→ أهل الصفة | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الإذن بالقتال محمد رشيد رضا |
بعث حمزة ← |
أذن لرسول الله ﷺ في القتال لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر صفر في السنة الثانية من الهجرة، وقد مكث النبي ﷺ يدعو كفار قريش ثلاث عشرة سنة إلى نبذ الأصنام وعبادة الله الواحد بغير قتال صابرا على شدة أذى العرب فلم يزدادوا إلا تعنتا وتعسفا واضطهدوا النبي وأصحابه اضطهادا شديدا وألجأوهم إلى هجر بلادهم وترك أموالهم، وكان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إليه ما بين مضروب ومشجوج فيقول لهم: «اصبروا فإني لم أومر بقتالهم»، وقال جماعة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف والمقداد بن الأسود وقدامة بن مظعون - وهو أخو عثمان بن مظعون - وسعد بن أبي وقاص: يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة فائذن لنا في قتال هؤلاء، فقال: «كفوا أيديكم عنهم فإني لم أومر بقتالهم».
لم يبق بعد ذلك غير استعمال السلاح للدفاع عن كيانهم والتغلب على عبدة الأصنام، فالمسألة صارت مسألة حياة أو موت، فإما انتصار يحقق نشر الدين أو انكسار لا تقوم للمسلمين بعده قائمة، ولو تمكنت قريش من مهاجمة المدينة والانتصار على المسلمين لكان في ذلك القضاء على الإسلام، وكان المسيحيون في الامبراطورية الرومانية في ذلك الوقت يقاتلون الفرس وينتصرون عليهم.
لما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة وكثر أتباعه وقام الأنصار بنصره ﷺ وأصر المشركون على الكفر والتكذيب أذن لهم بالقتال فبعث عليه السلام البعوث وغزا بنفسه.
وأول ما أنزل في أمر القتال قوله تعالى في سورة الحج: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيرا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصَّلَوةَ وَآتَوُاْ الزَّكَوةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَقِبَةُ الاْمُورِ} (الحج: 39 - 41).
هذا أول ما أنزل في الإذن بالقتال بعدما نهى عنه في نيف وسبعين آية.