→ سرية أخرى مع بشير بن سعد | البداية والنهاية – الجزء الرابع سرية بني حدرد إلى الغابة ابن كثير |
السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط ← |
قال يونس عن محمد بن إسحاق: كان من حديث قصة أبي حدرد وغزوته إلى الغابة ما حدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، عن أبي حدرد قال: تزوجت امرأة من قومي فأصدقتها مائتي درهم.
قال: فأتيت رسول الله ﷺ أستعينه على نكاحي فقال: «كم أصدقت؟».
فقلت: مائتي درهم.
فقال: «سبحان الله! والله لو كنتم تأخذونها من وادٍ ما زدتم، والله ما عندي ما أعينك به».
فلبثت أياما، ثم أقبل رجل من جشم بن معاوية يقال له: رفاعة بن قيس - أو قيس بن رفاعة - في بطن عظيم من جشم، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على محاربة رسول الله ﷺ، وكان ذا اسم وشرف في جشم.
قال: فدعاني رسول الله ﷺ ورجلين معي من المسلمين فقال: «اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم».
وقدم لنا شارفا عجفاء، فحمل عليه أحدنا، فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت وما كادت، وقال: «تبلغوا على هذه».
فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس فكمنت في ناحية، وأمرت صاحبي، فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في العسكر فكبرا وشدا معي، فوالله أنا كذلك ننتظر أن نرى غرة أو نرى شيئا، وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء.
وقد كان لهم راعٍ قد سرح في ذلك البلد، فأبطأ عليهم وتخوفوا عليه، فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، فأخذ سيفه فجعله في عنقه فقال: والله لأتيقنن أمر راعينا ولقد أصابه شر.
فقال نفر ممن معه: والله لا تذهب نحن نكفيك.
فقال: لا إلا أنا.
قالوا: نحن معك.
فقال: والله لا يتبعني منكم أحد.
وخرج حتى مر بي فلما أمكنني نفحته بسهم فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلم فوثبت إليه، فاحتززت رأسه ثم شددت ناحية العسكر وكبرت، وشد صاحباي وكبرا، فوالله ما كان إلا التجأ ممن كان فيه عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خف معهم من أموالهم.
واستقنا إبلا عظيمة، وغنما كثيرة، فجئنا بها إلى رسول الله ﷺ وجئت برأسه أحمله معي، فأعطاني من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا في صداقي فجمعت إلي أهلي.