→ فصل في من استشهد يوم مؤتة | البداية والنهاية – الجزء الرابع ما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة ابن كثير |
كتاب بعث رسول الله ﷺ إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم ← |
قال ابن إسحاق: وكان مما بكى به أصحاب مؤتة قول حسان:
تأوبني ليلٌ بيثرب أعسر * وهم إذا ما نوم الناس مسهر
لذكرى حبيب هيجت لي عبرة * سفوحا وأسباب البكاء التذكر
بلى إن فقدان الحبيب بليةٌ * وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
رأيت خيار المسلمين تواردوا * شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيدٌ وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسباب المنية تخطر
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقيبة أزهر
أغرَ كضوء البدر من آل هاشم * أبيٌ إذا سيم الظلامة مجسر
فطاعن حتى مال غير مؤسد * بمعتركٍ فيه القنا متكسر
فصار مع المستشهدين ثوابه * جنان وملتف الحدائق أخضر
وكنا نرى في جعفر من محمد * وفاء وأمرا حازما حين يأمر
وما زال في الإسلام من آل هاشم * دعائم عزٍ لا يزلن ومفخر
هموا جبل الإسلام والناس حولهم * رضامٌ إلى طود يروق ويبهر
بهاليل منهم جعفر وابن أمه * علي ومنهم أحمد المتخير
وحمزة والعباس منهم ومنهموا * عقيل وماء العودِ من حيث يعصر
بهم تفرج اللأواء في كل مأزق * عماس إذا ما ضاق بالناس مصدر
هم أولياء الله أنزل حكمه * عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه:
نام العيون ودمع عينك يهمل * سحا كما وكف الطباب المخضل
في ليلة وردت علي همومها * طورا أخن وتارة أتمهل
واعتادني حزن فبت كأنني * ببنات نعش والسماكِ موكل
وكأنما بين الجوانح والحشا * مما تأوبني شهاب مدخل
وجدا على النفر الذين تتابعوا * يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلى الإله عليهم من فتية * وسقى عظامهم الغمام المسبل
صبروا بمؤتة للإله نفوسهم * حذر الردى ومخافة أن ينكلوا
فمضوا أمام المسلمين كأنهم * فنق عليهن الحديد المرفل
إذ يهتدون بجعفر ولوائه * حيث التقى وعث الصفوف
فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل
قرمٌ على بنيانه من هاشم * فرعا أشم وسؤددا ما ينقل
قوم بهم عصم الإله عباده * وعليهم نزل الكتاب المنزل
فضلوا المعاشر عزة وتكرما * وتغمدت أحلامهم من يجهل
لا يطلقون إلى السفاه حباهموا * وترى خطيبهم بحق يفصل
بيض الوجوه ترى بطون أكفهم * تندى إذا اعتذر الزمان الممحل
ويهديهم رضي الإله لخلقه * وبجدهم نُصر النبي المرسل