→ قتل كعب بن الأشرف | سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قتل ابن سنينة محمد رشيد رضا |
غزوة أحد يوم السبت 15 شوال سنة 3 هـ ← |
ولما سمع مُحيّصة بن مسعود ذلك من رسول الله وثب على ابن سُنَينَة اليهودي وهو من تجار يهود فقتله، فقال له أخوه حُوَيّصة وهو مشرك: يا عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله وضربه، فقال محيّصة: لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، قال: فوالله لئن كان لأول إسلام حويصة فقال: إن دينا قد بلغ بك ما أرى لعجب، ثم أسلم.
هذه قصة مقتل كعب بن الأشرف ذكرنا ملخصها من أوثق المصادر التاريخية، وقد استنكر بعض الإفرنج الذين كتبوا سيرة الرسول ﷺ اغتيال كعب بأمر رسول الله لكن كعبا هو الذي أساء إلى نفسه إذ قد ساقه الغرور إلى ارتكاب متن الشطط بعداء النبي معتمدا على ثروته وجاهه وشعره، فإنه بعد أن عاهد النبيَّ مع من معاهده من اليهود نقض العهد ونشط يهجو رسول الله والمسلمين بأشعاره، ورحل إلى مكة يبث الدعوة للقتال فإذا ما عاد إلى المدينة تغزل بنساء المسلمين ولا ريب أن ذلك كله يوغر الصدور والعرب لا يغفرون لمن يرمي نساءهم بسوء، ومن هذا نرى أنه كان عرضة للقتل بيد كل من يغار على حريمه ودينه من المسلمين.
ذكرنا مقتل كعب بن الأشرف قبل موقعه أُحُد لأن سرية محمد بن مسلمة كانت في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة، وغزوة أُحُد في شوال من هذه السنة، ذلك أن كعبا لما جاء البشيران اللذان أرسلهما رسول الله ليزفا إلى المسلمين خبر انتصارهم في بدر وقتل من قُتل وأسر من أُسر من أشراف قريش لم يصدقهما، فلما سأَل الناس وتثبت من صحة الخبر رحل إلى مكة وأخذ يحرض قريشا على قتال المسلمين بأَشعاره طارقا أبوابهم ثم رجع إلى المدينة يشبب بنساء المسلمين فأَمر رسول الله بقتله فقُتل وقد حدث ذلك بعد وقعة بدر وقبل أُحُد إذ الذي دفعه إلى الرحيل إلى مكة وإظهار عدائه شدة تغيّظه من انهزام المشركين وانتصار المسلمين ذلك الانتصار المبين، وقد ذكر ابن هشام وابن الأثير وابن سعد في «طبقاته» وفي كتاب «السير» للإمام أبي العباس مقتل كعب قبل أُحُد وكذلك أورده الطبري قبل أُحُد مع حوادث السنة الثالثة للهجرة وقد نقل عن الواقدي أن النبي وجّه من وجه إليه - أي كعب - في شهر ربيع الأول من هذه السنة - الثالثة - وأرخ مستر موير هذه الحادثة يوليه سنة 624 - السنة الثالثة من الهجرة -.
ومن الغريب أن الأستاذ ولفنسون يغمض عينيه عن هذه المراجع المهمة في رسالته (تاريخ اليهود) ويتشبث برأي اليعقوبي ويعتبره صحيحا لأن اليعقوبي يقول إن النبي أمر بقتل كعب بن الأشرف بعد يوم أُحُد أي في ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، لكن ما الذي ألجأ الأستاذ إلى ذلك؟ إن الذي ألجأه إلى ذلك نفي التهمة عن كعب بن الأشرف وهي تحريضه قريشا على قتال المسلمين وتشبيه بنسائهم فاضطر إلى تكذيب رواية ابن هشام وغيره من كبار المؤرخين.
فلماذا قُتل كعب إذن؟.
قال الأستاذ: إنه قتل في السنة الرابعة قبيل محاصرة النبي لبني النضير وكان قتله بمثابة إعلان حرب عليهم فإنه كان زعيما من زعمائهم.
وبذلك نفى الأستاذ ولفنسون التهمة عن كعب وجوز على النبي قتل زعيم من زعماء بني النضير لا لشيء غير إعلان الحرب عليهم.