الرئيسيةبحث

العمارة ( Architecture )


☰ جدول المحتويات


مدينة جامعية في كندا حيث الممرات المغطاة والأفنية المنسقة بطريقة جذابة بين المباني المختلفة.
كاتدرائية طوكيو في طوكيو باليابان تُظهِر تأثير العمارة الغربية الحديثة بتصميمها الإنشائي الانسيابي وجدرانها الخرسانية البيضاء.
منزل ريفي في فنلندا بسقوفه وجدرانه الخشبية والأثاث المصنَّع ليتوافق مع عمارته الداخلية.
محطة للخطوط الجوية في مطار كنيدي الدولي في مدينة نيويورك تحتوي على سلسلة من المنحنيات المُشَكَّلة فنيًا لتعكس الإحساس بالطيران.
حلبة للرياضة في رومانيا تشبه القلادة بسقوفها الخرسانية المقوسة والمحمولة بصف من الأعمدة الخرسانية الجميلة.
العِمَارة فن ومهنة تصميم المباني. وكلمة عمارة لها مدلول تاريخي. وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى طراز البناء لدى قوم لهم ثقافة معينة أو إلى حركة فنية معينة. وكمثال على ذلك فإننا نقول: العمارة الإغريقية أو العمارة القوطية.

يصمِّمُ المعماريون أنواعًا كثيرة من المنشآت ؛ فهم يصممون مثلاً المساكن والمدارس والفنادق والمستشفيات والملاعب الرياضية والمصانع ومباني المكاتب والمسارح ودور العبادة. ويصمم المعماريون كذلك النُصُب التذكارية التي تخلِّد ذكرى المناسبات والشخصيات المهمة. كما أن جمال المدينة أو البلد يعتمد بصفة كبيرة على نوعية عمارتها.

ورغم أن العمارة تمتلك مقومات فنية، فإنها يجب أن تفي بجوانب عملية أخرى مهمة. فعلى سبيل المثال يصمم المعماري مبنى مكاتب يبدو جميلاً، ولكن إذا لم يتمكن مستخدمو المبنى العمل براحة وكفاءة فإن المبنى يعد فاشلاً من الناحية المعمارية.

والعمارة تعتمد أيضًا على التقْنية وعلم المواد. فالمبنى يجب أن يُشيَّد قوياً حتى لاينهار، خاصة المباني العالية وناطحات السحاب التي يجب أن يستخدم فيها المعماري المواد التي تتحمل الأحمال الثقيلة والجهد العالي. وبالإضافة إلى ذلك، فالمباني الكبيرة يجب أن تتحمل الرياح القوية، وأن تقاوم الزلازل في بعض المناطق.

وهناك صفات خاصة بالعمارة تُبعدها عن الفنون الأخرى. ففي معظم الأحيان يبتكر الرسامون والكتاب والمؤلفون الموسيقيون أعمالهم ثم يحاولون بعد ذلك بيعها. أما المبنى، فقد يكلف آلاف أو ملايين الدولارات. وفي معظم الأحيان، فإن للمعماريين مشترين جاهزين لأعمالهم، حتى قبل أن يقوموا بتصميمها. فعلى سبيل المثال، يندر أن يقوم المعماري بتصميم مبنى مكاتب، ويتحمل تكاليف تشييده، ثم يحاول بعد ذلك أن يجد من يشتريه منه. وبعكس الفنانين الآخرين، يجب أن يعمل المعماريون مع آخرين لإنتاج تصميماتهم. فالروائيون مثلاً، يؤلفون رواياتهم من إلهامهم وخيالهم الخاص. ولكن معظم المعماريين يصممون البناء وفق رغبات الزبون واحتياجاته. وضمن حدود هذه الرغبات والاحتياجات، يقومون بإسهاماتهم الفنية.

ويعمل المعماريون مع الزبون بتفاهم تام خلال مرحلة تطوير تصميم المبنى. فهم يقررون أحسن السبل للوفاء بمتطلبات الزبون، ويقدمون النصيحة حيال التكلفة المتوقعة، ويقومون بإعداد الرسومات والمجسَّمات التي تُظهر المبنى عند إتمامه، و يتعاملون مع المقاولين المختلفين الذين يقومون بتشيد المبنى. ويشرف المعماريون كذلك على تنفيذ المبنى، ويتقاضون نسبة مئوية من قيمة التشييد مقابل أتعابهم.

والعمارة من أقدم أشكال الفنون، ويحفظ التاريخ أشكالها، وقد وُجدت في معظم المجتمعات. فعمارة مجتمع ما تعكس مُثل وقيم الناس في ذلك المجتمع ؛ فمثلاً اهتم الإغريق بالانضباط والوئام في حياتهم، ولذلك ابتكروا طرازًا معماريًا متوازنًا ومنظمًا. فالمعبد اليوناني بنسبه يعكس ويؤكد ذلك في تصميمهم المتناسق. وكانت القرون الوسطى فترة التعمق في الإيمان بالدين في أوروبا ؛ ولذلك صمَّم المعماريون الكنائس والكاتدرائيات التي كانت تبدو وكأنها تحلق في السماء. وكان القصد من بناء هذه الكنائس بهذا الشكل الإيحاء بالوقار والخشوع بين المصلِّين.

ويُعدُّ المعماريون ضمن أبرز الشخصيات في تاريخ الفن، غير أن هناك عددًا من الأعمال المعمارية الجميلة قام بتصميمها حرفيُّون مهرة وليسوا معماريين محترفين، وهؤلاء لم يعتبروا أنفسهم فنانين، ولم يدروا أنهم قاموا بتصميم مبان سيصنفها النقاد فيما بعد أعمالاً معمارية بارزة. وتصف هذه المقالة العناصر الأساسية للعمارة، وتناقش تاريخ العمارة من بدايته في أنحاء العالم إلى الوقت الحاضر.


عناصر العِـمَارة

أيقونة تكبير مصطلحات معمارية
يفكر المعماريون في تصميمهم المبنى بلغة الفراغ والسطوح والفتحات. فهم يعتبرون المبنى فراغًا محاطا بالسطوح، كالجدران والأرضيات والسقوف الداخلية. وتضم الفتحات الأبواب والنوافذ والممرات المعقودة. وتكون مهمة المعماري الأساسية تشكيل الفراغ بطريقة مناسبة وعملية من خلال ترتيب الفتحات والسطوح. وفي فترات تاريخية مختلفة، اعتبر المعماريون أن بعض الأشكال أجمل من غيرها، فركَّزوا عليها في تصاميمهم. وقد شملت الأشكال الأكثر شيوعًا المربع والمستطيل والدائرة. ويجمع المعماريون غالبًا بين شكلين أو أكثر في تصميم واحد.

ويجب أن يكون المبنى سارًّا للناظرين، كما يجب أن يوفر للناس الراحة والفاعلية في العمل. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون المنشأة مبنيةجيدًا بحيث تستطيع المقاومة لزمن طويل دون صيانة مكلفة. ولتصميم مبنى جذاب ذي فاعلية عالية، يجب أن يوازن المعماري بين ثلاثة عناصر رئيسية هي: 1- الوظيفة 2- الهيئة 3- المتانة.

حصن الملك سرجون الثاني الذي بني في العاصمة الآشورية خورساباد في أواخر القرن الثامن ق.م. ويشتمل الحصن على قصور ومعابد ومبان عامة، ومعبد مدرج يطلق عليه «زكورات»، حيث يرتفع عن الإنشاءات الأخرى.

الوظيفة:

يُصمَّم كل مبنى لغرض معين. فالمبنى المصمَّم وظيفيًا سواء أكان منزلاً صغيرًا أم مبنى عملاقًا، يجب أن يلبي تلك الأغراض التي تخدم حاجة مستخدميه بطريقة مُرْضية ومريحة. ويُراعى في تصميم المباني توفير التدفئة الكافية والإضاءة ومصادر الطاقة والتهوية المناسبة.

ونجد اليوم أن ترشيد الطاقة والحفاظ عليها له أهمية كبرى في التخطيط العمراني. فمثلاً قد يستخدم المعماري نوافذ كبيرة من الزجاج للمساعدة في تدفئة المبنى بالطاقة الشمسية. ومن الممكن أن تتم داخل المبنى عدة أنشطة تشمل الأكل والنوم والاستحمام والترفيه. وكل نشاط يحتاج إلى متطلبات مختلفة من حيث الموضع والسعة والإضاءة والوصول إلى الغرف التي يتم فيها النشاط. فمثلاً غرفة النوم غرفة خاصة يجب عزلها عن بقية الفراغات والغرف الأخرى. وبما أن كل فرد في المسكن يستخدم غرفة الطعام لذلك يجب أن يكون موقعها أكثر توسطًا.

ويحتاج مبنى المكاتب إلى ترتيب الفراغات بشكلٍ أكثر تعقيدًا من المسكن. ولذا يجب أن يتأكد المعماري من أن مئات أو ربما آلاف العاملين يستطيعون الحركة بسرعة بين مختلف أجزاء المبنى. وبالإضافة إلى سهولة دخول وخروج الزائرين، يمكن لأجزاء من المنشأة احتواء بعض الأجهزة الخاصة، ويكون مطلوبًا توفير قدر كبير من الفراغ كمستودعات. ويجب على المعماري أيضًا أن يأخذ في الحسبان النشاطات التي تُمارَس خارج المبنى. فمثلاً قد يتطلب المبنى مرافق كمواقف السيارات. وبالإضافة إلى ذلك، على المعماري التخطيط لأنماط الحركة حتى تتمكن السيارات من الوصول إلى المبنى والخروج منه دون تعارض لمسارات المرور، وأن تكون الطرق فسيحة حتى تتمكن سيارات الإطفاء من الدخول إلى المبنى، وأن تكون أرصفة التحميل بارتفاع مناسب لسيارات الخدمة.

الهيئة:

يحدد المعماري الهيئة الخارجية للمبنى، ليس من خلال شكله فقط، وإنما أيضًا باختيار المواد. فالألوان الطبيعية للحجر والطوب والخشب كانت دائمًا هي الشائعة مفردة أو مجتمعة. ومنذ بداية القرن العشرين الميلادي، أدى الزجاج المظلَّل دورًا مهمًا في التصميم الخارجي للمبنى. وأعطى كثير من المعماريين اهتمامًا خاصًا للملمس في تصميماتهم. فاختار بعضهم الخشب أو الحجر الخشن الملمس، وفضل آخرون الزجاج والمعدن المصقول شديد اللمعان.

وابتكر عدد من المعماريين أنساقاً وطرزًا جميلة من خلال الترتيب الحاذق والماهر للمواد. فمثلاً استخدم المعماريون الزجاج والخرسانة ومكوّنات مختلفة من أعمال الطوب أو الأحجار متباينة الأنواع.

ويعد التناسب شيئاً حيويًا لهيئة المبنى ؛ فيجب أن تكون كل أجزاء المبنى ذات علاقة متناسقة، بعضها مع بعض ؛ لا هي كبيرة جدًا ولا هي صغيرة جدًا، بالإضافة إلى أن حجم المبنى وشكله يجب أن يتكاملا مع الموقع ومحيطه. فمبنى عال من الزجاج والمعدن يكون مناسبًا لمنطقة وسط مدينة كبرى ولكنه يكون شاذًا بالقرب من مساكن لعائلات مستقلة بالسكن.

المتانة:

تُقام المباني عادة لتبقى مدة طويلة دون صيانة مكلفة. ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن يكون المبنى ذا أساس متين، بالإضافة إلى قدرة واجهاته على مقاومة التلف وتسرب الرطوبة الناتجة عن الطقس في الخارج، ويجب استخدام مواد عالية الجودة في الداخل.

العمارة المبكِّرة

ظهرت أول عمارة ذات أهمية في منطقتين في الشرق الأوسط، قبل أكثر من 5000 سنة مضت. وإحدى هاتين المنطقتين هي بلاد ما بين النهرين، التي تقع بين نهري دجلة والفرات شرقي العراق حاليًا وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا، والمنطقة الأخرى هي مصر.

عمارة بلاد ما بين النهرين:

سيطرت أربع مجموعات ثقافية على تاريخ بلاد ما بين النهرين. وهذه المجموعات هي السومريون والأشوريون والبابليون والفرس. فقد اشتهر تاريخ المنطقة بحروب وغزوات كثيرة، لذلك شيدت الحضارات المتنوعة كثيرًا من المباني المحصَّنة.

كانت معظم المباني في بلاد ما بين النهرين مصنوعة من الطوب الطيني، وهي مواد أقل ديمومة من الحجر والخرسانة. ونتيجة لذلك لم يبق أي مثال كامل لعمارة بلاد ما بين النهرين. وبالرغم من ذلك فقد أعاد علماء الآثار إنشاء المساقط الأفقية لبعض المباني.

ازدهرت الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين في القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد، وكانت المعابد أول المنشآت السومرية المهمة. وأقدم مثال هو المعبد الأبيض الذي بني في أواخر القرن الحادي والثلاثين قبل الميلاد في مدينة أورك. والمعبد مبني من الطوب المطلي باللون الأبيض. فقد بنى المعماريون المعبد على مصطبة عند قمة برج يشبه الهرم. وتسمى مثل هذه الأبراج الزكورات.

وخلال منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، استعمر الأشوريون المنطقة، وبنوا قصورًا ومعابد، متأثرين بفن العمارة السومرية، ولكن بعمارة ذات تصميمات فخمة وجميلة. فقد كان حصن الملك سَرْجون الثاني الذي بُني في مدينة خورساباد في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد واحدًا من أهم إنجازات العمارة الأشورية. ويقع الحصن في الركن الشمالي الغربي للمدينة، ويشمل قصورًا ومعابد ومباني عامة وزكورات. وقد أحاط بالمدينة جدار دفاعي.

وبعد سقوط الأشوريين في القرن السابع قبل الميلاد، جاء البابليون إلى السلطة، وبنوا زكورة مشهورة أشير إليها في التوراة ببرج بابل (أوائل القرن السادس قبل الميلاد). وضمت عاصمتهم بابل الحدائق المعلَّقة المشهورة، وبوابة عِشْتار التي كانت مزينة بالطوب الملون والمزخرف بالخزف.

وفي عام 539 ق.م، غزا الفرس بلاد ما بين النهرين. وقد كان دين الفرس، أي الزرادشتية، لا يحتاج إلى معابد. ولكنهم بنوا قصورًا كثيرة أشهرها مُجمع القصر في العاصمة الدينية برسيبوليس. ويضم هذا المُجمَّع عددًا من المباني المتصلة التي اكتملت في منتصف القرن الخامس ق.م، وتشتمل على عدة قصور بها قاعات وغرف وأفنية. وكان ملك الفُرس يستقبل زواره في حجرة ضخمة تعرف بقاعة المائة عمود. ومساحة هذه الصالة حوالي 76م²، ولها سقف ضخم محمول بجسور على أعمدة ارتفاعها قد يصل إلى 18م. ولمزيد من الإيضاح لعمارة بلاد ما بين النهرين. ★ تَصَفح: بابل، بلاد ؛ فارس القديمة.

معبد خونس بني في الكرنك في مصر في القرن الثاني عشر ق.م. يحمي المدخل برجان ضخمان يطلق عليهما المسلتان (إلى اليسار). ويظهر الرسم المقطوع الأعمدة داخل المعبد التي تحمل السقف. وإلى اليمين الحجرة المقدسة المخصصة لإله القمر خونس.

العمارة المصرية:

كانت تتمركز حول الملك، الذي كان الحاكم الديني والسياسي لمصر القديمة. وقد اعتبر المصريون القدماء ملوكهم آلهة، وكانوا يبنون المدافن الحجرية والمعابد والقصور لتخليدهم.

وأشهر المدافن المصرية الأهرامات الضخمة التي كان يُدفن فيها الملوك. ومازالت بقايا 35 هرمًا رئيسيًا تقف إلى الآن محاذية لنهر النيل. وكان كل هرم جزءًا من مجموعة منشآت تضم عادة معبدًا كبيرًا في الجبهة الشرقية للهرم ومعبدًا أصغر بالقرب من النيل، ويربط ممر طويل المعبدين. ويبدو أن المصريين اعتقدوا أن الحجرة التي يُدفن فيها الملك أكثر أجزاء الهرم قداسة، لذلك أحكموا إغلاق المداخل التي تؤدي إلى الهرم وإلى غرفة الدفن.

وأول هرم مصري معروف بُني للملك زوسر حوالي 2650 ق.م في سقّارة. وكان الهرم يرتفع فوق سلسلة من ستة مدرجات ضخمة. وقد بُنيت ثلاثة أهرامات في الجيزة منذ حوالي 2600 إلى 2500 ق.م للملوك خوفو وخَفْرَع ومِنْقَرَع. وهي أعمال ضخمة ذات جوانب ناعمة.

بدأت الفترة العظيمة للعمارة المصرية في القرن السادس عشر قبل الميلاد، واستمرت حوالي 500 عام. فقد قام المعماريون خلالها بتصميم المعابد أساسًا وليس الأهرامات. وكانت المعابد منشآت ضخمة محمولة على أعمدة. وقد ربطت الصالات والمنحدرات مختلف أنواع الغرف. ويدخل الناس إلى معظم المعابد من خلال بوابات مكونة من برجين ضخمين يُطلق عليهما اسم أبراج البوابة. وأحد أشهر معابد تلك الفترة المعبد الذي بُني للملكة حتشبسوت في الدير البحري في حوالي عام 1480ق.م، والذي شيده رعاياها عند سفح جرف صخري ضخم في اتحاد واضح بين العمارة والطبيعة.

لمزيد من الإيضاحات عن العمارة المصرية، ★ تَصَفح: مصر القديمة ؛ الأهرامات.

العمارة الآسيوية وعمارة ما قبل الكولومبية

تشتمل العمارة الآسيوية على أربعة فروع رئيسية هي الصينية واليابانية والهندية والإسلامية. وقد لقي كل من العمارة الهندية والإسلامية انتشارًا واسعًا وتأثيرًا خاصًا. وتضم العمارة الهندية عمارة كل من بنغلادش وبورما وكمبوديا وإندونيسيا ونيبال وباكستان وسريلانكا وتايلاند والتيبت، بالإضافة إلى الهند نفسها. وترجع العمارة الإسلامية إلى المباني التي صممها المسلمون. ونجد العمارة الإسلامية منتشرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسبانيا وآسيا. ★ تَصَفح :العمارة الإسلامية.

منذ أكثر من 20000 سنة هاجر الأجداد الأوائل للهنود الأمريكيين من آسيا إلى الأمريكتين. وبحلول عام 100 ق.م، طورت مجموعات عديدة من الهنود ـ خاصة فيما يُعرف حاليًا بأمريكا اللاتينية ـ حضارات وثقافات مشرقة، وأنتجت عمارة متميزة. ويُطلق على عمارة وفنون الهنود الأمريكيين التي نشأت قبل عام 1500 ق.م ما قبل الكولومبية، لأنها ظهرت قبل وصول كريستوفر كولمبوس إلى العالم الجديد عام 1492م.

العمارة الصينية التقليدية تمثلها السقوف المنحنية إلى أعلى عند النهاية . والسقوف محمولة على أعمدة خشبية متصلة بأعتاب السقف بوساطة عوارض خشبية. والفناء أعلاه جزء من المدينة الممنوعة في بكين.

العمارة الصينية:

بدأت العمارة الصينية في التطور منذ أزمان قديمة. وقد شيد الصينيون مجموعة مختلفة من المباني، ولكن النوع الرئيسي هو المعابد البوذية والأبراج المتعددة الطوابق التي أُطلق عليها اسم الباجودات.

وتتكون المعابد الصينية من قاعات خشبية مستطيلة تجسد الترتيب الجميل والمتقن للأعتاب الخشبية في السقف الداخلي. أما الجدران فلا تحمل السقف ولكنها ببساطة تستخدم كستائر لتحقيق الخصوصية، وللحماية من الطقس. ويحمل السقفَ قوائمُ متصلة بعوارض السقف بوساطة كتل خشبية، وهي غالبًا ما تكون منقوشة ومدهونة باللون الأحمر ومطلية بالذهب. وقد غطى الصينيون معظم السقوف ببلاط مزجَّج لونه أزرق أو أخضر أو أصفر، وقوسوا أطراف تلك السقوف إلى أعلى برشاقة. لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الصينية. ★ تَصَفح: بكين ؛ كوريا ؛ الباجودة.

العمارة اليابانية:

تأثرت العمارة اليابانية تأثرًا كبيرًا بالعمارة الصينية. وقد اعتمدت العمارة التقليدية اليابانية على استخدام الأعتاب والأعمدة الخشبية. وتعطي مزارات شنتو المقدسة، الموجودة في مخلتف أنحاء اليابان، مثالاً ممتازًا لذلك. والشنتو هي الديانة القومية لليابان. ومزارات الشنتو منشآت من الهياكل الخشبية مبنية على قوائم ترفع المزار أعلى من مستوى الأرض. وأعتاب السقف أبعد من الجدار بحيث تعطي السقف بروزًا عميقًا.

وللمساكن التقليدية اليابانية، كبيرة كانت أم صغيرة، نفس التصميم: أعمدة رأسية تحمل السقف، وأبواب سحَّابة مبنية داخل الجدران خفيفة الوزن. وكان استخدام الجدران الداخلية لأغراض (تحقيق) الخصوصية وليس كدعامات. ومعظم المنازل كانت داخل حدائق محاطة بأسوار. لمعرفة صورة المنزل التقليدي، ★ تَصَفح: اليابان.

العمارة الهندية. أول وأكثر ما تأثرت به العمارة الهندية الديانة البوذية. ومبنى المعبد (أعلاه) الذي يُطلق عليه الستوبا الكبير، بدأ العمل به في القرن الرابع قبل الميلاد. وهذا الستوبا موجود في سانشي في مدهيا برادش.

العمارة الهندية:

تطورت العمارة الهندية بحلول القرن الثالث قبل الميلاد. وكان أول وأهم تأثير على العمارة الهندية الديانة البوذية، وهي ديانة رئيسية في الهند. فقد أوحت البوذية ببناء معابد تُعرف بالشيتيا والأديرة والستوبا (نُصب تذكاري بوذي). والستوبا صرح مقبَّب الشكل قد يحتوي على آثار لبوذا منشئ الديانة البوذية في القرن السادس قبل الميلاد. وقد تم نحت معظم المعابد من الصخور الصماء.

وقد أثَّرت الهندوسية، والإسلام كذلك، على العمارة الهندية. ويحتوي المعبد الهندوسي على صفوف من الأعمدة والزخارف المنحوتة في الخارج، ومداخل مسقوفة مدببة. وقد فتح المسلمون الهند في القرن السادس عشر الميلادي، وأدخلوا طرازهم المعماري. وأشهر مبنى إسلامي في الهند هو تاج محل (1630-1650م) في أكْرا. وتُظهر مجموعة معابد أنجكور وات في القرن الثاني عشر الميلادي، وفي مدينة مهجورة في كمبوديا، تأثير العمارة الهندوسية خارج الهند.

وللمزيد من الإيضاحات عن العمارة الهندية، ★ تَصَفح: النحت ؛ الهندي، الفن ؛ تايلاند.

العمارة الإسلامية أفرزت عددًا من المساجد الجميلة. والرسم إلى اليمين يبين المسجد الإمبراطوري في أصفهان بإيران. وتظهر القبة أعلى المحراب مع أربعة إيوانات (قاعات) بمداخل معقودة السُّقوف تحيط بالصحن. وتظهر في الشكل ثلاث مآذن (منارات).

العمارة الإسلامية:

تُعَدُّ المساجد أكثر المباني الإسلامية أهمية. وتختلف طرز المساجد بين البلاد الإسلامية، غير أن معظم المساجد يحتوي على صحن كبير محاط بممرات أو أروقة. والممر صف من الأعمدة، والرُّواق صف من العقود المبنية على أعمدة. وتبنى جدران المسجد بالطوب الملون والبلاط وملاط الجبس. وتعلو القباب معظم المساجد، ويكون للمسجد برج واحد أو أكثر يُعرف بالمئذنة.

وقد صمم المعماريون المسلمون، بالإضافة إلى المساجد، القصور والمدارس الدينية. والمدرسة الدينية النموذجية مبنى رباعي الأضلاع يحيط بصحن، وفي معظم الأحيان يوجد في منتصف كل ضلع من أضلاع المبنى قاعة هي عقد كبير تُسمّى الإيوان، ويتلقى الطلاب محاضراتهم في هذا الإيوان.

لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الإسلامية. ★ تَصَفح: الفنون الإسلامية ؛ أسبانيا ؛ القدس ؛ العمارة الإسلامية ؛ المسجد.

عمارة ما قبل الكولومبية:

طوّر الأزتك والتولتيك والمايا والإنكا معظم الثقافات الهندية الأمريكية المهمة فيما يعرف الآن بأمريكا اللاتينية. وازدهرت حضارات الأزتك والتولتيك في وسط المكسيك، بينما عاش المايا في المكسيك وأمريكا الوسطى، وبنى الإنكا إمبراطورية مهمة في غربي أمريكا الجنوبية.

وكانت معظم منشآت الأزتك والتولتيك والمايا المتبقية لأغراض دينية، وكانت أكثر هذه المنشآت إثارة للإعجاب هي تلك الأهرامات الحجرية التي تعلوها معابد صغيرة. فهذه الأهرامات تمثل جزءًا من مراكز الطقوس، وتضم مذابح وقصورًا وساحات. وبنى الإنكا معابد كبيرة وحصونًا ومباني عامة على سفوح الجبال. وتقع أطلال واحدة من أشهر مدنهم، وهي ماشو بيكشو، في جبال الأنديز، على ارتفاع حوالي 2400م فوق مستوى سطح البحر.

تطوّر عدد من الثقافات الهندية في أمريكا الشمالية، فابتكر سكان الجُرُف، فيما هو الآن في الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية عمارة تعد الأكثر أهمية. وتكونت عمارتهم بشكل رئيسى من مبان سكنية. وارتفعت المباني بجوار الجُرُف مثل الشقق السكنية. وقد بنى الهنود منازل الجرف من الحجر أو الطين أو الخشب. وكانت الطقوس الدينية تتم في غرف دائرية تسمى الواحدة منها الكيفا، وشيدت معظمها تحت الأرض.

لمزيد من الإيضاحات عن عمارة ما قبل الكولومبية، ★ تَصَفح : الأزتك ؛ المدينة ؛ المايا، شعب ؛ الأهرامات ؛ المكسيك.

العمارة الكلاسيكية

يشير مصطلح العمارة الكلاسيكية إلى طرز المباني التي طورها قدماء الإغريق والرومان. ولكن يمكن أن نُرجع جذور العمارة الكلاسيكية إلى مبانٍ ابتكرها شعبان إغريقيان هما المينويّون والمسِّينيّون. والعمارة الكلاسيكية الإغريقة بدورها لها تأثير كبير على العمارة الرومانية.

العمارة المينوية:

طوّر المينويون أول حضارة أوروبية مهمة. عاش المينويون في جزيرة كريت في البحر الأبيض المتوسط. واستمر عصر العمارة المينوية من حوالي عام 2000 إلى عام 1450 ق.م.

وأهم إنجازات العمارة المينوية قصر مينوس (حوالي 1500 ق. م) في مدينة كنوسوس. ويحتوي هذا المنشأ المركب والممتد على مئات الغرف المبنية حول فناء. وتحمل أعمدته الخشبية أعتاب السقف. وقد قسم المعماريون هذه الأعتاب إلى ثلاثة قطاعات أفقية هي الحمّال في القاع والإفريز في الوسط والكورنيش في القمة. وتسمى هذه القطاعات الثلاثة مجتمعة التكنة (السطح القائم على أعمدة)، وهي جزء حيوي في العمارة الإغريقية المتأخرة.

بنى المينويون أيضًا قصورًا في مدن كاتو وزاكرو وماليا وفيستوس. وقد استُخدمت كل القصور المينوية مراكز إدارية، وتجارية بالإضافة إلى أنها كانت مساكن ملكية.

عمارة المسينيين:

عاش المسِّينيّون في مدينة مسِّيني جنوبي اليونان. وبعد عام 1600 ق.م، بدأوا يبنون مدافن من الحجر المنحوت تُشبة خلايا النحل. وأجمل مثال للمدافن التي تشبه خلايا النحل كنز أتريوس حوالي 1300-1250ق.م.

وقد شيد المسِّينيون قصورًا كالقلاع من كتل حجرية ضخمة. وكان قلب القصر صالة استقبال ملكية مستطيلة تُعرف بالميغارون. ويؤدي إلى الميغارون مدخل له سقف محمول على عمودين، وتتقدمها قاعة. ويتوسط الميغارون موقد للنار مفتوح. وتوجد له فتحة في أعلى السقف لخروج الدخان. وتحيط بالموقد أربعة أعمدة لحمل السقف.

العمارة الإغريقية يمكن الرجوع إلى آثارها في جزيرة كريت، حيث بنيت قصور بوساطة قوم عُرفوا بالمينويين. حملت أعمدة خشبية صغيرة قصر مينوس الذي بني حوالي 1500 ق.م في كنوسوس بجزيرة كريت (إلى اليمين). وفي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، برزت العمارة اليونانية الكلاسيكية بأعمدتها الحجرية المتراصة بأشكالها الجميلة كما في معبد هيفيستوس في أثينا (إلى اليسار).

العمارة الكلاسيكية الإغريقية:

تُقَلَّد وتُحاكى إلى اليوم. وأشهر إسهامات العمارة الإغريقية هي مجموعة الأساليب المسماة الطرز، الخاصة بالأعمدة والتكنة المصاحبة لها. وقد استخدم الإغريق ثلاثة طرز أساسية: الدوري والأيوني والكورنثي. ولكل واحد من هذه الطرز الثلاثة زخارفه المميزة.

كان المعبد هو النموذج الرئيسي للمباني الإغريقية الكلاسيكية ويماثل مسقطه تصميم الميغارون المسِّيني. ويعتمد تصميم المعبد الإغريقي على ترتيب الأعمدة التي تحيط بحجرة طويلة. وقد بنى الإغريق معابد كثيرة في مواقع تطل على المدينة. مثل هذا الموقع يُعَرف بالحصن أو بالأكروبولس.

وطور الإغريق صيغًا للأساليب المختلفة من المعابد. وتحدد الصيغة الموضوعة للطراز عدد الأعمدة وارتفاعها وعرضها والمسافات بينها وحتى أدق تفاصيل الزخارف. والصيغة النموذجية هي الطراز الدوري السداسي الأعمدة. وتعني كلمة دوري أن المبنى شيد على الطراز الدوري وبالزخارف الدورية القياسية الموحدة. كما تعني كلمة بريـبترال أن المبنى سيكون محاطًا بصف واحد من الأعمدة. والطراز السداسي يعني أن المدخل الأمامي أو رواق الواجهة يكون بعرض ستة أعمدة. واستخدم المعماريون قطر العمود عند القاعدة كوحدة قياس لتحديد نسب المبنى ككل. وتسمى هذه الوحدة الموديول.

وعلى الرغم من استخدام هذه الصيغ، فإن تصاميم المعبد الإغريقي تحمل قدرًا كبيرًا من المرونة والتنوع. فالمعبد يمكن أن يكون منخفضًا وطويلاً أو عاليًا وقصيرًا. وقد يكون بسيطًا أو كثير الزخارف. ويجوز أن تتراوح أعداد الأعمدة بين اثنين وأكثر من مائة عمود.

لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الإغريقية، ★ تَصَفح: اليونان ؛ الإغريق ؛ أثينا ؛ المسرحية ؛ العمود.

القبو المعماري سقف أو قبو يمكن أن يغطي فراغًا كبيرًا أو مبنى. وقد ابتكر الرومان القبو المعماري. وبازيليقا قسطنطين في روما، أعلاه، لها سقف مقبَّب.

العمارة الرومانية:

حكم الرومان أعظم إمبراطورية في العصور القديمة. وفي أوج مجدها، ضمت الإمبراطورية الرومانية كل الأراضي المجاورة للبحر الأبيض المتوسط، وتوسعت شمالاً حتى الجزر البريطانية، وشرقًا حتى الخليج العربي. واستخدمت طرزًا معمارية متعددة على امتداد الإمبراطورية، وذلك لأن كثيرًا من المناطق طورت تقاليدها الخاصة بالبناء. ومع ذلك فإن للعمارة الرومانية قدرًا كبيرًا من وحدة الطراز. وقد بنى الرومان أنواعًا كثيرة من المنشآت أكثر من أي شعب من شعوب الحضارات القديمة. وبالإضافة إلى المساكن والمعابد والقصور، أقام الرومان مشاريع أخرى مثل مشاريع قنوات المياه والحمامات العامة والمتاجر والمسارح والساحات الخارجية الضخمة. وقد بُني معظم هذه المنشآت بين عام 100 قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي.

كان الرومان أول من استخدم طريقتين لتصميم السقف هما القوس والعقد المعماري. والعقد المعماري سطح أو سقف مقوس. والقبة كانت شكلاً شائعًا من أشكال العقد المعماري في العمارة الرومانية. وقد قلَّص استخدام العقد المعماري والقوس الحاجة إلى استخدام الأعمدة لحمل السقف. ويمكن أن يرتكز السقف كليًا على الجدران الخارجية بدلاً من الأعمدة. واستخدم الرومان الأعمدة كثيرًا كمنحوتات زخرفية ملتصقة بالجدران فقط.

وأروع مثال لتصميم سقف روماني هو حمامات كراكلا (211-217م) في مدينة وروما، ومازالت أطلالها قائمة حتى الآن. وكان لهذه الحمامات نظام سقف من العقود المعمارية وفّرت مساحات واسعة للفراغ الداخلي. وكان الفراغ عاليًا وعميقًا لدرجة أن الرومان أعجبوا به كشكل جديد وغير عادي للجمال المعماري.

لمزيد من الإيضاحات عن العمارة الرومانية، ★ تَصَفح: روما ؛ روما القديمة ؛ الفورم الروماني ؛ أسبانيا ؛ الكولوسيوم ؛ القبة.

عمارة القرون الوسطى

ترجع عمارة القرون الوسطى إلى المنشآت التي بنيت في أوروبا خلال الفترة التاريخية التي امتدت بين القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديين. وتشمل عمارة القرون الوسطى في آسيا وإفريقيا وأوروبا العمارة الإسلامية، بما فيها العمارة الأموية والعباسية والعمارة في الدويلات الإسلامية بعد ذلك. ★ تَصَفح: العمارة الإسلامية. وبالنسبة للنصرانية، فقد تمركزت الحياة الروحية والفكرية في القرون الوسطى في أوروبا حول الكنيسة ؛ لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. وطور معماريو القرون الوسطى عددًا من الطرز، وحيث غلب الطراز البيزنطي في أوروبا الشرقية. أما في أوروبا الغربية فكانت الطرز الرائدة هي الكارولنجي والرومانسك والقوطي. وقد سبقت هذه الأنواع الأربعة العمارة النصرانية المبكرة التي ازدهرت في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.

الكنائس النصرانية الأولى بنُيت في معظم الأحيان على نسق البازيليقا المستطيل.وقد كانت كنيسة القديس بطرس القديمة، التي تقع في نفس موقع كنيسة القديس بطرس الحالية في روما، أشهر كنائس هذا النوع قديمًا.

العمارة النصرانية المبكرة:

تطور أثناء القرون الأولى للنصرانية عدد من الثقافات والطرز المعمارية الإقليمية في أوروبا والشرق الأوسط. ولكن معظم المعماريين النصارى الأوائل اقتبسوا كثيرًا من الرومان، واستخدموا العَقْد والقبو المعماري، واتخذوا تصميم القاعات الرومانية الكبيرة، التي كانت تُستخدم للاجتماعات العامة، كقاعدة لتصميم النوع الرئيسي من الكنائس، أي البازيليقا.

ويمكن اعتبار كنيسة القديس بطرس القديمة (بَدْءُ بنائها حوالي عام 330م)كأول وأهم بازيليقا نصرانية مبكرة. وهي تقع في نفس مكان كنيسة القديس بطرس الحالية في روما. ويدخل المصلون إلى كنيسة القديس بطرس القديمة من الجانب الشرقي. وللوصول إلى المدخل يمرون بفناء كبير مكشوف يطلق عليه الأتريوم أو البهو الروماني (فناء صحن الدار أو البهو)، ويمرون كذلك بالدهليز. ويفصل الفناء والدهليز المدينة الصاخبة عن الكنيسة الهادئة. ويشبه المسقط الأفقي شكل الحرف T، والجزء الرأسي للحرف هو الصحن الرئيسي. ويمتد ممران جانبيان على طول الصحن الرئيسي. ويشكل ذراعا الحرف T الجناح الرئيسي للكنيسة. وهناك فراغ نصف دائري يطلق عليه القوصرة، مفتوح من جهة مركز الجناح الرئيسي في الجانب الغربي للكنيسة. ويوجد في هذه القوصرة المغطّاة بنصف قبة مذبح الكنيسة الرئيسي. وفي معظم البازيليقات، تفصل الممرات والأروقة الفراغ الداخلي إلى صحن رئيسي وممرين جانبيين، ويستخدم في بناء معظم البازيليقات طوب عادي أو حجر ؛ أما من الداخل فإنها تزدان بالفسيفساء والتصوير الجصي (الفريسكو). وتتكون الفسيفساء من قطع من الزجاج والرخام أو الحجر تُجمع معًا وتشكل صورة أو تصميمًا ما. والتصوير الجصي لوحات تنفَّذ على الجص الرطب.

متحف أيا صوفيا أحد نماذج المعمار البيزنطي في إسطنبول، تركيا. كان كنيسة حولها العثمانيون إلى مسجد في عام 1453م. وفي عهد كمال أتاتورك تم تحويله إلى متحف عام 1935. وأيا صوفيا مشهورة ببهوها الداخلي ذي الارتفاع الشاهق والمساحة الواسعة (أعلاه)، أما المثلثات التي تتدلى في أشكال مقوَّسة، (أدناه) فتكوّن دائرة تدعم القبّة.

العمارة البيزنطية:

في عام 330م، نقل الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة الإمبراطورية من روما إلى مدينة بيزنطة فيما يُعرف الآن بتركيا، وغيّر اسم بيزنطة إلى القسطنطينية. وفي عام 395م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين: الإمبراطورية الرومانية الشرقية، والإمبراطورية الرومانية الغربية. وقد سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية في يد القبائل الجرمانية في القرن الخامس الميلادي، ولكنّ الإمبراطورية الرومانية الشرقية بقيت وعُرِفَت بالإمبراطورية البيزنطية.

وبحلول القرن السادس الميلادي، تطور طراز فريد من الفن البيزنطي. وكانت كاتدرائية أياصوفيا بقبتها الضخمة (532 ـ 537م) في القسطنطينية أروع إنجازات العمارة البيزنطية، وقد صممها أنثيميوس أوف تراليس وإسيدروس أوف ميليتوس. واستولى الأتراك على القسطنطينية عام 1453م، وأعادوا تسميتها فيما بعد بإسطنبول، وحولوا أيضًا كاتدرائية أياصوفيا إلى جامع. وكان التغيير الوحيد الذي قاموا به في المظهر الخارجي للمبنى هو إضافة أربع مآذن. وكان لجامع أياصوفيا قبة مركزية ضخمة ترتكز على قاعدة مربعة. وقد صار هذا التكوين سمة عامة للعمارة البيزنطية. وتحمل القبة أربعة مثلثات كروية معكوسة مبنية بالطوب، وتسمى هذه الركائز المعلَّقات. ويستطيع المعماري بناء قبة أعرض وأعلى عما كان ممكنًا عندما كانت الجدران تحمل القبة. وفي داخل أياصوفيا ممرات معقودة بارتفاع طابقين تحيط بالصحن الرئيسي. وقد زُيِّن الداخل بزخارف جميلة من الفسيفساء. وتمثل الفسيفساء أهم الزخارف في معظم الكنائس البيزنطية.

وهناك أمثلة أخرى للعمارة البيزنطية تشمل بازيليقا القديس مارك (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في مدينة البندقية بإيطاليا، وكنيسة القديس باسيل (1554ـ1560م) في موسكو.

العمارةالكارولنجية:

سميت العمارة الكارولنجية على اسم شارلمان الذي كان ملكًا على الفرانكيين (الفرنجة) بين عامي 768 و 814م. ومن عاصمته في موقع أخن حاليًا في ألمانيا الغربية، حكم شارلمان مساحات شاسعة شملت معظم أوروبا الغربية.

أراد شارلمان وعائلته إحياء الثقافة النصرانية المبكرة في روما. وادعى المعماريون الكارولنجيون أنهم نقلوا عمارة النصرانية المبكرة، ولكنهم غيروا في النماذج حتى تناسب احتياجاتهم. وكانت لهم إسهامات شهيرة فيما يخص تصميم الكنيسة والدير. فقد اتبع المعماريون المسقط الأفقي للبازيليقا ولكنهم أضافوا أماكن للصلاة وأضرحة مطورة وأبراجًا عالية وابتكروا أيضًا مدخلا يعرف بالعمل الغربي (وستويرك) ضم ردهة ومصلى وأبراجًا صغيرة تسمى التورتات. طوّر الرهبان الكارولنجيون مسقط الدير الذي ترتبط به الكنيسة والمكتبة والمطبخ ومرافق أخرى بممرات مغطاة.

عمارة الرومانِسك:

بدأت هذه العمارة أواخر القرن التاسع الميلادي، وحققت أعظم إنجازاتها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وأكثر مباني الرومانسك أهمية هي الكنائس التي صُمِّمت في إيطاليا أولاً، ثم في فرنسا وألمانيا وأسبانيا وإنجلترا أخيرًا.

وابتكر العلماء في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح الرومانسك الذي يعني: مِثْل الرومان. ويعتقد هؤلاء العلماء أن عمارة الرومانسك هي أساسًا انعكاس للتصميمات الرومانية. ومع ذلك فإن عمارة الرومانسك هي في الواقع مزيج من العمارة الرومانية والبيزنطية وأنواع أخرى. وتختلف كنائس الرومانسك نوعًا ما من بلد لآخر، ولكن معظم الكنائس تشترك في ملامح معينة. فكنيسة الرومانسك النموذجية لها جدران سميكة وأعمدة مبنية متقاربة وعقود ضخمة مقوسة. ويرتفع برج من السقف عند النقطة التي يتقاطع فيها الجناح الرئيسي مع الصحن الرئيسي للكنيسة. وتحمل البرج أربع ركائز تسمى الدعامات. وهناك عقود محمولة على أعمدة تفصل الصحن الرئيسي عن الممرين الجانبيين. وقد بُنيت شرفة داخلية تطل على الممر الجانبي المعقود تسمَّى ترايفوريم (رواق ثلاثي العقود). ويعلو الشرفة إضاءة علوية من خلال صف من النوافذ في داخل عقود.

وخلال فترة الرومانسك، جاء كثير من الناس إلى هذه الكنائس للزيارة. وكانت مجموعات من الزوار تسافر مخترقة أوروبا وفلسطين لزيارة الكنائس التي كانت تحتوي على رفات وممتلكات بعض القديسين. وكانت الكنائس المهمة ضخمة جدًا تستطيع أن تستوعب أعدادًا كبيرة. ومثال ذلك كنيسة سانت سرنين (حوالي 1080 - 1120م) في تولوز بفرنسا. تضم هذه الكنيسة جناحين على جانبي الصحن الرئيسي. وتفتح على الممر الدائري المحيط بالقوصرة مصليات صغيرة. ويسمح هذا المسقط للزوار بالتحرك خلال المبنى على طول الممرات دون إزعاج للمراسم التي تقام عند المذبح الرئيسي. انـظر: فن العمارة الرومانسكي.

العمارة القوطية:

ازدهرت في غربي أوروبا في الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين. وكلمة قوطي أصلها مصطلح اشتُقَّ من كلمة تعني الرَفْض. واستخدمها الفنانون والكتاب في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، الذين أرادوا إحياء العمارة الكلاسيكة لقدماء الإغريق والرومان في أوروبا. وقد اقترن الطراز القوطي بالقوط وبالشعوب الجرمانية التي دمرت كثيرًا من الفن الكلاسيكي في القرن الخامس الميلادي. وعارض كثير من الفنانين والكتاب التصاميم القوطية المعقدة وغير المنتظمة التي اختلفت كثيرًا عن النمط الكلاسيكي المتناسق.

وقد مكن نظام تشييد جديد المعماريين القوط من تصميم كنائس بجدران رقيقة ودعامات أخف من تلك التي كانت في كنائس الرومانسك. وكثير من الدعامات مكونة من مجموعات من الأعمدة بارتفاع عدة طوابق. وقد مد المعماريون القوطيون الدعامات إلى السقف، ثم قوّسوا كل عمود في شكل أضلاع مثل المظلة المفتوحة، وسدوا الفراغات بين الأضلاع بالحجر. وكانت تلك الأقبية المضلعة ضمن أهم الخصائص التي تميزت بها العمارة القوطية. وهناك مظهر آخر للطراز القوطي هو العقود المدبَّبة والاستعاضة عن أجزاء كبيرة من الجدران بنوافذ ذات زجاج ملون. وكان لمعظم الكنائس دعامات طائرة، وهي دعامات على هيئة عقود بشكل متعامد من الطوب أو الحجر تبُنى على الجدران الخارجية.

نحت المثَّالون أشكال القديسين وأبطال النصرانية على أعمدة مداخل الكنيسة. وقد اعتقد النصارى في القرون الوسطى بأن هؤلاء القديسين والأبطال سكنوا مبنى الكنيسة ودعَّموه. ★ تَصَفح: الكاتدرائية ؛ تشارتر ؛ كاتدرائية نوتردام.

عمارة عصر النهضة الأوروبية

كلمة النهضة تعني الميلاد الجديد. وفي التاريخ الأوروبي، تعني النهضة البعث العظيم للثقافة الكلاسيكية والاهتمام بها وخاصة ثقافة روما القديمة. فقد أُهملت الثقافة الكلاسيكية خلال العصور الوسطى بشكل كبير.

بدأت عمارة عصر النهضة في إيطاليا في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وانتشرت في أوروبا خلال القرن السادس عشر الميلادي، حتى وصلت إلى العالم الجديد. ابتكر عمارة عصر النهضة مجموعة من الدارسين الإيطاليين، ومعظمهم كانوا معماريين هواة. وكان هؤلاء الدارسون يعرفون الثقافة الكلاسيكية، معرفة وثيقة واعتبروها متفوقة على ثقافة عصرهم. وقد درس المعماريون الأطلال الرومانية وحاولوا عمل نماذج لتصميماتهم على غرار المباني الكلاسيكية. فأخذوا الطرز الكلاسيكية بالإضافة إلى العقود المعمارية الرومانية والبيزنطية، وخاصة القباب.

قصر فونتينبلو بناه في أوائل القرن السادس عشرالميلادي الملك فرانسيس الأول الذي أدخل عمارة عصر النهضة في فرنسا. ويتصدر المدخل سلم على شكل حذوة الحصان.

عمارة عصر النهضة المبكرة:

بدأت في القرن الخامس عشر الميلادي. وكان فيليبو برونلسكي من فلورنسا أحد أهم المهندسين المعماريين المؤثرين في طراز عصر النهضة الجديد. وقد كان أول وأهم مشروع هو قبة كاتدرائية فلورنسا (1420ـ 1436م)، التي بُدئ بناؤها على الطراز القوطي في أواخر القرون الوسطى، عام 1296م. واتبع برونلسكي نفس الطراز في تصميم القبة ذات الأضلاع الثمانية، كما استخدم أيضًا تقنية العقود المعمارية التي استوحاها من الرومان. واعتبر الإيطاليون القبة التي صممها برونلسكي أهم عمل هندسي تم إنجازه في ذلك الوقت.

كما صمم برونلسكي إنشاءات عظيمة أخرى في فلورنسا، وتضم هذه الإنشاءات كنيسة سان لورنزو (1421م) ومصلى بازي (1429م) وكنيسة سانتو سبيريتو (1436م)، وتلك المباني الثلاثة لم تكتمل حتى نهاية النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي بعد موت برونلسكي. وقد أحيا المعماريون في هذه المباني الأساليب الكلاسيكية التي أصبحت من العناصر الأساسية لطراز عصر النهضة الإيطالي. ومثال ذلك أنهم استخدموا الأعمدة على الطراز الكورنثي في مصلى بازي. وكان المعبد بتوازنه وتناسقه الهندسي نموذجًا لعمارة عصر النهضة.

قبة كاتدرائية فلورنسا من أوائل إنجازات عمارة عصر النهضة الإيطالية. صمَّم فيليبو برونلسكي القبة التي اكتملت عام 1436 م على أسس الأقبية الرومانية.
وليون باتيستا ألبرتي هو رائد آخر من معمارييّ عصر النهضة الإيطالية. وقد كتب ألبرتي كتابًا كان له تأثيره الكبير في العمارة الكلاسيكية بعنوان عن فن العمارة (في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي) وحرك الكتاب الدارسين لمناقشة نظريات العمارة من الناحية النظرية البحتة وبمعزل عن تطبيقاتها في مبان حقيقية.

صمم ألبرتي تصميمات قليلة، ولكنها تركت أثرًا في المعماريين اللاحقين. كما صمم الواجهة الأمامية لكنيسة سانتا ماريا نوفيلا حوالي (1456-1470م) في فلورنسا بالرخام الأبيض والأسود بأنساق على شكل دوائر ومربعات ومستطيلات في الأدوار العليا. وهذه الأنساق مأخوذة من الزخارف الكلاسيكية، وقد أعطت الإحساس بالنِّسَب والتناسب الحسابي.كما بدأ بتصميم كنيسة سانت أندريا عام 1470م في مانتوا. ولاتحتوي أسطحها الخارجية على أي من تماثيل الشخصيات النصرانية أو أي سمات مميزة للعمارة القوطية. وقد صمم ألبرتي الواجهة على شكل معبد كلاسيكي بقوس كبير في الوسط.

كنيسة سانت أندريا صُمِّمت في مانتوا بإيطاليا بوساطة ليون باتيستا ألبرتي في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي. وتماثل الواجهة الأمامية معبدًا رومانيًا له قوس.

عمارة عصر النهضة المتأخرة:

كان تشييد كنيسة القديس بطرس في روما أكبر مشاريع البناء في أواخر عصر النهضة. بدأ المشروع عام 1506م عندما قرر البابا يوليوس الثاني هدم كنيسة القديس بطرس القديمة وبناء كنيسة جديدة في نفس الموقع. واكتملت عملية إعادة البناء في أواخر القرن السابع عشر الميلادي. وعمل في الكنيسة خلال تلك المدة مجموعة مكونة من عشرة معماريين إيطاليين. ومن المعماريين الرواد لهذا المشروع دوناتو برامنت ومايكل أنجلو.

وقد كان برامنت المعماري الرئيسي للقديس بطرس. فقد صمم الإنشاء بتركيب متناسق للأشكال المربعة والدائرية وأشكال الصليب اليوناني. وللصليب اليوناني أربع أذرع متساوية الطول. وصمم مايكل أنجلو القبة المضلعة الضخمة (1588-1591م) كنسخة من طراز عصر النهضة لقبة برونلسكي ذات الطراز القوطي والمقامة على كاتدارئية فلورنسا.

ومن مهندسي عصر النهضة الإيطالي أيضًا أندريا بالاديو، الذي صمم في آخر القرن السادس عشر الميلادي قصورًا وفللاً مستوحاة من الطراز الروماني، مما جعله واحدًا من أكثر المعماريين تأثيرًا في التاريخ. وقد أثرت فيلا روتوندا (حوالي 1567م) بالقرب من فيسنزا بالذات على المعماريين الإنجليز والأمريكيين في القرن الثامن عشر الميلادي.

ومن إيطاليا، انتقلت عمارة عصر النهضة إلى فرنسا في أوائل القرن السادس عشر الميلادي ومن ثم إلى الأقطار الأوروبية الأخرى. وفي البداية، اتبع المعماريون في تلك البلاد النموذج الإيطالي، ولكن سرعان ما طوروا طابعهم الوطني المميز. ومن أروع مباني عصر النهضة الفرنسي القصور الفخمة مثل تلك التي بنيت في فونتينبلو وشامبورد وأزي لوريدو خلال أوائل القرن السادس عشر الميلادي. وفي أسبانيا، صمم خوان دي هيريرا معظم مجموعة الأُسكوريال (1563ـ 1584م) بالقرب من مدريد. وهذا المجمَّع الضخم يحتوي على كنيسة ودير وقصر وكلية. وابتكر إنيغو جونز أكثر الأمثلة المعروفة لعمارة عصر النهضة في إنجلترا في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، وأَسَّس مبنى بانكتن هاوس الرائع (1619- 1622م) في لندن على نفس نظام تصميمات بالاديو.

لمزيد من الايضاحات عن عمارة عصر النهضة، ★ تَصَفح: بالاديو، أندريا ؛ برامنت، دوناتو ؛الفاتيكان، مدينة.

عمارة الباروك

بدأت عمارة الباروك في القرن السادس عشر الميلادي. وبحلول القرن السابع عشر الميلادي، انتشرت في جميع أنحاء إيطاليا وأجزاء أخرى من أوروبا. وقصد المعماري الباروكي أن يترك أثرًا دراميًا من خلال أعماله. والمبنى الباروكي النموذجي يتصف بالأشكال المنحنية والاستخدام المتقن والمعقد للأعمدة والمنحوتات واللوحات المزخرفة من أجل الزينة. وكان أهم المؤيدين لعمارة الباروك الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وملوك أوروبا الأقوياء، حيث نتج تأييد الكنيسة من الإصلاح المضاد في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. ★ تَصَفح: الإصلاح المضاد. وقد أثارت حركة التحديث في الكنيسة جيشانًا من الحماس الديني في الأقطار الكاثوليكية، وصمم المعماريون كنائس وأَدْيرة على طراز الباروك عكست الدراما والعاطفة لتلك الروح الدينية. وفي نفس الوقت، أراد الملوك الأقوياء تمجيد سلطاتهم. وكانت القصور الباروكية الفخمة هي التي تعبر عن سلطة هؤلاء الحكام.

وأبرز الأمثلة لطراز الباروك ظهرت في إيطاليا والنمسا وأسبانيا وجنوبي ألمانيا. ويُصنَّف جان لورنزو برنيني وفرانسيسكو بروميني وغوارنيو غواريني من أشهر معماريّيي الباروك في إيطاليا. ويعكس صف الأعمدة على شكل ثقب المفتاح، الذي صممه برنيني لاحتواء فناء كنيسة القديس بطرس، إعجاب الباروك بالأعمدة. وميّزت المنحنيات والأشكال الملتوية كنيسة بروميني الشهيرة (كنيسة القديس أجنيزي) في ساحة نافونا (1653 ـ 1657م) في روما. ومن أشهر تصميمات غواريني كنيسة سان لورنزو (1668 ـ 1687م) في تورينو. وتصور الكنيسة قبة مخروطية الشكل داخلها شكل مثمَّن الأضلاع. وقد صمم يوهان بيرنهارد فيشر فون إيرلاخ من النمسا وبلاتهازر نيومان من ألمانيا كنائس وقصورًا مشهورة في بلدانهم. وأكثر طرز الباروك الأسباني تطورًا هو ذلك الذي يسمى شوريجورسك. وجاء هذا الاسم من اسم الإخوة الثلاثة ـ ألبرتو وبواكين وخوزيه شوريجورا ـ وهم من أوائل رواد هذا الطراز.

وفي فرنسا وإنجلترا، ظل طراز الباروك أقل تأثيرًا مما كان عليه في كثير من البلدان الأوروبية الأخرى. وقد احتفظ المعماريون الفرنسيون والإنجليز بالمربع والمستطيل والدائرة من طراز عصر النهضة كأشكال أساسية للزخرفة. وصمموا مباني ضخمة بهذه الخطوط البسيطة وصفوف الأعمدة والنوافذ المتعاقبة.

وربما كان أبرز مبنى من طراز الباروك الفرنسي هو قصر فرساي الفخم (حوالي 1661م). وكان معماريا القصر الرئيسيان هما لويس لو فاو وجول هردوين مانسار. ويبلغ طول القصر أكثر من 400م وبه حوالي 1,300غرفة.

وقد صمم السير جون فانبرا أكثر قصور الباروك الإنجليزية بذخًا، وهو قصر بلنهايم (1705 ـ 1724م) في أكسفوردشاير. وكان السير كريستوفر رن المعماري الرائد للطراز الباروكي الإنجليزي، وكان تصميمه لكاتدرائية القديس بول (1675-1710م) في لندن أحد روائع هذا الطراز.

للاطلاع على صورة قصر بلنهايم، ★ تَصَفح: تشرتشل، السير ونستون. وللاطلاع على صور عمارة الباروك، ★ تَصَفح: فرساي ؛ رن، السير كريستوفر.

القرن الثامن عشر الميلادي

خلال القرن الثامن عشر ظهرت ثلاثة نماذج رئيسية من العمارة في أوروبا: 1- عمارة الروكوكو (أسلوب الزخرفة البالغة) 2- إحياء عمارة بالاديو 3- العمارة الكلاسيكية الجديدة، بالإضافة إلى عمارة المستوطنات في أمريكا التي بدأت في الازدهار في القرن الثامن عشر الميلادي. وقد تأثرت عمارة المستوطنات كثيرًا بالطابع الغربي.

عمارة الروكوكو كانت غزيرة الزخارف. ويمكن رؤية نموذج من أرفع زخارف طراز الركوكو، وهي قاعة المرايا (أعلاه)، بجناح أمالينبورج في جنوبي ألمانيا بالقرب من ميونيخ. قام بتصميم هذا المبنى الجميل المعماري الفلمنكي المولد فرانسوا كوفيليه في الثلاثينيات من القرن الثامن عشر الميلادي. .

عمارة الروكوكو:

تمثل عمارة الروكوكو المرحلة النهائية لطراز الباروك. فقد تطورت في فرنسا حوالي 1720م، وانتشرت في الأقطار الأخرى خلال فترة الستين سنة اللاحقة. وبالمقارنة مع طراز الباروك النصبي الضخم،كانت عمارة الروكوكو أخف وأرق. وبالرغم من ذلك، فقد كانت مباني الروكوكو أغنى زخرفة من منشآت الباروك. ففي فرنسا تمثلت مباني الروكوكو في تلك المساكن الضخمة التي بنيت في باريس للنبلاء، ولكن أهم منشآت الروكوكو الجميلة، كانت تلك القصور والكنائس والأديرة التي شيدت في جنوبي ألمانيا والنمسا. وقد أنشأ دومينيكوس زيمرمان إحدى تحف الروكوكو بتصميمه كنيسة دي فيز (1745 ـ 1754م) في جنوبي ألمانيا.

إحياء عمارة بالاديو:

يعكس هذا الاتجاه بشكل رئيسي التصميمات الكلاسيكية المعمارية لعصر النهضة. بدأ الطراز في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، وكان أكثر ظهورًا في إنجلترا، وظهر كذلك في شمالي إيطاليا وأمريكا الشمالية. ومعظم مباني إحياء عمارة بالاديو كانت مساكن ريفية.

وقد أدَخْل طراز إحياء عمارة بالاديو المعماري الأسكتلندي كولن كامبل بالرغم من أن رائد الحركة الأصلي هو اللورد بيرلنجتون، المهندس المعماري الإنجليزي غير المحترف. فقد صمم بيرلنجتون وصديقه وليم كِنْت أول مبنى مهم لإحياء عمارة بالاديو، وهو مسكن شيزويك في لندن (1725 ـ 1726م). وقد حاكى بيرلنجتون وكِنْت في تصميمهما عمارة بالاديو فيلاروتوندا. وشيد المعماريون المنزل في حديقة فسيحة تشبه الحديقة الرومانية كما كانوا يعتقدون. وقد أصبحت هذه الحدائق سمة لإحياء عمارة بالاديو.

البانثيون بُني كمعبد في روما حوالي 126م، ومازال قائمًا حتى الآن. ويظهر الرسم المقطوع الفناء الداخلي لقبة المبنى الدائري. وتحمل الأعمدة الكورِنْثيّة سقف بهو المدخل.

عمارة الكلاسيكية الجديدة:

تعكس الاهتمام بالعمارة القديمة للإغريق والرومان. وكان الإلهام الكبير لعمارة الكلاسيكية الجديدة (الكلاسيكية المحدثة) هو اكتشاف المدن الرومانية القديمة مثل بومبي وهركولانيم. فقد دُفنت هذه المدن إثر ثوران بركان جبل فيزوف عام 79م، وكان علماء الآثار قد بدأوا حفريات المدن في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.

وباستخدام تصميمات من بومبي وهركولانيم، استطاع معماريو عمارة الكلاسيكية الجديدة تتبع الطرازين الإغريقي والروماني بدقة أكثر من معماريي عصر النهضة. فقد صمم معماريو الكلاسيكية الجديدة الأعمدة المصفوفة والإنشاءات المهمة، خاصة المباني العامة مثلما صممها معماريو الباروك، ولكنهم استخدموا الأشكال الهندسية الميسرة كالمربع والدائرة، بخلاف الأشكال المنحنية والحلزونية التي استخدمها الباروك.

ومن أهم معماريّي عمارة الكلاسيكية الجديدة في إنجلترا السير وليم تشمبرز وروبرت آدم. فقد صمم تشمبرز مباني عامة كثيرة أشهرها سومرست هاوْس في لندن (1776 ـ 1780م). وأصبح آدم مصممًا داخليًا، ومصمم أثاث مؤثرًا، بالإضافة إلى كونه معماريًا رائدًا. وقد قام بعمل تصميمات رومانية أصبحت نموذجًا يُحتذى في المساكن الريفية مثل مسكن أوسترلي بارك في لندن (1761ـ 1780م).

وصمم بيترو بيانكي، المعماري الإيطالي، واحدًا من المباني الرئيسية في العمارة الكلاسيكية الجديدة في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، وهي كنيسة القديس فرانسيسكو دي باولا في نابولي. فقد بدأ العمل في الكنيسة في 1816م. واعتمد تصميم الكنيسة على تصميم البانْثيون، وهو معبد روماني قديم. ومن ناحية أخرى فإن صفوف الأعمدة الخارجية على شكل دائري تظهر تأثير صفوف أعمدة برنيني لكنيسة القديس بطرس.

وصمم المعماريون الفرنسيون مباني كثيرة على نسق عمارة الكلاسيكية الجديدة، وأحد أشهر هذه المباني هو البانْثيون (حوالي 1757 ـ1790م) في باريس. وقد صمم المبنى جاك سوفلو. والبانثيون هو في الأصل كنيسة سميت باسم القديسة جنفياف. أما الآن فالمبنى مجرد صرح تذكاري.

أما في الولايات المتحدة، فإن عمارة الكلاسيكية الجديدة عرفت بالطراز الفيدرالي. وكان من رواد الطراز الفيدرالي المعماريان بنجامين لاتروب وتشارلز بلفينش. وأفضل ما عرف عن لاتروب هو تصميمة لمبنى الكابيتول في واشنطن دي. سي. وتشمل مشاريع بلفينش الرئيسية مبنييْ المجلسين التشريعيين لولايتي ميْن وماساشوسيتس في الولايات المتحدة الأمريكية. ولإيضاحات أكثر عن عمارة الكلاسيكية الجديدة، ★ تَصَفح: الأثاث ؛ واشنطن، دي سي.

عمارة المستوطنات في أمريكا:

تطورت عمارة المستوطنات بشكل رئيسي من الطرز الأوروبية للعصور الوسطى وعصر النهضة. ففي أمريكا اللاتينية، سادت طرز الباروك وطراز عصر النهضة الأسباني في المستوطنات الأسبانية والبرتغالية. وفي المستوطنات الأسبانية الواقعة جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية، بنى النصارى كنائس من الطوب الطيني جمعت بين طرز العمارة الهندية الأمريكية والأسبانية. وبمرور الزمن طوَّع المستوطنون التأثير الأوروبي ليتناسب مع الذوق المحلي.

وفي المستوطنات الشمالية، بنى المستوطنون البيوت الخشبية وصمموها لتقاوم برد الشتاء. فمعظم البيوت كانت صغيرة، ذات غرفة واحدة أو غرفتين، بحيث يمكن تدفئتها بسهولة. وكانت البيوت بسطح مائل لتساعد على مقاومة الثلوج.

وأظهرت العمارة في المستوطنات الوسطى لشمال الولايات المتحدة الأمريكية عددًا من الطرز الأوروبية. ففي نيويورك، على سبيل المثال، اتبع المستوطنون الهولنديون طرزًا معمارية من هولندا، وبنوا بيوتًا من الطوب ذات مصاريع خشبية للنوافذ. وفي المستوطنات الجنوبية بنى ملاك المزارع الأثرياء مساكن فخمة تماثل مباني البيوت في الريف الإنجليزي. وقد صمم توماس جيفرسون العديد من المباني في فرجينيا، تعكس الكلاسيكية الجديدة وإحياء عمارة البالاديو.

القرن التاسع عشر الميلادي

تأثر تطور العمارة في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي بقدر كبير بالنمو الصناعي السريع في غربي أوروبا وشرقي أمريكا الشمالية. وقد أوجدت الثورة الصناعية حاجة ملحة لتصميم أنواع جديدة من المباني وابتكار طرق جديدة لتقنيات التشيـيد. وفي نفس الوقت أحيا عدد من المعماريين طرزًا مختلفة من الماضي. وأهم الطرز التي بُعثت من جديد الطراز الإغريقي والطراز القوطي. كما جمع بعض المعماريين طرازين أو أكثر في تصميم واحد.

القصر البلُّوري (كريستال بالاس) صمَّمه السير جوزيف باكستون لمعرض لندن عام 1851م. وقد صنع الهيكل الحديدي والحواف الزجاجية بالمصنع وتم تركيبه في الموقع.

الثورة الصناعية:

بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا في القرن الثامن عشر الميلادي، وانتشرت في البلاد الأوروبية وأمريكا الشمالية مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي. ركز المعماريون على تصميم المباني الدينية والقلاع والقصور والبيوت الريفية لعدة قرون مضت. أما الثورة الصناعية، فتطلبت بناء منشآت مثل المصانع ومحطات السكك الحديدية و المستودعات ومباني المكاتب. وقد استخدم المعماريون مواد بناء جديدة وطرقًا جديدة لتصميم هذه المنشآت الجديدة.

أدت الثورة الصناعية إلى قيام المعرض الكبير الأول للتجارة والصناعة في لندن عام 1851م. وقد أقيم المعرض في مبنى كريستال بالاس (القصر البلوري) (1850- 1851م)، الذي كان تحولاً كبيرًا في شكل فن العمارة، حيث استخدم الزجاج والحديد في المباني. وقد صمم هذا المعرض السيرجوزيف باكستون. وغطى المبنى حوالي 8 هكتارات، وكان يبدو مثل بيت زجاجي ضخم.كما يُعتبر مبنى باكستون (القصر البلّوري) أول وأهم مبنى ذي إنشاءات مسبقة الصنع، حيث صُنعت الأجزاء في مصنع ثم جُمعت ورُكِّبت في موقع المعرض.

وقد أدى نجاح المعرض إلى قيام معارض في مدن أوروبية أخرى وفي الولايات المتحدة. وكانت هذه المعارض تحتاج إلى مرافق خاصة، الأمر الذي أتاح الفرصة للمعماريين لتجربة أفكار جديدة. وقد أثر القصر البلوري، ولاحقًا صالات المعارض من الحديد والزجاج، في تطوير ناطحات السحاب الزجاجية والمعدنية في القرن العشرين الميلادي.

لم يمثِّل القصر البلوري أي طراز ظهر في العمارة من قبل. وبالرغم من ذلك فإن عددًا من المنشآت التي شُيدت بالتقنيات الحديثة حافظ على قدر من الارتباط مع طرز تاريخية. وعلى سبيل المثال، صمم المعماريان الإنجليزيان جون دوبسن وفيليب هاردويك عددًا من محطات السكك الحديدية بواجهات من عمارة الكلاسيكية الجديدة. استخدم هاردويك كذلك أعمدة من الطراز الدوري من الحديد الزهر كدعامات لمستودعات رصيف القديس كاترين في لندن (1827- 1828م).

وجمع المعماري الفرنسي هنري لابروست تقنيات المباني الحديثة مع طراز عصر النهضة في مكتبة جنفياف (1845 ـ 1850م) في باريس. وقد بُنيت جدران المكتبة بمواد تقليدية، وصنعت الأعمدة والأقبية من الحديد. وسمح لابروست بإظهار الحديد في مبنى المكتبة مما جعل مبنى المكتبة أول مبنى عام مهم يستخدم الحديد كجزء من الطراز المعماري.

إحياء الطراز الإغريقي:

بدأ في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وانتهى كحركة متميزة في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، رغم استمرار المباني التي تُبنى على الطراز الإغريقي. واعتُبر إحياء الطراز الإغريقي مناسبًا خاصة لأنواع المباني كالمتاحف والبورصات المالية والمصارف ومباني المكاتب الحكومية. وقد ساعدت المنح الدراسية للبحث في الحضارات القديمة المعماريين في إعادة إحياء التصميمات الإغريقية بتأصيل دقيق.

كان المعماري السير روبَرْت سْميرك من رواد إحياء الطراز الإغريقي في إنجلترا، وقد صمم المتحف البريطاني في لندن (1823-1847م) ليمثل معبدًا إغريقيًا ضخمًا على الطراز الأيوني. كما صمم وليم ستريكلاند أول وأهم مبنى على طريقة إحياء الطراز الإغريقي في الولايات المتحدة الامريكية، وهو المصرف الثاني في الولايات المتحدة (1819-1824م) في فيلادلفيا. وتمثل الواجهة الأمامية لمبنى المصرف معبدًا إغريقيًا على الطراز الدوري.

إحياء الطراز القوطي:

لم يبتعد الطراز القوطي كليًا عن الذوق العام. ففي القرون التي تلت العصور الوسطى، استخدم كثير من المعماريين عناصر من الطراز القوطي. أما إحياء الطراز القوطي، فقد بدأ كحركة معمارية مقصودة في القرن الثامن عشر الميلادي، ووصلت أعلى مستوياتها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وبدأت في التدهور في الثمانينيات من القرن نفسه.

وفي مطلع ومنتصف القرن التاسع عشر الميلادي، كتب المهندس المعماري بوجن عددًا من الكتب القيمة في دعم الطراز القوطي. وحث بوجن المعماريين خاصة على تصمـيم الكنائـس على الطراز القوطي لأنه أحسن طراز يعبر عن النصرانية. وكان من أكثر المشاريع طموحًا لإحياء الطراز القوطي مبنى البرلمان البريطاني (1840 - 1860م) في لندن الذي صممه بوجن والسير تشارلز باري. وقد أبدع وليم بترفيلد، وهو معماري إنجليزي آخر، عددًا من التصميمات المتفردة على الطراز القوطي. وتعتبر كنيسة جميع القديسين في شارع مارجريت بلندن (1849ـ 1859م) أحد أشهر مبانيه القوطية. كما يعتبر تصميم بترفيلد لمبنى كلية كيبل عام 1860م، بجامعة أكسـفورد بإنجلترا، من ضمن أهم مشاريعه. وقد صمم المكتبة والمعبد الصغير وقاعات السكن على نهج إحياء الطراز القوطي.

الطرز المدمجة:

جمع بعض المعماريين في القرن التاسع عشر الميلادي ما اعتبروه أفضل سمات طرازين تاريخيين أو أكثر. وتعتبر دار أوبرا باريس السابقة أو قصر جارنييه (1861- 1875م) قطعة فنية جميلة لهذا الاتجاه. ومصمم المبنى هو شارل جارنييه، الذي خطط المنشأ الضخم بشكل رئيسي على طراز الباروك المتطور. وعلى سبيل المثال، السلم الفخم الرائع الذي يجسد الاستخدام المبالغ فيه للرخام الملون بالإضافة إلى أنه أدخل طرزًا كلاسيكية وعناصر من التصميمات الفرنسية والإيطالية لقصور عصرالنهضة.

مبنى مكاتب يحتوي على ساحة داخلية حيث يستطيع العاملون والمتسوقون الاسترخاء.

عمارة الحَدَاثة

توصف الفترة من أواخر القرن التاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين الميلاديين بأنها واحدة من أهم فترات الإبداع والإنتاج في تاريخ العمارة ؛ فقد استخدم المعماريون مواد وطرق بناء جديدة لتطوير طرز جديدة تظهر لأول مرة وليس لها مثيل في التاريخ.

وقد أصبح للمعماريين الأمريكيين تأثير كبير على عمارة الحَداثة. وعلى سبيل المثال، فإن ناطحات السحاب التي ربما كانت أشهر نموذج لعمارة الحَداثة، تطورت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية. نبعت التغيرات المؤثرة على العمارة منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من النظريات ومن أعمال عدد قليل من الأفراد والمجموعات الصغيرة. وأكثرالروائع الفنية لعمارة الحداثة صممت أو تأثرت بأعمال أربعة رجال هم: فرانك لويد رايت من الولايات المتحدة الأمريكية، ووالتر جروبيوس ولودفيج ميز فان در روه من ألمانيا، وشارل جينيربيه ـ جريس المعروف باسم لوكوربوزييه، من فرنسا.

عمارة الحداثة المبكرة في أوروبا:

انبثقت عمارة الحداثة في أوروبا كرد فعل معاكس لإحياء الطرز التاريخية و الطرز المدمجة في القرن التاسع عشر الميلادي. وحاول بعض المعماريين الشباب إيجاد طرق جديدة تعكس عصرهم.

في طليعة التأثيرات المهمة في عمارة الحداثة حركة الفنون والحرف التي أسسها وليم موريس في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في إنجلترا. وقد كان موريس يدرس ليكون مهندسًا معماريًا ولكنه ترك المهنة للتركيز على التصميم الداخلي ؛ فقد انتقد موريس تدني المستوى الفني الذي لاحظه في إنتاح الآلة خلال الثورة الصناعية. ابتكر موريس تصميمات ذات مستوى رفيع للأثاث والزجاج الملون والنسيج وورق الجدران مع فنانين آخرين من حركة الفنون والحرف. وبالرغم من أن موريس لم يصمم مباني، إلا أن تأثيره شجع روح الانعتاق التي أدت دورًا مهمًا في العمارة.

وعمل معظم المعماريين الحداثيين الأوائل في هولندا والنمسا وألمانيا. ففي هولندا، استخدم هندريك بتروس بيرلاج تصميمًا غير عادي من الطوب الأحمر لرائعته بورصة أمستردام (1898-1903م). فالمبنى بتصميمه البسيط الخالي من الزخارف كان تحولاً ملحوظًا من منشآت الأحياء المفعمة بالزخارف إلى التوجه نحو طراز أكثر حداثة.

كما أسس أوتو فاجنر عمارة الحداثة في النمسا خلال التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. وقد كان فاجنر مدرسًا ومنظِّرًا بالإضافة إلى كونه معماريًا. وأهم تصميماته كانت تلك المساكن ذات الخطوط الأفقية قليلة الزخارف. وكانت الإنشاءات سطحًا مستويًا شبيها بالبلاطة المستوية الممتدة فوق الجدران. وكانت هذه الصفة تميز معظم العمارة في أوائل القرن العشرين الميلادي.

أسس جوزيف أولبريش وجوزيف هوفمان، وهما من تلاميذ فاجنر، مجموعة عُرفت بمجموعة فيينا الانفصالية، وانضم إليهما فنانون ومعماريون آخرون. وتوحدت المجموعة ضد أنماط إحياء الطرز القديمة. وصمم أولبريش مبنى حركة الانفصال 1898م، وهو صالة عرض في فيينا. واتخذ طراز عصر النهضة والطراز الكلاسيكي الجديد للفيلا المقببة وأعاد تصميمها بأسلوب حداثي. ويظهر تأثير فاجنر في بروز سطح سقف المبنى وخلو جدرانه من الزخارف. كما صمم هوفمان قصر ستوكلت (1905-1911م) في بروكسل ببلجيكا. وهذا القصر، بجدرانه البيضاء المنبسطة الخالية من الزخارف، وحدوده الهندسية الشبيهة بالمكعَّب، أحد أكثر الأعمال المعمارية تقدمًا في أوائل القرن العشرين الميلادي.

كما كان أدولف لوس أحد النمساويين الذين عارضوا بشدة الزخارف في العمارة، حيث كان يعتقد أن الخاصية الزخرفية للمبنى تنبع بشكل طبيعي من المواد الإنشائية وهيئة المبنى. وقد صمم لوس مبنى شتاينر هاوس (1910م) في فيينا ومباني أخرى بأشكال شبيهة بالمكعب بدون زخارف.

وفي ألمانيا، صمم بيتر بيرنز بعضًا من المصانع لتعكس أفكار عمارة الحداثة. وكان أشهر تصميماته مصنع A.E.G للتوربينات (1909م) من الخرسانة والزجاج والحديد، في برلين. وأثر بيرنز على نظريات ميز فان در روه ووالتر جروبيوس ولوكوربوزييه عندما عملوا في مكتبه أوائل القرن العشرين الميلادي.

مبنى ريلانس في شيكاغو كان واحدًا من أوائل ناطحات السحاب الحديثة. قام بتصميمه مؤسسة دانيال بيرنهام وشركاه، واكتمل بناؤه عام 1894م. ويُظهر الرسم الهيكل الإنشائي الحديدي للمبنى.

عمارة الحداثة المبكرة في أمريكا:

ربما كان هنري هوبسون ريتشاردسون أول وأهم مهندس معماري في الولايات المتحدة الأمريكية أدخل عناصر حداثية في تصميماته. فقد كان ريتشاردسون معماريًا أمريكيًا رائدًا في أواخرالستينيات من القرن التاسع عشر الميلادي حتى وفاته عام 1886م. عمل بنماذج مختلفة لعمارة العصور الوسطى، خاصة عمارة الرومانسك. وبالرغم من ذلك فقد استخدم أحيانًا سمات التصميم الحداثي في الأشكال الهندسية الميسرة وخلو أواخر أعماله من الزخارف الخارجية. وصمم ريتشاردسون عددًا من المباني بعناصر طرازي الرومانسك والعناصر الحداثية معًا منها جْلِسْنر هاوس (1885 - 1887م) ومخازن مارشال فيلد وشركاه للبيع بالجملة (1885 - 1887م) في شيكاغو.

أصبحت شيكاغو مركزًا لعمارة الحداثة في الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين. وأعطى حريق شيكاغو المدمر عام 1871م الفرصة للمعماريين لاختبار الأفكار الجديدة عند إعادة بناء المدينة. وصمم وليم لي بارون جيني أول هيكل معدني لناطحة سحاب في العالم هو مبنى هوم إنشورنس ذو الطوابق العشرة (1884-1885م) في مركز شيكاغو التجاري. فالهيكل الفولاذي يحمل المبنى، أما الجدران فلا تساعد في دعم الإنشاء ولكنها تُستخدم كستائر. وقد أصبح الهيكل الفولاذي والجدار الستائري أساس التصميم الحديث.


مبنى كارسون بيري سكوت وشركاه مخازن تجارية متعددة الأغراض بشيكاغو. وهو رائعة مدرسة شيكاغو المعمارية. وتمثل مدرسة شيكاغو مجموعة رائدة من المعماريين الأمريكيين الحداثيين، ومقرها في شيكاغو. قام بتصميم المخزن التجاري لويس سوليفان، واكتمل عام 1906م. وتبرز ملامحه النوافذ الشريطية الأفقية التي تفصلها حجارة فاتحة الألوان. وقد زخرف سوليفان الطابقين الأولين من الحديد الزهر الأسود.
درب جيني عددًا من المعماريين في مكتبه في شيكاغو، منهم لويس سوليفان ودانيل بيرنهام. وقد أصبح سوليفان رائدًا لطراز معماري عرف بمدرسة شيكاغو، التي ضمت معماريين آخرين مثل بيرنهام ودانكمار أدلر وجون ولبورن روت. واكتسب هؤلاء الشهرة من هياكلهم الفولاذية لمباني المخازن التجارية والمكاتب. وصمم سوليفان مبنى كارسون بيري سكوت وشركاه (1899- 1906م)، وهو متجر متعدد الأقسام في شيكاغو اشتهر بنوافذه ذات الخطوط الأفقية والاستخدام الماهر للطوب الفاتح الألوان. كما صمم سوليفان مباني مكاتب ناطحات سحاب مثل مبنى وينرايت (1890- 1891م) في سان لويس بولاية ميسوري، ومبنى جارنتي (1894-1895م) في بَفَلو بنيويورك.

وأصبح بيرنهام معروفًا بأنه مخطط مدن أكثرمنه معماريًا. وبالرغم من ذلك فقد صمم عدة مبان تجارية مهمة. كما اشتهر مبناه لمحطة تغيير القطارات في شيكاغو (1903-1904م) خاصة بنوافذه الكثيرة.

للاطلاع على صور عن عمارة الحداثة المبكرة في أمريكا، ★ تَصَفح: بيرنهام، دانيل هدسون ؛ ريتشاردسون، هنري هوبسون ؛ سوليفان، لويس هنري.

طراز البراري ابتكره فرانك لويد رايت، وأحدث ثورة في العمارة الأمريكية السكنية. وتميزت البيوت التي صممها بهذا الطراز بتركيز خطوطها الأفقية مع استعمال مواد للبناء تتجانس مع التنسيق الطبيعي للأرض المحيطة. وقد صمم رايت منزل البراري أعلاه عام 1902م في أوك بارك بإلينوي.

فرانك لويد رايت:

هو أبرز شخصيات عمارة الحداثة الأمريكية. عمل رايت في شيكاغو لمؤسسة أدلر وسوليفان من 1887م وحتى 1893م، حيث بدأ أعماله الخاصة. واكتسب رايت اهتمامًا عالميًا بسلسلة من المنازل صممها خلال الفترة من حوالي 1900م وحتى 1910م على طراز البراري. وكان للمنازل أشكال أفقية منخفضة لأن رايت اعتقد أن مثل هذه التصميمات تتجانس مع براري الغرب الأوسط المنبسطة. وكان يقول: إن المبنى يجب أن ينبت من موقعه. وقد اختار رايت مواد البناء بألوان الأرض وكان يؤكد على استخدام المواد بمظهرها وشكلها الطبيعيين.

أحدث رايت ثورة في ترتيب الفراغات الداخلية في منازل البراري. فقد كانت الجدران تقسم الفراغ الداخلي في مساكن أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الأمريكية التقليدية إلى حجرات أشبه ما تكون بالصناديق. ولكن رايت قلّل من عدد الجدران في منازله بحيث أصبحت الغرفة الواحدة تتداخل مع الأخرى. وهذه المرونة في استخدام الفراغ الداخلي، وكذلك الخطوط الأفقية للمساكن، أثرت تأثيرًا كبيرًا على المعماريين الأوروبيين. وأشهر مسكن براري لرايت هو منزل روبي (1909 - 1910م) في شيكاغو. وصمم رايت أيضًا مشاريع كبيرة مثل مبنى لاركن (1904 - 1906م) في بَفَلو بنيويورك ويونتي تمبل (1906 - 1908م) في أوك بارك في إلينوي. وكان لاستخدامه الجريء والبارع للخرسانة في تلك المباني الفضل في انتشار هذه المادة في عمارة الحداثة. وأهم مشاريع رايت الأخيرة ربما كانت مبانيه التي صممها لشركة جونسون واكس في راسين بولاية وسْكنسن. ولمبنى الإدارة الرئيسي (1937 - 1939م) واجهات ناعمة من الطوب والزجاج، وفي داخل المبنى نجد منطقة المكاتب الرئيسية في شكل صالة فسيحة بدون نوافذ محاطة بالشرفات. وينساب الضوء الخافت للصالة من خلال فتحات شريطية أنبوبية من الزجاج من على حافات السقف الداخلي. وترتفع أعمدة الخرسانه من الأرض، وتحمل أقراصًا خرسانية عند مستوى السقف.

الباوهاوس مدرسة ألمانية للفنون أحدثت تأثيرًا كبيرًا في عمارة الحداثة. وقد صمم والتر جروبيوس مجمع داساو عام 1925م ويشتمل على مبنى الورش إلى اليمين.

والتر جروبيوس:

أثّر في عمارة الحداثة بوصفه معماريًا ومعلمًا. ففي عام 1919م، أنشأ الباوهاوس، وهي مدرسة للتصميم في فيمار بألمانيا. وقد كرست المدرسة جهودها لربط الفنون والعمارة بالتقنيات الصناعية الحديثة. وفي عام 1925م، انتقلت الباوهاوس إلى داساو. وقد صُنِّف تصميم جروبيوس لمباني مجمع داساو والمنشآت الهندسية من الخرسانه والزجاج ضمن أرقى التصميمات في عصرها.

جاء جروبيوس إلى الولايات المتحدة عام 1937م. وفي السنة التالية، أصبح رئيسًا لقسم العمارة بجامعة هارفارد. وانتشرت نظريات جروبيوس المعمارية في الولايات المتحدة لأنه عمل مهندسًا معماريًا ومعلمًا. وفي عام 1946م، أسس جروبيوس وبعض تلاميذه الأوائل شركة المعماريين المتحدين. وقد صمّمت المجموعة مشاريع كثيرة في الولايات المتحدة وفي بلاد أخرى، بدءًا من مركز الدراسات العليا (1949ـ 1950م) بجامعة هارفارد.

الطراز الدولي:

ساد الطراز الدولي للعمارة حتى حوالي 1950مو وجاء الاسم من عنوان لكتاب يسمى الطراز الدولي (1932م)، كتبه أمريكيان هما المعماري فيليب جونسون ومؤرخ العمارة هنري راسل هيتشكوك. وفي الكتاب، استعرض الكاتبان العمارة في السنوات العشر السابقة، وذكرا أن هناك طرازًا دوليًا واضحًا تطور في عدة بلدان.

وفي الحقيقة، فإن الطراز الدولي يتضمن عدة أفكار لمعماريين رواد حداثيين مثل هوفمان ولوس ورايت وجروبيوس. وللمباني النموذجية لهذا الطراز أشكال هندسية وجدران بيضاء وحديقة سطح علوية مستوية. ومعظمها مشيَّد من الخرسانة المسلحة، وهذه الخرسانة مطمور بها أسياخ من الحديد لإعطائها قوة إضافية. ومباني الطراز الدولي النموذجية لها نوافذ كبيرة تضفي على المرء إحساسًا بالرضا والبهجة. وأسطحها الخارجية بها زخارف قليلة، وقد تكون خالية من الزخارف.

لوكوربوزييه:

قد يكون لوكوربوزييه أبرز معماري عمل بالطراز الدولي. ومعظم أعماله الأولى كانت مساكن تشبه الصناديق البيضاء، وقد بنيت هذه المساكن من الخرسانة المسلحة بيضاء اللون ومرفوعة من سطح الأرض بأعمدة تسمى بيلوتي. ومن أهم مساكن لوكوربوزييه الأولى على هذا الطراز فيلا سافوي (1929 ـ 1931م) في بواسي بفرنسا.

وأظهرت أعمال لوكوربوزييه الأخيرة اختلافًا عن مساكنه الشبيهة بالمكعب. وأحد أشهر مشاريعه الأخيرة هو يونيته دابيتاسيون (1947 ـ 1952م)، وهو مبنى الشقق ذو الـ 337 وحدة في مارسيليا بفرنسا. ومثل أعماله الأولى، شيد لوكوربوزييه مبناه من الخرسانة المسلحة المرفوعة على أعمدة البيلوتي، ونسج واجهته بالشرفات لحماية الشقق من الشمس المحرقة. وقد كونت الشرفات نسقًا من المستطيلات الداكنة والمضيئة في ضوء الشمس، وطلى لوكوربوزييه الجدران الجانبية بألوان زاهية لإعطاء تباين حيوي مع الخرسانة البيضاء.

لودفيج ميز فان در روه:

هو سّيد عمارة الزجاج والفولاذ. فقد صمم ناطحات سحاب بهيكل من الفولاذ وجدران من المعدن الرقيق والزجاج بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م).

وأصبح ميز مديرًا للباوهاوس عام 1930م. وخدم في هذا الموقع حتى أغلقت المدرسة عام 1933م. وفي عام 1937م، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي العام التالي، أصبح رئيسًا لقسم العمارة في معهد آرْمَرْ(حاليًا معهد إلينوي التقني) في شيكاغو. وفي عام 1939م، بدأ ميز في تصميم مباني مجمع معهد آرمر الجديدة. وأكدت تصميماته الشكل المستطيل والإنشاء شبه المكعب من الطوب وأعمدة الفولاذ الظاهرية والنوافذ الكبيرة.

وصمم ميز عدة ناطحات سحاب لمباني الشقق والمكاتب في الولايات المتحدة. وكان مبناه مجمع شقق ليك شور درايف (1949 - 1951م) في شيكاغو يمثل مستطيلين ضخمين من الزجاج. وربما كان أكثر مشاريعه مدعاة للمدح والثناء مبنى سيجرام (1956 - 1958م)، وهو مبنى مكاتب ناطحة السحاب في نيويورك، وقد صممه ميز مع فيليب جونسون. وللمبنى جدران من البرونز والزجاج المظلل بالبرونز.

العمارة اليوم:

ظل الطراز الدولي أكثر الطرز انتشارًا لمعظم المشاريع المعمارية في كل أرجاء العالم حتى حوالي 1950م. ومنذ ذلك الحين، ظهرت ردود فعل معاكسة ضده من المعماريين الشباب. واعتقد هؤلاء المعماريون أن الطراز يفتقر للتنوع في التصميم لأنه يركز على الأشكال الهندسية المبسطة، كما أنه يفتقر إلى الزخارف.

تصدر حملة الهجوم على الطراز الدولي أولاً مجموعة من المهندسين المعماريين تعرف بالقُساة. وقد أسس القساة تصميماتهم على أعمال لوكوربوزييه الأخيرة. وأنشأوا مباني ضخمة وبسيطة بمسطحات خارجية من الخرسانة الخشنة. ومن رواد هذه الحركة الشريكان كنزو تانجو في اليابان وجيمس ستيرلنج وجيمس جوان بإنجلترا وبول رودلف بالولايات المتحدة. وكما فعل القساة، فقد أنشأ المهندس المعماري الأمريكي لويس كان مبانيه باستخدام الخرسانة. وشملت تصميمات كان الرئيسية معهد سالك للدراسات البيولوجية (1963-1965م) في لاجولا بكاليفورنيا ومركز الفنون البريطاني (1972-1977م) في جامعة ييل.

ولعل أشهر الحركات المعمارية المثيرة للجدل اليوم حركة ما بعد الحداثة، التي بدأت خلال الستينيات من القرن العشرين الميلادي في الولايات المتحدة الأمريكية. وليس لما بعد الحداثيين أي طراز أو نظريات مشتركة ولكنهم متحدون في رفضهم للطراز الدولي. ومِن رواد حركة ما بعد الحداثة الأمريكيين المنظِّر والمصمِّم روبرت فنتوري. ومن المعماريين الأمريكيين الآخرين الذين يمكن ضمهم إلى ما بعد الحداثيين بيتر أيزنمان ومايكل جريفز وتشارلس مور، وروبرت ستيرن، وستانلي تايجرمان.

ومعظم ما بعد الحداثيين بعثوا طرزًا تاريخية أهملها المعماريون الحداثيون الأوائل. فعلى سبيل المثال، استخدم فنتوري طرزًا تقليدية أُخذت في الغالب من عمارة عصر النهضة الإيطالي ومن نموذج حركات الإحياء الأخرى. وقد أصبح فانتوري واحدًا من أوائل معماريي حركة ما بعد الحداثة، حيث أضاف الزخارف لمسطحات المباني الخارجية. وقد أدخل عدد من مابعد الحداثيين الأقواس والأعمدة والقباب والقواصر في تصميماتهم. والقوصرة قطاع مثلث بين التكنة الأفقية والسطح المائل في مقدمة المعبد الكلاسيكي الإغريقي أو المبنى الروماني.

وصاحب هذا الاهتمام بالطرز التاريخية الاهتمام بالحفاظ على المباني القديمة وتعديلها لاستعمالات جديدة. وأُنشئت عدة وكالات حكومية للحفاظ على المباني ذات القيمة المعمارية. ولهذه الوكالات في الولايات المتحدة الأمريكية السلطة لمنح صفة المَعْلَم لتلك المباني. والمباني ذات صفة المَعْلَم قد لا تُهدم أو تغير.

ومعظم أعمال مابعد الحداثيين كانت مباني صغيرة مثل المنازل والمخازن التجارية. وفي عام 1978م، كشف فيليب جونسون، المؤلف المشارك في كتاب الطراز الدولي، التصميم الذي ابتكره مع جون بيرجي لأول ناطحة سحاب على طراز ما بعد الحداثة، هو مبنى مقر رئاسة الهاتف والبرق في مدينة نيويورك. وقاعدة هذا المبنى المثير للجدل تماثل مصلى بازي من عصر النهضة الأوروبية. وقد صمم جونسون وبيرجي قمته كقوصرة بفتحة دائرية أعلى التصميم لتسمح لسحب البخار بالنفاذ من نظام التدفئة للمبنى. وربما كان المدخل الجديد لمتحف اللوفر أروع ما شيد في ثمانينيات القرن العشرين. وقد صمم المبنى المعماري الأمريكي أي. إم باي، وافتتح عام 1989م. ولمشاهدة هذا المبنى الشفاف الهرمي الشكل ★ تَصَفح: اللوفر.

إختبر معلوماتك :

  1. ما العناصر الثلاثة التي ينبغي على المهندس المعماري أن يوازن بينها لكي يقيم مبنى جذابًا وعمليًا؟
  2. ما طراز العمارة الإغريقية؟
  3. ما أسلوب البراري في العمارة، وما الأسلوب الدولي؟
  4. كيف أثرت الثورة الصناعية على تطور العمارة؟
  5. من الشخصان البارزان اللذان تبنَّيا أسلوب الباروك في الهندسة المعمارية؟
  6. كيف أثر اكتشاف مدينتي بومبي وهركيولانيم على العمارة في القرن الثامن عشر الميلادي؟
  7. كثير من الأعمال والتصاميم الرائعة لعمارة الحداثة قام بها معماريون أربعة أو كان لهم تأثير في تصميمها. من هؤلاء المعماريون الأربعة؟

مقالات ذات صلة

المصدر: الموسوعة العربية العالمية