الرئيسيةبحث

تشييد المباني ( Building construction )



تشييد المباني من الصناعات الرئيسية التي يحتاج إليها البشر لتوفير المأوى والمنشآت الحيوية. وقد بنى الإنسان البدائي أكواخاً من أغصان الأشجار والطين أو الصخور. ثم تحسنت طرق تشييد البناء بشكل مطّرد منذ تشييد تلك المنشآت البدائية حتى وصلت الآن إلى تشييد أضخم بناء إداري عرفه العالم، ألا وهو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في مدينة أرلنجتون، بولاية فرجينيا، بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد تم بناؤه على مساحة 344,243م² شاملة المكاتب والمساحات الأخرى. ويبلغ ارتفاع برج سيرز في مدينة شيكاغو وهو أعلى بناء في العالم 433م.

وتشييد المباني والقصور من أهم المجالات التي برز فيها العرب والمسلمون قديمًا وحديثًا ؛ فقد شيد العرب القدماء قصورًا ومباني عجيبة ظلت آثارها ماثلة حتى اليوم، كقصر غمدان في جنوب الجزيرة العربية. كما شيد المعماريون المسلمون أنواعًا عديدة من المباني والعمائر كالمساجد والمدارس والقصور. وكانت تلك المباني تحتفظ بالروح العربية والإسلامية، ومن أمثلتها: المسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الأقصى في القدس، والجامع الأموي في دمشق، وقصر الحمراء في غرناطة الذي يعد من أعظم المباني الإسلامية التي خلّفها المسلمون. ★ تَصَفح: العمارة الإسلامية.

احتاج بناء تاج محل في الهند ـ وهو من المباني العجيبة في العالم ـ إلى مايقرب من20,000 عامل، واستغرقت مدة بنائه إحدى وعشرين سنةً من عام 1632م إلى عام 1653م، ويمكن بناء ناطحات السحاب الحديثة خلال سنة أو سنتين. وكذلك يمكن تشييد المباني سابقة الإعداد بمختلف أجزائها التي تصنع في المصانع بطرق خط التجميع، في يوم أو يومين، إلا أنها لاتدوم ـ عادة ـ كما تدوم المباني المنشأة بالطرق التقليدية.

أجزاء البناء

يتكون البناء من جزءين أساسيين هما: الإنشاء القاعدي، وهو الجزء الواقع تحت سطح الأرض، والإنشاء العلوي وهو الجزء الواقع فوق سطح الأرض. ويُسمّى الإنشاء القاعدي ـ عادة ـ الأساس. ويشمل أيضاً جدران الطابق السفلي بالرغم من إمكانية بروز هذه الجدران فوق سطح الأرض.

يساعدكل من الإنشاء العلوي والأساسي على دعم حمل (وزن) المبنى المنشأ بجزءيه العلوي والسفلي. والحِمل الساكن للبناء هو إجمال وزن كل أجزائه. أما الحمل الحي فهو وزن الأثاث والمعدات والمواد المخزونة والساكنين.

وفي بعض المناطق، يكون (حمل الرياح) مهمًّا للمبنى، إذا كان المنشأ يتعرض للعواصف. وقد يكون حمل الثلوج عاملاً مهماً أيضاً، وفي بعض الأماكن يجب أن تنشأ المباني بطريقة تجعلها محصنة ضدّ الهزات الأرضية.

الأساسات:

الوسائل الرئيسية لحمل البناء. وهي تحمل كلا نوعي الأحمال ؛ الحمل الحي والحمل الساكن. وهناك ثلاثة أنواع من الأساسات هي : 1ـ الموزعة، 2ـ الركيزة، 3ـ الدعامة.

الأساسات الموزعة. بلاطات طويلة من الخرسانة المسلحة تمتد أبعد من الحواف الخارجية للبناء. ولاتكون هذه الأساسات متينة متانة الأساسات التي تستند على الصخور الصلبة. ويجب أن تكون مساحات القواعد الملامسة للتربة كافية، بحيث توزع الحمل على التربة بشكل آمن، ولتجنب الهبوط الزائد أو غير المنتظم ؛ إذ يُسبب هذا النوع من الهبوط تشققات في الجدران أو إعاقة للأبواب.

أساسات الركيزة. أعمدة خرسانية ثقيلة تخترق التربة العلوية المفككة، وتصل إلى الطبقة الصخرية القوية.وتتكون هذه الطبقة من الرمل والحصى، أو طينة محكمة متماسكة. وعندما تحتوي الطبقة على طين متماسك، يتم توسيع قاعدة الركيزة عادة لزيادة مساحة التحميل.

أساسات الدعامة. هي أعمدة طويلة ورفيعة من الفولاذ، أو الخرسانة، أو الخشب. وتعمل مكائن تُسمَّى مدقات الدعائم على دق الدعائم لأعماق تصل إلى 60م إلى أن تصل هذه الدعائم إلى طبقة صلبة من التربة أو الصخر. ويستطيع الفنيون معرفة متى تصل الأعمدة إلى العمق المناسب وذلك بوساطة عدد الضربات التي يحتاجها مدق الدعائم لدفع الأعمدة بضعة سنتيمترات إلى الأسفل. وتعمل هذه الأعمدة على نقل وزن البناء إلى التربة التي يرتكز عليها. وترتكز معظم ناطحات السحاب على الطبقات الصخرية.

الدعامات الرئيسية والعوارض (الكمرات الرئيسية) والأعمدة:

تتشابه كثيرًا كل من طريقة إسناد البناء ـ بوساطة الدعامات الرئيسية، والعوارض، والأعمدة ـ وطريقة إسناد العظام للجسم. فهي تكوِّن هيكل البناء العلوي، وتتحمل أوزان الجدران وكل أرضيات البناء. وتُبنى الدعامات الرئيسية والعوارض بشكل أفقي. وتكون العوارض أكبر ـ عادة ـ من الدعامات الرئيسية. وتُسمّى الدعامات الرئيسية المتقاربة بالروافد وبخاصة في المباني الخشبية. والمدادات عتبات صغيرة تربط الفرشات، أو العوارض، وتساعد على إسناد المنْشأ المسقوف. وتُسمَّى العتبات فوق النوافذ والأبواب العتبات العلوية. والبلاطات هي العتبات التي يكون عرضها أكبر من عمقها.

الأعمدة. مساند رأسية ثقيلة تحمل أوزان العتبات والعوارض. وتتكون الجمالونات من عدد كبير من المساند الخشبية أو الفولاذية المرتبطة على شكل مثلثات. وتعطي الجمالونات مزيدا من المقاومة والصلادة اللازمتين لحمل الأوزان عبر مسافات طويلة باستعمال كميات قليلة نسبياً من المواد. والعقود هي مساند مقوَّسة تمتد عادة فوق الفتحات.

أنواع البناء

أنواع البناء تختلف باختلاف ارتفاع المبنى. فمبنى ناطحة السحاب على (اليمين) له هيكل مكوَّن من العتبات والأعمدة والعوارض. والمبنى على (اليسار) من نوع البناء الجداري الحامل، وهو نوع من البناء يستخدم في المباني التي لاترتفع أكثر من أربعة أدوار.
في الإنشاء الجداري الحامل تنقل الجدران الحمل إلى الأساس. وفي الإنشاء الهيكلي، تُنقل الأحمال كلها إلى الأساس بوساطة هيكل صلد يتكون من كمرات، وعوارض وأعمدة، ويتحمل هذا الهيكل كلا من السقف، والجدران، والأرضيات مع أوزانها. ويُعدُّ البناء الجداري الحامل من أقل أنواع المباني تكلفة، وبخاصة المباني التي يقل ارتفاعها عن أربعة أدوار، إلا أن البناء الهيكلي هو الأفضل في حالة المباني المرتفعة. وناطحات السحاب جميعها من نوع البناء الهيكلي. وكان أول مبنى يُستخدم به البناء الهيكلي هو مبنى لشركة تأمين مساكن في مدينة شيكاغو، حيث بلغ ارتفاعه عشرة أدوار. وبعد اكتمال العمل به في سنة 1885م، اُعتُبر أول ناطحةِ سحاب في العالم.

توجد أجزاء كثيرة من البناء ليس لها وظيفة إنشائية، فالقواطع أو الجدران القاطعة والجدران الساترة لاتحمل إلا وزنها، وتعمل على تقسيم البناء من الداخل أو تعزل العناصر بعضها عن بعض. وهناك أنواع أخرى من الأجزاء غير الحاملة مثل النوافذ، والأبواب والدَّرَج، والمصاعد.

وفي إحدى طرق البناء، وتُسمَّى بناء الميل إلى أعلى، يتم صب الجدران الخرسانية في قوالب على الأرض، ثم تُرفع إلى مواقعها بوساطة الونش أو المرفاع. ويمكن استخدام بناء رفع البلاطة لتحديد مواقع بلاطات الأسقف والأرضيات، حيث يتم صب هذه البلاطات الخرسانية على الأرض، داخل إطار هيكل المبنى. ثم تُرفع إلى مواقعها باستخدام الرافعات الهيدروليكية.

تصنيف المباني

طريقة بناء الميل إلى أعلى تشمل قولبة الجدران الخرسانية عند مستوى سطح الأرض، ثم تُرفع الأجزاء إلى مواقعها بوساطة االرافعات.
يتم تصنيف المباني في كثير من الدول على أساس مقاومتها للحرائق. ويستخدم فحص النار القياسي لفحص عينات المواد. وفي هذا الفحص، تعرض العينات لقدر معين من النار. ويتم تصنيف المواد على أساس قدرة تحملها للنار. على سبيل المثال، المادة التي تتحمل الفحص لمدة ساعتين تُعطي تقديراً يساوي ساعتين.

ومن المحتمل إعطاء تقدير مقداره أربع ساعات، إذا كانت جدران البناء مبنية من الطوب أو الخرسانة المسلحة، وكانت الأجزاء الإنشائية الرئيسية تتكون من الفولاذ أو الخرسانة المسلحة ومعزولة ضد الحريق، وتُعطى الأجزاء الأخرى للبناء تقديراً يساوي ثلاث ساعات.

ويطلق على المبنى اسم البناء الاعتيادي إذا كانت الجدران الخارجية مبنية من الطوب أو الخرسانة المسلحة، والأجزاء الداخلية للمباني ـ جزئياً أو كلياً ـ مصنوعة من الخشب، وبأبعاد أصغر ممايتطلبه تشييد المباني الخشبية أو الفولاذية الضخمة.

إنشاء الإطارات:

هو البناء الذي تكون جدرانه الخارجية ـ جزئياً أو كليًا ـ مصنوعة من الخشب. وتشتمل على طوب أو كسوة حجر، أو جص، أو ألواح معدنية مثبتة على الخشب.

تشييد ناطحات السحاب

تشييد ناطحة سحاب مبين في الشكل أعلاه. يتم بناء معظم ناطحات السحاب على الصخر ولها أساسات ركيزة (دعامة) وقالب هيكلي.
ساعد تطور الحاسوب على إيجاد طرق جديدة لتصميم وبناء ناطحات السحاب. ويستخدم المهندسون الحاسوب في حل مسائل الرياضيات المعقدة التي تظهر في هذا النوع من مشاريع البناء. وتقوم أجهزة الحاسوب بإجراء هذه العمليات الحسابية بسرعة وذلك بتجزئة التصميم إلى عدد محدد من العناصر التي تم حسابها مسبقاً.

عندما تقرر هيئة ما بناء ناطحة سحاب، فإنها تقوم ـ عادة ـ بتوقيع عقد مع شركة بناء. وتحصل هذه الشركة على العقد بعد أن يتقدم عدد كبير من الشركات بعطاءاته موضِّحًا فيها الأسعار المطلوبة والزمن الذي تحتاجه لبناء المبنى. ويجب على الشركة التي يرسو عليها العطاء أن تقوم بتصميم المخططات التفصيلية للمبنى لكي يتم الإنشاء بالسرعة المطلوبة وبأرخص الأثمان. وتعطي شركة البناء عادة عقدًا من الباطن (مقاولات ثانوية) لشركات أخرى ؛ لإتمام أعمال التوصيلات الكهربائية والسباكة، ورص الطوب. وتخفِّض المقاولات الثانوية من المصروفات، لأنها تستخدم العمالة فقط عندما يقتضي برنامج العمل ذلك.

قبل أن يبدأ البناء، يدرس المهندسون مقاومة التربة التي سيُبنى عليها المبنى الجديد. وبعد الحصول على هذه المعلومة يمكنهم تصميم الأساس المناسب. ثم تبدأ عملية الحفر بعد تنظيف الموقع، وتسويته، وتصريف المياه منه. تحفر الحفارات المتنقلة ـ عادة ـ الأساس. أما الأرض الصخرية، فيتم حفرها بالمتفجرات.

يعمل العمال ـ أحياناً ـ على حفر أخدود حول الأساس ثم يقومون بملئه بالخرسانة قبل بدء الحفر. ولمنع الانهيار المحتمل لبعض الحفر، تحاط الحُفرُ وتُدعم بالخشب أو الفولاذ، وتستخدم المضخات طوال الوقت لسحب الماء بعيدًا عن أعمال الحفر. ولكن إذا كانت التربة مشبعة بالماء فيمكن بناء القيسونات (مجرات محكمة) لكي يستمر العمل.

بعد الانتهاء من الحفر، يتم بناء القواعد والبناء العلوي. ويكون معظم الفولاذ المستخدم في البناء العلوي، مثل العتبات، والعوارض، والأعمدة، من النوع السابق الإعداد. وتحمل كل قطعة فولاذية رقماً يوضح الموقع المحدد الذي يجب أن توضع فيه. وعند رفع الفولاذ إلى موقعه، يربط العمال القطع الفولاذية بالبراغي ـ مؤقتاً ـ وبعد ذلك، يربط اللحامون هذه القطع بشكل نهائي.

وعند بناء ناطحات السحاب، تُستخدم أنواع كثيرة من الرافعات. وهناك نوعان رئيسيان من الرافعات هما: الرافعات المتحركة والرافعات البرجية. وتركب الرافعات المتحركة على شاحنات أو عربات خاصة بحيث تمكِّنها من الحركة خارج حدود المبنى لنقل المواد والمعدات من المواقع المختلفة. وتسند الرافعات البرجية على برج فولاذي يُركب بجوار أو داخل إطار هيكل المبنى. وتتمكن هذه الرافعات من نقل المواد التي تقع في حدود أكبر نصف قطر تستطيع العمل به. ويمكن إضافة وصلات إلى بعض الرافعات البرجية لزيادة ارتفاعها كلما ارتفع البناء. ويُثبَّت البعض الآخر منها مباشرة فوق الأدوار العلوية المنتهية من إطار هيكل المبنى. ويمكن استغلال آلية البرج "التلسكوبية" للقفز إلى الأدوار المتلاحقة حال بنائها. ويمكن أن يساعد المرفاع، الرافعة المتحركة، أو حتى الطائرة العمودية في نقل مقاطع الرافعة البرجية عندما يكون المبنى على وشك الانتهاء.

وبعد أن ينتهي العمال من البناء العلوي والجدران الخارجية، يصبح المبنى جاهزاً لتشطيبه وتزيينه، وتأثيثه. وهذه الخطوات تشبه تشطيب المنزل. ★ تَصَفح: المسكن.

البناء سابق الإعداد

تتكون المباني سابقة الإعداد من مقاطع منتجة كلياً في المصانع، وتظهر في الصورة رافعة ترفع جداراً سابق الإعداد وتضعه في مكانه في موقع البناء .
أصبح للبناء سابق الإعداد دور مهم في معظم طرق بناء المباني. إذ يتم تصنيع مكونات المبنى بكميات كبيرة في المصنع ثم تُشحن إلى مواقع البناء المختلفة. وتسمح هذه الطريقة باستمرار العمل بالرغم من الظروف المناخية القاسية، كما تقلل من ضياع الوقت في الموقع. ونتيجة لذلك، تنخفض الأسعار ويقل زمن البناء.

يمكن استخدام طريقة البناء سابقة الإعداد لأنواع كثيرة من مقاطع المبنى. على سبيل المثال، يمكن الإعداد المسبق لكل جدران منزل ذي هيكل خشبي. وتصنع مسبقاً أقواس خشبية ضخمة تستخدم لحمل الأوزان في المسارح وصالات الألعاب الرياضية وبعض المباني الأخرى. ومن السهولة بمكان أن تستخدم كل من الكمرات، والأرضيات، والأسقف، وألواح الصب والجدران الخرسانية التي سبق إعدادها للكثير من أنواع المباني، وقد تُبنى مبان بأكملها في المصنع، ثم تنقل إلى الموقع المطلوب.

وفي بعض الأحيان يمكن بناء المنشآت سابقة الإعداد بعملية تُسمَّى البناء المعياري، وقد استُخدمت هذه الطريقة لأول مرة في اليابان. والبناء المعياري هو استعمال مقاسات كأساس لكل مواد البناء. وقد يختلف مقياس المعيار بشكل كبير من دولة إلى أخرى. إذ يتكون المعيار القياسي في الولايات المتحدة على سبيل المثال من 10سم. ويتم تصميم جميع أجزاء المبنى بحيث تكون كل مقاييسها إما مساوية لهذا المقياس أو بعض مضاعفاته. ويسمح هذا النوع من تقييس أجزاء المبنى بالتوافق بين كل أجزائه مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة. وتستعمل الأجزاء المعيارية ـ أيضاً ـ في المباني غير سابقة الإعداد.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية