→ غزوة العشيرة | سيدنا محمد ﷺ سرية عبد الله بن جحش الأسدي محمد رشيد رضا |
غزوة بدر الثانية أو غزوة بدر الكبرى17 رمضان في السنة الثانية من الهجرة ← |
أمر رسول الله أبا عبيدة بن الجراح أن يتجهز للغزو فتجهز فلما أراد المسير بكى صبابة إلى رسول الله فبعث مكانه عبد الله بن جحش الأسدي في اثني عشر رجلا من المهاجرين كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى نخلة وهو بستان ابن عامر الذي كان قرب مكة، وذلك في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة (نوفمبر سنة 623 م) وكتب له كتابا وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يكره أحدا من أصحابه ففعل ذلك، ثم قرأ الكتاب وفيه يأمره بنزول نخلة بين مكة والطائف فيرصد قريشا ويعلم أخبارهم، فأعلم أصحابه فساروا معه حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع أضل بعيرا، وكان زميله عتبة بن غزوان فأقام يومين يبغيانه ومضى عمرو بن الحضرمي وعثمان بن المغيرة وأخوه نوفل والحكم بن كيسان فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم وأشرف لهم عكاشة بن محصن الأسدي وقد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا وقالوا: عُمار لا بأس عليكم، وذلك آخر يوم من رجب، ثم إنهم تشاوروا فأجمعوا على القتال، فرمى واقد بن عبد الله التيمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وهو أول قتيل قتله المسلمون وشد المسلمون عليهم فاستأسر عثمان بن عبد الله بن المغيرة والحكم بن كيسان وهرب نوفل وغنم المسلمون ما معهم، ويقال: إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم وقسم بين أصحابه سائر الغنائم فكان أول خمس في الإسلام وذلك قبل أن يفرض وكانت أول غنيمة غنمها المسلمون، وعمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون، وعثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان أول من أسر المسلمون، وكان الذي أسر الحكم المقداد بن عمرو، فدعاه رسول الله إلى الإسلام فأسلم وقُتل ببئر معونة شهيدا.
أما سعد بن أبي وقاص وزميله عتبة بن غزوان، فلم يشهدا هذه الغزوة وقدما المدينة بعد عودته السرية بأيام.
أقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسرى إلى المدينة فلما قدموا قال لهم رسول الله: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقّف العير والأسرين فسقط في أيديهم وعنفهم المسلمون وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه به الشهر الحرام فأنزل الله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: 217).
فلما نزل القرآن وفرج الله عن المسلمين قبض رسول الله العير وفدى الأسيرين.
وفي هذه السرية سُمِّيَ عبد الله بن جحش: «أمير المؤمنين».