصار في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9).
المراد من الدار في هذه الآية، المدينة وهي دار الهجرة تبوأها الأنصار قبل المهاجرين.
ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا أي حسدا وحزازة وغيظا مما أوتي المهاجرون من دونهم.
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، يقال: آثره بكذا إذا خصه به، ومفعول الإيثار محذوف والتقدير، ويؤثرون بأموالهم ومنازلهم على أنفسهم.
عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال للأنصار: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من دوركم وأموالكم وقسمت لكم من الغنيمة كما قسمت لهم، وإن شئتم كان لهم الغنيمة ولكم دياركم وأموالكم، فقالوا: لا، بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في الغنيمة، فأنزل الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (الحشر: 9).
فالأنصار أكرموا المهاجرين إكراما عظيما ليدفعوا عنهم غوائل الحاجة فكانوا يحرمون أنفسهم لمساعدة إخوانهم في الإسلام على حداثة عهدهم به حتى صاروا مثلا يُضرب للتعاون وحسن الخلق.