يسوع (من 2-8 قبل الميلاد إلى 29-36 بعد الميلاد) ويعرف أيضاً باسم يسوع المسيح حيث كلمة المسيح تعنى "الممسوح بالزيت" التى اشتقت من كلمة المسيا اليهودية، ويعرف أيضا بيسوع الناصري نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها معظم أيام حياته. يسوع هو اسم باللغة الآرامية (ܝܫܘܥ). يسوع بالعبرية والآرامية تنطق يشوع (יהושע - ܝܫܘܥ) ومعناها الحرفي "يهوه شوع" أى "الله يخلص".
المسيح حسب الكتاب المقدس وحسب إيمان المذاهب المسيحية الأساسية الأرثوذوكسية والكاثوليكية والغالبية الكبرى من البروتستانتية هو ابن الله،[1] وهو الرب،[2] وهو واحد مع الله الآب،[3] وهو الله نفسه الذي ظهر في الجسد،[4] (عقيدة الثالوث الأقدس)، بحسب قانون الايمان الذي صاغه آباء الكنيسة في مجمع نيقية 325 م فإن المسيح هو الله المتجسد والمساوي للآب في الجوهر [5]: إله من إله .. نور من نور .. اله حق من إله حق .. وهو الإقنوم الثاني في الثالوث الأقدس (الاله الواحد في ثلاث اقانيم متساوية ومتحدة في الجوهر).
وفقاً للعقيدة المسيحية فأن: يسوع المسيح ولد في بيت لحم كما توجب أن يولد بحسب ما تنبأ عنه النبي ميخا. تذكر الاناجيل (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) شهادات حية مما رأوه وتعلموه وكانوا شهودا له لما عمل من أعمال. كانت ولادته معجزية من غير أب، إذ حل الروح القدس على السيدة مريم العذراء، فحبلت به، ثم ولدته في بيت لحم، كما جاء في الكتاب المقدس.
يؤمن المسيحيون أنه صلب و مات من أجل دفع ثمن خطايا جميع البشر، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ثم أقيم من قبره في اليوم الثالث، قاهرا الموت بالموت، كما تنبأ عنه في العهد القديم. ثم ظهر لتلاميذه وبقي معهم أربعين يوماً ومن ثم صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب وسوف يأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات وملكه لن يكون له انقضاء .
فهرس |
تعتبر الأناجيل القانونية الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) المنابع الرئيسية الأساسية بالنسبة للتقليد المسيحي للحصول على معلومات عن حياة السيد المسيح.
بين الأناجيل الأربعة اختصت بشارتي متى ولوقا فقط بالحديث عن نسب يسوع والسلالة التي انحدر منها، حيث تحدث متى الإنجيلي عن نسب يسوع المنحدر من ناحية أبيه القانوني أمام الشرع اليهودي وهو يوسف النجار خطيب السيدة العذراء، أما لوقا الإنجيلي فقد تكلم أيضا عن نسب يسوع من ناحية يوسف ولكن استنادا إلى تفاسير أخرى، فقد مر خط نسب المسيح في إنجيل لوقا عبر سلالة والدته مريم ، ولكن بشكل عام كِلا الإنجيليين يرجعون نسب المسيح إلى داود الملك ومنه إلى النبي إبراهيم.
تتشابه قائمتا النسب عند متى ولوقا من إبراهيم إلى داود ولكنها تختلف من داود إلى يوسف خطيب مريم، يبتدأ متى بسليمان مرورا بجميع ملوك يهوذا حتى الملك الأخير يكنيا، وبعد يكنيا انتهى خط الملوك في سلسلة النسب بسبب الاحتلال البابلي لمملكة يهوذا، وبكل الأحوال كانت رغبة متى هي التأكيد على انحدار يسوع من سلالة الملوك فهو إذا الوريث الشرعي لعرش إسرائيل.
في إنجيل لوقا نجد قائمة نسب يسوع هي أطول من قائمة إنجيل متى ، وذلك لأن لوقا يبتدأ من آدم ويذكر أسم أكثر بين داود و يسوع حيث يعتقد أن متى كان يختصر القائمة بذكر الشخصيات الأكثر أهمية بينما اهتم لوقا كما هو معروف عنه بالدقة فذكر القائمة بتفصيل أكثر [6] .
لم تخبرنا الأناجيل الأربعة عن يوسف خطيب السيدة العذراء إلا في الفترة ماقبل ولادة يسوع وبعدها القليل أثناء طفولته، وقد كان اليهود يعتقدون أن يوسف ذاك هو والد يسوع فكانوا يعرفونه على أنه يسوع الناصري ابن يوسف النجار، أثناء حادثة الصلب طلب المسيح من تلميذه المحبوب أن يعتني بأمه مريم ومن هذا نستدل بأن يوسف كان ربما قد مات قبل الصلب بفترة غير معروفة [7] .
تتحدث بعض أسفار العهد الجديد كإنجيل متى ومرقس والرسالة إلى الغلاطيين عن وجود أقارب ليسوع بما في ذلك إخوة وأخوات، الكلمة اليونانية المستعملة في هذه النصوص هي (adelphos) والتي تترجم إخوة في الكثير من ترجمات العهد الجديد، ولكن الكلمة بشكل عام قد تدل على أي قرابة عائلية كما أن المسيحيين الكاثوليك والأرثوذوكس وبعض البروتستانت يؤمنون بأن إخوة يسوع هؤلاء هم أبناء عمومته وأنسباءه أو أبناء يوسف خطيب أمه من زوجة أخرى وذلك لإيمانهم ببتولية مريم قبل وأثناء وبعد ولادتها ليسوع المسيح.
استنادا لمتى ولوقا فقد ولد يسوع في مدينة بيت لحم في اليهودية، وأمه هي العذراء مريم التي حبلت وولدت به بطريقة معجزية بواسطة الروح القدس بدون اي اتصال جسدي، حيث يحدثنا إنجيل لوقا عن زيارة الملاك جبرائيل لها ليخبرها بأنه قد اختيرت لتكون والدة ابن الله [8]
واستنادا إلى نفس الإنجيل فقد صدر في تلك الفترة أمر من أغسطس قيصر روما بأن يكتتب كل سكان الإمبراطورية أي أنه أمر بإجراء إحصاء عام لهم، وهذا ما دفع مريم وخطيبها يوسف إلى مغادرة مكان سكنهم في مدينة الناصرة والتوجه إلى مدينة داود مدينة بيت لحم ليكتتبوا هناك لكونهم من بيت داود وعشيرته، وعندها كانت أيام مريم قد تمت لتضع مولودها ولأنه لم يكن لهم مكان في نزل أو فندق بسبب ازدحام المدينة باتوا ليلتهم في حظيرة للحيوانات حيث ولد يسوع، وفي تلك الأثناء قام ملاك الرب بزيارة رعاة ساهرين على حراسة أغنامهم وبشرهم بولادة المخلص فقام هؤلاء الرعاة وجاءوا وشاهدوا الطفل وأمه ثم نشروا ذلك الخبر في كل تلك المنطقة، ويخبرنا الإنجيلي متى عن قدوم مجوس من الشرق محملين بالهدايا لزيارة الطفل المولود ملك اليهود بعد أن تبعوا نجم ظهر في السماء آمنوا بأنه إشارة من السماء على ولادة الملك المسيا المنتظر [9] ، وبعدها يتكلم إنجيل متى عن هروب يوسف ومريم وطفلها إلى مصر هربا من أمر الملك هيرودس بإعدام كل أطفال بيت لحم ونواحيها من عمر سنتين فما دون، ولكنهم عادوا بعدها إلى ديارهم بعد زوال الخطر.
استنادا إلى الإنجيل المكان الذي قضى فيه يسوع طفولته هو مدينة الناصرة التي في الجليل، وبحسب إنجيل لوقا عاش يوسف ومريم في الناصرة قبل ولادة يسوع وعادوا إليها عقب ولادته، أما بالنسبة لإنجيل متى فقد بقيت العائلة في مصر حتى وفاة الملك هيرودس ولما عادوا إلى أرض إسرائيل علم يوسف بأن ابن هيرودس ملك على اليهودية مكان والده فخشي يوسف العودة بأسرته إلى هناك، وبوحي من الله جاءه في حلم انصرف إلى نواحي الجليل إلى مدينة الناصرة .
بحسب انجيل لوقا [10] كان عمر يسوع حين تعمد حوالي الثلاثين عام ، و الحادثة الوحيدة المذكورة في الإنجيل عن الفترة مابين الولادة والعماد هي تلك التي التي يتحدث عنها إنجيل لوقا عن ضياع الطفل يسوع في الهيكل أثناء زيارته لأورشليم مع أبويه [11] .
في إنجيل مرقس دعي يسوع بالنجار [12] ، وفي إنجيل متى بابن النجار [13] ، ومن هذا نعرف بأن يسوع قضى حداثته بتعلم تلك المهنة من أبوه يوسف .
فاتحة إنجيل مرقس هي قصة عماد يسوع على يد يوحنا المعمدان ، و التي يعتبرها العديد من دارسي الكتاب المقدس بداية انطلاق يسوع في دعوته العلنية ، فبحسب مرقس فقد جاء يسوع إلى نهر الأردن ليعتمد حيث كان يوحنا المعمدان يعظ الشعب ويعمدهم معمودية التوبة . يضيف إنجيل متى هنا الحوار الذي دار بين يسوع ويوحنا عندما امتنع يوحنا في البداية عن عماد يسوع طالبا منه بأن يعمده هو ، ولكن امتثل يوحنا اخيرا لرغبة يسوع وعمده { اسْمَحِ الآنَ ، لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ.} [14] ، وبعد أن تعمد يسوع وخرج من الماء يقول إنجيل مرقس بأن يسوع { رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلاً عَلَيْهِ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. } [15] .
بعد المعمودية وبحسب إنجيل متى فقد اقتيد يسوع من الروح إلى البرية و صام هناك أربعين نهارا وأربعين ليلة ، وعندما جاع أخيرا بدأ الشيطان يجربه ليدفعه لاستخدام قوته الروحية كدليل على أنه ابن الله ولكن يسوع كان يرفض دائما إغراءات إبليس متسلحا بآيات من أسفار العهد القديم ، وتتفق الأناجيل الاربعة على أن يسوع جًرب ثلاث مرات ، وبعد أن فشل الشيطان بالانتصار عليه فارقه إلى حين وجاءت الملائكة لتخدم يسوع [16] .
يقدم لنا الإنجيل يسوع على أنه المسيا أي المسيح المًنتظر ، و الذي أًرسِِل { لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ } { مرقس 10: 45 }، ولكي يبشر بالأخبار السارة { إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ ، لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ } [17] .
وخلال مسيرة حياته قام يسوع باجتراع المعجزات الباهرات كمن له سلطان ، فشفى المرضى وأخرج الأرواح النجسة من الممسوسين و مشى على المياه وأقام العديد من الأموات ، كإقامته لصديقه لعازر من الموت بعد أن قضت جثته أربعة أيام في القبر [18] .
يتحدث إنجيل يوحنا عن مرور ثلاثة أعياد يهودية مختلفة خلال حياة يسوع التبشيرية ، فنستدل من هذا بأن الفترة العلنية التي كرز فيها يسوع كانت قرابة الثلاثة أعوام ، هذا مع العلم بأن بعض التفسيرات للأناجيل المتوازية { أناجيل متي ومرقس ولوقا } تقترح بأن فترة خدمة يسوع كانت سنة واحدة فقط . كان كل التركيز أثناء حياة يسوع التبشيرية موجه نحو أقرب الموالين له وهم التلاميذ الاثني عشر ، ولذلك دًعي العديد من أتباعه بالتلاميذ . لقد دفع يسوع العديدين للإيمان بأن الحجاب سوف يًرفع عن الأسرار التي تعج بها الكتب القديمة وبأن نهاية العالم الزائل سوف تأتي بشكل غير متوقع ، لذلك كان يطلب من أتباعه أن يكونوا دائما يقيظين وممتلئين بالإيمان .
وفي قمة عطائه جذب يسوع الآلاف للإصغاء إليه ، خصوصا سكان منطقتي الجليل و حوض الأردن ، ومن أشهر تعاليمه تلك الوصايا التي لقنها للجموع أثناء موعظته على الجبل ، والتي تضمنت التطويبات و الصلاة الربية ، حيث يقول إنجيل متى بأنه { َلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.} [19] . وكان يسوع معتادا على تعليم الناس بواسطة استخدام الأمثال كمثل الابن الضال ومثل الزارع ، و كان أبرز محاور تعاليمه يدور حول التضحية الشخصية غير المشروطة في سبيل محبة الله وجميع الناس بغض النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم ، وفي معظم عظاته كان يؤكد على خدمة الاخرين وعلى ضرورة التواضع في تلك الخدمة ، كما كان يركز بشكل كبير على مغفرة الخطايا وعلى الإيمان وعلى إدارة الخد الاخر للخصوم وعلى مقابلة شر الأعداء بمحبتهم كمحبة الأصدقاء ، كما كانت تعاليمه تًبرز الحاجة إلى الإنقياد إلى روح الناموس والشريعة وليس ظاهرها [20] .
كان يسوع يجتمع كثيرا بالمنبوذين من قبل المجتمع اليهودي المتزمت ، فكثيرا ما جالس العشارين ( أي جباة الضرائب لصالح الرومان، والذين كانوا مكروهين جدا في محيطهم )، لا بل أن يسوع اختار أحد هؤلاء العشارين ليكون من تلاميذه الاثني عشر وهو متى الذي كتب لاحقا أحد الأناجيل الأربعة . وعندما اعترض الفريسيين وهم من أبرز طوائف اليهود المتدينة والذين يعتقدون ببرهم الذاتي ، عندما اعترضوا على اجتماع يسوع بالعشارين والزناة أجابهم الاخير بأنه { لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً ، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ } [21].
بحسب إنجيلي لوقا ويوحنا فأن يسوع بذل جهده لإيصال بشارته للسامريين ، والذين كانوا يؤمنون بكتاب التوراة أي كتب موسى الخمسة الاولى ويرفضون بقية كتب الانبياء التي يؤمن بها اليهود ، وكان هذا أحد أسباب العداوة القائمة بين الطرفين ، إلا أن ذلك لم يمنع يسوع من التوجه لهم وإخطارهم ببشارة ملكوت الله .
استنادا إلى الإنجيل فأن يسوع جاء مع اتباعه إلى أورشليم في عيد الفصح اليهودي ، حيث اجتمع هناك حشدا كبيرا لاستقباله ، وكان الحاضرين يهتفون { أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! } [22] ، وبعد دخوله كمنتصر لأورشليم تخبرنا الأناجيل الإزائية بأن يسوع قام بخلق فوضى عارمة في باحة الهيكل ، فقلب موائد الصيارفة وباعة الحمام وأخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه لأنه رأى بأنهم قد حولوا هيكل الرب إلى مغارة لصوص .
لاحقا في ذات ذاك الاسبوع تتحدث الإناجيل الإزائية عن قيام يسوع و تلاميذه بتحضير ما يًعرَف بعشاء الفصح أو العشاء الأخير وكان ذلك اليوم هو يوم الخميس ، وفي أثناء تناولهم العشاء أنبأهم يسوع عما سيحل به وعن خيانة أحدهم له – يهوذا الإسخريوطي - ، ويسهب هنا إنجيل يوحنا بوصف الحوار الذي دار بين يسوع والتلاميذ حيث أعطاهم وصيته الاخيرة { هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُم . لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ } [23] ، وبعد العشاء ذهب يسوع و التلاميذ إلى بستان الزيتون المدعو جثسيماني ليصلًّوا .
وفي البستان قضى يسوع ساعات عصيبة بمناجاة الآب السماوي ، بعدها جاء جند الهيكل ليقبضوا عليه بأمر من السنهدريم – المجمع اليهودي الأعلى – وبأمر من رئيس الكهنة قيافا ، وقد تم الاعتقال تحت جنح الليل لتجنب الشغب الذي قد يحدثه أنصار يسوع إذما تم اعتقاله في وضح النهار ، فشعبية يسوع كانت تزداد بين الناس . بحسب الأناجيل الإزائية فأن يهوذا الاسخريوطي أحد تلامذة يسوع قام بخيانة سيده وتسليمه لليهود مقابل ثلاثين من الفضة ، فيهوذا كان يعرف الأماكن التي اعتاد يسوع وأتباعه على الاجتماع فيها ، فكان برفقة الجنود عندما اتوا إلى بستان الزيتون واتفق معهم على أن الذي سيقبله سيكون هو يسوع الناصري ولكن يهوذا ندم لاحقا على فعلته وقام بشنق نفسه ، وأثناء إلقاء القبض على يسوع هب تلميذه بطرس مستلا سيفه ليهاجم أحد الحراس فقطع أذنه ولكن يسوع وبحسب إنجيل لوقا فقد أعاد أذن الرجل إلى مكانها وشفاه ، ثم أمر بطرس بأن يعيد سيفه لغمده وقال { رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ } [24] ، وبعد أن اخذ الجنود يسوع فر تلاميذه واختبئوا . خلال المحاكمة أمام السنهدريم قام شهود زور ليشهدوا ضد يسوع ولكن شهاداتهم لمم تتفق فيما بينها ، فسأل رئيس الكهنة والشيوخ يسوع بشكل مباشر { أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟ } فَقَالَ لَهُمْ: { أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُو } [25] ، فأدانوا عندها يسوع بتهمة التجديف وعقوبة هذه التهمة هي الموت .
في صباح اليوم التالي يوم الجمعة أرسل رئيس الكهنة يسوع إلى الحاكم الروماني بيلاطس البنطي ليحكم عليه لأنه لم يكن يحق للمحكمات اليهودية تنفيذ قصاص الموت بحق أحد دون الرجوع إلى الرومان ، فقدم اليهود يسوع لبيلاطس البنطي على أنه مثير للشغب وبأنه يدعي لنفسه مًلك اليهود وبأنه أمر الناس بعدم دفع الجزية للقيصر ، أما بيلاطس فأثناء استجوابه ليسوع لم يجد فيه أي علة تدفعه لقتله بل علم بأن اليهود إنما يريدون قتل يسوع بدافع الحسد والغيرة [26] ، ولكن الجموع كانت تًلح عليه لكي يأمر بصلبه ، وعندما علم بيلاطس بأن يسوع من الجليل قام بإرساله إلى هيرودس حاكم تلك المنطقة إذ كان أنذاك في زيارة لأورشليم وكان هناك عداوة بين بيلاطس وهيرودس ، ولما لم يحكم هيرودس على يسوع بشيء رده إلى بيلاطس فصار الحاكمان صديقين منذ ذلك اليوم .
وكان بيلاطس يطلق لليهود كل عام أي سجين يختارونه فتوجه للحشد وقال لهم { أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَة وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. أَفَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟ فَصَرَخُوا أَيْضاً جَمِيعُهُمْ قَائِليِنَ: ((لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ!)). وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً } [27] .
بعد ذلك أمر بيلاطس بأن يًجلَد يسوع علَّ ذلك يرضي الشعب لآنه كان يعلم بأن يسوع برئ ولايستحق الموت ، كما أن إنجيل يوحنا يقول بأن بيلاطس كان خائفا من قتل يسوع لأنه ادعى بنوته لله ، كما أن زوجته أرسلت إليه طالبة أن يرأف به لآنها تألمت من أجله في حلم [28] وعندما عرض بيلاطس يسوع أمام الناس ازداد هيجانهم وطالبوا أكثر بأن يًصلب ، ولكن بيلاطس كان مترددا في ذلك فصرخ اليهود { إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ } { يوحنا 19 : 12 } ، فخشي بيلاطس على نفسه وفضّل إرضاء الشعب فغسل يديه وأعلن بأنه برئ من دم يسوع فهتف اليهود { دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا } [29]
عندها أسلم يسوع لمشيئتهم ليًصلب ، فأخذه الجنود وألبسوه ثوبا ارجوانيا ووضعوا إكليلا من الشوك على رأسه وكانوا يستهزئون به ويبصقون عليه ، ثم حمَّلوه صليبه وأخذوه إلى الموضع الذي يًسمى جلجثا أي الجمجمة وصلبوه هناك مع لصين واحدا من على يمينه والأخر من على يساره ،وكان بيلاطس قد أمر بأن توضع لوحة فوق صليبه كتب عليها يسوع الناصري ملك اليهود هذا على الرغم من اعتراض قادة اليهود على ذلك [30] ، لم يكن أحد من أتباعه معه عند الصليب سوى أمه و يوحنا وبعض النسوة . وعلى الصليب نطق يسوع جمله السبع الشهيرة ، فغفر لصالبيه ووعد اللص التائب بالفردوس وأوكل إلى التلميذ المحبوب أمر الاعتناء بأمه من بعده وطلب الماء ولكنه لم يشربه وتلى الاية الاولى من المزمور الثاني والعشرين ثم قال قد أًكمِل وصرخ بصوت عظيم { يَا أَبَتَاهُ ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي } [31] ومات . تًجمِع الأناجيل الأربعة على أن يسوع مات قبل نهاية النهار ، وتتحدث الأناجيل الإزائية عن معجزات ترافقت مع حادثة الصلب حيث أظلمت السماء ثلاث ساعات من الساعة الثانية عشرة حتى الساعة الثالثة من بعد الظهر ثم تزلزلت الأرض وظهر أموات صالحين لكثيرين .
بعد موت يسوع قام يوسف الرامي – رجل يهودي ثري من أعضاء السنهدريم آمن بالبشارة بحسب إنجيلي مرقس ولوقا – قام بطلب جسد يسوع من بيلاطس فأذن له بيلاطس بأن يأخذه فقام الرامي بإنزاله عن الصليب وبدفنه في قبر كان قد نحته لنفسه في بستانه وبحسب إنجيل يوحنا فإن نيقوديموس الفريسي وهو أحد أتباع يسوع كان قد ساعد الرامي بعملية الدفن ، وكانت هناك أيضا مجموعة من النسوة المؤمنات بيسوع تنظر أين دفنوا الجسد { وَتَبِعَتْهُ نِسَاءٌ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ ، وَنَظَرْنَ الْقَبْرَ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُه . فَرَجَعْنَ وَأَعْدَدْنَ حَنُوطاً وَأَطْيَاباً. وَفِي السَّبْتِ اسْتَرَحْنَ حَسَبَ الْوَصِيَّةِ. } [32]
بحسب الإنجيل فأن يسوع قد قام من الموت في اليوم الثالث لصلبه ، ويخبرنا إنجيل متى عن ظهور ملاك قرب قبر يسوع وبلَّغ خبر قيامته للنسوة الذين كن قد جئن إلى هناك ليًطيبن جسده بحسب العادة التي كانت جارية أنذاك ، وبحسب إنجيل لوقا كان هناك ملاكين في القبر أما إنجيل مرقس فيتحدث عن وجود شاب يرتدي لباس أبيض .
وفي إنجيل مرقس نجد أن مريم المجدلية كانت أول من ظهر له المسيح في صبيحة القيامة [33] ، وفي إنجيل يوحنا نقرأ بأن مريم المجدلية نظرت إلى داخل القبر فرأت هناك ملاكين سألوها عن سبب بكاءها ، ثم التفتت خارجا فرأت شخصا تكلم إليها ولم تدرك أنه يسوع بنفسه حتى نطق باسمها [34] .
في سفر أعمال الرسل في كتاب العهد الجديد نرى بأن يسوع قد ظهر لعدة أشخاص في عدة أماكن مختلفة خلال فترة أربعين يوما بعد يوم قيامته ، وكان قد ظهر بعد قيامته بساعات لإثنين من اتباعه بينما كانوا مسافرين في الطريق صوب قرية عمواس ، وظهر بعد ذلك لتلاميذه الإثني عشر عندما كانوا مجتمعين في العليَّة بدون توما ومرة أخرى عندما كان توما معهم حيث أعطى يسوع هناك التطويبة الشهيرة للذين آمنوا ولم يروا [35] .
وبينما كان يسوع قد توجه بتبشيره أثناء حياته لليهود بشكل خاص فقد أوصى تلاميذه بعد قيامته بنقل الأخبار السارة إلى كل العالم ، فقد قال لهم أثناء صعوده للسماء بعد أربعين يوما من قيامته { سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ } [36] ، وبحسب أعمال الرسل فأن يسوع ظهر لاحقا لبولس الرسول أثناء سفره إلى دمشق ، وقد وعد يسوع بأنه سيأتي مرة أخرة ليتمم كل ما تبقى من نبوات عنه حول الأيام الأخيرة .
فيما يلي عرض لآراء مذاهب مسيحية أخرى حول يسوع المسيح، وهي تخالف بطبيعة الحال الرؤيا المسيحية التقليدية للمذاهب الكبرى الأرثوذكسية، الكاثوليكية والبروتستانتية.
لا تعتقد الآريوسية بألوهة المسيح وتقول بأن الإبن الكلمة { المسيح } ليس بإله فهو مولود من الله الآب لذلك فإن علاقته مع الآب هي علاقة بنوة وليست مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية ، وعلى هذا فالكلمة ليس أزلي ولكن مخلوق خاضع لله [37].
في النسطورية يسوع المسيح مكون من شخصين ، إلهي وهو الكلمة وإنساني أو بشري هو يسوع ، فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية و الإلهية في شخص يسوع المسيح . بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة ، وبالتالي لا يجوز إطلاق اسم والدة الإله على السيدة مريم العذراء كما تفعل الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية( الكنائس البروتستانتية لاتطلق اسم والدة الإله على العذراء أيضا) لأن مريم بحسب النسطورية لم تلد إلها بل إنسانا فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب[38] .
يؤمن المورمون بأن يسوع المسيح هو ابن الله وهو ابن الله الوحيد المولود بالجسد، وهو المخلص الذي من خلاله أعد الآب السماوي طريقا لجميع البشر لكي يكونوا مثله ولكي يعودوا ويحيوا معه للأبد، فالمورمون يؤمنون بالمسيح ويعبدونه فهو المخلص[39]. ويؤمن المورمون أيضا بأن يسوع المسيح قام بخلق كل شئ تحت إشراف الآب السماوي، وهو سوف يكون ديان العالم في اليوم الأخير. وبحسب إيمان المورمون فأن يسوع ولد من مريم العذراء وخلال حياته على الأرض قدم للإنسان حياة مثالية لكي يحتذى بها، وعلم الجموع بالكلمة وبالأمثلة كيف يجب أن يعيشوا في محبة لله وللآخرين واجترع معجزات كثيرة من شفاء وتكثير للخبز والسمك وطرد الشياطين وغيرها. ومن خلال آلام يسوع في بستان جثسيماني ولاحقا على الصليب خلصنا من الخطايا، فالذي يتبعه بصدق وتوبة تغفر ذنوبه بكفارة المسيح، ومن خلال قيامته خلصنا يسوع من الموت فقد منحنا جميعا القوة للقيامة، وعندما تنتهي الحياة على هذه الأرض سوف يكون يسوع المسيح الديان الأخير[40] .
دون في العهد الجديد قسم من حياة المسيح وفي كتاب مورمون نجد تكملة لحياة يسوع على الأرض بعد قيامته حيث ظهر لشعبه في القارة الأمريكية القديمة، حيث يعتقد المورمون بأن كتاب مورمون الذي دونه جوزيف سميث بطريق الوحي هو شاهد آخر إضافة للكتاب المقدس على حياة وتعاليم المسيح.
بالنسبة للمورمون يسوع المسيح هو أحد أعضاء الثالوث الأقدس الذي هو الإله المتحد في العلة والسبب وليس في الجوهر .
بالنسبة لشهود يهوه فإن يسوع ليس إنسانا وليس إلها قديرا بل هو مخلوق روحاني قدير وملك سيحكم في يوما ما على العالم باسم يهوه وقد نال لقب المسيح عندما اعتمد في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان ، الله يهوه قام بخلق يسوع المسيح قبل كل خليقة وبه خَلَقَ كل شئ ، أي أن يسوع هو المخلوق الوحيد الذي خًلِقَ مباشرة من قبل الله ، فهو ابن الله البكر الناطق بلسان يهوه فهو كلمة الله ، وقد تعلم يسوع من ابوه يهوه كل شئ في الفترة الطويلة التي قضاها في السماء إلى جانبه ، ثم بدأت مرحلة جديدة من حياته عندما أًرسِل إلى الأرض وولد بطريقة معجزية من مريم العذراء ، وعندما بلغ الثلاثين من عمره بدأ ينادي ببشارة ملكوت الله وفي نهاية مسيرته الدنيوية قدم حياته طوعا بدافع المحبة للإنسان لكي يعطي للبشرية الأمل بالمستقبل ، وقد قًتِل صلبا على عمود وليس على صليب كما يدعي المسيحيين ، وبعد موته قام كشخص روحاني وصعد إلى السماء وجلس عن يمين يهوه منتظرا أن يستلم حكمه الملكي والذي ناله وبدأ يحكم كملك ، وسوف يأتي في يوم ما ليشن حربا ليهلك الأمم الشريرة وليحفظ أتباعه الأبرار أثناء تلك الحرب المسماة هرمجدون ، وبعدها سيحيا أتباعه في كنفه بسلام عظيم كرعايا أرضيين لملك يهوه السماوي حيث سينهي المرض والموت والجوع [41] .
لايؤمن اليهود بيسوع ويرفضون فكرة تألهه و بأنه جزء من ثالوث الهي ، واليهودية أيضا لاتعترف بكون يسوع هو المسيا أو المسيح المنتظر ، لأنه وحسب اعتقادهم لم يتمم النبوات التي تحدثت عن المسيح وعن العصر المسيحاني الذي سيجلبه معه ، ونجد موقف اليهودية من يسوع بشكل واضح في كتابات الرابي موسى بن ميمون حيث يقول في كتابه ( ميشناه التوراة ) :
" أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيا { المسيح } وقتل بأمر المحكمة ، كان النبي دانيال قد سبق وتنبأ عنه { وأطفال ثوار شعبك سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة فيتعثرون } ، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من هذه ؟ كل الأنبياء أجمعوا على أن المسيا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع المشتتين ويقيم الوصايا ، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق من تبقى منهم في كل مكان ، كما أنه غير التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع بعبادة إله إلى جانب عبادة الرب .
ولكن عقل الإنسان لا قدرة له على الوصول إلى مقاصد الخالق لآن أفكاره وطرقه ليست كأفكارنا وطرقنا ، كل هذه المسائل عن يسوع الناصري و عن الإسماعيلي الذي قام من بعده { محمد } كانت الغاية منها تمهيد السبيل للملك المسيا و لإعادة العالم الزائل لعبادة الله معا كما قال النبي صفنيا (3/9){ لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة .} " .
وتعلن اليهودية الإصلاحية بشكل صارم بأن كل يهودي يصرح بان يسوع هو المسيح المخلص فهو ليس بيهودي بعد ، فبحسب التقليد اليهودي فأن السماء لم ترسل أنبياء بعد عام 420 ق.م [42]، فيكون بذلك النبي ملاخي هو أخر أنبياء اليهودية والذي سبق زمانه زمان يسوع بعدة قرون .
فاليهود إذا يؤمنون بشكل قاطع بأن يسوع لم يتمم الشروط الأساسية التي حددتها التوراة عن شخصية المسيح ، فهو ليس المسيح ولا حتى نبي مرسل من عند الله .
يصف القرآن عيسى بأنه كلمة من الله ألقاها إلى مريم بنت عمران. ويذكر القران أن عيسى بشر ككل البشر وأن الله خلقه بدون أب كما خلق آدم بدون أب أو أم، وأن أمه صدّيقة اختارها الله لمعجزته بولادة عيسى. و قد اختاره المولى ليكون نبيا لبني إسرائيل و أيده بالمعجزات من إحياء الموتى والإبراء كرسالة و بينة على قومه. و قد غلا فيه قومه من بعد ما رفعه الله اليه ولم يقتله بشر. و من الغلو فيه أن بعض البشر قالوا إنه ابن الله وعبدوه. ولقد أيده الله بمعجزات عديدة فقد تكلم في المهد وشفى المرضى وأقام الموتى باذن الله ، وأنه خلق من الطين طيرا بإذن الله . لم يصلب ولم يُقتل بل رفعه الله إليه ونجاه من مكر أعدائه.
ويصفه المسلمون بانه من اولي العزم من الرسل اي انه احد أفضل الرسل عليهم السلام الذين ارسلوا من الله إلى البشر الذين تركوا الطاعة الخالصة لله.
ولهذا يحترم المسلمون المسيح ويقولون السلام عليه وعلى غيره من الأنبياء كما يعتقدون بانه المسيح الذي ياتي لينقذ المسلمين المؤمنين بالله آخر الزمان ليعود ويملأ الارض عدلا و قسطا و ليس كما يظن البعض بان مسيح المسلمين محمد صلى الله عليه وسلم فمحمد نبي الاسلام و رسوله و عيسى هو المسيح.
ولقد جاء ذكر المسيح عليه السلام في القرآن مقترنا بالكثير من المعجزات وخوارق العادات التى لايمكن ان يصدقها البشر إلا اذا كان هذا التصديق نابع عن إيمان بالقرآن وبنبى الاسلام الذى يعتبر بالنسبة للمسلمين اصدق شاهد على نبوة عيسى وعلى طهارة امه الصديقة مريم عليها السلام.
العديد من البوذيين _ بما فيهم تينزن غياتسو Tenzin Gyatso الدالاي لاما الرابع عشر _ ينظرون إلى يسوع المسيح على أنه بوديساتفا عظيم bodhisattva أي أنهم يعتقدون بوصوله إلى أقصى درجات البوذية الروحية ، وبأنه قضى حياته بصنع الخير لبني البشر ، وقد لاحظ الحكماء البوذيون دائما التشابه الكبير بين تعاليم يسوع وبوذا ، ليس من ناحية أن كلا الرجلين دعا للمحبة والتسامح فقط بل أيضا من ناحية أخذهما ذات الموقف من الأديان التي كانت سائدة في أيامهما فقد احترماها وانتقداها في نفس الوقت ، فقد كانا مصلحين دينيين على حد سواء .
لقد انتقدا كلاهما طاعة الكهنة ورجال الدين من دون امتلاك وعي أو إدراك روحي شخصي ، كورود تعبير بما معناه {أعمى يقود أعمى } في كل من سوترا بيتاكا (أحد كتب البوذية المقدسة ) وفي الإنجيل .
وعندما اكتشف إنجيل توما ـ أحد الكتب غير القانونية بالنسبة للكنيسة ـ عام 1945 م ، وجد تشابه كبير في محتواه وما بين التصورات الروحية البوذية والشرقية بشكل عام [44].
للهندوس اعتقادات مختلفة عن يسوع ، فالبعض يعتقد بأنه كان رجلا عاديا ، والكثيرين منهم ينظرون إلى يسوع على أنه { جورو – المعلم الهندوسي الذي قطع شوطا طويلا في بلوغ الحكمة } أو بأنه { يوجي – خبير بممارسة اليوجا } ولكنه لم يكن إلها ، والعديدين من أتباع تقليد Surat Shabd Yoga مثل سوامي فيفيكانادا Swami Vivekananda { أحد كبار القادة الروحيين لفلسفة الفيدانتا . عاش في القرن ال19 م } يعتبرون يسوع بأنه منبع للاستقامة وبأنه خلاصة الكمال .
أما بالنسبة لباراماهانسا يوجاناندا Paramahansa Yogananda { أحد معلمي الهندوسية لعب دورا رئيسيا في جلب فلسفة اليوجا إلى الغرب 1893 م – 1952 م } فقد اعتقد بأن يسوع كان إعادة لتجسد النبي إليشع وبأنه كان تلميدا ليوحنا المعمدان الذي كان بدوره إعادة لتجسد النبي إيليا { النبي إليشع كان تلميذا للنبي إيليا وهما من أنبياء اليهود القدامى } . وقد اعتبير المهاتما غاندي يسوع كأحد معلميه الرئيسيين وبأنه ملهمه في فلسفة المقاومة السلمية أو فلسفة اللاعنف ، ومن أقواله الشهيرة عن يسوع قوله للإنكليز : ( أحب مسيحكم ، ولكني لا أحب مسيحييكم فهم بعيدون جدا عن أن يكونوا كالمسيح ) [45] .
تعتبر الديانة البهائية يسوع المسيح و محمد بن عبدالله و جواتاما بوذا وآخرين بأنهم جميعا أنبياء لله ، وبينما يوجد هناك وجهات نظر بهائية تتفق مع تلك المسيحية عن يسوع فأن المسيحيين يرفضونها تماما [46] .
تنظر الديانة المندائية إلى يسوع على أنه نبي مخادع أو المسيح الكاذب أنتجته خرافات إله اليهود في كتاب العهد القديم ، وبأنه كان خصما للنبي الصالح يوحنا المعمدان ، ومع هذا فأنهم يؤمنون بأن يوحنا قد عمَّد يسوع [47] .
لحركة العصر الجديد the New Age آراء وتصورات عديدة عن شخصية يسوع المسيح ، فالبعض منهم يعتبره المعلم العظيم أو السيد العلِّي على غرار بوذا ، الذي علم الناس بأن المسيحانية هي شئ يمكن لأي إنسان بلوغه . وفي نفس الوقت العديد من مبادئ حركة العصر الجديد كالتقمص تتعارض وتتضارب مع تعاليم المسيحية التقليدية ، وهناك بعض جماعات هذه الحركة تعتقد بأن يسوع درس الحكمة في جبال الهملايا أو في مصر خلال سنوات حياته الضائعة { فترة تقريية مابين طفولته وبداية عمله التبشيري عندما بلغ الثلاثين والتي لم يتحدث عنها الكتاب المقدس } .
هناك العديد من علماء الأخلاق ممن شددوا على القيم الأخلاقية التي نادى بها يسوع ، مثل جاري ويلس Garry Wills الذي بين أن هناك تمايز بين أخلاقيات يسوع والأخلاقيات المعتادة للمسيحية ، وقد صور يسوع على أنه الواعظ المتجول ( متى 4 : 23 ) ، الذي علَّم عن السلام ( متى 5 : 9 ) ، وعن المحبة ( متى 5 : 44 ) ، وعن حقوق المرأة ( لوقا 10 : 42 ) ، وعن احترام الأطفال ( متى 19 : 14 ) ، وهو الذي تجرأ وانتقد القادة الدينيين المرائين ( لوقا 13 : 15 ) والأغنياء ( متى 19 : 24 ) ، وقد أيَّد وأكَّد على هذه المبادئ الأخلاقية الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان و الملحدين واللاأدريين .
ويوجد بعض من المؤرخين من يشك بحقيقة وجود يسوع كشخصية تاريخية والبعض الآخر ينفي وجودها تماما [48].
المسيح في الديانات الابراهيمية |
---|
المسيح في اليهودية |المسيح في المسيحية | المسيح في الإسلام |