الماشيح أو المسيا (بالعبرية: המשיח) (وتعريبها المسيح)، في الإيمان اليهودي هو إنسان مثالي من نسل الملك داود (النبي داود في الإسلام) يباشر بنهاية التأريخ ويخلص الشعب اليهودي من ويلاته. والأحداث المتوقعة عند وصول المشايح حسب الإيمان اليهدي تشابه أحداث يوم القيامة في الإسلام والمسيحية. انتظار مجيئ الماشيح هو أحد مبادئ الإيمان اليهودي حسب "قائمة المبادئ الثلاثة عشر" التي ألفها موسى بن ميمون، من كبار الحاخامين اليهود في العصور الوسطى
فهرس |
كلمة "ماشيح" (المسيا) بمعناها الأساسي باللغة العبرية تشير إلى من تم مسحه بـزيت الزيتون دلالة على تكريسه كاهنا أو ملكا. ويرد أول ذكر لمثل هذا الطقس في سفر الخروج (29:7) ضمن تعليمات موسى بشأن مراسم تكريس هارون وأبنائه للكهنوت: "وتأخذ من زيت المسح وتصبّ على رأسه وتمسحه". ويوصف هذا الطقس مرات عديدة في الكتاب المقدس خاصة لتثبيت تتويج ملك جديد حينما جرى خلاف حول شرعية ملكه. في الأسفار الأخيرة من الكتاب المقدس كثيرا ما يذكر التعبير "الملك المسيح" (بالعبرية: המלך המשיח) إشارة إلى ملكا شرعيا يجب الخضوع له، حتى لو كان ذاك الملك غريباً مقل الملك الفارسي قورش الثاني الذي أطلق عليه النبي أشعياء لقب المسيح (سفر أشعياء 45:1).
لايؤمون اليهود بيسوع أو عيسى على انه المسيح وذلك لاختلاف منهجه عن اعتقادهم وتصورهم لشخصية المسيح. ففي الديانة و الإسخاتولوجية اليهودية (الإسخاتولوجية هو علم الآخرة أو الأيام الأخيرة) المسيا أو المسيح هو ملك اليهود المستقبلي من نسل النبي داود و الذي سوف يكون ممسوحا بالمسحة المقدسة لينصب حاكما على الشعب اليهودي جالبا معه بداية العصر المسياني.
يوجد خلاف حاد اليوم بين الطوائف اليهودية المختلفة حول طبيعة المسيا وما يسمى بالعصر المسياني، فالبعض يعتقد ان المسيا سوف يكون شخصا بعينه و البعض يعتقد أن تعبير المسيا سيكون تمثيلا للعصر المسياني بشكل عام.
أن الفهم اليهودي السائد عن المسيا مؤسس على كتابات الحاخام موسى بن ميمون ، حيث ناقش ابن ميمون أفكاره وأراءه عن المسيا في كتابه "ميشنيه توراة"، وفي الجزء الرابع عشر من سلسلة كتبه الشريعة اليهودية في القسم المسمى "شرائع الملوك وحروبهم" (הלכות מלכים ומלחמותיהם) الفصل الحادي عشر ، كتب ابن ميمون:
" الملك الممسوح مقدر له إقامة واستعادة مملكة داود وإعادة أمجادها الغابرة، في سيادتها المستقلة وفي سلطتها القائمة بذاتها، وسوف يبني الهيكل أو المعبد في أورشليم { القدس } و سوف يعيد جمع شمل اليهود المشتتين في العالم معا، وسوف يعاد تطبيف كل الشرائع في أيامه كما كانت من قبل، سوف تقدم الذبائح والاضاحي و تحفظ أيام السبت و أعياد اليوبيل طبقا لجميع سلوكياته وأخلاقياته المدونة في التوراة، وكل من لا يؤمن به أو لا ينتظر مجيئه، لن يكون فقط يتحدى ويقاوم ما قاله الانبياء، بل سيكون رافضا للتوراة و لموسى معلمنا ، فالتوراة تشهد له في سفر التثنية (30/3-5) { يرد الرب إلهك سبيك و يرحمك ويعود فيجمعك من من جميع الشعوب الذين بددك إليهم الرب إلهك . إن يكن قد بددك إلى أقصاء السموات فمن هناك يجمعك الرب إلهك ومن هناك يأخذك ويأتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي امتلكها أباؤك فتمتلكها ويحسن إليك ويكثرك أكثر من أبائك .} "
"هذه الكلمات معلنة بوضوح في التوراة ، وتشمل وتحتوي كل الإعلانات التي نطق بها الإنبياء ، ففي التوراة نجد أن النبي بلعام يتنبئ عن الملكين الممسوحين ، الأول هو داود الذي أنقذ إسرائيل من أيدي مضطهديه ، و الممسوح الآخر سوف يقوم من نسل داود أيضا لينقذ إسرائيل في النهاية . هذا ما قاله بلعام في سفر العدد (24/17-18) { أراه ولكن ليس الآن } هذا هو دادو { أبصره ولكن ليس قريبا } وهذا هو المسيا الملك { يبرز كوكب من يعقوب } هذا هو داود { ويقوم قضيب من إسرائيل } هذا هو المسيا الملك { فيحطم طرفي موآب ويهلك بني الوغى } هذا هو داود في دولته . "
"وفي سفر صموئيل الثاني (8/2) يقول الكتاب { سوف يقتلع جميع أبناء شيث } هذا هو المسيا الملك المعلن عنه هنا . { ملكه سوف يسود من البحر إلى البحر } (زكريا 9 /10) . { وصار الموآبيين عبيدا لداود يقدمون هدايا } (صموئيل الثاني 8/6) هذا هو داود . وفي سفر النبي عوبديا (1/21) { ويصعد مخلصون على جبل صهيون ليدينوا جبل عيسو ويكون الملك للرب } يتكلم هنا عن الملك الممسوح ."
"وعن مدن الملجأ يقول الكتاب في سفر التثنية 19 8-9 { وإن وسع الرب إلهك تخومك .... فزد لنفسك أيضا ثلاث مدن على هذه الثلاث } و هذا الأشياء لم تحدث أبدا و الملك المقدس لن يحكم الخلاء . ولكن ككلمات من نبي هذه المسألة لا تحتاج إلى دليل وإثبات ككل كتب الأنبياء المليئة بهذه القضايا . "
"لا تتخيل بأن الملك الممسوح سيقوم بصنع المعجزات و بأنه سيقوم بخلق أشياء جديدة في العالم أو بانه سيحيي الموتى وإلى ماهنالك من الأعمال الخارقة ، المسألة لم تكن هكذا بالنسبة للرابي أكيفا و الذي كان تلميذا عظيما لحكماء الميشناه ، وكان المساعد الحربي للملك بار كوكبا ، ولكنه أعلن نفسه الملك الممسوح أو المسيا وأيده في ذلك جميع حكماء جيله ، حتى قتل بالخطايا وحينها فقط عرف بأنه لم يكن المسيا ، والحكماء على كل حال لم يسألوه أي علامة أو معجزة .
و إذا قام ملك من بيت داود دارسا للتوراة و متعمقا بالوصايا مثل داود أبوه ، استنادا للتوراة المكتوبة والشفهية ، وقام بإرغام جميع إسرائيل على اتباعه مقويا نقاط ضعفهم ، وحارب حرب الرب ، هذا الملك سوف يعامل كما لو أنه الملك الممسوح حقا ، فإذا نجح و فاز بجميع الأمم من حوله ، و قام ببناء الهيكل المقدس في مكانه المهئ لهذا الغرض و جمع كل بني إسرائيل المشتتين في المعمورة معا ، هذا الملك سيكون بالحقيقة الملك الممسوح المسيا ، و سوف يجلب كل العالم البائد لعبادة الرب معا مثلما كتب في سفر نبوة صفنيا(3/9) { لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة .} ، ولكن إن لم يستمر في نجاحه أو تم قتله ، فسيعرف حينها بأنه لم يكن المسيا الذي وعدتنا به التوراة ، وسنعلم بأنه مثل باقي الملوك المنحدرين من بيت داود الذين ملكوا إلى حين ومن ثم ماتوا ".
بعد هذا كتب ابن ميمون عن السبب الذي دفع اليهود إلى الإعتقاد بأن يسوع كان مخطئا بخلق الديانة المسيحية كما كتب عن السبب الذي دفعهم للإعتقاد بأن محمد كان مخطئا أيضا بخلق الديانة الإسلامية ، و رثى في كتاباته الآلام التي عاشها اليهود كنتيجة لظهور هذان الإيمانان الجديدان اللذان حاولا استإصال الإيمان اليهودي ليحلان محله ، ثم ذهب للقول بأن كلا هذان الإيمانان ساعدا الله على استرداد العالم من عبادة الأوثان .
" أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيا { المسيح } وقتل بأمر المحكمة ، كان النبي دانيال قد سبق وتنبأ عنه { وأطفال ثوار شعبك سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة فيتعثرون } ، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من هذه ؟ كل الأنبياء أجمعوا على أن المسيا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع المشتتين ويقيم الوصايا ، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق من تبقى منهم في كل مكان ، كما أنه غير التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع بعبادة إله إلى جانب عبادة الرب .
ولكن عقل الإنسان لا قدرة له على الوصول إلى مقاصد الخالق لآن أفكاره وطرقه ليست كأفكارنا وطرقنا ، كل هذه المسائل عن يسوع الناصري و عن الإسماعيلي الذي قام من بعده { محمد } كانت الغاية منها تمهيد السبيل للملك المسيا و لإعادة العالم الزائل لعبادة الله معا كما قال النبي صفنيا (3/9){ لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة .} " .
" كيف هذا ؟ لقد سقط العالم البائد في قضايا المسيا و التوراة و الشريعة ، وهذه القضايا قد انتشرت حتى في الجزر البعيدة بين الأمم غير مختونة القلب ، و قد درسوا هذه المسائل مع شريعة التوراة ، فراح هذا يقول بأن هذه الشريعة حقيقية ولكنها أصبحت ميتة منذ زمن في أيامنا هذه ، ولن تسود على الأجيال الآتية . بينما يقول آخر هناك طبقات سرية في هذه القضايا فلا يمكننا التعامل معها على أساس أدبي ، و المسيا قد آتى و كشف معانيها السرية .
ولكن عندما يأتي الملك الممسوح سوف يرتفع حقا و ينجح ويتعظم و يتمجد ، سوف يلتفتون جميعهم حالا ليعرفوا بأن آباؤهم لم يورثوهم سوى الأكاذيب وبأن أنبياؤهم وأسلافهم قادوهم للضلال " .
معظم النصوص التي تتعلق بالمسيا وبما سيقوم به مدونة في كتاب النبي إشعيا و هناك نبؤات أخرى مذكورة في كتب الأنبياء الآخرين أيضا . من تلك النبؤات :
تؤكد اليهودية الأرثوذكسية على أن اليهود مجبرين على قبول المبادئ الثلاثة عشر للإيمان والتي نقلت عن الأنبياء ، بما في ذلك الإيمان بشكل قاطع بمجئ المسيا . حيث ينص المبدئ الثاني عشر على ذلك ، ويقول ذلك المبدئ :
أنا أعتقد بإيمان كبير بمجئ المسيا ، حتى لو كان قد تأخر حدوث ذلك ، إلا اني سأنتظر قدومه كل يوم .
تقول اليهودية المحافظة " بأن بما أنه لايوجد أحد يسنطيع ان يؤكد ماسوف يحدث خلال العصر المسياني لذلك فأن كل واحد منا له الحرية في تكوين تأملاته الخاصة عن تلك المرحلة ، بعض منا يؤمن حرفيا بحقيقة تلك التأملات ، و البعض الآخر يفهمها على اعتبار انها استعارات رمزية .... ولأجل المجتمع الدولي نؤمن بقدوم ذلك العصر الذي تتوقف فيه الحروب وتصبح العدالة والرحمة من المسلمات البديهية فيه ، مثلما كتب في سفر النبي إشعياء (11/9) { الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر } . أما لآجل شعبنا فنؤمن باجتماع جميع اليهود معا من جديد في صهيون ، لنكون من جديد أسيادا لمصيرنا حيث نستطيع التعبير عن عبقريتنا المميزة في كل ناحية من نواحي حياتنا الوطنية ، نحن نقر بنبوة أشعياء 2 3 { ..... لآنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب } "
" لانعرف موعد قدوم المسيا ، ولانعرف حتى إن كان سيكون إنسان ذو مواهب عظيمة وخارقة أو إن كان سيكون مجرد رمزا لخلاص البشرية من أشرار هذا العالم ، لذا وانطلاقا من العقيدة المسيانية تعلمنا اليهودية أنه يجب على كل إنسان بشخصه أن يعيش وكأنه مسؤولا بشكل فردي عن قدوم العصر المسياني ، فنردد كلمات ابن ميمون التي نقلها عن النبي حبقوق (2/3)والتي تقول { لأن الرؤيا بعد إلى ميعاد وفي النهاية تتكلم ولا تكذب . إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانا ولا تتأخر . } "
لاتقبل اليهودية الإصلاحية بشكل عام بفكرة أنه سيكون هناك مسيا ، البعض من أتباع هذا التيار يؤمنون بأنه ربما سيوجد عصر مسياني نوع ما { العالم الآتي } ، بمعنى وجود اليوتوبيا { المدينة الفاضلة } التي يجب على كل يهودي العمل على تحقيقها .
تقول اليهودية الإصلاحية " إن الأجيال السابقة من المصلحين اليهود لم تشك يوما بالطاقات البشرية الطامحة من أجل الخير ، لقد عشنا مآسي قاسية أجبرتنا على إعادة ملائمة واقعية تقليدنا حول قدرة الإنسان على استيعاب الشر . سابقا رفض شعبنا دائما الوقوع في فخ اليأس ، فالناجين من المحرقة { الهولوكوست } منحوا الحياة ، و نهضوا من محنتهم تلك ليثبتوا للعالم بأن الروح البشرية لا تقهر .
لقد قامت دولة إسرائيل وسيحافظ عليها اليهود دائما لتكون على مر الزمان برهاناً على كيفية قدرة شعب موحد على تغيير تاريخ الإنسانية ، فوجود اليهودية هو جدل بحد ذاته موجه ضد اليأس ، و خلاص اليهود هو مبرر للآمال الإنسانية .
سوف نبقى شهودا لله على أن التاريخ لم يكن يوما بدون معنى . نحن نؤكد أنه مع مساعدة الله لن يكون الناس عاجزين عن صنع أقدارهم ، نحن نكرس أنفسنا سيرا على خطى الأجيال اليهودية التي سبقتنا ، لكي ننتظر ونعمل من أجل اليوم الذي يتحقق فيه قول الكتاب ، إشعياء 11 9 { لايسوؤون ولايفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر } . "
المسيح في الديانات الابراهيمية |
---|
المسيح في اليهودية |المسيح في المسيحية | المسيح في الإسلام |